يهم التونسيين : الانطلاق في عملية تحيين السجل الانتخابي غدا    ارتفاع طفيف في عدد مخالفات السيارات الإدارية خلال الثلاثي الأول من 2024    المرصد الوطني للفلاحة: انخفاض أسعار الدجاج والبيض    ماجول في صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    محلل مالي : البنوك اصبحت تفرض شروطا صعبة في اسناد مختلف أنواع القروض    طقس الاحد: امطار غزيرة وتساقط البرد بهذه المناطق    غدا.. هبوب رياح قوية وانخفاض مدى الرؤية الأفقية بالجنوب    عاجل : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    روعة التليلي تحصد الذهب في اليابان    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    صيف 2024: 50 درجة منتظرة و شبح الحرائق حاضر    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    الحشاني يُشرف على اجتماع لجنة القيادة الاستراتيجية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار بالمناطق الغربية والشرقية وحرارة أربعينية بالجنوب    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والعالم الإسلامي: أي مستقبل؟
نشر في الحوار نت يوم 15 - 02 - 2010


أمريكا والعالم الإسلامي: أي مستقبل؟

أحداث الأسبوع الواحد في عالم يتحرك بسرعة وتتجاوب جنباته بعضها بصدى بعض كما تتجاوب أصداء الحركة في غرفة ضيقة كثيرة ودلالاتها أشد كثرة في عالم لا يحكم سيما بعد انزياح الاتحاد السوفييتي إلا بالقوة السياسية التي تحميها القوة العسكرية وتغذيها القوة الاقتصادية فإذا تحصن كل ذلك بقوة ديمغرافية ثم ركن إلى نظام إداري ديمقراطي ولو ديمقراطية عنصرية مركزية شعارها "الديمقراطية حلال علينا حرام عليكم" إذا كان ذلك كذلك فإنّ القوى المتنفذة في هذا العالم تختصر الأرض وفوقها 7 مليارات نفس في غابة كسيحة لا يقطنها غير الحملان الوديعة منزوعة الأسنان والأظافر وكواسر الوحوش التي لا تقتل لتأكل ولكن تقتل لتعبث..

أمريكا: وراء كل استقرار يتزعزع.

أحداث الأسبوع المهمة كثيرة.. ولكن ينتظمها خيط واحد في مستوى معين من مستويات ذلك الانتظام.. خيط واحد لا تخطئه باصرة.. تجد أثره هنا وتجد أثره هناك.. في المعركة الدامية بين الحوثيين واليمن والقاعدة والسعودية في صعدة انتهى المشهد بالتدخل الأميركي.. في أفغانستان حيث رمت أمريكا بثقلها العسكري في عهد الرئيس الجديد أوباما وهي تتهيأ لتخفيض وجودها العسكري المباشر في العراق تدور أعنف حملة عسكرية بقيادة أطلسية أمريكية ضد طالبان.. في الملف النووي الإيراني نذر حرب أمريكية ضد إيران.. في معركة المقاومة في فلسطين المحتلة لا تختفي الأيادي الأمريكية تحت أي قفاز.. النتيجة هي إذن: خيط أمريكي ناظم يلتقط أكبر أحداث الأسبوع.. أسبوعا بعد أسبوع.. وعاما بعد عام.. بل عقدا بعد عقد.. لو حولت ذلك الصراع الدامي حتى وهو يتسربل بالدثر السياسية والدبلوماسية إلى ملعب كرة قدم وقد انتشر فيه الفريقان.. لو فعلت ذلك خيالا لامتلأت بالحقيقة التي لا تخفى: أمريكا هي شرطي العالم.. شرطي يمسك بيمناه العصا يلوح بها لمن عصى ويلوح بشماله بالمعونات والمساعدات والقروض والاستثمارات لمن أطاع..

منتدى أمريكا والعالم الإسلامي: الملتقى السابع بالدوحة (13 فبراير 2010).

يجلس الفريقان من حين لآخر في الدوحة.. فريق عن أمريكا وفريق عن الرسمية الإسلامية. هي مناسبة دون شك لرجل مثل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي صرح بشجاعة محرمة على العرب بأنّ الإسلاموفوبيا جريمة ضد الإنسانية بمثل ما أثار مجددا محرقة غزة بحمية إسلامية عقمت أرحام العرب أن تتباشر بشغافها بعدما انفتح قاموسنا لأرك مصطلحين في السياسة: الواقعية والاعتدال..

