يعدُ مفهوم الوحدة الاجتماعية من أسمى المفاهيم التي تربط الخليقة بعضها ببعض، فهو كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الإعضاء بالسهر والحمى. لما للمفهوم من أهميةٍ ترابطية عُظمى لدى أفراد المجتمع الواحد. عندما أتحدثُ عن مقومات الوحدة الاجتماعية في بيئتنا العربية يستشعرني حالةً من السكون الذاتي مع نفسي لما آراه وأشاهده من حالة تشرذمٍ دبّ في بيئتنا العربية نتيجةً لعدم وضوح الرؤية لدى الغالبية العظمى من عامة الشعب حول المفاهيم الاجتماعية التي من المفترض أن تشكل نسيجاً اجتماعيا وسياجاً متيناً يصعبُ علىنا المساس بها أو التعديّ عليها. لعل البعضُ يتساءل لماذا تعيش مجتمعتنا العربية حالةً من الفرقة والتناحر والاختلاف وسوء الظن بين أفرادها، وربما يصلُ بهم الحال إلى القطيعة الدائمة أو التناحر أو التعدي على بعضهم البعض من أجل قطعة أرضٍ، أو حقدٍ كامنٍ نما مع الزمن بدون إنهائه أو التخلص منه إلى غيرها من المشكلات الاجتماعية التي أصفها من وجهة نظري بالأمراض الاجتماعية الفتاكة التي تصيبُ أبنائها وتقضي عليهم ببطئ وتدمر علاقاتهم الذاتية وتجعل سيرتهم على الإلسن صباحاً مساءاً يتناوب الناس الحديث عنهم وكأن الإمة أصبحت منشغلةً بداء القيلُ والقال. من هذا المنطلق أودتُ في مقالي الوقوف على أبرز المقومات الاجتماعية اللإزمة للإمة أن تضعها نصب أعينها وأن تكون حافزاً لها لبناء مجتمعها على أسسٍ سليمةٍ نقيةٍ لا يشوبها أيّ شائب أو أو يعتليها أيّ مرضٍ يجعلُ أبنائها عُرضةً للتناحر أو الإختلاف منها:- المحبة الاجتماعية الصادقة:- الايمان الصادق بالمحبة بين أفراد المجتمع الواحد، وإلا يسيطرُ عليهم لغة الإنا، والغيرة السلبية والحقدُ نتيجةً لإن بعض أفراد المجتمع وصل لمكانةٍ مرتفعة وشأنٌ عظيمٌ بين أفراد مجتمعه، وهذا مدعاهً أن يتقبل الفردُ منا الفرد الإخر بل يجب أن يثني عليه ويشكره لا أن ينازعه أو يصارعه بل ربما يصلُ بهم الحال إلى العدواة المطلقة بدون إبداء أيّ سببٍ من الإسباب. الكلامُ الصادق:- وهذا ينمُ عن طيبة في القلب، ونقاوة في اللسان، حتى يستشعر الطرف الإخر بإن الكلام الموجه إليه هو ذاك الكلام النابعُ من القلب السليم حتى تتعزز الثقة بينهما فعندئيذ تعمُ المجتمع بإكمله. الوعودُ الصادقة:- يعتبرُ هذا المقوم من أهم مقومات الوحدة الاجتماعية، لما يترتبُ عليها من بناء جسورٍ الثقة بين أفراد المجتمع، وهنا تكمنُ أهمية الوعود في مدى نضجها وأهميتها بين الإطراف، فعندما يعدُ فلاناً شخصاً ما ويخلفُ في وعده معه، فعنديذ تتناقص الفجوة الاجتماعية بينهما، ويحلُ معها العلاقاتُ السطحية التي من الممكن أن تؤثر على كينونة العلاقات الاجتماعية في المجتمع. المبادرات الاجتماعية:- أقصدُ بها المبادرات التقليدية التي تشتمل على حُب مساعدة أفراد المجتمع ومشاركتهم في مناسباتهم سواء المتعلقة بالإفراح أو الإحزان، إضافة لإغاثة وإعانة الملهوف منهم والذي يشملُ تقديم المساعدات العينية له، أو المادية خاصةً للإسر التي يكون وضعها الإقتصادي منعدم لا تقدر الإسرة على إعالة ذاتها. لا تقتصرُ المبادرات الاجتماعية على المساعدة العينية أو المادية من بعض الإقارب أو المحسنين من أهالي الحي الذي يسكنون به، بل أن أهمية المبادرات تكمن في بناء جسورٍ من العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع بحيثُ تتعدي صيغ التمييز والدونية والإحتقار وتعلو مكانها صيغ التقبل والإندماج والتعايش البنّاء بين افراد المجتمع الواحد. نخلصُ مما سبق بأن بناء مجتمع آمنٍ يسوده الأمن والإستقرار الاجتماعي،لا بد من الإلتزام بالمقومات الاجتماعية الإنفة الذكر حتى يصل المجتمعُ إلى حالةٍ من الإمن والسلامة الاجتماعية كي يتسنى له بناء مجتمعٍ واعٍ يسوده الودّ والتعاطف والتراحم فيما بينهما، فما آحوج مجتمعتنا اليوم إلى عقدٍ اجتماعي اشبه برباطٍ غليظ يوثقّ العلاقات بين آبنائه ويحرصُ على بناء مجتمعاً قوياً مستقراً من آجل تحقيق نهضةً حقيقية يكون عمادها الإنسان وجوهرها التنمية المجتمعية وخلاصة فحواها العدلُ والسلمُ الاجتماعي.