اخشى ان يكون لنتائج الاستفتاء التركي تاثير سلبي على الديمقراطية الناشئة في تونس ، فتجربة النظام البرلماني والحكم المحلي على الطريقة الانقلوسكسونية هي بمثابة برنامج تاهيل شامل للممارسة الديمقراطية وللمساهمة الواسعة في ادارة الشان العام ، وفرصة لترسيخ التشاركية في الحكم ، وذلك على الرغم من كل الهنات والصعوبات والمعوقات المنتظرة والمرتبطة بواقع الامية والتخلف الاجتماعي والاقتصادي الذي نعيشه خاصة في الجيهات المفقرة. أما العودة السريعة للنظام الرئاسي المرتبط في العقلية السياسية العامة للساسة العرب بالاستبداد فانه سيقضى على التجربة في مهدها وسيعيدنا الى استبداد ما بعد الاستبداد وهو الآشد ضراوة كما في الحالة المصرية. يجب ان تترك التجربة التونسية في حالها لتتطور طبيعيا ، ولا يمكن الحكم عليها لحد الآن ، ولا مجال لتعليق الفشل الحكومى الحالي على شماعة النظام البرلماني الجديد ، تمهيدا للاستيلاء على التجربة الديمقراطية ككل ، بحجة البحث عن الاستقرارالحكومي وعن قوة القرار السياسي وبسط سلطة القانون داخل الدولة وهو مايسمونة بهيبة الدولة ، مستغلين في ذلك الحراك الثورى الذي نراه اليوم، فنحن نعيش استقرارا حكوميا غير مسبوق ، ولا علاقة لطبيعة نظام الحكم الجديد فيما نعيشه من عدم استقرار اجتماعي وشعبي، فبركات التوافق جعلت اعداء الامس وطرفي القرار في البلاد اليوم في وئام تام وتآزر حكومي تام وبدعم وسند برلماني مريح يوفر كل سبل الاستقرار . ولكن الاسباب الحقيقية للغليان الشعبي الذي نراه مرتبط بدرجة الوعي لدى الناس بان هذا النظام الجديد غير مفعل ولم يحقق المطلوب منه ومن قادته خاصة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية للبلاد ، كمطالب السيادة على ارضنا واستقلالية قرارنا الوطني و السيطرة على مواردنا وثرواتنا ، واعادة النظر في بناء الاقتصاد على قطاع الخدمات وتوجيههة الى الانتاج (من السياحة الى الفلاحة )،وايضا مطالب تاهيل مناطق "الهامش " البورقيبي و" الظل " النوفمبري لتتمكن من النجاح في تجربة الحكم المحلي . قد تتنازل حركة النهضة مرة اخرى لفائدة منظومة الحكم الرئاسي العضوض بوعود خادعة من الاخيرة ، وتحت تاثير فشل النظام البرلماني في تركيا. الشعب التونسي سيكون هو الخاسر والنهضة ستكون اولى الضحايا ، فحذار من الخدع الاستعمارية وحتى لا نلدغ من نفس الجحر مرات ومرات.