وسط إضراب المحامين..سنية الدهماني تمثل أمام قاضي التحقيق    تمديد الاحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغيدي    36 مليون دينار على ذمة الشركات الاهلية.. نموذج تنموي جديد    دبي تزف بشرى لأصحاب المواهب وصناع ورواد قطاع الألعاب الإلكترونية    مصر تسعى لخفض الدين العمومي الى أقل من 80% من الناتج المحلي    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    عاجل/ قوات الاحتلال تنفذ حملة مداهمات واعتقالات في عدة مناطق بالضفة الغربية..    إيران تعلن عن مفاوضات لتحسين العلاقات مع مصر    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية تاريخية    الرابطة الثانية (ج 9 إيابا)    الترجي الرياضي النجم الساحلي (3 2) الترجي يُوقف النزيف والنجم يحتج على التحكيم    تصفيات أبطال إفريقيا لكرة السلة: الإتحاد المنستيري يتأهل الى المرحلة النهائية    الاحتفاظ بعنصر تكفيري في تالة من أجل ترويج المخدرات..    صفاقس: فتح تحقيق اثر وفاة مسترابة لشاب بطينة    تالة-القصرين: القبض على عنصر تكفيري متورط في ترويج المخدرات    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    صفاقس موكب تحية العلم المفدى على أنغام النشيد الوطني بالمدرسة الإبتدائية محمد بالي    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    رئيسة لجنة الشباب و الرياضة : ''لم تحترم الوزارة اللآجال التي حددتها وكالة مكافحة المنشطات ''    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    الهند ستحقق نمواً اقتصادياً قوياً على الرغم من التحديات الهيكلية    تحذيرات من انتشار داء الكلب خلال هذا الصيف...30 ألف كلب سائب في تونس الكبرى فقط    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    بداية من الغد: درجات الحرارة تتجاوز المعدلات العادية لشهر ماي    عاجل/ بعد الاحتفاظ به: هذا ما كشفه محامي الاعلامي مراد الزغيدي..    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    أرسنال يستعيد صدارة البطولة الإنقليزية بفوزه على مانشستر يونايتد    بعد اجرائها في مارس.. وفاة المريض الذي خضع لأول عملية زرع كلية خنزير    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    قادة الجيش يتهمون نتنياهو بتعريض حياة الإسرائيليين والجنود للخطر وهاليفي يؤكد إن حرب غزة بلا فائدة    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجاب وتحريف المتسيسة والإعلام .. ومكر المصممين: حفيظ المسكاوي
نشر في الحوار نت يوم 19 - 07 - 2010


قال عليه الصلاة والسلام:
(إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت!) رواه البخاري
(إن الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر) رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني
1/الحجاب التعبدي :
إن اللباس الشرعي غير منفك عن خلق الحياء لدى المرأة استكمالا لشروط الستر فانعدام اللباس الشرعي يعني غياب الحياء وغياب الحياء مع هذا اللباس يعني عدم استكمال للستر! فقد تكون المرأة "محجبة متبرجة" وهوما سنتحدث عنه في ما تبقى تسيسا وإعلاما.
يأتي حكم الحجاب أو لباس المرأة في كتاب الله في سورتين على صيغة أمر من الله عزوجل للنبي الكريم، في قوله تعالى : "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" (الأحزاب) وفي قوله أيضا :" وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن.ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.ولايضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن.وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون" (النور).
