تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    نيويورك: الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات المؤيدين لغزة    تونس: الإحتفاظ بعنصر تكفيري مفتّش عنه    علم تونس لن يرفع في الأولمبياد    جبل الجلود تلميذ يعتدي على أستاذته بواسطة كرسي.    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    الفيلم السّوداني المتوّج عالميا 'وداعًا جوليا' في القاعات التّونسية    سامي الطاهري يُجدد المطالبة بضرورة تجريم التطبيع    دعما لمجهودات تلاميذ البكالوريا.. وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية جهوية    الطبوبي في غرة ماي 2024 : عيد العمّال هذه السنة جاء مضرّجا بدماء آلاف الفلسطينين    عاجل: وفاة معتمد القصرين    انطلاق فعاليات الاحتفال بعيد الشغل وتدشين دار الاتحاد في حلتها الجديدة    بنزرت: وفاة امرأة في حادث اصطدام بين 3 سيارات    اليوم: طقس بحرارة ربيعية    تونس: 8 قتلى و472 مصاب في حوادث مختلفة    البطولة العربية السادسة لكرة اليد للاواسط : المغرب يتوج باللقب    الهيئة العامة للشغل: جرد شركات المناولة متواصل    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    جولة استكشافية لتلاميذ الاقسام النهائية للمدارس الابتدائية لجبال العترة بتلابت    نتائج صادمة.. امنعوا أطفالكم عن الهواتف قبل 13 عاماً    اليوم.. تونس تحتفل بعيد الشغل    اتفاق لتصدير 150 ألف طن من الاسمدة الى بنغلاديش سنة 2024    الليلة في أبطال أوروبا... هل يُسقط مبابي «الجدار الأصفر»؟    الكرة الطائرة : احتفالية بين المولودية وال»سي. آس. آس»    «سيكام» تستثمر 17,150 مليون دينار لحماية البيئة    أخبار المال والأعمال    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    لبنان: 8 ضحايا في انفجار مطعم بالعاصمة بيروت وقرار عاجل من السلطات    موظفون طردتهم "غوغل": الفصل كان بسبب الاحتجاج على عقد مع حكومة الكيان الصهيوني غير قانوني    غدا الأربعاء انطلاقة مهرجان سيكا الجاز    قرعة كأس تونس للموسم الرياضي 2023-2024    اسقاط قائمتي التلمساني وتقية    تأخير النظر في قضية ما يعرف بملف رجل الأعمال فتحي دمّق ورفض الإفراج عنه    تعزيز أسطول النقل السياحي وإجراءات جديدة أبرز محاور جلسة عمل وزارية    غدا.. الدخول مجاني الى المتاحف والمواقع الاثرية    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    ناجي جلّول: "أنوي الترشّح للانتخابات الرئاسية.. وهذه أولى قراراتي في حال الفوز"    الاستثمارات المصرح بها : زيادة ب 14,9 بالمائة    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    أمير لوصيف يُدير كلاسيكو الترجي والنادي الصفاقسي    إصطدام 3 سيارات على مستوى قنطرة المعاريف من معتمدية جندوبة    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    ربع نهائي بطولة مدريد : من هي منافسة وزيرة السعادة ...متى و أين؟    التوقعات الجوية اليوم الثلاثاء..أمطار منتظرة..    فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درويش ... ما فعل الله بك ؟ ! بقلم : خالد ناصر الدين
نشر في الحوار نت يوم 22 - 03 - 2010

عندما استدعيت لأحضر أمسية سماها منظموها خطأ " تكريمية " احتفاء بالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ، وَجَدْتُنِي أقرأ بعض ما كتب عن هذا الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لسنوات طويلة ، لا أخفيكم سرا تغيرت نظرتي لهذا الشاعر بعدما غيرت نظارة الإعجاب والشهرة التي فرضت علينا من طرف وسائل الإعلام والكتب المدرسية ، وبعدما أصبحت أقرأ شعره بالمنظار الرباني والنبوي ، تغيرت نظرتي تماما ، وأدركت فعلا أن الشهرة حجاب يمنعنا من رؤية العيوب وإن كانت ظاهرة للعيان ...
