ضربةٌ جديدة فاشلة كان داعش يحاولُ ان يسددَها في مرمى الدول المغاربية لكنها كانت قصيرةَ المدى ولم تُصب أي هدفٍ من اهدافِها وانما اثبتت بالدليلِ الملموس ان التنظيمَ في طريقِه الاكيد للتهاوي والاضمحلال. بعد فشله في الحفاظ ِعلى المواقعِ التي احتلها في كل من سورياوالعراق بفضلِ الضرباتِ الموجعة التي تلقاها من دولِ التحالف، كان يحاولُ ان يجدَ لنفسِه موطئَ قدمٍ في ليبيا او تونس، غير أنه على ضوء غياب قيادة ومخطط محكم وتخبط قياداته، اخذ صفعة جديدة من القواتِ التونسية والشعبِ التونسي، الذين نجحوا بالتعاون المشتركِ في تلقين داعش درسا قاسيا. وهو ان تونس عصيةُ على الارهابيين.
ويعتقد خبراء أمنيون في تونس أن داعش كان يراهن -بهجومه على مواقع عسكرية وأمنية في بن قردان- على إحداث اختراق في المنظومة الأمنية والاجتماعية السياسية بتونس، اعتقادا منه أنه سيجد استجابة من قبل السكان المحليين أو على الأقل فئات المتذمرين من الإجراءات الأخيرة، التي اتخذتها تونس لمراقبة التهريب والحدود بعد إقامة جدار رملي على الحدود مع ليبيا: يتجاوز طوله مائتي كيلومترا، وذلك بمساعدة أمريكية وألمانية. ولا يستبعد الخبراء أن يكون داعش قد حصل على تواطؤات من داخل المدينة لتسهيل تسرب مجموعة إرهابية تضم عشرات التونسيين والأجانب المدججين بالأسلحة، كان مخططا أن تسيطر على المدينة وترفع رايات التنظيم السوداء فوق مبانيها الحكومية معلنة إقامة “ولاية إسلامية” تابعة لخلافة ابو بكر البغدادي. وتوقف بعض المحللين عند مقارنة هجوم داعش على بن قردان بعمليات استيلاء التنظيم الإرهابي في منتصف عام 2014 على أجزاء من محافظة نينوى العراقية ومركزها مدينة الموصل.
وقد يكون ثمة بعض الشبه في عمليات داعش، إلا أن عنصرين أساسيين على الأقل جعلا النتيجة مختلفة، أولها: أن بن قردان رغم أنها منطقة رخوة أمنياً إلا أن مجتمعها المدني الحي واندماجها السياسي والوطني في تونس الجديدة جعلاها عصية على التنظيم الجهادي، وهو ما يفسر انتقام عناصر داعش من المدنيين. ثانيا: أن التنيظم الإرهابي اصطدم بجاهزية قوات الجيش والأمن التونسيين. ما حصل في بنقردان هو فشل ذريع لداعش التي حاولت اعتماد المباغتة، مثلما تعتمد في العراق لكن الجيش كان جاهزاً، وأصبح يمتاز بفاعلية كبرى؛ نتيجة التنسيق مع الأمن، وأيضاً نتيجة التدريبات التي خضعت لها القوات التونسية على يد قوات بلدان لها خبرات كبرى بالاضافة الى المساندة الشعبية التي ابهرت العالم.