أفضل ما يمكن أن نقدم به المنشدة ميس أنّها نجحت في تنقية الفنّ من الابتذال والإسفاف والإغراء وأضفت عليه طابع رساليّ متميز مثلما أعطت إشارة الإنطلاق الرسمية والفعلية للمرأة المنشدة. وسيحسب لميس أنّها لم تأسس لفعل إنشادي مضطرب ومختل تعتريه النقائص من كل جانب مثل بدايات كل الأشياء إنّما دخلت مباشرة في الاحتراف والإقناع صوتا ولحنا، وأداء وحضورا رصينا وثابتا ومعبرا يقطع مع التكسر والتمايل وإشارات الجسد الهابطة التي تغطي على بعض الحناجر الفاشلة.
يسعد الحوار نت أن يستضيف ميس القيمة الأخلاقية قبل القيمة الفنيّة فأهلا وسهلا بك في تفاعل مع قرّائنا قد يضيء جوانب من مسيرتك وتفاصيل أخرى مشرّفة كانت غائبة أو مغمورة.
*الحوار نت: لو أعطينا للمنشدة ميس شلش بطاقة لتكتب فوقها هويتها فأي مضمون كانت ستكتبه؟
الفنانة ميس شلش:ميس سعود مصطفى شلش، 20 سنة، سنة ثالثة جامعة تخصص صحافة وإعلام، أردنية والأصل من قرية شقبا في رام الله – فلسطين.
* الحوار نت: الكويت، الأردن، فلسطين ماذا تمثل هذه الأسماء لميس؟
الفنانة ميس شلش:مسقط رأسي وذكريات الطفولة في الكويت. مكان إقامتي واستقراري وكل اللحظات الجميلة في الأردن. حلم العودة وموطني الذي لا بديل عنه أبدا فلسطين.
* الحوار نت: لو لم تكن ميس منشدة ماذا كانت تتمنى أن تكون؟
الفنانة ميس شلش: لو لم أكن منشدة كنت أتمنى أن أكون طبيبة، وإنسانة عادية تعيش حياتها مثل باقي البشر بشكل سليم.
* الحوار نت: عندما أفتى الشيخ يوسف لك بجواز الإنشاد هل شكلت لك هذه الفتوى مجرد رفع الحرج أم أنه كان يتوقف عليها مستقبلك الإنشادي.
الفنانة ميس شلش: فتوى الشيخ يوسف القرضاوي كانت مهمة جدا لي في المسيرة الإنشادية، لكن لن أقول أنه عليها كانت ستتوقف مسيرتي، إلاّ أنّها أعطتني دافعا وقوة ويقينا على أنّ رسالتي صحيحة بإذن الله، فمن الشروط التي وضعها وأعطتني الطمأنينة والراحة التي كنت أفتقدها بعض الشيء بسبب هذا الموضوع حيث كانت الفتوى مساندة لي لرفع الحرج والتساؤلات من الآخرين، وأنا الآن مقتنعة جدا..
* الحوار نت: في سؤال طرحنه عضوات فرقة المحجة البيضاء المغربية على الشيخ الهادي بريك حول جواز الإنشاد النسائي أمام الجنسين أجاب أنّه قد يكون من المندوبات إذا روعيت الضوابط الشرعية وحث عليه وطالب بالمزيد من الفرق الإنشادية النسائية فما رأيك في ذلك؟
الفنانة ميس شلش: أنا لا أستطيع .. بل ولا يحق لي أبدا أن أفتي بوجوب وجود فرق إنشادية نسائية، لأنّني لا أملك حقا بالفتوى، ولكن أستطيع القول أنه إذا وجد فرق نسائية أو خرجت بعض الفرق الإنشادية النسائية عليها أن تسير على النهج الصحيح الرسالي في الأداء الذي يحترم قيمنا وأخلاقنا وأهدافنا، أما أن يكون من أجل الاستعراض أو من أجل التفاخر فهذا لا أشجعه أبدا.