إن الآية الأولى نصت على ارتداء الجلباب أمرا للمرأة المسلمة ولم تخصه بشكل من الأشكال بل حددت شروطه وضوابطه التي تعود إلى إدناء الجلباب وضرب الخمار على الجيوب. والجلباب في اللغة يفيد الثوب الواسع الذي تستر به المرأة جميع جسمها[1] وهو مايفيده أيضا واقع المرأة المسلمة زمن النبي إذ كانت ترتدي الثوب الواسع كما روى الشيخان وغيرهما عن حفصة بنت سيرين أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : هل على إحدانا بأس إن لم يكن لها جلباب ألا تخرج ؟ (لصلاة العيد) قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها! ولتشهد الخير ودعوة المؤمنين!...[2] فلا يمكن أن تلبس المرأة أخرى من جلبابها إلا إذا كان واسعا يسعهما معا، فنستفيد أنه يستر البدن كله فهو شرط وضابط،فإذن الحجاب بصورته التي حددها الشرع لابد وأن يكون واسعا يغطي البدن كله غير واصف ولا شفاف، فإذا تحققت هذه الشروط في الثوب فلا أهمية لشكله. أما خمار الرأس فلابد أن يكون ضاربا على الجيوب كما نصت الآية والجيوب هي : ثنايا العنق من النحر والقفا والكتفين وهو مقتضى الآية كما اتضح أما ماتفعله بعض النسوة ممن لايرتدين الجلباب الذي لايلبس على الرأس كالجلباب المغربي من مجرد وضع الخمار على الرأس أو عقده من جهة القفا بما يظهر هيأة الشعر وحجمه فمخالف لمقتضى الآية الكريمة فلابد من إدناء الخمار حتى يستوعب مقدمة الجبين ثم ترخيه على كتفيها وصدرها ونحرها،ثم تشده على ما هنالك،استجابة لأمر الله تعالى،أما النقاب فهو فضيلة وليس واجبا[3] ومن الإبتداع في الدين نقل النقاب من مرتبة المستحب إلى الواجب!ويكفينا هنا أن القول بوجوبه ينقضه الحديث الصحيح في قول النبي لأسماء:"إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه".
وأكتفي بهذا القدر الذي بين فيه بعض ما ينبغي للنساء المسلمات الصادقات أن ينضبطن به في لباسهن استجابة لأمر الله سبحانه وتعبدا له تعالى،أما غيرهن من متوهمات الإيمان وجاحداته فلهن أن يرتدين "الجينز" أو "البيكيني" أو حتى "السترنغ" واضعات خرقة على رؤوسهن من منطلق الإختيار ومبدأ عدم الإكراه المقرر في دين الله على أن يتحملن تبعات هذا الإختيار ومسؤوليته أمام الله الواحد القهار، فإذا لم يرتدين لباسهن تعبدا وطوعا فسيرتدينه اضطرارا كي لايبدين ،لازينتهن ، ولكن تجاعيدهن وانكماشاتهن،وهي آية لمن تحسن النظر ولها بصيرة!
2/الحجابالتسيسي:
أقصد بالحجاب التسيسي ذلكم الحجاب المعروف في صفوف الحركة الإسلامية ،ولايهمنا منه اللحظة انضباطه بالشرع من حيث المواصفات أم لا لتردي أخلاق الإسلاميين بوجه عام وغياب الحياء في صفوفهم رجالا ونساء فلا محل ولامعنى لتلكم المقاييس إذا غاب الحياء،فما يهمنا منه هو تحديد مقاصده العامة في إطارالتضخم السياسي والتقلص التربوي الذي تعرفه الحركة الإسلامية،وقبل ذلك لابد من الإشارة إلى مسألة التدني الخلقي في صفوف الحركة الإسلامية عموما.يقول الدكتور فريد الأنصاري -رحمه الله- وهو من أبناء الحركة الإسلامية الخبير بشؤونها المعاشرلأهلها:"لقد انحطت الأخلاق العامة للإسلاميين انحطاطا بليغا،وعلى رأس ذلك خلق الحياء،في الرجال والنسوة على السواء! كانت الفتاة المؤمنة -في المرحلة التربوية للحركة الإسلامية- لا تكاد ترفع بصرها إلى الشاب حتى يخفضها حياؤها الصادق ويرده إلى الأرض !(...)كيف كانت تمشي بوقار،متعبدة بلباسها الساتر الوافي(...) أما اليوم فقد نبت جيل مشوه من هذا المسمى ب"الأخوات" محجبات تبرجن ب"حجابهن" أشد من تبرج السافرات بعريهن! (...) تقترب منك إحداهن لحاجة فتكاد تدهسك بصدرها ! وأذكر يوما أني انتقدت هذا الإنتكاس الخلقي في لباس الأخوات بلقاء دعوي ،داخل مقرات الحركة فردت على إحدى "الزعيمات" وهي الأستاذة يا حسرة عندما ذكرت أن ذلك علامة على اختلال تربوي،فرفعت نحوي وجها يكاد يسيل من الطلاء والدهون وقالت بما يشبه الإنتهار (أو قل: إنهن تقدمن !) ثم رجعت أندب مصير التدين في التنظيم الإسلامي! فيال تقدم انطلق من فقه (الإنحلال) ولم يقف حتى مرغ الأعراض في التراب! " ثم قال : " وما رأيت في الإسلاميين أقل حياء من طالباته وطلابه،ولادوسا لأحاكم الشريعة من رواده ! يرفعون أصواتهم باسم الدين تصفيقا وتصدية في السماء،في حلق وتظاهرات تعجن الفتيات بالفتيان،وتهتك حجاب الحياء!(...) فالله الله على انهيار قيم الدين على من يفترض فيهم حفظ "عدله وإحسانه!"[4].
