* تتزعّم فرنسا يوم أمس (24 أفريل 2015) حملة إعلامية وسياسية قذرة ضدّ تركيا تحت عنوان "مرور قرن على مجازر تركيا العثمانية ضد الأرمن" حسب زعمهم، وفي الحقيقة ليست هذه أوّل مرّة تنفخ زعيمة النّفاق الدّولي فرنسا الفاجرة في هذا التّنّور القذر، فقد صادق مجلس الشّيوخ الفرنسي منذ ثلاث سنوات على قانون تجريم من ينكر إبادة الأرمن المزعومة، ليشابه قانون إنكار "الهولوكوست" ولكنّه لم يمرّ في مجلس النوّاب، و كم نفخ فيه معظم سياسيوها في كلّ حملة انتخابية للفوز ببعض الآلاف من الأصوات الأرمينية في فرنسا، وتارة في حملات سياسية مغرضة لعرقلة مسيرة تركيا المغيظة لهم وطبعا وراء كلّ ذلك الخوف من الإسلام المتطوّر الّذي تقدّمه تركيا العملاقة.. الإدّعاء ضدّ تركيا لا يتضمّن مطالبتها بالإعتراف بتلك المجازر المزعومة فحسب بل يتطاول حتّى يعتبر شرق تركيا جزءاً من الوطن الأرمني المغتصب، تحت مسمى أرمينيا الغربية. لا حرج عندي في خلال هذه المقالة السّياسية أن أذكر جانبا من حياتي يتعلّق بتلك القضيّة، ولا يقلقني أن تعرفوه عن كاتبكم، فقد كانت لي زوجة أرمينية، إعتنقت الإسلام على يدي والحمد لله ورسّخت فيه، كما رسّخْتُ لها أنا مقابل ذلك قدميها في فرنسا بعد أن كانت لاجئة دون إقامة، ولا أمنّ عليها ذلك فالمنّة لله، غير أنّنا افترقنا في قدَرٍ قاسٍ تجرّعناه الإثنان معا دون أن نخلّف، وأذكر لكم أنّني عرفت من خلالها أنّ الشّعب الأرمني صعب المزاج وقوي الكبرياء ومتشبّث بجذوره مهما اعتنق من دين خارج ملّته المسيحية الأرمينية المشهورة.. في بعض أيام "ساركوزي" انطلت على زوجتي حملة من حملات فرنسا الإعلامية المركّزة في تلك القضية وما تخلّلها من بثّ روح الكراهية من أبواق فرنسا القذرة، وكان وقتها في أسفل عمارتنا مغازة تغذية تركية، أقسم لكم أنّني عانيت ليالي وأيّام وأنا أقف لقرينتي مانعا إيّاها من أن تنزل لمالكي المغازة الأتراك بهراوة أو قارورة "مولوتوف" إنتقاما لأحداث قيل أنّها دارت بين سنوات 1915 و1917.. كانت ذكرايات مضحكة ومزعجة في نفس الوقت لا تمحى من كتابي مع تلك الزّوجة المتعصّبة، رغم مزاياها.. أمّا أحداث سنوات 1915 و1917، فقد لعبت بحقائقها كما قلت نوايا الغرب الحاقد على الإمبراطورية العثمانية الّتي في الحقيقة كانت في ذلك الزّمن منارة مضيئة في تاريخ أوروبا فأطفئوها إبّان الحرب العالمية الأولى ومزّقوها ليقيموا مكانها حضارة القردة والخنازير الصّليبية الصّهيونية الّتي نراها الآن، والّتي انحدرت فيها قيمة الإنسان إلى الحضيض. الدّولة العثمانية في ذلك الزّمن عانت من خيانة الأرمن الّذين كانوا جزءا مكرّما من مجتمعها، ومالئوا عليها الغزاة الرّوس في غزوهم لتركيا العثمانية، بل وكوّنوا عصابات منظّمة ومسلّحة قامت بمجازر وجرائم ضد المسلمين الأتراك والأكراد أيضا.. فما كان من الدّولة العثمانية إلاّ أن قامت بترحيلهم إلى أماكن بعيدة عن المواجهة لتحييدهم والإحاطة بغدرهم، ثمّ بعد أن انتهت الحرب مع الرّوس قامت بإعادتهم إلى أماكنهم وردّت إليهم أملاكهم... وتضيق مقالتي بالتّفاصيل، لكن كثير من المفكّرين والكتّاب يتعرّضون لتلك الأحداث ويدحضون ما فيها من إفك دولي تقف وراءه أحقاد حضارية ومؤامرات صهيونية، وأنصح هنا بمطالعة دراسات موثّقة كتبها في هذا الموضوع "رسول طوسون" بالخصوص، وأيضا غيره من المنصفين.. تركيا العملاقة تتقدّم وتقدّم إسلاما رائعا للعالم ولن يضيرها كيد الكائدين، وقضية الأرمن قشّة مرمية عنوة في الماء الزّلال التّركي لن تمنع لهفة الشّاربين منه.. وإلى تدوينة أخرى...