* الحوار نت: بعد إقحامك لبعض الآلات الموسيقية في أناشيدك وإذا ما استثنينا الكلمات لأنّ كثير من الأغاني كلماتها هادفة ما هو الفاصل بين النشيد والأغنية.
الفنانة ميس شلش: الأغاني فيها موسيقى صاخبة بل ومبالغ فيها بشكل صارخ، ولكن النشيد قد يكون فيها موسيقى لكن بسيطة تخدم العمل بعيدا عن اختلاف الكلمات، فالأنشودة كلماتها هادفة ولها رسالة تقدمها للمجتمع والأجيال بعكس بعض الأغاني التي تقدم الكلمات الهابطة والتي تسيء بشكل مباشر إلى القيم والأخلاق.
* الحوار نت: صرّحت في بعض حواراتك أنّه سيأتي يوم وتتوقفين فيه عن الإنشاد هل هذا قرار مبرمج مدروس أم هو مجرد تخمين واستشراف؟
الفنانة ميس شلش: نعم دائما أقول أنه سيأتي يوم وأتوقف فيه عن الغناء، ولكن لا أعلم متى! فلكل فتاة حياتها الخاصة في النهاية، وكل هذا في علم الغيب وعلمه عند الله، إلاّ أنني في نهاية المطاف حتما سأتوقف إما بسبب الزواج أو بسبب آخر سيكتبه الله تعالى لي..
* الحوار نت: هناك مِن أسرتك مَن طالبك بوجوب التوقف عندما بلغت سنّ السابعة عشر فما موقفه اليوم؟؟؟
الفنانة ميس شلش: أبدا، لم يطالبني أحد من أسرتي بوجوب التوقف، كل ما في الأمر أنه كانت تحدث بعض النقاشات والحوارات حول موضوع الاستمرار أو التوقف وهل هناك "حُرمه" في هذا الموضوع أم لا، لكن بعد فتوى الشيخ يوسف القرضاوي حصل الاقتناع بفضل الله سبحانه وتعالى، وجميع أسرتي موافقة ومساندة لي والحمد لله.
* الحوار نت: على حدّ علمك هل من منشدات واعدات غيرك في الطريق؟
الفنانة ميس شلش: بصراحة لا أعرف إن كان هناك منشدات غيري، ولو كان هناك فعلا فإنهنّ حتما سيظهرن ويبرزن، وهذا الأمر سيكون ممتازا لو مشين على الطريق الصحيح والهادف.
* الحوار نت: من هو المنشد الأقدر والأجدر اليوم في الساحة حسب رأيك؟
الفنانة ميس شلش: كل المنشدين خير وبركة ولا أستطيع تفضيل أحد على الآخر حيث أنهم جميعهم يقدمون نفس الرسالة التي توصل لنفس الهدف.
* الحوار نت: إذا كان يجوز لنا أن نطلق على أحد المنشدين أبو الإنشاد في العالم العربي فمن تراه يكون؟.
الفنانة ميس شلش: لا أستطيع التقيم مع احترامي لهم جميعا كوني أصغر سنا بل أعدّ أصغرهم، غير أنهم جميعا مبدعين ورائعين.. لكن بالنسبة لي ك ميس شلش من المعجبين ب "مشاري العفاسي".
* الحوار نت: قدمتِ الكثير للقضية الفلسطينية فماذا قدمتِ للمصالحة الوطنية؟
الفنانة ميس شلش: قدمت للمصالحة الوطنية أغنية "عليّ راياتك عليّ"، وناشدت فيها أبناء الشعب الفلسطيني بأن يكونوا يدا واحدة، وأنّ هذا الذي يحصل لن يفيدنا أبدا بشيء إلاّ أنه سيزيد من تمزقنا ويوسع من دائرة الشتات، وأننا بحاجة ماسة للوحدة الوطنية، ووجوب تظافر الفصائل مع بعضها البعض للوقوف في وجه الاحتلال الغاشم..
