صفاقس: تفاصيل اعتداء تلميذة على أستاذها ب''شفرة حلاقة''    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    أنس جابر تتقدم في التصنيف الجديد لللاعبات المحترفات    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    6 جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين..    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة الثانية إيابا لمرحلة التتويج    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    اليوم: الأساتذة يحتجّون رفضا للتدخل في الشأن التربوي    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    الموت يغيب الفنّان بلقاسم بوقنّة..وزارة الشؤون الثقافية تنعى..    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    تقلبات جوية منتظرة وأمطار رعدية غدا..#خبر_عاجل    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    صفاقس: إحباط 22 عملية حَرْقة والقبض على 10 منظّمين ووسطاء    سوسة: منفّذ عملية براكاج باستعمال آلة حادة في قبضة الأمن    تونس تتحفظ على قرارات قمة منظمة التعاون الإسلامي حول القضية الفلسطينية    وزير الشّؤون الدّينية يختتم الملتقى التّكويني لمؤطّري الحجيج    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وديارٌ كانت قديمًا ديارا
نشر في الحوار نت يوم 15 - 04 - 2015

جولة جديدة من جولات "صفين"، أطول معارك الإسلام عمرًا، حلبتها اليمن هذه المرة، ستسفر في النهاية عن باب صغير للخروج من الكابوس المزمن الذي يعيشه المبتلون بمحنة الميلاد في حفرة ( الوطن) (العربي)، فلا هو وطن ولا هو عربي!

"صفين" الأولي لم تكن حاسمة، صمت غبارها لا إلي "علي" ولا إلي "معاوية"، لكن مكيدة التحكيم أضافت إلي المتناحرين فئة رابعة، سنة وشيعة وميكافيللين وخوارج، وانتصر الميكافيليون دائمًا، غير أن الشروخ في الخريطة السياسية لم ينجح المسلمون أبدًا في ترميمها، وهي، كانت؛ كلما تقدمت في العمر، تتسع بوتيرة تصاعدية!

اندلعت عقب "صفين" أسئلة، "عمار بن ياسر"، مثلاً، قُتل وهو يقاتل في صف "علي"، وثمة حديث من أحاديث "البخاري" يقول:

(ويح "عمار"، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار)

ولأن منطق الميكافيليين الغريب واحد؛ اعتبر الأمويون "عليَّاً" القاتل لأنه من أخرج "عمارًا" ووضعه بين رماحهم!

هكذا، روَّج الأوغاد قبل مذبحة "رابعة" وبعدها وما زالوا، وأضافوا إلي قاموس العربية مصطلحًا بكرًا: المخطوفين ذهنيَّاً!

ولا يحتاج عاقل إلي الاسترخاء فوق معجزة ليكتشف المجرمين، أو؛ فليسأل الستينات وما أدراك ما الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات والعشرية الأولي من القرن الواحد والعشرين والآن!

وكما اضطربت الخريطة الاجتماعية بعد "رابعة"، ثمة حكاية للمفكر العراقي "علي الوردي" تعكس العمق السحيق لهزلية الشروخ التي تركتها "صفين" ورائها!

في أحد مقاهي لندن سأله صديقه الأمريكي عن سبب الخلاف بين السنة والشيعة، فأجاب:

- إنه الخلاف على ولاية الحكم!

فسأله الأمريكي مندهشًا:

- ولماذا؟ ألا يجلسون على مائدة المفاوضات لحقن الدماء؟

فقال "الوردي" والشعور بالخجل ينتابه:

- إن المتخاصمين قد ماتوا قبل 1400 سنة!

وانفجر الأمريكي ضاحكًا!

لكن المسلمين أحبوا عليَّاً، أشهر من انتابه لقب الإمام، لقد اتحد الإسم باللقب في واحدة من المرات القليلة التي تجعل الدهشة تنتابنا، يكفي فقط أن تقول الإمام ليطفو فورًا علي سطح ذهنك اسمُ "علي"، حتي القرويين وأصحاب الحد الأدني ينطقونه "الإمامو علي"، وأين موطن الغرابة؟، فكل ما صدر عنه يورط الآخرين في حبه، أجل، لتطرف الخيال الشيعي في سيرته نبض، لكن، الروايات التي من طرق متزنة تكفي لنحب عليَّاً، حتي المسيحيين تشيعوا له، الشاعر "بولس سلامة"، قال:

جلجل الحقُّ في المسيحيِّ حتى / عُدَّ من فرط حبه علويا

فإذا لم يكن عليٌ نبيًا / فلقد كان خٌلقٌهٌ نبويا

"جورج جورداق"، أيضًا، شاعر "هذه ليلتي"، أراق حبرًا كثيرًا في "علي"، ونزف شعرًا مبالغًا فيه لا داعي لذكره!

