بجانب سور المدرسة وتحت غطاء من «الزنك» القديم اتخذوه كحجرة ملابس يغيرتلاميذ المدرسة الإعدادية التقنية بأريانة ملابسهم اناثا وذكورا تحت لسعات البرد ، ويكدسون ملابسهم لينصرفوا إلى ممارسة التمارين الرياضية فوق أرضية مليئة بالحصى تتوسطها أعشاب طفيلية وبعض الأكوام من الحجارة والنفايات وبقايا أثاث مدرسي قديم... هذه ملامح صورة تلاميذ تلك المدرسة خلال حصة التربية البدنية كما التقطتها عدسة «الصباح».
وهو مشهد لا يقتصر على المدرسة المذكورة فقد يتكرر المشهد في مؤسسات تربوية أخرى بل هو يتكرر استنادا إلى ما كانت أشارت إليه سابقا مصادر وزارة الشباب والرياضة عن وجود حوالي 700 مدرسة غير مؤهلة ليمارس فيها التلاميذ الرياضة نظرا لغياب الفضاءات المهيأة. تشير أيضا الإحصائيات إلى أن نسبة تغطية المدارس بالتربية البدنية مازالت دون المأمول فهي لا تتجاوز حاليا 66 بالمائة. ولا يبدو الوضع في المؤسسات الجامعية أفضل حالا إذ أن تقييم الوضع الراهن للأنشطة الرياضية بالوسط الجامعي يبين أن أغلب المؤسسات الجامعية تفتقر إلى الفضاءات والملاعب والتجهيزات الرياضية إلى جانب نقص الإطار المختص في الرياضة الذي لا يتجاوز حاليا 272 إطارا فقط. زد على ذلك محدودية عدد الطلبة المجازين في الرياضة الجامعية (حوالي 10 ألاف مجاز) وهو ما يمثل 2فاصل9 بالمائة فقط من مجموع الطلبة البالغ عددهم أكثر من 350ألف طالب. استنادا إلى هذه الإحصائيات يمكن الإقرار أن التربية البدنية والنشاط الرياضي داخل المؤسسات التربوية لا يحظى بالعناية اللازمة فيما يتصل بتوفير الفضاءات والتجهيزات و كذلك تأمين التأطير الكافي للتلاميذ والطلبة وتمكينهم من جدول أوقات و مساحات زمنية خلال ساعات الاسبوع تسمح لهم بممارسة الرياضة وتراعي متطلبات هذه المادة وهذا النشاط المهم للتوازن الفكري والنفسي للمتعلم. مراجعة توقيت الحصص خلال الحديث مع بعض مدرسي مادة التربية البدنية يقول بعضهم أن غياب الفضاءات الملائمة لممارسة الأنشطة الرياضية يضطرهم إلى إلغاء الحصة مرات عديدة بسبب سوء العوامل الجوية زد على ذلك أن غياب الملاعب المهيأة وحجرات الملابس يحول حصة الرياضة إلى معاناة وعبء على التلاميذ أكثر منه فسحة للترويح عن النفس وتنمية القدرات الفكرية والنفسية للتلميذ عملا بمقولة العقل السليم في الجسم السليم... وتزداد معاناة التلاميذ بسبب إدراج حصة الرياضة وسط الحصص الدراسية الأخرى لأن التلميذ الذي يمارس التمارين الرياضية في ملعب غير معشب يكون عرضة للأتربة والغبار و في ظل غياب حجرات الملابس فهو لا يتمكن من الإستحمام وتغيير ملابسه ويتوجه مباشرة بعد حصة الرياضة إلى متابعة الدروس... قد تكون هذه العوامل من بين الأسباب التي جعلت التلاميذ لا يكترثون بحصة التربية البدنية وقد يعرض بعضهم عن حضورها عمدا أو استنادا إلى شهادة إعفاء طبية قد لا تكون دائما موضوعية...ولا يظهر اهتمام التلاميذ بمادة التربية البدنية إلا في «الباكالوريا» للحصول على عدد «لترقيع» بعض المواد الأخرى... برامج مستقبلية أمام هذا الواقع تشير مصادر وزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية أن برامجها خلال السنة الجارية تتضمن مواصلة معالجة التفاوت الجهوي والمحلي في مجال تدريس التربية البدنية بالمدارس الابتدائية وتؤكد أنه سيتم خلال السنة الجارية انتداب 160 معلما أولا و140 أستاذ تربية بدنية بالإضافة إلى تهيئة فضاءات رياضية بالمؤسسات التعليمية وبجوارها بكلفة قدرها 2 فاصل 7 مليون دينار. وتضيف المصادر ذاتها أنه ستواصل التنسيق مع وزارة التربية والتكوين على تكليف معلمي التعليم العام لتدريس مادة التربية البدنية بحوالي 728 مدرسة بالمناطق الريفية. هذا إلى جانب بذل جهود أكبر لتعميم البنية التحتية والتجهيزات الرياضية وتطويرها في الكليات والمعاهد العليا...