بقي قادة العالم الغربي متردّدين بين النسيان والاعتراف، وبين الإصرار على الإثم والإقلاع عن الذنب، دون فلاح!... فإنّهم بقدر ما ذكروا الماضي المشرق للخلافة الإسلاميّة، التي كانت آخر محطّاتها المحطّة العثمانيّة، بقدر ما بذلوا الجهد لاستبعاد بل إبعاد تركيا، ذات "اللوثة" العثمانيّة، عن الاتّحاد الأروبي، حتّى قال قائلُهم هازئا مستخفّا: لعلّنا نراها ضمن الاتّحاد سنة 3000 ميلادي!... وإنّهم بقدر ما ذكروا ذنب إبعاد اللقيط، ولد الفراش، إلى فلسطين، بقدر ما بذلوا الجهد للاستجابة لطباته وتحقيق شهواته!... اشتهى القتل في "أرضه" الممنوحة، فمدّوه بكلّ أنواع الأسلحة والذخائر، ومدّوه بالفيتو يُعلون به صوته ويطمسون به أصوات أهل الحقّ، ومدّوه ب"إنسانيّة" تدافع عن المحارب فيه وتتعامى عن مئات الآلاف من القتلى العزّل من أبناء الشعب المغتصَب، ومدّوه ب"واقعيّة" الرّضا بالواقع يقنعون بها خونة العرب ومتخاذليهم!... اشتهى الانتماء أو هو حنّ إليه، فألحقوه بهم – وهو منهم أو هم منه – ومكّنوه من الإقامة في نواديهم الفكريّة والاستراتيجيّة يخطّط لهم ويفرض عليهم توجّههم، وألحقوه بدورات نواديهم الرّياضيّة!... فكانت مقابلة فريق منه مع سلتيك الاسكتلندي إقرارا من مجرمي قادة بريطانيا بتبنّي اللقيط الذي لم يكن إلّا نتاج علاقة خبيثة غير شرعيّة بين الوزير الأوّل البريطاني بلفور وبين أهل البغاء العلماني القومي العربي الهجين!... غير أنّ أهل المروءة في اسكتلاندا أبوا أن يكون فريقهم العتيد صاحب الصولات والجولات على المستوى المحلّي والإقليمي والأروبي معبرا للشرّ أو وسيلة لتبييض الجريمة، فجاؤوا مناصرين فريقهم رافعين الأعلام الفلسطينيّة خفّاقة عالية، رافضين بذلك قبول اللقطاء وتمسّح قادتهم بهم، في مشهد بديع يُرقّي درجة أهل المروءة حيثما كانوا بين النّاس، دون نظر إلى دينهم أو جنسهم أو لونهم!... فلمّا كان منهم ذلك، لجأ الصهاينة إلى نوادي تأثيرهم يتباكون!... ما كلّف النّادي غرامة غير منطقيّة، تترجم خشية الغرب من غضب اللقيط وتترجم السطوة التامّة للقيط على الغرب وعدم تسامحه فيما يراه اعتداء عليه!... ولكنّ ذلك لم يكن كافيا لإخماد مدد المروءة، فقد انطلق النّاس مناصرين للفلسطينيين في حملة تبرّعات استثنائية غير مخطّط لها، سبّبها انحياز قادتهم للباطل!...
لقد أبدع أنصار سلتيك في هبّتهم وتضامنهم، فجزاهم الله خيرا!... ولو كان بالغرب عقلاء لكانوا "سلتيكيين"، ولراجعوا ضلالاتهم وظلمهم، فعزموا على الاعتراف بالذنب والرّجوع إلى الحقّ، فأنهَوا احتلالا أفسد على كلّ الأسماء مسمّياتها!...