يجلس الفريقان من حين لآخر في الدوحة ثم يتفرقان.. ولكن بعيدا عن مجاملات السياسة وحساباتها الممجوجة لنا أن نرصد شروط الحوار الحقيقي بيننا وبين أمريكا.. فإذا أدركنا الأوضاع على حقيقتها وما تتطلبه تأهلا لما يشبه الندية انتهينا عن نصب الشماعة التقليدية التي نتحصن بها من أنفسنا أي أننا ضحايا مؤامرة دولية ماكرة تستهدف وجودنا ذاته.. ثم انتقلنا إلى مساحة وعي أرقى سطرها الكتاب الخالد في كلمة واحدة قال فيها (قل هو من عند أنفسكم).. إذ يغفل كثير من الناس عن التمييز بين المؤامرة ومباشرة المؤامرة.. ما تفعله أمريكا وقوى الصهيونية والصليبية ضدنا ليس مؤامرة ولكنه حقيقة نشهد فصولها فصلا بعد فصل.. أما المؤامرة فهي ما يعد في الخفاء ولا يظهر منه لك سوى ما لا يثير فيك حفيظة.. وإذا انتقلت المؤامرة إلى مرحلة الفعل بلحمها ودمها فلا تسمى مؤامرة إلا بمعنى واحد: مؤامرة منك عليك أو بتعبير قريب من تعبير مالك بن نبي عليه الرحمة (القابلية للمؤامرة)..

فما هي شروط الحوار الندي إذن؟

1 الوحدة. خذ المثال الراهن دون جدالات فكرية طويلة كثير منها عقيم. أمريكا هي كنفدرالية تتسع لعشرات من الولايات المتحدة. عدد سكان أمريكا هو عدد العرب بالتمام والكمال أي أزيد من 300 مليون نسمة بقليل. اتسعت الولايات المتحدة هناك ضمن نظام كنفدرالي لذلك العدد الكبير رغم اختلاف الديانات واللهجات واختلافات أخرى كثيرة لا تحصى ولكن ضاق الوطن العربي والإسلامي عن العدد ذاته إذ لم يتسع لنا سوى 57 دولة إسلامية منها 22 عربية. النظام الفدرالي والكنفدرالي بصفة عامة بما يبسط سلطانه على أقاليم أكثر استقلالية بعضها عن بعض بخلاف الفدرالية هو أرقى نظام إداري يحسن إدارة العلاقة بين الحاجات الخصوصية من جانب وحاجة الاجتماع العظمى حفظا للوجود العام وتحصنا من غوائل العدو من جانب آخر.. أي أنه أرقى نظام يحقق أفضل حل لإشكالية الناس من قديم: الوحدة والتنوع أو الحرية و المسؤولية أو غير ذلك بما تختلف به التعابير والمخ واحد.. بكلمة: أمريكا متحدة رغم تنوعها الذي لا نظير له في دنيا العرب والمسلمين.. أمريكا متحدة اتحادا يضمن لها حفظ وجودها القومي من جهة ولا يعرض تنوعها غير القابل للحصر إلى الذوبان باسم الوحدة القومية أو الوطنية.. هنا سؤال محرج لذوي التدين الشكلي: ما الذي وحد أمريكا المتنوعة جدا إذا ظلننا نردد بأنه لا يوحدنا نحن المسلمين غير الدين أو أنّ الدين هو العامل الأوحد في وحدتنا؟ أسئلة محرجة أخرى كثيرة جديرة بالطرح لعلها تقوم مقام الإنقاذ بالصعق الكهربائي بمثل ما يستخدمه الأطباء لضرب من ضروب الصدمات الخطيرة أو غير المفهومة.. أسئلة محرجة لأولئك أشد الحرج ولكن المؤكد هو أنّ الصعق الكهربائي وهو المعبر عنه في مواضع أخرى بالكي والنار له مقامه الخاص ويحتفظ بالحاجة إليه أما الاستغناء عنه بالكلية بدعاوى كثيرة فلا يجدي نفعا.. توحدت أمريكا في القضايا الدولية العظمى اليوم: الصهيونية والمقاومة والقوة العسكرية ومنها القوة النووية والأقطاب الاستراتيجية في الحكم منعا لظهور قوة أخرى تخلف الدب الروسي إلخ.. فهل وحدتنا تلك القضايا أم فرقتنا.. يمكن أن نظل 57 دولة إسلامية و22 دولة عربية ولكن هل يمكن أن تتقارب وجهات نظرنا في تلك القضايا الدولية العظمى بما يرسم ضربا من الوحدة ولو وهميا.. لا حاجة لجواب فالجواب في في كل طفل عربي جائع وفي يد كل طفل حجارة في فلسطين.. طفل لم تضن عليه الحجارة بسجيلها ولكن ضنت عليه الجيوش العربية والإسلامية وهي بالملايين المملينة عددا وعدة وشارات جوفاء ونياشين أشد جوافا بمنظار حربي!!!

