باريس - أدانت جماعة الدعوة والتبليغ الفرنسية الاعتداء على ممثلة مسرحية في قلب باريس وصب البنزين على جسدها في محاولة لحرقها من قبل مجهولين، يعتقد أنهم "مسلمون متطرفون" قاموا بذلك لمشاركتها في مسرحية "تنتقد أوضاع المرأة المسلمة، خاصة أوضاع المرأة الجزائرية". وقالت الجماعة في بيان أصدرته الجمعة 15- 1- 2010 إنه "لا يوجد أي سبب أو تفسير من شأنه أن يشجع على مثل هذا الاعتداء" الذي وقع في مواجهة أحد مساجدها في الدائرة الحادية عشرة من باريس. ودعت الجماعة "إلى عدم توظيف هذا الحادث سياسيا"، نافية أن يكون لها علاقة بالحادث الذي وقع الثلاثاء الماضي، وبدأت شرطة مكافحة الإرهاب أمس تحقيقا في ملابساته. وفي تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين نت"، قال حمادي همامي، مسئول جمعية الدعوة والتبليغ في فرنسا: "أصدرنا هذا البيان من باب أن صمتنا قد يؤدي إلى سوء فهم من قبل البعض، وتوظيف سياسي من قبل البعض الآخر"
وأضاف همامي أن "المسرح الذي تعرض فيه المسرحية مواجه تماما لمسجدنا "عمر بن الخطاب" في شارع جون بير تنبو، وبالتالي فإن البيان هو عبارة عن تضامن مع المسرح الذي يعد بمثابة الجار لنا في الحي، ومن باب الأخلاق والإسلام، ومساندة الجيران في المحن التي يتعرضون لها". وكان مجهولان تعرضا للممثلة المسرحية الجزائرية الأصل "ريحانة" في أحد شوارع باريس وصبا البنزين على جسدها، وحاولا إشعال النار فيها عن طريق سيجارة، لكنها تمكنت من الفرار. ربما أسباب قومية وأعرب مسئول في جمعية الدعوة والتبليغ في تصريح ل"إسلام أون لاين. نت" عن استيائه من رد مرتكب الحادث على ممثلة المسرحية، قائلا: "لا نريد أن ندخل في أسباب هذا الحادث، وهل هل له علاقة بالإسلام أم لا، ولكننا لا نرى أن الرد على مسرحية يكون بهذه الطريقة". وأضاف المسئول، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن "في المسرحية نقد لاذع للواقع الجزائري، وبالتالي يمكن أن يكون خلف الحادث أسباب قومية لا علاقة لها بالإسلام"، وفسر سبب سرعة إصدار البيان بقوله: "بياننا جاء من أجل استباق أي جدل في غير محله، خاصة مع ما تعيشه فرنسا هذه الأيام من جدل حول النقاب والهوية الوطنية". ولفت إلى أن "إصدار البيان باسم الجماعة جاء بالاتفاق مع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"؛ حيث اعتبر أن وقوع المسرح قرب الجامع من شأنه أن يركز الاهتمام الإعلامي حول المسجد التابع للجماعة. وولدت الممثلة المسرحية "ريحانة" في حي "باب الوادي" بالعاصمة الجزائرية قبل أن تهاجر إلى فرنسا في العشرية الدامية (1990- 2000) التي شهدتها الجزائر والتي واجه فيها الجيش الجماعات الإسلامية المسلحة. النساء التسع وتربط "ريحانة" بشكل غير مباشر، حسبما ذكرت في ندوة صحفية، بين محاولة الاعتداء عليها وبين المسرحية التي كتبتها، وتمثل أحد أدوارها، وتعرض هذه الأيام على أحد مسارح باريس، مرددة أن الشخصين اللذين حاولا إحراقها تلفظا بكلمات: "كافرة" و"ولقد حذرناك". وتحمل المسرحية عنوان "في مثل عمري وما زلت أختبئ من أجل تدخين سيجارة"، وتدور أحداثها في أحد حمامات الجزائر العاصمة؛ حيث تلتقي تسع نساء من أجل الفضفضة والحديث فيما بينهن حول أوضاعهن المعيشية والصعوبات والمشاكل التي تواجههن. وتحكي النساء التسع في المسرحية عن طرق معاملة أزواجهن، والمشاكل المادية، والفقر، والدين، والحجاب، وتقوم بأداء الأدوار نساء من كافة الطبقات الاجتماعية والثقافية، ويقدمن نماذج المرأة المتدينة والمنحلة والمثقفة والثائرة والأخرى الخاضعة. ومن المنتظر أن تنظم جمعيات نسوية السبت 16-1-2010 تجمع مساندة ل"ريحانة" أمام المسرح الذي تعرض فيه المسرحية. ووقع حادث محاولة إحراق "ريحانة" في وقت تعيش فيه فرنسا جدلا واسعا حول منع ارتداء البرقع في الأماكن العامة؛ حيث تستعد لجنة برلمانية لإصدار توصياتها في هذه القضية نهاية هذا الشهر الجاري