وفي القٌدسِ: وفي القُدسِ رجالٌ تَشتاقُ إلى لقاء خالِقِها، وفي القُدسِ لَم تَنتَهي الحِكايةَ، ولم تنتهي فصول الكفاح، وفيها رجالٌ عاهدوا الله، إنها القُدس أُم البدايات، وخاتمة النهايات، إنها القُدس هِبَةُ الله، إنها ريحانة المدائن. على تُراب القُدسِ: وعلى تُراب القُدسِ تَزدَهِر أُمنياتٍ جديدة، وبينَ حَواريها تُنسَج جَماليات الحِكاية الشامية، وعلى جَبينِ شبابها ألفُ قصة للعِزةِ والكبرياء، وعِندَ الإِقِترابِ من جُدرانِ مبانيها الأُمَويةِ والزِنكيةِ والأيوبيةِ العتيقة تَستَمِع لأَصالَةِ تِلكَ القِصة وإِبداعِ صياغة راويها. على ثرى القُدس: وعلى ثرى القُدس شعور رائع ينتابك حين تمنح بعضاً من وقتك لتلك الأرض الطيبة المقدسة، ولا سيما حينما تَحرُثُها، وتُقَلم شُجيراتها، وتبني جدرانها الحجرية، وتمنحها بعضاً من السماد والرعاية، فما بالك إذ كانت تلك الأرض هي قطعة من بيت المقدس، حينها تتعرف على ذاتك وتنمو أجمل وجدانيات الطبيعة في داخلك، حينها تُدرك بأن هذه الأرض عاش بين شِعابها وأوديتها وسهولها وجبالها وحواضرها وأريافها وبواديها رُسل وأنبياء، وخاض معاركها صحابة ودعاة وفاتحون وثوار. لثوار القُدس أَكتُب: كُنتُ قد كتبت مُنذ أَشهُر قليلة واصفاً ما شاهدتهُ أثناء زياراتي لمدينة القُدس ومسجدها رغم الحواجز والجُدران الشائكة، كَتبتُ واصفاً طبيعة الحراك الثوري السلمي لشباب القُدس في أروقة مدينتهم وساحات مسجِدها المُقَدس، ولم أتوقع بأن تلك الشريحة الثورية الشابة سوف تتحول إلى لهيب من النيران تَحرِق كُلَ من تُسَوِل لَهُ نفسهُ المساس بالأقصى أو تدنيسهُ، إن تحرُكَكُم المتصاعد إن هو إلا شَرفٌ لأُمة مترهلة وذليلة، لقد عَريتُم أُمَة أرهقها الوَهن والطُغيان. أيُها السادة الشُهداء - أبو خضير - سنقرط - الشلودي - حجازي - عكاري - الرموني– والأخوين أبو جمل- لأرواحكم ألفُ تحية وألفُ سلام. لشباب القُدس الثائر: أجمل ما في أهل القدس شبابها النابض حيوية حين يتصايحون ويتراكضون وكأن أرواحهم تداعب وتمازح تكايا وزوايا وأربطة وخوانق وأسبلة وعتبات وساحات ومساجد ومصليات الحَرم القدسي الشريف، حين يجتمعون فرحاً ويُكَبرون غضباً في وجه المُحتَل الدخيل، فمنهم الإخواني والتحريري والمتضامن، ومنهم إبناً باراً بفلسطين ومقدساتها، يرجمون كُلَ مارقٍ ومحتلٍ ومختلس ودجال ومنتفع ومتسلق، هناك تشاهد حجارتهم تتطاير فرحاً وترسم الإبتسامة على جدران القُدسِ وتؤجج الصراع، سلاحهم الوحيد حذاء وحَجَر، وحميتهم كحمية منتصر الزيدي ويزيد، أتذكرون ذلك الشاب العراقي، أتذكرون حين ألقى نَعلهُ فرحاً وإنتقاماً من محتلٍ دخيل، أتذكرون بوش الإبن في ذلك المشهد الأُسطوري، أتذكرون ذلك الذليل المالكي، وكم من مالكي أيها السادة في ديارنا العامرة ويستحقُ ألف وألفُ حذاء.