اثارت حفلة آخر السنة لاحدى الروضات بمدينة سوسة التي احتوت مشاهد لأطفال يحملون الاسلحة ويرتدون لباس الحرب وجسدت صورا لجثث واكفان ودبابات وجنائز الكثير من التحفظات والتخوفات على مواقع التواصل الاجتماعي وصنفها مختصون بالخطيرة على نشأة الطفل حتى وان تناولت موضوع القضية الفلسطينية والمقاومة الشعبية.. وكانت في نفس الوقت الحدث الذي وضع نقاط استفهام حول هذه الروضات ومناهج عملها التربوية ومدى حضور الدور الرقابي المناط بعاتق سلط الاشراف.. مشاهد اعتبرها معز الشريف رئيس الجمعية التونسية لدفاع عن حقوق الطفل تتناقض تماما مع الرسائل التي يفترض ان تقدمها رياض الأطفال والمنصوص عليها في كراسات الشروط المنظم لمناهجها وبرامجها والتي تنبني أساسا على السلم مع الاخر والتعايش والتعامل السلمي . ونبه الى ان مثل هذه الرقصات والمقاربات من شانها ان تبسط وتطبع لمشاهد وسلوكيات العنف لدى الطفل. وأشار معز الشريف إلى ان العنف الموجود أصلا في الألعاب الالكترونية والصور المتحركة اذا اقترنت بألعاب مشابهة في الواقع ( مثلما وقع في الروضة المذكورة سلفا) تتحول سلوكيات العنف الى شبع عادية يستوعبها الطفل كسلوك اجتماعي مقبول وطبيعي ينمي لديه الالتجاء السهل للعنف ويحول ساحات المدارس الى ميدان صراع. وأوضح ان الصور الخاصة بروضة مدينة سوسة أثارت الكثير من الجدل وكانت أيضا إطارا للتمييز وللإقصاء على أساس النوع الاجتماعي فبدى في الصور المذكورة فاعلين في حين تقتصر الإناث على التواجد في المواقع الخلفية وهذا امر مرفوض تماما وفقا لرئيس الجمعية التونسية لدفاع عن حقوق الطفل. ورأى الشريف ان نقص الكفاءات المختصة في مؤسسات الطفولة المبكرة وغياب سياسة دولة واضحة فيما يهم هذه الفضاءات هو ما أدى الى ارتكاب هذا الخطأ البيداغوجي الواضح في حق عدد من الأطفال وضرب حق الطفل في حياة وتكوين سليم الذي ينص عليه الدستور التونسي وتتحمل مسؤوليته العائلة وبنفس القدر الدولة. وأشار إلى أهمية بعث هيئة مستقلة لمراقبة القوانين الخاصة بالطفل والتي ستمثل الالية المثلى لتفعيل كل اليات الحماية للطفولة التونسية. وذگر في نفس السياق معز الشريف بخطر رياض الأطفال القرآنية التي لم يصدر الى الان اي قرار جريء بشأنها من قبل الحكومة وهي تهدد ما يقارب 12 الف طفل وتعمل خارج الرقابة الرسمية. في الاطار أقرت حياة قعيدة متفقدة شباب وطفولة بمدينة سوسة ان الطفل في سن ما قبل الدراسة في حاجة الى رسائل متوازنة من الناحية البيداغوجية وان رسائل العنف ممنوعة ومرفوضة. واكدت ان الزيارة التي أدتها أمس والمكلف بالطفولة في الجهة الى الروضة المعنية قد بينت ان الرقصة التي حملت مشاهد عنف لم يكن فيها قصد ممنهج لتمرير رسائل عنف وإنما ودون وعي او قراءة للعواقب أسقطت صاحبة ومديرة الروضة الرقصة على برنامج حفلة اخر السنة (رقصة فلسطينية )ولم يتم فيها الأخذ بعين الاعتبار انها تتعامل مع طفل، وشددت حياة قعيدة ان الروضة المعنية ملتزمة بكراس الشروط والمناهج البداغوجية الرسمية وارتكب الخطأ دون وعي بحجمه. وفيما يهم الرقابة قالت متفقدة الطفولة ان سلطة الإشراف غير قادرة على متابعة كل حفلات رياض الأطفال، وبينت انه وعلى خلفية ما وقع في روضة مدينة سوسة ستقوم الوزارة بإصدار مراسلات لكل مؤسسات الطفولة المبكرة للتذكير بضرورة التثبت من الرسائل التي تمرر للطفل وتفادي كل ما لا يمت بصلة لمحيط الطفولة. واعلنت حياة قعيدة انه بداية من السنة القادمة ستكون الروضات مطالبة بتقديم برنامج الحفلات للوزارة 20 يوما قبل عقدها ولا يتم تنفيذها الا بعد ان تصلها موافقة سلطة الإشراف.. وفيما يهم الروضات القرآنية أكدت ان التفقد والمتابعة والمراقبة موجودة والوزارة معنية بكل الفضاءات التي يتواجد فيها الطفل مهما كان مرجع نظرها.