* الحوار نت: أنشدت في الجزائر وأنشدت في المغرب فما سرّ غيابك عن تونس وهل من مشروع لزيارتها والإنشاد هناك؟
الفنانة ميس شلش: لم يتم تقديم أي دعوة لي من تونس كباقي الدول في المغرب العربي، وهذا يعتمد على جهدهم في تونس، ولو تمت دعوتي إلى هناك فإنني لن أرفض، لكن حاليا لا يوجد هناك أي مشروع للسفر إلى تونس.
* الحوار نت: موقف أثر في ميس وبقي راسخا في ذاكرتها؟
الفنانة ميس شلش: موقف كان شديدا جدا، عندما أراد رجل مسنّ في أحد المخيمات الفلسطينية في الأردن أن يُقبّل يدي عند نزولي من المسرح، ذلك لأنّي غنيت لحق العودة وأبكيت الحضور يومها، وأذكر يومها أنّ هذا الرجل العجوز الذي يبلغ من العمر تقريبا ال 70 سنة قال لي: لقد عدت بي إلى البيارة والزرع وبيتي في فلسطين.. وبعد إصراره على ذلك توصلنا لحلّ وهو أن أقبّل يده أولا ثم يقبّل يدي، لأنّني رفضت وبشدّة لأنّي اعتدت أن أقبّل يد جدي فرأيت أن يقبّل يدي رجل مسن وبعمر جدي أمر لا يجوز إضافة إلى أنه غير مقبول.. لم أنس هذا الموقف أبدا حيث كان عمري يومها 15 سنة.
* الحوار نت: صورة غالية تحتفظ بها ميس في بيتها لمن؟
الفنانة ميس شلش: احتفظ بثلاث صور ومنذ ست سنوات.. صورة للشهيد أبو علي مصطفى صورة للشهيد أحمد ياسين صورة للشهيد الرمز أبو عمّار
الحوار نت: كلمة توجهينها لكل من....
الإحتلال: فلسطين ستعود بالسلاح والنار وسيكون هناك يوم نقتلعكم فيه من جذوركم ولا بد للشمس أن تشرق من جديد.
الأسرى: ابقوا صامدين، ففلسطين تستحق هذا العناء، والظلم لا بد أن يزول ويندحر ويبزغ فجر الحرية وسنفرح ونطلق الزغاريد لخروجكم من سجون الاحتلال "ولا بد للقيد أن ينكسر". وعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة "فلسطين".
أبناء الشعب الفلسطيني: اصبروا وصابروا فإنّ الله معكم، والنصر آت وبوحدة شعبنا وفصائلنا سوف تتحرر فلسطين وشمس الصباح ستشرق على أعتاب المسجد الأقصى، والمعاناة ستزول بعون الله بصبركم وثباتكم يا شعب الجبارين.
الأمة: يكفي ذلّا وهوانا ولنقف سويا يدا واحدة لنحرر وننصر أرض الإسلام، الدنيا زائلة ولن تدوم فلنفعل شيئا نفخر به أمام رب العباد ونحمي مقدساتنا وأعراضنا وشرفنا الذي استباحه الأعداء والأمة تعيش في صمت مريب، لكن الصمت نهايته لا بد الزوال.
قرّاء الحوار نت: كل التقدير والاحترام وخالص الحب لقرّاء الحوارنت مع تمنياتي لكم جميعا بسعادة تملأ أيامكم في طاعة الله.
وأسرة الحوار نت تتقدم بالثناء والتبجيل للمنشدة ميس شلش التي تميزت بالإيقاع البنّاء والكلمات الهادفة والأكثر والأدعى للمفخرة هذا التميز الذي طبع حضورها الركحي فنفثت الجمل النارية في وجه الطغاة والغزاة وحافظت على رداء الحياء هذا الرداء الذي هو مفخرة المرأة العربية المسلمة.