حاصل هذا الكلام أن الحجاب في صفوف الحركة الإسلامية في المغرب منفك عن خلق الحياء موصول بالبذاء،فهو لذلك لا يحقق مقاصد الشرع وإن انضبط بمقاييس القرآن والسنة التي بيناها ! فما فائدة لباس لاتنضبط به صاحبته نفسيا وتعبديا ولا تؤدي به رسالة للمجتمع ودعوة لقريناتها لخلق الحياء والتستر؟! لا تدفع به شر تلكم الحرب الحضارية التي تشن على القيم الإسلامية وتعاليمه ؟! ولعمري لايمكن للمرء إلا أن يوافق الدكتورعلى مقاله إذ رأينا ماقاله بخصوص فتيات الحركة الإسلامية وشبابها واقعا وشهودا، أتساءل مالذي يدعو الفتاة الحركية إلى ارتداء الحجاب على فرض انضباطه وهي لاتملك من خلق الحياء مثقال ذرة ؟!
إن المسألة مرتبطة بالتسيس، واستجابة الحركة المنتمى إليها لأفكار الفتاة وتطلعاتها أي إن هذه الفتاة تدينت بوساطة روحية وفكرية لزعيم التنظيم فاستمدت منه وتأثرت بالتضخم السياسي الحاصل في تفكيره وتصوره المنهجي ! وانظر إلى اللباس الموحد في صفوفهن والذي يشبه لباس المشرقيات الحركيات أو الأفغانيات المنقبات والسعوديات ! وكأن ما وجدنا عليه نساءنا في المغرب من جلابيب وأُزُر وأردية لاتستوفي مقاييس الشرع فلابد من استيراد لباس أجنبي عن خصوصية مجتمعنا ! فإذن المسألة بعيدة عن مقصد التعبد وإن زعم! إنه حجاب التصارع السياسي و"نحن هنا"! تميز عن المخالفات الضالات وعلامة المهتديات إلى الصراط المستقيم ! أين الدعوة وأين الرسالة الحضارية ؟ بل وأين الحياء ؟ اضمحلت في ظلمات الدوامة السياسية !
"ليس الحجاب ضمن أولوياتنا"! عبارة نطقت بها أفواه الكثير من الإسلاميين حتى خارج المغرب وهم الذين يفترض فيهم حفظ الأخلاق الإسلامية، فإذا كانت أولويات السياسية هي الأولى فالأولى فما الفرق بين الحركة الإسلامية وبين أي حزب آخر لايلوك الشعارات الإسلامية ليستعطف الناس! أين فقه أولويات الحركة الإسلامية؟ أين "العدل والإحسان" و"العدالة والتنمية" و"التوحيد والإصلاح" مما يجري لفتياتنا من تنميط تشييئي وتعهيري مقحبن؟ بل أين هم من تربية من ينتمين إلى صفوفهم إذا كان الكثير من زعماءهم لايختلفون عن اليساريين والإشتراكيين أخلاقا وسلوكات ؟!
ليس حجاب المنتمية إلى صفوف الحركة الإسلامية سوى انتفاخا سياسيا لا رمزا تعبديا !
3/الحجاب الإعلامي وامرأة صنعتها أدوات التجميل وعملياته:
لا تعمد وسائل الإعلام إلى إظهار الحجاب منفكا عن الحياء والتخفي والتستر الصوتي والحركي فحسب بل مفصولا عن مقاييسه وضوابطه، فهي تختزله اختزالا أخل بأفهام الناس للحجاب حتى غدا لدى الكثيرين مجرد خرقة على الرأس أو على بعض الرأس ! سمعنا عن "العارضات المحجبات"،و"كيف تحافظين على أناقتك وأنت محجبة"و"مسابقات الأزياء للمحجبات" وغير ذلك مما يراد منه إبعاد المرأة المسلمة عن اللباس الإسلامي الأصيل المنضبط بمقاييس القرآن والسنة الموصول بأخلاق الإسلام من حياء وعفة وتستر !