كما توقعت تماما كانت صور الشاعر تملأ فضاء القاعة ، وكانت كل المداخلات تمجيدا وتبجيلا وتلميعا وإطراء على الشاعر الكبير ... وما غاب عن الجلسة التأبينية الإطرائية تلك ، هو العظات والعبر التي يجب استخلاصها من حدث " الموت " أولا ( كفى بالموت واعظا ) ، ثم الحديث عن الجانب المظلم من شخصية هذا الشاعر الذي فهم الحداثة تجريحا للمقدسات ، ومسا بالثوابت ، وتطاولا على الذات الإلهية تارة ، وعلى أسماء الله الحسنى و الأنبياء والملائكة تارات أخر ...
فما حقيقة درويش ؟ وما الخانة التي يجب أن يدرج فيه ، أهو من شعراء ما قبل " إلا " ، أم من شعراء ما بعد " إلا " ؟ ثم لو أتيح لنا أن نتصل به ، كيف سيكون جوابه عن سؤالنا : ما فعل الله بك يا ترى ؟
أولا _ درويش و حرف الاستثناء " إلا " :
يقول الله عز وجل في سورة " الشعراء " : " والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " الشعراء : 224 _ 227 ، توقف كثير من النقاد عند هذه الآيات لتحديد موقف الإسلام من الشعر ، ومن بين ما أوحت به هذه الآيات " تصورين اثنين :
_ أحدهما : يقوم على جمالية الكذب ، وهي جمالية تستقي مادتها من التخييل ، فينشأ عن ذلك عالم وهمي ينأى عن عالم الحقيقة والواقع .
_ أما الثاني : فيقوم على جمالية الصدق والمعنى ، لأنه يعيش التجربة ويعبر عنها بصدق وواقعية ، فلا يفرق بين الاسم ومسماه ، ولا يباعد بين الدال ومدلوله . " ( الشعر العربي القديم " رؤية إسلامية " ) / ص : 77
بناء على ذلك يسهل علينا تصنيف درويش الذي ملأ الدنيا بأشعار أطلق من خلالها العنان لخياله وقلمه ، فهام على وجهه ضاربا عرض الحائط كل المقدسات وكل الحرمات ، معجبا بنفسه ، يقف شامخا أمام الكاميرات ومكبرات الأصوات مخاطبا الجماهير العريضة موزعا قوافيه الطنانة الرنانة ، سالبا لب المعجبين الذين لا يملكون إلا أن يصفقوا بحرارة ، ناسين أو متناسين أنهم أمام شاعر شيوعي ، كان منخرطا في الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي أسسه اليهود والصهاينة عام 1919 م ، كما أنه حمل في أحد المؤتمرات التي عقدت في فيينا ، في منتصف عام 1985 على كتفه علم حزب " راكاح " الشيوعي الإسرائيلي ، ممثلا لهم ومعبرا عن وحدة القوى التقدمية العربية والصهيونية ، وصرح في عام 1990 مقارنا بين " حماس " والمتطرفين بقوله " اليهود أرحم " ، هذا الشاعر الذي هام في كل الوديان ، عاش طول حياته يقول ما لا يفعل ، كما أنه لم يترك مقدسا إلا جرَّحه وتهجم عليه ، كأنما اقترن النضال عنده ، واقترنت الثورة التي ظل يتغنى بها طوال حياته بالثورة على حرمات الله ، ناسيا أو متناسيا أن الله عز وجل سيسأله ذات يوم عن كل كلمة تلفظ بها ، وكتبها ونشرها ، يقول الله عز وجل : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " ( ق / 18 ) ، و عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله ! أخبرني بعملٍ يدخلني الجنه ويباعدني عن النار، قال: { لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت } ثم قال: { ألا أدلك على أبواب الخير ؟: الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل } ثم تلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حتى بلغ يَعْمَلُونَ [السجدة:16،17] ثم قال: { ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ } قلت : بلى يا رسول الله، قال: { رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد } . ثم قال: { ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ } فقلت: بلى يا رسول الله ! فأخذ بلسانه وقال: { كف عليك هذا }، قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: { ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم – أو قال : (على مناخرهم ) - إلا حصائد ألسنتهم ؟!. } ]رواه الترمذي:2616 ، وقال: حديث حسن صحيح. [