2 الحرية. نستنكف مرة أخرى عن الجدالات الفكرية وكثير منها أسئلة خاطئة. نستنكف عن ذلك لنتحدث بلغة الأرقام والمعطيات الأولية الصحيحة. ولكن قبل البداية لا بد من الاتفاق على مسألة مهمة وهي أنّ عور الديمقراطية الغربية بما هي ديمقراطية مركزية عرقية عنصرية حلال على الرجل الأبيض حرام على الأسود ليس مشجبا نعلق عليه عجزنا عن مجرد الاقتراب من دائرة الحياة الديمقراطية. ذلك خطاب بئيس تعيس يردده حكامنا للتخلص من لعنة المطالبة المستمرة بالديمقراطية. ليس للديمقراطية في الحقيقة ألوان عربية وأخرى إسلامية وثالثة غربية. هي ذات لون واحد لا ثاني له اسمه: الحرية. سمها ما شئت فالعبرة ليست بالأسماء والمباني ولكنها بالمقاصد والمعاني. سمها ما شئت بشرط واحد هو أن تثمر العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مختلف المجالات سيما في عصر الدولة التي بسطت نفوذها على كل شيء دون أدنى مبالغة حرية وكرامة وعزة وحضورا للمجتمع بتركيبته الحقيقية الواقعية دون مساحيق مزيفة. الأمريكيون أحرار في اختيار كثير من مظاهر حياتهم ليس بسبب النظام الإداري الكنفدرالي أو الفدرالي فحسب ولكن بسبب ما يعمر ذلك النظام من ثقافة عملية ترسخت يوما بعد يوم. ابحث عن الحرية في أوطاننا السبعة والخمسين.. هل تجد شيئا؟ السؤال المحرج الآخر هنا هو: هل أنّ العقود الأخيرة بما حملته من صحوة إسلامية وحركة إسلامية وحركة وطنية يسارية وعالمانية وبما حملته من جيل جديد من الرؤساء والأمراء والملوك شهدت تقدما للمسار الديمقراطي أم ردة خطيرة ونكسة أخطر؟ وماهي أطراف المسؤولية وكيف؟ مهما قلت عن أمريكا فإنّ وفدها إلى الدوحة في هذا الملتقى السابع هو وفد يمثل الأمريكيين الذين اختاروا رئيسا جديدا لهم بل يختارون ما هو أدنى من ذلك بكثير من مثل أعضاء الكونغرس والمحافظين ومستويات أخرى من المسؤولية.. فهل اختار عربي واحد أو مسلم واحد قيادته في أي مستوى من مستويات المسؤولية على امتداد عقود طويلة بل قرون أطول.. إلا استثناءات لا تغير من المصيبة شيئا من مثل تركيا غير العربية أو لبنان المحكوم أصلا بالاستحقاقات الطائفية.. هل تجد مثالا ثالثا من جملة 57 دولة إسلامية و22 دولة عربية وشعب عربي يعادل الشعب الأمريكي عددا: أزيد بقليل من 300 مليون نسمة؟

إذا اختفت عندنا أبرز وأقوى شروط الحوار الندي بيننا وبين الأمريكان (الوحدة والحرية) فلك أن تقول بملء فيك: من يحاور من؟ هل يحاور العالم الإسلامي حقا أمريكا؟ هل يحاور مشتت موحدا أم هل يحاور عبد حرا؟

