أكد الدكتور رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي السابق وعضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة أن قرار الحركة ب"الفصل الكامل بين الدعوي والسياسي" في عملها يعني أنها ستتجه إلى التخصص الوظيفي، بحيث يتفرغ الحزب للعمل السياسي الميداني وتحال بقية النشاطات إلى المجتمع المدني، واعتبر ذلك محطة من محطات التطور التي تمر بها النهضة. وناقشت حلقة (8/5/2016) من برنامج "الواقع العربي" إعلان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الفصل الكامل بين الدعوي والسياسي في عمل الحركة، مع الاحتفاظ بمرجعية إسلامية. وقال عبد السلام إن النهضة تتخذ هذا التوجه الجديد في ظل التطورات السياسية النوعية التي تشهدها تونس ، حيث كانت في السابق تواجه نظاما شموليا، أما اليوم فإن الحركة تتجه للتخصص الوظيفي في إطار "حزب مدني يعتمد المرجعية والثوابت الإسلامية والعربية للبلد". وأشار إلى أن المجتمعات الحديثة تتجه للتخصصات الوظيفية، وهو ما يفرض على الأحزاب السياسية أن تسير في نفس التوجه، وقال إن في تونس اليوم مجتمعا مدنيا ودولة ديمقراطية، إضافة إلى أن الدستور التونسي في صيغته الجديدة يمنع الجمع بين العمل الحزبي والعمل الجمعياتي. وتحدث عن تجارب مماثلة في العالمين العربي والإسلامي كالمغرب والأردن واليمن، لكنه قال إن تونس النهضة ستكون تجربتها بخصوصية تونسية، أي وفق حاجيات الواقع التونسي، بحيث يتفرغ الحزب للعمل السياسي وبقية المكونات تحال للمجتمعات المدنية، وتكون مندرجة في منظمات وهيئات مستقلة عن الحزب السياسي رغم اتفاقها معه في المرجعية والإستراتيجية العامة. وبحسب عبد السلام، طرح موضوع الفصل بين الدعوي والسياسي في عمل النهضة للنقاش الداخلي للحركة منذ أكثر من سنة ونصف، وأعلن عن تفاؤله بأن المؤتمر القادم للحركة والمقرر في أواخر مايو/أيار الجاري سيكون محطة جيدة في انطلاقة النهضة. استغلال الدين أستاذ الأخلاق السياسية ومقارنة الأديان في كلية قطر للدراسات الإسلامية الدكتور محمد بن المختار الشنقيطي أشاد بدوره بقرار الحركة التونسية، بحجة أن منطق السياسة يختلف عن منطق الدعوة، وأن خلط الأحزاب الإسلامية بين الأمرين أساء لأدائها السياسي والديني في الوقت نفسه، إضافة إلى أن العالم يعيش ما عده المتحدث نهاية الدولة الشمولية وكذلك الأحزاب الشمولية. وقال إن الحركات الإسلامية عليها أن تقوم بالفصل الوظيفي ونوع من التخصص، خاصة أن المجتمعات باتت تحتاج لمناطق آمنة خارج التجاذب والصراع السياسي، وأشار إلى أن الحركات الإسلامية ليست وحدها من تستغل الدين إنما الأنظمة أيضا تستغله بشكل أفظع من خلال دور الإفتاء وغيرها، وبعضها يدعو لقتل الشعب علنا. ورأى الشنقيطي أن موضوع الفصل الوظيفي على مستوى الحركة الإسلامية قام به المغاربة منذ سنوات، وحتى في الدول الغربية مثل الولاياتالمتحدة توجد جمعيات مدنية تعرف بولائها للحزب الجمهوري رغم أنها لا تخوض في العمل السياسي المباشر. واعتبر أن تجربة النهضة التونسية تركز على فلسفة الصلح والمصالحة، بمعنى التركيز على المساحات المشتركة بين أطياف المجتمع، مما يساعد على تحقيق مستوى من الإجماع.