ثانيا _ تخيلوا معي درويش في " رسالة الغفران " :
"رسالة الغفران " رحلة أدبية طويلة في عالم الخيال بدايتها على طريق الغفران عند أبي العلاء انطلاقا من الكلمة الطيبة التي تشبه الشجرة الطيبة ذات الأصل الطيب ، والفروع الممتدة نحو الأعلى التي تعطي ثمارا نافعة ، وهي رمز الخير المتوافر في جنات النعيم ، وتنتهي الرحلة إلى الفاجعة بالكلمة الخبيثة التي تؤدي إلى الجحيم. وتقوم رحلة المعري على الكثير من الحوارات الأدبية مع الشعراء والأدباء والناس العاديين الذين سبقوا المعري إلى العالم الآخر، وتزخر بصور أحوال أولئك الراحلين حسبما تخيله المعري، وفيها محاكمات تستمد أحكامها بناء على بينات مما قاله الشعراء السابقون ، وتتخذها حجة تقرير مصيرهم ، فإما إلى النعيم وإما إلى الجحيم باعتبار حصائد ألسنتهم لأن الجزاء من جنس العمل إلا ما ستر الله وغفر. فمن الشعراء الذين غُفِر لهم بسبب أبيات قالوها ودخلوا الجنة زهير بن أبي سلمى والأعشى وعبيد بن الأبرص والنابغة الذبياني ولبيد بن أبي ربيعة وحسان بن ثابت والنابغة الجعدي. ومن شعراء جهنم امرؤ القيس وعنترة بن شداد وبشار بن برد وعمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد والمهلهل والمرقش الأكبر والمرقش الأصغر والشنفرى وتأبط شراً وغيرهم .
لو أتيح لأحدنا أن يتخيل مصير محمود درويش كما فعل أبو العلاء المعري مع الشعراء الذين سبقوه ، كيف سيكون هذا المصير يا ترى ؟ هل سيكون من أهل الجنة الذين غفر الله لهم بسبب بيت شعري معين ، أم أنه سيكون من أهل النار الذين لم يتركوا ما يجعلهم مستحقين للغفران ؟ ، ولو أتيح لنا أن نتصل به لسألناه : ما فعل الله بك يا ترى ؟
ثالثا _ درويش والحداثة : " اقرأ كتابك ، كفى بنفسك اليوم حسيبا " :
كثر الحديث عن درويش فارسا من فرسان الشعر لا يشق له غبار ، ورمزا من رموز الحداثة الشعرية في أزكى وأنبل وأعظم صورها ، وفحلا متلألئا في سماء الإبداع ، وفيما يلي نماذج مما قيل في حقه :
_ وسمته جريدة اليوم في عددها 4762 تاريخ 22/10/1406ه ( وقد كان درويش وما زال واحداً من أعظم الشعراء العرب, إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق ) ا.ه.
_ وخصَّصت جريدة الجزيرة : مجلَّتها الثقافية في عددها رقم 143 تاريخ 6/2/1427ه عن محمود درويش ، وَوَصَفَه رئيس تحريرها ص2 بأنه : ( شاعرٌ عملاق ... وكان هو لا غيره : الشاعر والفنان الكبير الذي اسمه محمود درويش .)
_ وقال مدير التحرير للشؤون الثقافية ومُعدّ المجلة الثقافية : إبراهيم التركي : ( أمَّا لماذا محمود درويش ؟ فلأنه محمود درويش! ولا مكان لمن يسأل الصباح عن موقع الشمس ... محمود درويش : شكراً أن أدركنا زمنك . )
_ وقال غازي القصيبي ص3 من المجلة المذكورة : ( وعندما يُكتبُ تاريخ الشعر في هذه الحقبة سيبرزُ محمود درويش أعلى من كلِّ المقامات, أطول من كلِّ العمالقة ، أبقى من كلِّ الفحول ، سيبقى والريح تحته يكتب كلاماً جميلاً على سفوح الزوابع . )
_ وقال عنه عبد الله الغذامي في المجلة المذكورة ص 5 : (رجلٌ نُجمع على تبجيله .. وصاحب صيت هو الأكبر في ثقافتنا اليوم.)