فما هي ثوابت الحوار إذن؟

إذا كانت شروط الحوار الندّي هي: الوحدة والحرية.. فإنّ للحوار الإسلامي الأمريكي ثوابت معروفة لعل أبرزها:

1 إسرائيل: هو الثابت المشترك الأول. ليس هناك تقريبا من قالة لم تزدها العقود الأخيرة إلا ثباتا من مثل قالة: تأسرلت أمريكا أو تصهينت أروبا بل تصهينت المسيحية ذاتها بتعبير المرحوم المسيري. التقت كلمة رجلين كبيرين في عالمنا اليوم على قضية واحدة مقدمة دون سابق اتفاق. التقت كلمة الإمام القرضاوي مع كلمة الرئيس أردوغان في أسبوع واحد هو الأسبوع المنصرم دون سابق اتفاق على اعتبار المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني في فلسطين مقبض السيارة أو مقود السفينة.. يصدر ذاك عن الإسلام ويصدر الآخر عن السياسة ولكن التقيا دون سابق اتفاق أو مؤامرة إسلامية داخلية.. هي كلمة التقى عليها العربي والتركي بل التقاهما عليها الفارسي.. هو جانب مشرق دون ريب ولكن إشراقته بمثل إشراقة برق سريع خاطف ينير درب الساري ليلا بين ظلمات السحب بعضها فوق بعض بما لا يكاد يجعله يتقدم خطوة واحدة نحو الأمام ثم تكتنفه الظلمات من جديد.. هل يظل واقفا ينظر (ينظر = ينتظر) برقا جديدا وخطوة جديدة.. إسرائيل هي الثابت المشترك بيننا وبين الأمريكان خاصة والأروبيين عامة.. إسرائيل هي اسم المعركة وعنوان المعركة وحقيقة المعركة.. السؤال هو إلى أي حد يرتقي بنا الوعي بما فيه الشعبي العام أما الرسمي فليس ثمة ما يبرر الاختلاف فيه حتى عند الحول والعور لنعتقد أنّ إسرائيل هي كل مطلب أمريكا منا على أساسه تحاور وعلى أساسه تحارب وعلى أساسه تناور وعلى أساسه تعطي وعلى أساسه تحرم وعلى أساسه توقظ الخلافات المذهبية والعرقية القديمة جدا.. أم أنّ لدينا من المشوشات ما يكفي لتغيبب تلك الحقيقة.. أم أنّ لدينا من الحلول دون المقاومة.. أم أنّ العصر مناسب للتباهي بالحل البورقيبي في أريحا عام 1965 تقسيما على أساس ما قبل 1967 أم هو مناسب لحل الدولتين.. السؤال هو هل تنازلت أمريكا في هذه القضية منذ مؤتمر بازل 1897 قيد أنملة.. أم أنّ التنازل هو حظنا نحن وبرجنا نحن وقدرنا نحن!!!

