تشير معطيات وزارة الشؤون الدينية ان موسم الحج الحالي سيشهده 8330 حاجا أكبرهم يبلغ 95 سنة ويبلغ معدل الاعمار 62 سنة وهو مؤشر يعكس رؤية المجتمع التونسي إلى التدين باعتباره ملحقا عمريا ومعطى اجتماعيا مؤجلا لا مكونا اساسيا في الحياة اليومية. وقد يفسر ذلك الى حد ما الازمة القيمية التي يعاني منها المجتمع إذ تعاني الشخصية القاعدية التونسية وفق دراسة الدكتور المنصف وناس من هشاشة قيمية تتجلى في سلوك الانتهازية والالتفافية و البراغماتية واللامبالاة. ولعل اعجب ما يميز الحاج التونسي إظافة الى تقدم السن، ذلك الجهل الفظيع والامية الدينية التي تصل حقيقة لا مجازا إلى عدم تمييز مزدلفة من بوزلفة، وممارسة الفسوق والخصام خلال مناسك الحج والبحث عن الجهد الادنى وضعف التواصل وتحمل المشاق. ولعل الاخطر من ذلك هشاشة الحالة الصحية للحاج التونسي من جهة ضعف النظر وأمراض القلب والسكر والعجز عن الحركة، بل لايعدم موكب الحجيج التونسيين مرضى الالزهايمر فلا ذاكرة ولاوعي ولاتعقل للمكان والزمان، بما يثير جدوى الفحص الطبي واوجه المحسوبية والغش في الموضوع. إننا إزاء شخصية تونسية لا تزال محكومة بنمط تقليدي للتدين لايتجاوز منطق التبرك والصلاح دون وعي عملي بتلازم الاقوال والاحوال والاعمال في الحياة اليومية بما يجعلنا أمام ازدواجية صارخة تحتاج إلى عميق النظر والدرس، طالما ان الثورة لا تزال مشروعا سياسيا لم يخترق بعد بنى العقل الديني اليومي. وستكون مسؤولية الوعاظ 102 والمرافقين والوفد الطبي 76 جسيمة إزاء جسم ديني مترهل قد اثقلته الامراض وانهكه تواضع المعرفة الدينية وهشاشة الشخصية القاعدية. فبأي معنى يمكن ان يراهن المصلحون على تحديث جسم توارث عقودا من السطحية والسذاجة في التعامل مع القيم الأخلاقية والواجبات الدينية؟