قال المرشد العام الجديد لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع الخميس إن الإخوان المسلمين ضد توريث الحكم في مصر، إلا أنه لم يمانع ترشيح نجل الرئيس المصري جمال مبارك لانتخابات الرئاسة، "شريطة ألا يتميز عن أي مواطن مصري في طريقة العرض على الشعب". وأكد بديع في حوار مع قناة "الجزيرة" الفضائية الجمعة 22-1-2010 موقف جماعته الرافض لتولي امرأة أو قبطي منصب الرئاسة في مصر، إلا أنه أشار إلى احترام الجماعة ل"خيار الأمة إذا اختارت امرأة أو قبطيا" للرئاسة. وقال بديع إن الإخوان "يرفضون مبدأ التوريث لأنه ضد الديمقراطية التي يناضل الشرفاء من أجلها"، بحسب قوله، إلا أنه أضاف أن الإخوان لا يعارضون ترشيح جمال مبارك، الذي يشغل منصب أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم في مصر، لانتخابات الرئاسة وفق "آلية ديمقراطية تجعل المصريين جميعا على قدم المساواة". وقال بديع في الحوار: "لا نعارض ترشيح الأستاذ جمال مبارك مثله مثل أي مواطن مصري، شريطة ألا يتميز عن أي مواطن مصري في طريقة العرض على الشعب، وبآلية تسمح بالاختيار الحر النزيه يعرض فيها الكل برامجه، دون أي قهر أو ظلم أو استبداد (على النحو) الذي نراه الآن". وأضاف: "إننا (جماعة الإخوان المسلمين) ضد التوريث؛ لأن هذه آلية لا تُقْبَل ديمقراطيا.. نحن نعلم أن مصر تخلصت من النظام الملكي الوراثي منذ أكثر من خمسين عاما". وعندما جادله المذيع بالقول: "حضرتك تعرف أكثر مني أن التوريث لن يتم بتحويل مصر إلى الملكية، سوف يتم أيضا من خلال انتخابات"، فقاطعه مرشد الإخوان الجديد بالقول: "وليأت من يأت.. بانتخابات نزيهة، أما أني أعرف مبكرا من سيأتي فهذه ليست انتخابات نزيهة". بديع، الذي تولى زعامة أكبر جماعة معارضة في مصر بعد انتخابات جدلية لمكتب الإرشاد، أشار أيضا إلى أنه في حال تعديل المادة 76 التي وصفها ب"المعيبة" وفقرات الدستور "المقيدة للحريات"، وعودة الإشراف القضائي على الانتخابات، فمن حق جمال مبارك الترشح "مثله مثل غيره من المصريين، وليكن الاختيار للشعب". وأقر مجلس الشعب المصري في العام 2007 تعديلات جديدة على المادة 76 التي تنظم انتخابات الرئاسة، وتنص التعديلات على ضرورة حصول المرشح للانتخابات على موافقة 250 عضوا من المجالس المنتخبة، والتي يسيطر عليها الحزب الوطني الحاكم، وهو ما تقول المعارضة المصرية إنه يمنع إلى حد كبير ترشح أي شخصية من خارج الحزب الحاكم. وفي هذا الإطار أيضا طالب بديع بتشكيل حكومة مؤقتة في مصر تشرف على الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2010 و2011 على التوالي، كما طالب بأن يتخلى الرئيس المصري حسني مبارك عن رئاسة الحزب الحاكم في مصر؛ "حتي يكون هو رئيس مصر كلها، وأن يكون أبناؤه جميعا تحت قياداته على قدم المساواة". واستطرد: "أما أن يترك (مبارك) حزبا يمتص دمها (مصر) فهذا أمر يعني تفضيل أحد الأبناء على أخيه، وهذا يؤدي إلى تضاؤل كل الأحزاب الأخرى وعدم تنميتها". المرأة والأقباط وفي شأن آخر أكد المرشد العام للإخوان المسلمين على أن موقف جماعته يرفض فكرة تولي امرأة أو قبطي لمنصب الرئاسة في مصر، مشيرا إلى أن هذا هو "اختيار الجماعة الفقهي". ولكنه أضاف أنه لا يحق للإخوان المسلمين أن يفرضوا اختيارهم هذا على الأطراف الأخرى، وقال: "فإذا اختارت الأمة امرأة أو قبطيا فهذا من حقها، ومن حقي كمواطن أمارس حقي الدستوري أن أختار من يمثلني". وفيما يخص انتخابات مكتب الإرشاد والمرشد العام الأخيرة نفى بديع وجود انشقاقات في الجماعة على خلفية الطريقة التي جرت بها الانتخابات والنتائج التي أفرزتها. إلا أنه اعترف أن الانتخابات شابتها خلافات في وجهات النظر، وقال: "إن هناك العديد من الملاحظات والمواقف والإجراءات التي تحتاج للمراجعة"، وأضاف: "إن الأحداث الأخيرة أظهرت بلا شك خلافا في وجهات النظر، ولكن لا يعني ذلك أن هناك عداء، سواء للدكتور محمد حبيب أو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وغيرهما من الإخوان". وكانت نتائج انتخابات مكتب الإرشاد انتهت باستبعاد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد حبيب ودخول أعضاء جدد إلى المكتب ينتمي أغلبهم إلى ما يعرف بتيار القطبيين، نسبة إلى المفكر الإسلامي الراحل سيد قطب، الذي ألقي القبض عليه في العام 1965، وأعدم في العام التالي مع مجموعة من قياديي الإخوان بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وكان بديع أحد أعضاء التنظيم الذي ألقي القبض عليه في ذلك الوقت، والذي عرف بتنظيم سيد قطب، وحكم عليه بالسجن 25 عاما في هذه القضية. وفي هذ االسياق رفض بديع اتهامات إعلامية تقليدية توجه للجماعة بتبني فكر العنف على خلفية تبني الإخوان لفكر قطب، وقال إن محاولات الترويج لما يُسمَّى بالقطبيين في جماعة الإخوان المسلمين "فكرة ابتدعها الإعلام". وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مؤتمر صحفي السبت 16 يناير الجاري عن اختيار الدكتور محمد بديع (67 عاما) مرشدا عاما للجماعة خلفا لمحمد مهدي عاكف المرشد العام السابع للجماعة الذي انتهت ولايته الأولى في 13 يناير 2010. وتعد هذه هي السابقة الأولى في تاريخ الجماعة منذ تأسيسها عام 1928 التي تشهد فيها مرشدا سابقا على قيد الحياة نظرا لرغبة عاكف في عدم الاستمرار بمنصبه رغم أن اللائحة الداخلية للجماعة تسمح له بالبقاء لفترة ولاية ثانية مدتها 6 سنوات. واختارت الجماعة بديع الذي يعمل أستاذا متفرغا بقسم الباثولوجي بكلية الطب البيطري بجامعة بني سويف بعد حصوله على أعلى الأصوات في الاستفتاء الذي أجرته الجماعة مرتين بين أعضاء مجلس شورى الجماعة لتحديد شخصية المرشد العام الثامن.