يقدر عدد عمليات التجميل المجراة خلال السنوات الأخيرة بما لا يقل عن 150 ألف عملية تجميل سنويا، وذلك بعد أن كان العدد لا يتجاوز حدود الألف في السنة. وتقع عمليات شفط الدهون على رأس القائمة، تليها عمليات تقويم الأنف، بينما يظل إقبال الرجال على زرع الشعر محتشما. وتجاوز عدد المقبلين على عمليات التجميل منذ 2005 الألف و500 سائح يأتون من أجل جراحة الأسنان وشفط الدهون وتقويم الأعضاء (الركبتين والكتف بالأساس). وتحتل تونس في هذا المجال المرتبة الثانية في القارة الإفريقية مباشرة بعد جنوب إفريقيا، لتسبق بذلك العديد من البلدان الأخرى، مثل تركيا والمغرب ومصر وقبرص ولكن قد يتراجع الإقبال على عمليات التجميل بعد موت العديد ممن كانوا ضحية مضاعفات عقبت العملية، وهو ما حصل لسيّدة مغربية توفيت مؤخرا اثر إجراء عملية تجميل وكان السبب في ذلك البنج الذي لم يتم تحضير مكوناته حسب ما يتطلبه جسد المرأة . وتعددت القضايا المتعلقة بعمليات تجميل «قاتلة « التقت في العديد من الظروف أهمّها تسرّع الأطباء في تبنيج الحريف قبل التثبت من مدى قابليته للمكونات التي يجب أن يتم تعديلها بدقة، كما يعمد العديد من الأطباء لإجراء عمليات تجميل رغم أن اختصاصاتهم لا تمت لها بأية صلة لاهثين وراء الربح المادي الوفير، تاركين حياة الحريفات والحرفاء بين أيدي الصدفة والحظ. فما هي المخاطر التي قد يتعرض لها الحريف أثناء وبعد إجراء العملية، وكيف يمكن التمييز بين الطبيب المختص والذي له خبرة واسعة في المجال،والطبيب «التاجر» الذي وان طالت قائمة نجاحاته قد يخذله الحظ فيدخل الحريف إلى العيادة لشفط الدهون أو تجميل الأنف ويخرج جثة هامدة. التسرع في قفص الاتهام يقول الدكتور محمّد شلبي طبيب مختص في جراحة الوجه والتجميل « لا يمكن أن تخلو أي عملية لأي عضو من إمكانية حدوث مضاعفات قد تودي بحياة المريض، ولكن يبدو الموت بسبب عملية تجميل كارثة قد تهدد المستقبل المهني للطبيب لأن الحريف يختار إجراء العملية ويدخل العيادة معافا إلا من الأمراض التي قد لا يتثبت الطبيب من وجودها فتقع الكارثة.» وأوضح الدكتور أنه يمكن حصر المفاجآت التي قد تداهم الطبيب أثناء إجراء العملية، ولكن مع طول الطوابير التي تنتظر دورها لإجراء عملية تجميل وفي ظل استعانة البعض من الأطباء بمبنجين يتغاضون الطرف على تفاصيل قد تتعلق بها حياة الحريف قد تودي العملية بحياة من يقتفي اثر شعر أتت عليه السنون، أو من أرقتها الحدبة الموجودة بأنفها فخسرت جسدها برمته... والقائمة تطول بمن يدفعون حياتهم قربانا لجمال منشود. أسعار مغرية تستقطب عمليات التجميل زبائن أوروبيين كثيرين هربوا من غلاء تلك العمليات في بلدانهم الأصلية ليجدوا الفرصة مواتية في تونس وبأسعار غير قابلة للمنافسة، اذ تكلف عملية شد الوجه 3000 أورو في أوروبا، في حين أن نفس العملية لا تزيد كلفتها على 1500أورو في تونس ، مع ضمان الإقامة السياحية لمدة أسبوعين في مجمع صحي. أما بالنسبة لعملية «تكبير الثدي» فلا تزيد تكلفتها على 2600 أورو في تونس، وتتضمن هذه التعريفة تكلفة السفر، بينما لا تقل تكلفتها في فرنسا على سبيل المثال عن 5000 أورو. ويرى طبيب نفساني متخصص في التحليل النفسي، أن الحاجة لعمليات التجميل زادت خلال السنوات الأخيرة، بسبب الأهمية الكبرى التي أصبحت تكتسبها الصورة والمظهر العام للفرد داخل المجتمع، كما أن ظاهرة التسويق طغت على جل المعاملات فذهب ظن البعض أن كل شيء بات يشترى حتى الجمال». ولكن لم ينكر أهمية مثل هذه العمليات في تحقيق التوازن النفسي للأشخاص. وهو ما حصل للسيدة حياة (ج) التي اضطرتها طبيعة عملها لإجراء بعض التعديلات، حسب تعبيرها على أنفها و أجفانها بينما ترفض ضحى بن أحمد (32 سنة) الخضوع لعمليات تجميل قائلة أن « جمال الروح هو الأساس، كما يجب على المرء أن يتصالح مع نفسه ويقبل بجسده ووجهه كما هو.. إلا في حالة التعرض إلى حادث يتسبب في تشوهات جسدية خطيرة. «