تفاصيل القبض على منظم عملية اجتياز وتواصل البحث عن 4 تونسيين مفقودين..    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحين الى الانطلاق الفوري في عمليّة الحصاد    مدنين : الإحتفاظ بشخص مفتش عنه من أجل قضايا مختلفة    صورة حميمية لوزيرة مع رجل أعمال أسترالي تثير ضجة على الفيسبوك..ما القصة؟..    عاجل/ وزارة الصحة الفلسطينية تعلن انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة..    اليوم الأربعاء:إنطلاق تداول القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني 2024 ببورصة تونس    التوقيت الصيفي و الإدارات التونسية    في تونس: كبش العيد ب 3 ملاين و 300 دينار    قنابل يدوية على سطح منزل..ماالقصة ؟    أبطال إفريقيا: ثلاثي تونسي ضمن التشكيلة المثالية للموسم الحالي    إيتو يشتبك مع مستشار وزارة الرياضة ويهدد مدرب الكاميرون في أول ظهور له (فيديو)    إستعدادا لخوض منافسات المونديال: اليوم الكشف عن قائمة لاعبي المنتخب الوطني المدعوين    إنطلاق تنظيف الشواطئ و إسناد الرخص منذ هذه الفترة .. التفاصيل    تونس واليابان توقعان محضر جلسة لاطلاق مشروع تطوير نظام صيانة الجسور    عاجل/ تونس تعلن عن موعد أول أيام عيد الاضحى..    نصائح للتعامل مع درجة الحرارة المرتفعة    باجة: تسجيل 7 حرائق منذ بداية الشهر    مدينة العلوم بتونس تُعلن عن موعد عيد الإضحى حسابيّا    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    اللقاحات والصحة الرقمية محور جلسة عمل بين وزير الصحة بممثلي منظمة الصحة العالمية    40 بالمئة نسبة حجوزات الجزائريين في تونس خلال صائفة 2024    جيش الإحتلال يعلن مقتل 3 عسكريين خلال معارك في قطاع غزة    تفاصيل غرق طفلين بقنال بحيرة تونس    مؤلف المسلسل الرمضاني ''الحشاشين'' يحصد جائزة الدولة للتفوق    البطولة الاسبانية: إشبيلية يعلن رحيل لاعبه إيريك لاميلا بنهاية الموسم الجاري    تونس وسويسرا تطلقان التعاون في مجال حماية المناخ وآفاق واعدة للشراكة الجديدة في المجال    الحماية المدنية: تسجيل 6 وفيات و411 إصابة في حوادث مختلفة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 29 ماي    لأول مرة في العالم: شفاء مريض سكري باستخدام العلاج بالخلايا    الفيفا تصدر بيانا فيما يخص قضية يوسف البلايلي ..التفاصيل    اتصالات تونس تختار المشغل الايطالي "سباركل" من اجل طريق جديدة للعبور الدولي لبروتوكول الانترنات IP نحو اوروبا    تونس: كراء سيارة يصل الى 150 دينارا لليوم الواحد    عاجل : صدمة بعالم كرة القدم    بداية من 1 جوان: تنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع بتونس    الحماية المدنية: 6 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    تفكيك شبكة مختصة في التنقيب على الأثار مالقصة ؟    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    تقرير: زيادة ب 26 يومًا إضافيا من الحر خلال عام    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    وزارة الصحة تنظم يوما مفتوحا بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس.. تاريخ رسمي طويل من التطبيع
نشر في الحوار نت يوم 25 - 08 - 2010

ما تزال حادثة غناء بعض المغنين التونسيين في مدينة إيلات المحتلة تثير جدلا كبيرا في تونس، خاصة أن أحد هؤلاء المغنين هتف بحياة مجرم الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقترنا باسم رئيس الدولة زين العابدين بن علي. وقد اختلفت ردود الفعل تجاه حركة التطبيع الثقافية هذه، لكنها ردود أجمعت على الاستنكار الشديد للعملية.
ووصل الأمر بالبعض إلى عقد مقارنة بين قافلة المطبعين الذين استعملوا جوازات السفر التونسية وعبروا عبر المسالك القانونية، أي بعلم من أجهزة الدولة، وبين قافلة الحرية في مقارنة لا تخلو من سخرية بادية لكل قارئ، وانتهى الأمر بالاتفاق على تسمية الأولى قافلة العار.