إن وسائل الإعلام ببرامجها وفنها ومكتوبها تعلم المسلمات كيف يتحايلن على أمر الله بإدناء الجلابيب وضرب الخُمُر على الجيوب، ألوان وتشكيلات وتجميلات، لا غرو أن تجد المسلمة تأتي ما لعن الرسول عليه المرأة من نمص وتفلج،واللعن الإبعاد من رحمة الله! لاعجب أن تجدها ترتدي الجينز تريد إظهار لحمها وحجمه ثم تضع خرقة على رأسها وتقول إني محجبة ! هو تضليل إعلامي صمت عنه كثير من الدعاة المسلمين، بل قد تجد في قناة دينية ترويجا للحجاب العاري وهم عنه صامتون!
استغربت كثيرا للعلامة القرضاوي حين هنأ السيدة خديجة بن قنة على ارتداءها للحجاب وهي المذيعة بقناة الجزيرة التي ترتدي أثوابا ضيقة وخمارا على رأسها،مع احترامي وتقديري الشديدين لها،مع أن اللباس الإسلامي لاينبغي أن يكون واصفا ولا كاشفا كما تفيده نصوص الشرع وكما نص عليه العلماء ومنهم القرضاوي نفسه في إحدى حلقات الشريعة والحياة ! السيدة بن قنة حرة طبعا في ما تحب أن ترتديه لكن ما يرفض هو تقديم لباسها ذاك على أنه لباس شرعي !
ثم إن وسائل الإعلام تقدم الحجاب مفصولا عن الحياء وعن قصد التعبد حين تقدم المحجبة موغلة في الغرام لاهثة وراء الشهوة، تريد تصويره على أنه مجرد لباس كغيره من الألبسة التي تقع عليها نسائم الموضات والتشكيلات الجديدة والنيولوك، ليس رمزا حضاريا وتعبيرا عن الخصوصية بل ليس حصنا للدفاع عن القيم الإسلامية وعن شرف الأمة المسلمة وعرضها..لاعجب أن تجد العاهرات يرتدين الحجاب، أن تجد "ميلودة" تعلمهن كيف يلبسن العازل لذكر الرجل بتصوير من وكالة فرنسية تشجيعا للجنس المحرم وما يتبعه من أرباح للرأسمالية المتوحشة في بيع العوازل والفياغرا وغير ذلك!..رسخ في أذهانهن أن الحجاب مجرد شكل وثوب لاعلاقة له بالإيمان ولا بالتعبد ترتديه البسيطات والفقيرات وتخلعه الثريات ! وبما أن وسائل الإعلام هي تصريف لإعلانات المنتجات التجارية فإن الحجاب كسلعة تجارية يقدم بما يثير نهم المستهلكات بعيدا عن الشرع والأخلاق إذ الرأسمالية بمنطقها الربحي لا تعترف بقيمة ولا بخلق كما بينا من قبل ! وهذا له ارتباط بعلم النفس التجاري أو علم نفس المستهلك الذي يدرس فن الإعلان كما سنوضح.
رسخ في أذهان الفتيات المنمطات بالإعلام أن الحجاب بضوابطه وشروطه يجعلها كالعجوز في حين أن الجينزات والألبسة الكاشفة الضيقة تثير الإهتمام بهن ! لقد ارتبط تحقيق ذواتهن وفرض وجودهن بما يستهلكنه من صنوف الألبسة وما يحصلنه من الكلام البذيء من الرجال !
شتان بين حمامة تخلب العين بريشها وألوانه المتناسقة الجميلة وبين حمامة منتوفة لها قليل من الريش هنا وهناك لا خلابة فيها ولاجمال ! كذلك شتان بين محجبة ترتدي لباس الشرع مكويا نظيفا متسق الألوان تواري سوءاتها وتمشي على استحياء يحترمها الناس وتسقط أعين الرجال توقيرا، وبين كاسية عارية تسيل أطلية ومساحيق تفوح روائح مقززة تضرب بأرجلها بلا ذرة حياء تلوح للناظر من بعيد دمية كاشفة لعوراتها مثيرة لشهوة الجوعى! ثم تحسب نفسها متحررة من "قيد" الحجاب ومن "قيود" الإسلام..تصورت ! ما الذي سترتديه بدل الحجاب؟ ألبسة مصممة بمكر تعطي الإنطباع بالجمال الطبيعي المثير ! بل يتعدى الأمر إلى إجراء عمليات تجميلية للحصول على أنوف وشفاه وأثداء وأفخاذ ومؤخرات مثيرة خادعة وموهمة ! يال التحرر! امرأة صنعتها أدوات التجميل وجراحته ! هكذا رفضت المرأة أمر ربها تتصوره قيدا وتضييقا لحريتها كما علمتها الرأسمالية المتوحشة بإعلامها وهي التي أطاعت ما فرضته عليها الرأسمالية بإعلاناتها وفتحت لها بابا تحسبه حرية واختيارا! هذا ليس تحكما في لباس المرأة وحسب بل في سوق الألبسة تنميطا للإستهلاك!
