لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا... فأوجاع حُبست سنين طويلة بسبب عدم الإعلان عن فواحش في المجتمع كثيرة، يسترها عزّ وجلّ بالتخفّي ويغفرها تعالى بالتوبة النّصوح... وقد جاءت "شمس" [وكلّ الشموس التي مرّت بالبلاد حارقة للفضيلة حتّى درجة التبخّر] تعلن فاحشة لا يقوى على اقترافها من بشاعتها ومخالفتها لطبيعة الخلق الحيوانات، سواء كانت بريّة أم وحشية، فدعت إلى الزواج المثلي الذي ليس سوى عمل قوم لوط الذين أخبر عنهم تعالى نبيّه إبراهيم [وإنّهم آتيهم عذاب غيرُ مردود]، ثمّ ما لبث تعالى أن نفّذ وعيده فدمّرهم أجمعين وجعل قريتهم أسافلها أعاليها وأمطرها بحجارة من سجّيل منضود!... حتّى إذا رضي التونسيون الأسوياء بإشاعة الفاحشة فيهم خُشي على تونس الهلاك عياذا بالله تعالى... فقد جاء في الحديث الحسن أنّ رجلًا كان في قرية، كان يعبد الله تعالى ولم يعصِهِ طرفة عين، فظهر فيها المنكر فلم يُنكره، فأرسل الله ملكًا أن يُهلك تلك القرية، فقال الملك: "أي ربّي، فيها عبدك فلانٌ لم يعصك طرفة عين"، فقال: "به فابدأ، إنّه لم يتمعَّر وجهه فيَّ يومًا واحدًا"... علينا جميعا أن تتمعّر وجوهنا (تتغيّر وتعلوها الصفرة كناية على رفض الإفساد)، فنقف وقفة رجل واحد ضدّ المفسدين أعداء العفّة والطهارة والفضيلة والرقيّ الاجتماعي والتقدّم الحضاري... فهؤلاء ليسو محلّ عناية ناهيك عن أن يكونوا محلّ رحمة قد يذكّرنا بها "ناس حقوق الإنسان" الذين انحازوا بتاريخهم وأفعالهم ومواقفهم إلى "الإنسان" المتحكّم في الإنسانيّة أو "الإنسان" الذي استعمِل بهدف تخريب قيم الإنسانيّة!... ولو كانوا محلّ رحمة لَمَا زلزل الله تعالى بهم الأرض وجعلهم عبرة لمن يعتبر!...
علينا أن نكون أهلا لانتسابنا إلى تونس المسلمة، فاتحة أفريقيا وصقليّة والأندلس، مفقّهة الأزهريين (عبدالرحمان بن خلدون ومحمّد الخضر حسين)، المدافعة عن الحياض في فلسطين، فلا نسمح لهذا المسخ بالظهور على قنوات سفلت أو على أمواج إذاعات انحطّت!...
علينا أن نقف على أرضنا بقرار واحد مدافعين به عن أرضنا مفادُه أن لا مجال لتدنيس أرضنا!...