غير أن الوجه الخفي من هذا الجدل هو ما يتعلق برد فعل معسكر التطبيع الثقافي الذي تتزعمه نخبة من المحسوبين على اليسار وبعض العلمانيين الذي يتسترون خلف أجهزة الدولة، وكذلك موقف السلطة نفسها من هذه الحركة التي يبدو أن لها تاريخا غير قصير في تونس.
وتبدو أهمية تناول هذا الوجه الخفي في كونه يكشف حقيقة التحالف بين السياسي والثقافي في هذا المجال رغم الاختلاف البيّن بين رموزه، ذلك أن السلطة التي لا تخفي رغبتها في التطبيع مع الكيان الصهيوني كما سنرى، ووجدت في هؤلاء الذين يحسبون على القطاع الثقافي "مركبا سهلا" لبلوغ غاية -إلى حد الآن- لا تجرؤ على الإعلان عنها صراحة.
وحتى نتبين هذا التحالف -أو "تقاطع المصالح" بتعبير أدق- بين الطرفين، لا بد من تتبع جملة من الوقائع التاريخية التي شهدتها البلاد ذات علاقة بالموقف من القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني.
بورقيبة كان واحدا من ممثلي الرسمية العربية التي فضلت المصلحة الآنية لأنظمتها على حساب المصلحة القومية، بل يجوز القول إنها لم تؤمن مطلقا بأهمية الانخراط في معركة تحرير فلسطين
بدايتنا ستكون مع ما يمكن أن نسميه الموقف النظري أو المرجعية الفكرية لتيار التطبيع، وهو موقف يعود إلى الرؤية الإقليمية لمؤسس الدولة التونسية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي لم يكن يؤمن مطلقا بمفاهيم الأمن القومي والأمة العربية أو الإسلامية، وإنما فقط بمقولات الأمة التونسية، وهي مرجعية جعلت التزاماته تجاه القضايا القومية ضعيفة جدا إن لم تكن منعدمة.
ولعل خطابه في أريحاعام 1965 كان أكبر دليل على هذا البعد الإقليمي في توجهه، رغم المحاولات المتكررة إلى اليوم من النخبة المثقفة التي تلتقي معه في المصلحة لتصوير هذا الخطاب على أنه رمز للواقعية.
ويستشهد هؤلاء بما تعيشه القضية الفلسطينية اليوم -وهي عين المغالطة- لأن الخطاب لا يقوم في سياق تاريخي مختلف عن السياق الذي قيل فيه، وإنما بالمرحلة التي تنزل فيها، وهي مرحلة كانت كل المؤشرات فيها تمنح أصحاب الحق إمكانية استرداد حقهم المغتصب.
وكان من الممكن أن تتغلب قوى الأمة المتحدة على العصابات الصهيونية لو أحسن النظام الرسمي العربي توجيه طاقاته.
ولكن بورقيبة كان واحدا من ممثلي هذه الرسمية التي فضلت المصلحة الآنية لأنظمتها على حساب المصلحة القومية، بل يجوز القول إنها لم تؤمن مطلقا بأهمية الانخراط في معركة تحرير فلسطين.
ومن جهة أخرى يروج أنصار التطبيع ومريدو بورقيبة بأن رفض خطاب أريحا من العرب والفلسطينيين كان غلطة كبيرة، باعتبار أنهم عادوا إلى القبول بأقل مما اقترحه الخطاب آنذاك.
ويتجاهل هؤلاء أن الاحتكام إلى ما تشهده القضية الفلسطينية اليوم من رضى بعض قواها بما اقترحه عليهم بورقيبة في خطاب أريحا، ليس مبررا للقبول بهذا الخطاب وتسويقه كحجة للتطبيع مع الكيان الغاصب، لأن ما رضيه فريق من الفلسطينيين من واقع التعامل مع الصهاينة ليس محل إجماع من قوى الأمة عامة وقوى النضال الفلسطيني خاصة، كما أنه -وهذا هو الأهم- أثبت فشله في استرجاع الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني.
ولعل الإحصاءات المتعلقة بازدياد نشاط الاستيطان بعد اتفاقية أوسلو مقارنة بما قبلها دليل كاف لدحض هذا الرأي.
ورغم ما شهدته عدة عواصم عربية من ردة فعل غاضبة على خطاب بورقيبة في أريحا، فإن الوثائق التاريخية لم تثبت أن بورقيبة أبدى ندما أو رغبة في التراجع عن موقفه، بل أشارت بعض التقارير الإعلامية الصادرة آنذاك إلى أنه كشف في اجتماع مع زعماء عرب بأن نص الخطاب وقع الاتفاق عليه عربيا.
