يكرهونه اولا لأنهم جبلوا على كراهية كل من يغرد خارج سربهم. لان الحقد يجري في عروقهم مجرى الدماء الفاسدة لا تضخ في القلب الا غلا وسوادا. يكرهونه ثانيا لانه أزاح ورقة التوت الصفراء اليابسة عن سوأتهم. لانه كشف زيفهم ونفاقهم وحربائيتهم وشدة بأسهم على الحق ومهادنتهم الباطل. يكرهونه ثالثا لانه على ضعفه وبساطته يذكرهم بقماءتهم وهوانهم. لانه حين يخطئ يدفعهم الى اخراج ما بين اضلعهم من ضغائن وما في نفوسهم من أدران. يكرهونه رابعا لانه يفعل ما يقول وهم يقولون ما لا يفعلون. لانه قرر ان يجعل لهذا البلد الضعيف صوتا حرا مجلجلا غير مهادن وهم يريدونه مدجنا ليبيعوا عرضه في سوق الدعارة الاممية. يكرهونه خامسا لأنهم لم يجدوا له نقطة ضعف في حين يقصم ظهرهم وزن الخطايا. لانه يخشون يوما تنشر فيه الصحائف ويذاع ما يهمس به الناس سرا وهم يجاهدون الزمن خوف انكشافه. يكرهونه سادسا لانه يرفض ان يكون منهم ولا يعبؤ بما يقدسون من اصنام جاهلية البورجوازية. لانه آثر ان يحبه المفقرون والمهمشون على ان يرضى عنه غلمان السلطان فسفّه احلام لاوعيهم الطبقي وعقدة التفوق المرضي. يكرهونه سابعا لانه بشر يجتهد ويخطئ وهم قد اعتادوا ان لا يجتهد فيهم رئيس الا بما ينفذ من أوامر اسياده وأسيادهم. لانه رفض ان يكون لهم صنما يعبدونه او دمية يتسلون بها او ستارا يخفون وراءه عارا ظنّوا انهم خالعوه كرداء قديم ولم يدركوا انه صار منهم موضع الجلد والمسام. يكرهونه ثامنا لانه ثائر وهم انتهازيون لانه سائر وهم واقفون لانه فائز وهم خاسرون. لانه يؤمن ان لا بناء يثبت الا على أنقاض السراب القديم فيما يريدون ان يشربوا من خمرة كسرى ومن مدام الروم. لانه ينظر الى أفق المستقبل في حين تأبى انوفهم ان تفارق مستنقعات ماضيهم العفن ، لانه يحب الفوز كما يهوون الانكسار. لأجل كل هذا يكرهونه، ولأجله ننصره اليوم وننتخبه غدا ونعمل معه بعد غد من اجل مستقبل أفضل..