رأينا وسمعنا في الآونة الأخيرة وخصوصا من بعد بداية الثورات العربية ( الربيع العربي ) كثرة التنابز والتقاذف والاتهام إلى حدٍ غير مسبوق عمّا قبل ، بين كثير من الأفراد والجماعات والتكتلات والأحزاب ، لدرجة أننا صرنا لانستغرب المعارك بالأيدي في كثير من البرامج الحوارية وفي البرلمانات بل وفي الندوات الثقافية أيضا ، مما يجعلنا مضطرين إلى دق ناقوس الخطر لإيقاف الإنزلاق الأخلاقي الثقافي والفكري. إن التعددية التي هي تفاوت الناس في أفكارهم وفي مقالاتهم ووجهات نظرهم حول القضايا المختلفة في الجانب الديني والمدني والسياسي تدفعنا إلى رسم ونشر المواثيق الأخلاقية والوطنية لدى شرائح المجتمع الواحد لكي نرتقي بالفكرة واللفظة والحركة ، وذلك من خلال تطوير التفاهم بين المجموعات الثقافية وتخفيف ومحاولة رفع المظالم التي تطال بعض فئات المجتمع التي تجعلهم يشعرون بالانتماء والولاء لمن يعاشيونهم ، كما يجب التقليل من حدة الصراعات المجتمعية بتفعيل الحوارات الوطنية والاحتفاء بها نخبويا وشعبويا برعاية مؤسسية غير متسلطة. إن المبادئ والارتكازات التي ينبغي أن تقوم عليها التعددية الثقافية الفكرية ستكون هي الضامن الأكيد لاستمرار اللقاء والالتقاء بين الأفراد والجماعات ، فطلب الحق وتجنب العقاب والإضطهاد للمخالف وعدم التشدد في منع الصوت ونشر الأفكار المخالفة تجعل من المجتعات متحركة غير جامدة كما أنها تسهم في إلغاء الإنتماءات الخارجية والحركات المناهضة للثابت الديني والمجتمعي والخُلقي . علينا بالتحرك السريع والعاجل للإسهام في النهضة الثقافية والفكرية باعتماد التعدد واقعا وتعاملا بل والمطالبة بإدخال هذا النهج إلى المناهج الدراسية للتأثير الجدي في رفع مستوى أجيالنا القادمة ليقبلوا الآخر ويستمعوا له ويحتضنوه لكي يعملوا معه في بناء الوطن الذي يسع الجميع ويخدم ويعطي الجميع مهما تعددت مشاربهم .