4/مكر مصممي الأزياء:
تظهر الفتيات المرتديات لصنوف الألبسة الضيقة والكاشفة عارضات في الشوارع مثيرات يمذيهن من لا مشغلة له سوى متابعة النساء ! والكل "حر" طبعا في إتيان ما شاء فنحن في بلد "الحريات"! رغم أن القانون الجنائي نفسه يعاقب على الإخلال بالحياء ولست أدري مالذي يقصده القانون الوضعي بالحياء ولم لم يفصل فيه وهل هناك من إخلال بالحياء أشد من خروج النساء عاريات كاشفات عن كل شيء! يعاقب على التحرش الجنسي ولايعاقب على مدعاته !
إن المرأة لولا تلك الألبسة الشهوانية التي ترتديها ما استثارت شهوة أحد ممن لا مشغلة لهم سوى النساء ! ذلك أن هذه الألبسة لها من المقاييس والمواصفات التي وضعها مصمموها ما يجعل جسم المرأة بها أكثر إثارة وبهيأة ووضعيات محددة اعتمادا على دراسة نفسية الرجل وعلى علم النفس التجاري ! وسيلة رسم مسار الربح التجاري، فهو يدرس نفسية كل من البائع والمشتري وطرق جذبه وغير ذلك من العمليات السيكولوجية المتصلة بالعمليات التجارية، وهو علم يحمل خصائص الرأسمالية المتوحشة وحاصلها ترك كل قيمة أو خلق أو دين جانبا في اعتبارات الربح المادي !
فالمرأة تعلم أنه بألبستها تلك تستثير الرجل للإيقاع به إما استنزافا لجيبه أو رغبة في الزواج ! بل لاغرو أن تجد الرجل نفسه يحث خادنته أو زوجته على شراء تلك الملابس لأنها تثيره ! وطبعا هذا غير ممنوع على الزوجين في بيتهما..
تعمد النساء إلى صبغ شعورهن لتصبح شقراء أو بنية تأثرا بالغربيات أو وضع خمر تأثرا بالمشرقيات وعلى شراء ألبسة تخفي البطون المنتفخة وتشد الأجسام وترفع الأرداف و النهود وتكشف عن الأعناق والصدور واقتناء مساحيق وكريمات تبيض الوجه ومحمرات الشفاه باللون الطبيعي !! ليس من قبيل المصادفة أن نجد سراويل الجينز غامقة اللون عند منطقة الفرج وفاتحته لدى الخصر والفخذين،ضيقة في أمكنة معينة ! ليست أحذية "الطالون talon" مصنوعة هكذا دون علم ودراسة ،فهي ترفع الردفين بما يضيف الإثارة! تلك هي صناعة الماكرين ممن صاغوا رغبات النساء بناء على دراسة نفسياتهن وفتحوا لهن باب اختيار وحرية وهميان ، ثم جاءت الجلابيب المغربية على الموضة ليضيف إليها الماكرون إلهاماتهم لتصير مشدودة ضيقة هي الأخرى! فأنا للغمرات المغرورات بحلم مآله إلى التجاعيد والإنكماشات أن يتبصرن ؟! لقد استطاعت الرأسمالية أن تجعل من النساء حيوانات استعرضية،لاهم لهن سوى الخروج لاستعراض حسنهن والإنتشاء بما يلقى إليهن من كلام بذيء! هكذا يرتبط تحقيق الذات بالشهوة والإستهلاك بعيدا عن أية قيمة أو معيار، فلا قيمة إلا المادة ولا معيار ولا مقياس إلا الإستهلاك !


------------------------------------------------------------------------
[1] ينظر : لسان العرب وفدات الراغب والقاموس المحيط للفيروزآبادي ومعجم المقاييس لابن فارس.
[2] الحديث متفق عليه فاقرأ تمام القصة عند البخاري أو مسلم.
[3] أنظر كتاب : سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة للدكتور فردي الأنصاري رحمه الله،واستكمل شروط الستر فيه ص: 68 وما بعدها، ومقال: الحجاب حرام والعري مؤشر تقدم.
[4] الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب/فريد الأنصاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.