قال مصدر نقابي إن السلطات التونسية أفرجت اليوم عن مائتي معتقل كانت أوقفتهم بتهمة المشاركة في مظاهرات شهدتها بلدة بن قردان التونسية الحدودية مع ليبيا الأسبوع الماضي احتجاجا على غلق الجمارك الليبية معبرا تجاريا بين البلدين. وقال النقابي حسين بالطيب المقيم في بن قردان -التي تبعد 500 كلم جنوب العاصمة تونس- اليوم في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية إن السلطات أطلقت سراح آخر دفعة من المعتقلين الذين عادوا إلى منازلهم. وذكرت تقارير صحفية أن عدد المعتقلين بلغ نحو 200 معتقل. وشهدت البلدة التي يقطنها نحو 60 ألف شخص -يعيش أغلبهم على التجارة مع ليبيا- أعمال شغب ومصادمات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين غاضبين طالبوا بإعادة فتح بوابة راس جدير التجارية. وذكر شهود عيان وتقارير صحفية أن المصادمات التي دامت أكثر من أسبوع أسفرت عن سقوط العديد من الجرحى بين المتظاهرين وقوات الأمن التي باشرت حملة اعتقالات وتمشيط واسعة النطاق في البلدة. ولم يعد الهدوء إلى بن قردان إلا عندما أعادت الجمارك الليبية يوم الجمعة الماضي فتح بوابة راس جدير أمام الحركة التجارية بعد زيارة وفد وزاري تونسي ضم وزراء الخارجية والداخلية والتجارة والمدير العام للجمارك التونسية إلى العاصمة الليبية طرابلس حيث أجرى الخميس الماضي محادثات في هذا الشأن مع المسؤولين الليبيين. بطلب من تونس ونفى المدير العام لمصلحة الجمارك الليبية عميد عامر الدليو في تصريحات صحفية مسؤولية بلاده عما أسماها "أزمة عابرة"، وقال إن غلق البوابة التجارية "كان بناء على طلب من الأشقاء في تونس" وإنها "تأتي ضمن المسائل المتفق عليها وخاصة تنظيم حركة المترجلين الذين يعج بهم المنفذ". وفرضت الجمارك الليبية منذ نحو عام تعريفة بقيمة 150 دينارا (أكثر من مائة دولار أميركي) على أي سيارة تونسية تدخل الأراضي الليبية، في إجراء قالت تقارير صحفية تونسية إنه أضر كثيرا بتجار منطقة بن قردان الذين يدخل بعضهم الأراضي الليبية بشكل شبه يومي للتبضع، وتعتبر التجارة مع ليبيا مورد رزقهم الوحيد. ويعيش أغلب سكان بن قردان على التجارة الموازية مع ليبيا، إذ يشترون من تجار ليبيين بضائع استوردتها ليبيا من الصين ودول شرق آسيا وتركيا لبيعها في أسواق منتشرة بعدة مدن تونسية يطلق عليها اسم "أسواق ليبيا". وذكرت تقارير صحفية أن نحو مليون تونسي يستفيدون بشكل مباشر أو غير مباشر من التجارة الموازية مع ليبيا. خامس شريك يذكر أن ليبيا خامس شريك اقتصادي لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين حوالي ملياري دولار. ويدخل تونس سنويا نحو مليوني ليبي دون أي قيود، كما يدخل مثل هذا العدد من التونسيين إلى ليبيا. ويعبر بوابة راس جدير الحدودية المشتركة بين البلدين يوميا أكثر من 10 آلاف مسافر ليبي وتونسي في الاتجاهين. وكانت المعارضة في تونس نددت بما وصفتها ب"المعالجة الأمنية" للأوضاع في المنطقة. وقال الحزب الديمقراطي التقدمي إنه "يتفهم أسباب الاحتجاجات الشعبية العفوية التي اندلعت رغم ما صاحبها من عنف" ويعتبرها "ردّ فعل طبيعيا على سياسة قطع الأرزاق". يذكر أن منطقة تعرف باسم الحوض المنجمي جنوبي غربي البلاد عرفت في 2008 احتجاجات عارمة على تفاقم الأزمة الاجتماعية جراء البطالة وضآلة فرص التنمية والمحسوبية، حسب وصف منظمات نقابية.