_ وقال عبد الله الجفري في المجلة المذكورة ص 6 : (الشاعر الكبير محمود درويش ) وقال عن شعره : (ما كُتب هذا الشعر ليُقرأ, وإنما ليُغمس في الدم . )
لا ينبغي أن ننساق وراء هذه الأحكام الجاهزة مهما بدت براقة ، ولنتوقف عند بعض ما قاله درويش مجرحا المقدسات ، ومشككا في الثوابت :
1 _ شعر درويش و مقام الألوهية
_ قوله بأن الله خلق الإنسان عبثا : قال في مقطوعة بعنوان : عن الصمود : " إنا خُلِقْنَا غلطة ، في غفلة من الزمان " / ديوان محمود درويش بيروت / الطبعة الثانية عشر 1987 م ، الله أكبر : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " الذاريات 56 .
_ نسبته الخلق إلى غير الله ، وتسميته غير الله خالقا ، قال : " خريف جديد لامرأة النار : كوني كما خلقتكِ الأساطير والشهوات ، كوني ملائكتي أو خطيئة ساقين حولي للحارس الذي يحبس طمأنينتي . / ويقول في مقطوعة بعنوان : تلك صورتها ص : 554 : " يومك خارج الأيام والموتى ، وخارج ذكريات الله والفرح البديل " / " يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم ، قل استهزؤوا إن الله مخرج ما تحذرون ، ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون " التوبة : 65 .
_ نسبته الزوجة والولد إلى الله تعالى : قال في ديوانه ص 265 تحت عنوان : آه عبد الله : " إن هذا اللحن لغم في الأساطير التي نعبدها ، قال عبد الله : جسمي كلمات ودوي ، هكذا الدنيا ، وأنت الآن يا جلاد أقوى ولد الله ، وكان شرطي . " / وقال في ديوانه ورد أقل ص : 81 قصيدة بعنوان : " إلهي لماذا تخليت عني " على لسان امرأة يقول فيها : " إلهي إلهي ، لماذا تخليت عني ، لماذا تزوجت مريم ؟ لماذا وعدت الجنود بكرمي الوحيد لماذا ؟ أنا الأرملة ... أطلقتني ؟ أم ذهبت لتشفي سواي ، عدوي من المقصلة ، أمن حق من هي مثلي أن تطلب الله زوجا وأن تسأله إلهي إلهي ... لماذا تخليت عني ، لماذا تزوجتني يا إلهي ، لماذا ... لماذا تزوجت مريم ؟. / الله أكبر : " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ، لقد جئتم شيئا إدا ، تكاد السماوات يتفطرن منه ، وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ، أن دعوا للرحمن ولدا ، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ، إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " مريم : 88 _ 95 .
_ جحد حق العبودية لله تعالى والسخرية بالعبادة ومظاهرها : حيث تحدث في مقطوعة بعنوان " أبي " عن أبيه رمز القديم ورمز الجيل المؤمن بالله ، ويتهكم به وبصلاته وعبادته فيقول : " غض طرفا عن القمر ، وانحنى يحضن التراب ، وصلى ، لسماء بلا مطر ، ونهاني عن السفر ! ... وأبي قال مرة حين صلى على حجر : غض طرفا عن القمر ، واحذر البحر ، والسفر ! يوم كان الإله يجلد عبده ، قلت : يا ناس ! نكفر ، فروى لي أبي ، وطأطأ زنده : في حوار مع العذاب ، كان أيوب يشكر خالق الدود ، والسحاب ، خلق الجرح لي أنا لا لميت ، ولا صنم " " ديوان محمود درويش " ص : 144 _ 145 .