وهذا ما يسمح لنا بالقول إن خطاب أريحا لم يأت مسقطا أو من فراغ، ولكنه كان ينطلق من موقف فكري يرى في الغرب -بغثه وسمينه- بديلا عن الأمة العربية والإسلامية.
محاولات النظام البورقيبي كسب ود الصهاينة جاء بعد قرار الجلاء الزراعي وقطع المساعدات الفرنسية عن تونس، وذلك للبحث عن مصادر مساعدات أخرى
لذلك لم يأل بورقيبة جهدا في أن يجعل عامة الشعب بتونس لا يتحرج من القبول بهذا الاستبدال المغشوش. كما أن لبورقيبة سوابق كثيرة في السعي وراء التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ ما قبل الاستقلال، وهي المحاولات التي بررها آنذاك أنصاره والمتحالفون معه بأنها براغماتية سياسية نبعت من إدراك بورقيبة من أن كسب موقف الأميركان لصالح القضية التونسية مدخله خطب ود الكيان الصهيوني.
وهذا الموقف هو ذاته الذي تتخذه الأنظمة العربية الرسمية الحالية بما فيها النظام التونسي كما سنرى. أما سوابق بورقيبة في هذا الإطار فقد بدأت عام 1952 في مقر الأمم المتحدة حين طلب "الدعم الإسرائيلي" لمطلب الاستقلال التونسي، ثم التقى بورقيبة بألك إيسترمان مدير مكتب لندن آنذاك للمؤتمر اليهودي العالمي، بباريس عام 1954. وفي عام 1956 التقى السفير الإسرائيلي في باريس ياكوف تسور.
ورغم أن الصهاينة لم يراهنوا كثيرا على موقف بورقيبة فإن هذا الأخير واصل بعد الاستقلال سعيه المحموم نحو التطبيع، فقد ذكر أستاذ "تاريخ الشرق الأوسط" في جامعة روتغرز الدكتور طارق الكحلاوي في مقال له نشر بجريدة العرب القطرية عام 2009 أنه اطلع بشكل مباشر على مذكرة بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 1964 تضمنت "ملاحظات من قِبَل مسؤول الخارجية الأميركي الكولونيل روبرت كومر على ضوء لقاء مسؤول أميركي مرتقب مع وزير الخارجية التونسي بورقيبة الابن، تشير إلى عدم استعداد أميركي لزيادة المساعدات الاقتصادية لتونس بل واحتمال تخفيضها، بالإضافة إلى تذمر أميركي من أن المعتدلين في شمال أفريقيا لا يبدون علنيا دفاعا عن تشابك مصالحهم مع المصالح الأميركية".
وقد تم هذا اللقاء بعد خطاب أريحا بنحو شهرين وأن "الموافقة الإسرائيلية على الاستجابة للمطالب الأميركية كانت في إطار أملها بأن تسهم الحكومة التونسية في تشجيع حكومات عربية "معتدلة" أخرى على "إفشال أو تخريب الجهود المصرية والسورية للوحدة العربية".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن محاولات النظام البورقيبي كسب ود الصهاينة في هذه الفترة جاء بعد قرار الجلاء الزراعي وقطع المساعدات الفرنسية عن تونس، وهو ما أدى ببورقيبة إلى البحث عن مصادر مساعدات أخرى.
وهذا التمشّي هو نفسه الذي تتخذه السلطة الحالية وريثة النظام البورقيبي، إذ لم تمانع في الانضمام إلى الاتحاد من أجل المتوسط الذي أحدث خصيصا لتطبيع الوجود الإسرائيلي مع دول المنطقة، بل إن تونس لم تر حرجا في الموافقة على حضور اجتماع السابع من يونيو/حزيران 2010 لقمة الاتحاد من أجل المتوسط التي كان من المفروض عقدها في برشلونة وبحضور وزير خارجية العدو الصهيوني أفيغدور ليبرمان، رغبة منها في أن تتمكن في ختام القمة من إدراج موقف يثير موافقة الاتحاد الأوروبي على منحها وضعية الشريك المتميز.
ولولا إصرار مصر وسوريا على مقاطعة الاجتماع والخشية من أن تبدو تونس في مظهر الخارق للإجماع العربي، لأقدمت على المشاركة والحضور إلى جانب ليبرمان.
