لم يبدع اليسار المتطرّف والصحافة الإجراميّة عندما رفضوا أعضاء حركة النّهضة التونسيّة، في بلدهم متّمتّعين ببعض حقوقهم؛ فقد رفض أجدادهم من كفّار قريش محمّدا صلّى الله عليه وسلّم ورفضوا - كما رفضوا - ربّ محمّد ودين محمّد منذ أكثر من أربعة عشر قرنا!... فهم يسيرون على خطاهم لا يخطؤون أيّ معلم من معالم ثباتهم التي خُلّدت قرآنا يُتلَى [تبّت يدا أبي لهب وتبّ!... والذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنّار مثوى لهم... والذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله أضلّ أعمالهم... المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إنّ المنافقين هم الفاسقون...]... ولكنّ الأجداد لمّا حاربوا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم معلنين رفضهم إيّاه رغم إيمانهم بالله الخالق، ضيّقوا مجال العقوبة، فحاصروا قبيلته في الشعب دون غيرها، غير أنّ هؤلاء لم يشرّفوا سلفهم ولم يسيروا طويلا على خطاهم فأطلقوا العقوبة يوقعونها على تونس بأسرها بدل أن يحصروها - لو اتّبعوا وأحسنوا الاتّباع - في النّهضة بغيضتهم!... استغلّوا وجودهم على رأس المنظّمة الشغّيلة فاستعملوا أدوات مقاومة فرنسا زمن الاستعمار ضدّ قيادة البلاد يرهقونها ويحطّمون اقتصادها إحراجا منهم للنّهضة!... أطلقوا أيادي فارسهم هناك في الحوض المنجمي يعطّل الإنتاج ويمنع نقل المنتوج مكلّفا البلاد مئات أو آلاف المليارات، فقط من أجل إظهار عدم قدرة النّهضة على حماية اقتصاد البلاد... قتلوا أحسن من فيهم وأحسن من تعاون معهم شكري بلعيد والحاج محمّد براهمي لاتّهام النّهضة بدمائهما ولكسر عقال القادة "الشنابين" وغيرهما ممّن سئموا طول العيش في ظلّ شكري بلعيد، صاحب المواقف المحرجة لهم ولوجودهم، فقد كان شكري من طينة الخمسة الذين خرجوا ذات مرّة لتمزيق صحيفة الحصار المفروض على بني هاشم في الشعب... هلّلوا للإرهاب، أظهروا المنخرطين فيه من التونسيين يُعدّون بالآلاف وعشرات الآلاف، أظهروهم دمويين بشعين "إسلاميين"، أبناء أعمام الإسلاميين من النّهضة وغيرهم من الذين اكتفوا بالتردّد على المسجد يشهد لهم النّاس بالإيمان!... عملوا كثيرا وطويلا على محاربة المسجد يمنعون بذلك الإيمان!... أظهروا الجيش والأمن التونسيين فقيرين عاجزين عن مقاومة الإرهابيين!... دعوا بخبث إلى الاعتناء بهما (الجيش والأمن) بدل التفكير في أناس يتحدّثون عن جبر أضرارهم، معطّلين بذلك مسار كرامة استطابه التونسيون!... سوّقوا حتّى لمراجعة العفو التشريعي العام، تنمية للاقتصاد وعناية بما يجب العناية به حسب زعمهم!... أظهروا أبناء النّهضة في صفوف المطالبين بالحقوق محرجين للاقتصاد، متاجرين بنضالاتهم أنانيّين إذ طالبوا بحق الحياة لهم... حاولوا ضرب ثقة النّهضاويين في قيادتهم، أرادوا أساسا "قتل" شيخهم، وتهوين رموزهم... أضعفوا النّهضة وهي تتهيّب جرائمهم وتدفع عن البلاد كيدهم وجرائهم... حاولوا جرّها إلى ميادين أنشطتهم حيث لا حبّ ولا تضحية من أجل البلاد تشغلهم!... أرادوا لها محرقة كمحرقة رابعة يرقّونها بطحنهم وذرّ رمادهم!...
فلمّا أكثرت النّهضة التحوّط لهم والعمل على مقاومتهم، ولمّا أحرجتهم في ميدان التنافس على الخير وفي مواضع الوطنيّة وفي محافل الديمقراطيّة وفي ميادين البذل والعطاء، فقدوا تركيزهم وانطلقوا دون ضابط يتّهمونها بالإرهاب وبتشجيع الإرهاب، لولا فئة قد امتشقت المروءة (لعلّ منها على سبيل الذكر السيّد مهدي بن غربيّة) كذّبت ادّعاءاتهم وسفّهت أقوالهم وأرتهم مصلحيين وصوليين بشعين!... ولولا إيمان منّا راسخ أنّهم هم - وإن تخفّوا - من يسند الإرهاب ويشجّع عليه، ومن يرتكب الإجرام ويغطّي عليه، ومن يذبح البلاد - لا سمح الله - ولا يتحرّج من المشي في جنازتها، ومن يكره ويُبغض، ومن يعض الأنامل ويموت من الغيظ!...
هم الذين ما كان يكون إرهاب في البلاد لولاهم... فهم الذين بمحاربة الدّين أوجدوا من فهم الدّين على غير مقصد الدّين... وهم الذين بذبح الأخلاق والفضيلة أوجدوا من يعمل على ذبحهم وذبح التونسيين المتعاملين معهم... وهم الذين بنفي التونسي المسلم أوجدوا من يسعى إلى إفناء وجودهم... وهم الذين بأموالهم وظّفوا من المسلمين من بواسطته يُحارب المسلمون!... فعليهم من الله ما يستحقّون...