2 _ شعر درويش و مقام النبوة :
لقد جعل درويش من قصة " الصلب والصليب " التي برأ القرآن الكريم المسيح عليه السلام منها ، أساس التضحية في ملحمة الجهاد الفلسطيني ، وتتردد هذه الملامح في قصائد كثيرة :
_ استعمال الرموز والمعاني النصرانية : يقول في مقطوعة بعنوان : أغنية حب على الطيب ، ص : 172 _ 174 " أحبك كوني صليبي ، وكوني ، كنا شئت ، برج حمام ... أحبك كوني صليبي وما شئت كوني " / ويجعل للصليب أوصافا فاعلة هائلة ، ويعلق عليه كثيرا من الآمال ، فيقول في ديوانه ص : 228 _ 229 في مقطوعة بعنوان " إلى ضائعة " : " سأحمل كل ما في الأرض من حزن ، صليبا يكبر الشهداء ، عليه وتصغر الدنيا ، ويسقي دمع عينيك ، رمال قصائد الأطفال والشعراء . "
_ توجهه بالعبادة للصليب : قال في ديوانه ص : 240 في مقطوعة بعنوان " رد فعل " : " فإذا احترقت على صليب عبادتي ، أصبحت قديسا بزي مقاتل ."
_ شكره للصليب : قال في مقطوعة بعنوان " قاع المدينة " : شكرا صليب مدينتي شكرا ، لقد علمتنا لون القرنفل والبطولة ، يا جسرنا الممتد من فرح الطفولة ، يا صليب إلى الكهولة ، الآن نكتشف المدينة فيك ، آه ، يا مدينتنا الجميلة " ديوان محمود درويش ص 257 / ويقول في ص 270 في وصف فكره ومن أين خرج في مقطوعة بعنوان " كتابة بالفحم المحترق " : " ولكنني خارج من مسامير هذا الصليب لأبحث عن مصدر آخر للبروق ، وشكل جديد لوجه الحبيب "
_ قوله بصلب عيسى عليه السلام : قال في ديوانه ص 349 في مقطوعة بعنوان " يوميات جرح فلسطيني " : " ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب ، ظل طفلا ضائع الجرح ، جبان " .
3 _ سخريته بالقرآن الكريم : قال في ديوانه ص 480 في مقطوعة بعنوان " الخروج من ساحل المتوسط " : " أنا الحجر الذي مسته زلزلة ، رأيت الأنبياء يؤجرون صليبهم ، واستأجرتني آية الكرسي دهرا ، ثم صرت بطاقة للتهنئات تغير الشهداء والدنيا " / ويقول في ص 448 في مقطوعة بعنوان " سرحان يشرب القهوة في الكفاتيريا " : " وتناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة ، دم كالمياه وليس تجففه غير سورة عمّ وقبعة الشرطي ، وخادمه الأسيوي ، وكان يقيس الزمان بأغلاله . "
4 _ درويش و سخريته بالإيمان بالقضاء والقدر : قال في مقطوعة بعنوان " قال المغني " : " قال للريح في ضجر : دمريني ما دمت أنت حياتي مثلما يدعي القدر " ديوان درويش ص 86 / ويقول في ص 275 في مقطوعة بعنوان " ريتا أحبيني " : " الحب ممنوع ، هنا الشرطي والقدر العتيق تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك للعيون السود "
5 _ درويش والصلاة : تدنيسه للركن الثاني من أركان الإسلام : قال في مقطوعة بعنوان " الحديقة النائمة " : " نظرت إلى عسل يختفي خلف جفنين ، صليت من أجل ساقين معجزتين " ديوان درويش ص 640 .
6 _ درويش والدعاء : سخريته بدعاء الله تعالى : قال في مقطوعة بعنوان " رسالة من المنفى " : " سمعت في المذياع قال الجميع : كلنا بخير ، لا أحد حزين ، فكيف حال والدي ؟ ألم يزل كعهده ، يحب ذكر الله ، والأبناء ، والتراب ، والزيتون ؟ ... وكيف حال جدتي ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب ؟ تدعو لنا بالخير ، والشباب ، والثواب ! " ديوان محمود درويش ص 36 _ 37 .
أخيرا أقول لكل المعجبين حتى الثمالة بشعر محمود درويش ، لا تكتفوا بترديد ما يقال هنا وهناك وهنالك ، فكما أن القرب حجاب ، فإن الشهرة أيضا حجاب وأي حجاب ... ف " إنما الشعر كلام مؤلف فما وافق الحق منه فهو حسن ، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه " كما قال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه ...
" ها أنتم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ، فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ، أم من يكون عليهم وكيلا " النساء 109


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.