عندما تذرف دمعا صادقا ، ولا تكاد تمدّ يدك لتقطع خط ّسيلانه الدافىء على وجنتيك حتى يجعلك المخرج تبتسم حد الضحك ، فاعلم أنك تشاهد فلم "الصراع" ، فقد اتيحت لي البارحة بقاعة سنما الكوليزي فرصة مشاهدة ذلك الفلم التونسي الذي يحيى بقوة معاناة شعبنا بكل اطيافه خلال فترة الاستبداد النوفمبري بداية من عام 1989 ، وحتى الثورة والذي منع من العرض في مهرجان قرطاج السنمائي ، لا تستطيع ان تنسى بعد الفلم مشاهد الاقتحامات الليلية لزوار الليل وترويع الأطفال والنساء والشيوخ واعتقال المعارضين وتعذيبهم حتى الموت احيانا ، لن تنس مشاهد الرعب في السجون التونسية وتعذيب وهرسلة السجناء السياسيين داخلها وخاصة النساء ، سيرسم لك الفلم الصورة الحقيقية التى لا نعرفها عن عالم ما وراء القضبان ، قصة المربية التى يداهمها النوم مع آلتها الموسيقية المفضلة ّ" العود " على ذكرى حبيب ظلت تنتظره لخمسة عشر عام كاملة ليعود لها اقرب الى الشيخوخة وقد غزا الشيب راسه لن تنسى ابدا كيف يتحايل اهل السجين على الرقابة ليحصل ابنهم على ورقة وقلم (توضع داخل الخبز ) ليكتب جزءا من مأساته الممنوعة لن تنسى كيف يمنع اب من حضن ابنته الصغيرة لما ترصدته وهو داخل من السجن الى المستشفى فيما يتمنى سجانه سراّ لو "يخفف الله خبزته " من هاته الوظيفة تعاطفا معه ، لن تنسى كيف ترفض ابنة السجين والدها الذي تركها رضيعة منذ 15 عاما ، وتقول له انت جئت متاخرا جدا ؟ لن يتركك المخرج تغمض عينيك عند مشاهدة الفلم طيلة ساعتين تقريبا ..ويحولك من ضجيج الحركة وحيويتها الى صراخ صمت رهيب .. ستفاجئك في النهاية الثورة وسرعة انتشارها في البلاد وهروب بن على وانتصار الدم على السيف .... (سيبدأ عرض الفلم رسميا للعموم بداية من 14 /01/ 2015 بقاعة الكوليزي)