2 القوة. القوة هي الثابت الثاني في العلاقة بيننا وبين أمريكا. يمكن إدراج القوة فرعا عن الثابت الأول أي إسرائيل بسبب أنّ القوة العربية والإسلامية تهدد إسرائيل ولكن يمكن كذلك استقلالها عنه بسبب أنّ القوة لا توفر الأمن لأسرائيل فحسب ولكن توفر اليد الطولى لأمريكا وحلفائها لاحتلال مواطن النفوذ الاقتصادي الثرية سيما بالذهبين الأسود والأحمر (النفط والذهب). ضمن ذلك يندرج قسم كبير من الحرب ضد أفغانستان بسبب الجغرافيا المشتركة مع باكستان ذات القوة النووية الإسلامية أو التي يخشى عليها السقوط في أيدي طالبان أو أي حركة إسلامية أخرى يستوي في ذلك اعتدالها مع غلوها في العين الأمركية.. بل يندرج في ذلك قبل ذلك الحرب ضد العراق إذ لم ينس الصهاينة المؤثرين في السياسة الأمريكية الخارجية صواريخ صدام حسين عليه رحمة الله سبحانه ضد إسرائيل.. القوة هنا متعددة الأبعاد فهي اقتصادية هنا أي في مواضع البترول وهي عسكرية هناك والعلاقة بين المال والسلاح بما يصنع النفوذ وينشر الرعب ويبث الإرهاب ليست علاقة سرية حتى تتطلب شرحا..القوي هنا هو القوي هناك أو يخشى منه أن يكون في المستقبل القريب قويا هناك والضعيف هنا هو الضعيف هناك فلا بد من تأبيد ضعفه.. خرافة قديمة مازال البعض يعتقدها مؤداها أنّ أمريكا تحارب إيران بسبب إسلامها.. تلك محض خرافة.. أثبتت التجارب أنّ أمريكا يمكن أن تتعايش حتى مع الإسلام كلما كان الإسلام حملا وديعا منزوع الأظافر والأسنان.. بل أثبتت التجارب أنّ أمريكا تبحث عن ذلك الضرب من الإسلام في السماء وقد وجدت منه شيئا في الأرض متاحا.. إنما تحارب أمريكا إيران بسبب طموحها النووي وبسبب موقفها العملي من إسرائيل والمقاومة في لبنان وغير ذلك وبسبب تهديدها لحلفاء أمريكا من عرب الخليج.. السؤال المحرج هنا هو إلى أي حد نختلف مع إيران الشيعية على حساب إيران الداعمة للمقاومة في لبنان وفلسطين والمناهضة للخيار الأمريكي في المنطقة.. إلى أي حد نخاف الزحف الإيراني لحساب الإطمئنان إلى الزحف الأمريكي.. هل يمكن التحصن من الزحفين.. وأي الشرين أضر؟ أما التستر وراء أطماع إيران فهي أضحوكة العرب العاربة!!! وهل يعيش الناس دون أطماع وإنما تلجم أطماعهم بالحق أو بالقوة أم تهجنت العاربة المستعربة فتحللت من غريزة الأطماع!!! هاهي أطماع إيران مقموعة فمن يقمع أطماع أمريكا!!! بل إلى متى نظل محل أطماع من هذا أو من ذاك!!! لم لا نطمع نحن!!!

تلك هي خارطة طريقنا بالخلاصة إذن.

1 وحدة عربية وإسلامية في حدود الثوابت العظمى الضامنة للنجاح في معركة الوجود والثبات في وجه الأعاصير حتى نشوء أجيال أخرى لاحقة تعالج زمانها بما يناسبها دون لجوء إلى لعننا لكوننا أجيالا سالفة فرطت في منظومة القيم القطعية.

2 حرية تثمر حياة ديمقراطية تعيد رسم العلاقة بين المجتمعات ودولها على أساس الكرامة وأولوية العقل على الجسم والبرهان على الخرافة والحق على القوة وتوازن الواجبات مع الحقوق والأخذ مع العطاء..

3 قدسية المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني في فلسطين توريثا للقضية واستئمانا لها بين أيدي الأجيال اللاحقة التي تعالجها بما يناسبها بعدما أحاط بنا العجز من كل جانب حتى حملنا على خذلان طفل الحجارة بل خذلان الحجارة ذاتها أن ينهمر سجيلها على المحتل.أن نورث الأجيال اللاحقة فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر أنقى لنا وأتقى من أن نورثهم فلسطين المحررة حتى محكومة بشريعة الإسلام حرفا بحرف لحدود 48 أو 67 أو طبقا لخارطة أوسلو 93 ..

4 قوة إقتصادية سيما بترولية ومعدنية وفلاحية وقوة عسكرية بما يعيد بناء أسس الحوارات القادمة بيننا وبين أمريكا على أساس المصلحة المشتركة المتبادلة بندية. قوة مادية تلجمها قوة الحق أن تطغى أو تستبد ويجد فيها المستضعف من كل ملة ولون وعرق ملجأه الآمن حتى ينتصف له ويهابها المستكبر بما تبث في صدره من إرهاب يغلي فيه كلما فكر في العدوان على المستضعفين والأبرياء.

خارطة دونها عقود وقرون دون ريب..
خارطة دونها عقبات كأداء في إثر عقبات كأداء..
خارطة تتنافس فيها الأجيال المتلاحقة بما تيسر لكل جيل منها..


الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.