لممارسة السياسة لا تكفي السياسة لوحدها ولا بد من الاستنجاد بعلوم أخرى أو الاستحواذ على أفكار الآخرين إن لزم الأمر أو الاستئناس بها وهذا أضعف الإيمان وقد يصل الأمر حد انتحال صفة الغير مع الحذر الشديد لعدم الوقوع تحت طائلة القانون في حالة وحيدة وهي عدم ترك القانون شاردة أو واردة «تنطلي» عليه.
الرئيس الفينزويلي هوغو شافيز يمارس السياسة من هذه الزاوية الضيقة التي لا يقدر التحرك في إطارها كثيرون إلا ذوي القدرة على شد الاهتمام والتمتع بموهبة الإثارة ودغدغة العواطف واللعب على الأشياء ونقيضها.
شافيز أكد أنه من مناصري الماركسية «بقدر ما يناصر يسوع المسيح ومحرر أمريكا اللاتينية سيمون بوليفار» جملة مفيدة شكلا قالها الرئيس الفينزوييلي لكنها تعيدنا إلى الشيء ونقيضه.. ألم تنع الماركسية الأديان لتتحدث عن» أفيون الشعوب»؟ أما بوليفار فمحظوظ لأن «هوغو» ما زال حتى كتابة هذه الأسطر وفيا له.. فمن يدري والعالم يعيش جملة من الأزمات منها المتعلق بالمبادئ أو بالوفاء ربما... وحينما يعتقد شافيز أن النظام الرأسمالي تسبب في مصائب لبلاده وأن الأزمة المالية الحالية تنذر بنهاية الرأسمالية وأن البديل هو النظام الاشتراكي ربما يكون قد حل العقدة.. لكن ما أسهل الكلام وما أحلى الأحلام التي جعل منها شافيز - عبر انتحال صفة المنشط عبر برنامج تلفزي وإذاعي أسبوعي- قوتا يوميا للحائرين في البحث عن العيش الكريم. شافيز يؤمن بالشعبوية أكثر مما يمارس السياسية وهو حر ما دام بلده أحد أكبر مصدري النفط مقسما بين أنصاره ومعارضيه.. بين أغنياء وفقراء كل يتحدث عن نصف الكأس... على أية حال لم يتردد شافيز في «الكشف عن مصادره» دون أن يطلب منه أحد ذلك عندما أكد أنه أعاد قراءة كتاب كارل ماركس «رأس المال» ل«يجد الإجابة عن أسئلة كثيرة». .. أمر وحيد فات الرئيس الفينيزويلي ليعدد مصادره هو مزيد التمعن في التقارير عن أوضاع بلاده الاقتصادية والاجتماعية.