ورد ذكر القلوب في القرآن الكريم في مواضع كثيرة ووصفه بصفات مختلفة, فذكر القلب السّليم و القلب المطمئنّ والقلب المنيب والقلب المخبت والقلب الوجل والقلب اللاّهي والقلب المريض....وغيرها من أنواع القلوب الّتي أحصاها اللّه تعالى في كتابه الكريم. قال عليه الصلاةوالسلام "لا يَسْتَقِيْمُ إِيْمَاْنُ عَبْدٍ حَتَّىْ يَسْتَقِيْمَ قَلْبُهُ" فالقلب هو مناط الخير والشّر والشّقاء والسّعادة إذا صلح صلحت سائر الأعمال وإذا فسد تداعت كل الأعمال وبطلت, عن النّعمان بن بشير رضي الله عنه قال, قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم" ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهيالقلب"رواه الشّيخان,وصلاح قلب الإنسان وسلامته باجتناب المحرّمات والمعاصي والتزام أوامر الله تعالى وحبّه وحبّ نبيّه وحبّ المؤمنين من عباده, والقلب السّليم هو القلب المعافى من كلّ أمراض الشّهوة والغفلة والقسوة والحقد والكره.....فالقلوب تصاب بأمراض كما الأجسام والأعضاء بل إنّ لها أمراضا أخطر ليست عضويّة ولا تؤلمك ولكنها أشدّ وقعا وأكثر ضررا,ألم يقل اللّه تعالى" في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم"البقرة/10 وقال كذلك" فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة..." المائدة/ 52 وقال " إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرَّ هؤلاء دينهم..." الأنفال/ 49 وعجبا للناس يسارعون إلى المشافي والأطباء إذا أصابهم ألم في الأجساد ولا ينتبهو ن ولا يألمون لقلوبهم تنهشها الأمراض والأسقام وتقضمها الغفلة والانشغال عن ربّها وكتابه وتتكدس عليها المغريات والملهيات فتغلّفها وتحجب عليها الطاعة والامتثال لأمر الله تعالى يقولُ بعضُ الصالحين "يا عجباً من الناسِ يَبكُون على مَنْ ماتَ جَسَدُهُ .. ولا يَبْكُون على مَنْ ماتَ قلبُه" ولعلّ شهر رمضان هو مشفى عظيما للقلوب جمع الله فيه لنا كلّ الأدوية النّافعة و المناسبة لأمراضنا المختلفة أولها القرآن الكريم, قال الله تعالى" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ... سورة الإسراء/28 قال الله تعالى "ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلتآياته أعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدي وشفاء",قال ابن القيّم " فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أشجع في إزالةالداء من القرآن"/ الجواب الكافي والإكثار من الذّكر والتّنفل والقيام في جوف الليل أعظم مطهّر للقلوب تسكبه على الأدران فتتساقط ويتجلّى بعدها القلب صافيا نقيّاكما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم"قلب المؤمن أجرد فيه سراج مزهر/الطبراني وقا علي بن أبي طالب رضي الله عنه"إن لله في عباده آنية وهو القلب ، فأحبها إليه أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها منالذنوب وأصلبها في دين الله وأرقها على الأخوان" وهو الهدف في شهر رمضان أن تكون قلوبنا رقيقه صافية لا غل فيها ولا كره ولا كبر تسعى و تحفد بالتسامح مع من ظلمك ووصل من قطعك... والقلب كما يقول العلماء منظر الله "إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وإنّما ينظر إلى قلوبكم"/الحديث,أليس مكان ينظر إليه ربّ العزّة أحرى به أن يكون نظيفا معافى وفي الحديث القدسي يقول عزّ وجلّ " عبدي طهَّرت منظر الخلق سنين أفلا طهَّرت منظري ساعة"فهذا منظر الله فيك إنّه ينظر إلى قلبك,فهلاّ أقبلت عليه فأعددته وزيّنته لخالقه فإن الله طيب لا يقبل إلاّ طيّبا. فيا ريح الإيمان هُبّي ويا غيوم الشهوات انقشعي ويا أمراض القلوب ابرئي ويا آي القرآن انزلي بردا وسلاما على القلوب فجلّي قسوتها وادحري عنها الغفلة ويا دموع العيون اهطلي غزيرة واقتلعي رواسب الحقد واغسلي البغضاء ويا شمس التسامح والترفّق أشرقي وأضيئي ظلمات القلوب.