من العيب أن نلوم علي أمراضنا الخاصة "عليِّاً" أو "معاوية"، وأسباب الشقاق كان يمكن القفز فوقها لولا أن الميكافيللية وجدت في تأجيجه جرحًا يمكن أن تعيش في دمه، ونصيب الدين في الخلاف فقيرٌ جدًا، إنها السياسة، هل السعودية برأيك تخوض الحرب في اليمن حمية للدين؟ لا طبعًا، هي تفعل هذا حماية للموقد العائلي ل "آل سعود"، أو، فلماذا لا تنشط للقتال في سوريا أو في العراق؟

بتجاوز الحديث عن جسارة السعودية والتماهي مع ضجيج القطيع أؤكد أنها لم تقدم علي ارتكاب "عاصفة الحزم" قبل أن تستأذن العالم وقبل أن يقطع لها العالم وعدًا بألا يتركها وحدها في حفرة تخون الفريسة متي تدخلت إيران!

لقد تواصلت الرياض مع العالم بما فيه باكستان، هذا جعلها مثارًا لسخرية "حسن نصر الله"، أنا، أيضًا، ذعر الرياض ذكرني برجل ما زال حيًا في جيب قديم من جيوب ذاكرتي، كان هزيلاً وكثير الشجار في الوقت نفسه، علي حدود الأرض غالبًا كانت معاركه الصغيرة، ليملأ فراغات المسافة بين رغبته المحمومة في الإشتباك وبين صلاحيته لخوض اشتباك بالأيدي وبالأسنان أحيانًا، اعتاد؛ عند احتدام رغبته في شجار الحقول؛ أن يسب بأعلي صوته ويتوعد خصمه علي طول الطريق والمنعطفات؛ وكما يحدث في القري في مثل هذه الأحوال، كان صراخه يشدُّ الناس من البيوت يحاولون تهدئته، وكلما كثر عددهم ازداد هياجه، وهو، عندما يقف أخيرًا أمام خصمه وجهًا لوجه يكون قد تأكد من زوال الخطر، حوله الآن من سوف يجعل المعركة لا تترهل إلي حد إزهاق روحه، وإن حدث اشتباكٌ حقيقي، فلا أقل من أن يجد من يحمله إلي الوحدة الصحية لإيقاف نزيفه وترميم جراحه!

لا شك في أن للسعودية نبض في المآلات البائسة لثورة اليمن، وهي، لم توفرفقط خروجًا آمنًا ل "علي صالح"، بل قطعت له عهدًا بتصميم ورعاية خارطة طريق تضع ابنه علي سدة الحكم مستقبلاً، وكانت، قبل أسابيع، تدعم الحوثيين!

ف "آل سعود" يدركون أن الريح التي يمكن أن تعصف أسرع بخيامهم هي ديمقراطية تولد في اليمن، وهم، حتمًا، يحرسون الإخلاص لوصية "عبدالعزيز آل سعود":

"فقر اليمن في عزكم، وعز اليمن في فقركم!

حقيقة لا يفطن إليها إلا صاحب مزاج مرير، من حيث الجغرافيا، والتاريخ، وعلماء الأنساب يعرفون جيدًا أن العرب ما لم يكونوا من جذور يمنية فهم أقل العرب نسبًا!

لكن، هل تفقَّد التحالفُ عقله قبل خوض المنحدر؟ هل وزن المجازفات وبحث البدائل؟ هل سأل الأكمة عما يختبئ خلفها؟ أما كان التفاوض مع الحوثيين أسلم من تحليلهم إلي عناصر مسكونة بالرغبة في الانتقام؟

ربما، كان أرجح الخليجيين عقلاً هو السلطان "قابوس"، العماني الوحيد الذي سمع العالم اسمه، ومن سمع باسم شخصية عمانية غير "قابوس" فلا يبخل علي الآخرين بفضحها!

ربما، من يدري؟

"قابوس" داهية، وعندما ارتبك الأفق السياسي في اليمن، لاحظ مستخدمو تويتر ظهور عشرات الحسابات التي علي حائطها "قابوس فخر عمان"، ما أجمل المكر والثعالب، وما أجمل "هذه ليلتي" رائعة "جرداق"، وأجمل بيتيه:

بعدَ حيْنٍ يُبدّلُ الحبُ دارَا / وَالعصَافيرُ تهجرُ الأوكَارا

وَدِيارٌ كانتْ قَديْماً ديَارا / سَترَانا كَمَا نرَاها قِفَارا..

ألا ليتها غير ديار اليمن، وبصرف النظر عن الممرات الوعرة التي سوف تسلكها المعركة، فالأفق إيراني بكل المقاييس وأيها!

محمد رفعت الدومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.