ولم يكن المقترح الإسرائيلي الرسمي بترشيح بورقيبة لنيل جائزة نوبل للسلام نهاية محاولات التطبيع أو التعاون مع الكيان الغاصب، فقد أشارت تقارير أمنية إلى أن أطرافا من السلطة التونسية متورطة في عملية حمام الشط في أكتوبر/تشرين الأول 1985 التي استهدفت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المقيمة في تونس.
كما أن اللافت -وهذا هو الأهم بالنسبة لحصيلة مسيرة التطبيع مع العدو الصهيوني في فترة بورقيبة- أن هذا الأخير لم يسمح بتدريس القضية الفلسطينية في برامج التعليم بمختلف مراحله، وأن وسائل الإعلام طيلة حكمه لم تكن تستعمل صفة العدو الصهيوني مطلقا مثلما كان دارجا في وسائل الإعلام العربية، في حين كانت تتحرج إلى وقت قريب من الإشارة إلى حزب الله بالاسم وتكتفي بذكر المقاومة اللبنانية.
أشارت تقارير أمنية إلى أن أطرافا من السلطة التونسية متورطة في عملية حمام الشط في أكتوبر/تشرين الأول 1985 التي استهدفت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المقيمة في تونس
وشمل هذا الحظر الإعلامي أيضا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي ليشار إليهما بالمقاومة الوطنية الفلسطينية. وقد اقترن هذا الحظر الرسمي بغياب شبه كلي للقضية الفلسطينية من خطاب الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني في تلك الفترة إلا قليلا.
ولم تتخل السلطة الحالية عن إرث التطبيع، بل مضت فيه خطوات أكثر جرأة مقارنة بسلطة الحكم في فترة بورقيبة، إذ بدأت عهدها بتورط أطراف منها في اغتيال الزعيم أبو جهاد، ثم كان فتح مكتب تجاري لإسرائيل في تونس.
وبعدها جاءت دعوة مجرم الحرب أرييل شارون إلى تونس لولا الهبة التي قام بها المجتمع التونسي ضد هذه الدعوة التي غيرت بدعوة وزير خارجية شارون آنذاك سيلفان شالوم تحت ذريعة المشاركة في قمة المعلومات عام 2005، وهي تعلّة لا تصمد أمام التمحيص باعتبار أن شالوم زار تونس بعدها في أكثر من مناسبة.
كما أن السلطة سمحت لحاملي جوازات سفر صهيونية بدخول البلاد تحت لافتة الحج إلى معبد "الغريبة" بجزيرة جربة في الجنوب التونسي، وهي الحجة التي يبرع في إخراجها مثقفو التطبيع الذين تلتقي مصالحهم مع مصالح السلطة ويبدعون في تسويقها تحت شعارات الانفتاح والتسامح الديني وكرسي حوار الحضارات ورفض سياسة الكراسي الشاغرة.
وقد أبدع عدد من الأكاديميين التونسيين المحسوبين على تيار التطبيع في تسويق هذه السياسة من أجل الالتقاء مع أكاديميين صهاينة لم يتورعوا عن مساندة سياسة التقتيل والتهجير التي تمارسها حكومتهم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي كان فيه هؤلاء الأكاديميون الصهاينة يتعرضون لحملة مقاطعة أكاديمية في عدد من جامعات الدول الأوروبية، خاصة البريطانية منها.
وفي هذا السياق تبرز كتابات تونسية من جامعيين ومن يحسبون على الساحة الأدبية في تونس تنتقد المقاومة وتدعو إلى التطبيع، بل الأنكى من ذلك أن هذه المقالات نشرها أصحابها في مواقع إلكترونية صهيونية.
وإذا كان موقف الأكاديميين الأوروبيين محل تقدير في أوساط الشعب التونسي ونخبه الرافضة للتطبيع -وهي كثيرة- فإن الأمل كان معقودا على أن يسارع إلى الدعوة لمثل ذلك مثقفو تونس وأكاديميوها، لكن مرة أخرى يسبقنا إلى المكارم من هم أهل لها.
ولأن الشعب التونسي أثبت أنه أهل للمكارم المتعلقة بالقضايا القومية من خلال تصديه لقافلة العار التي غنت في إيلات المحتلة وهباته السابقة في كل المناسبات، فقد ظل هذا الصنف من الأكاديميين استثناء بينه.
ورغم ذلك لم يكن من الحكمة تجاهل ما يأتيه هؤلاء نظرا للمواقع التي يتبوؤونها داخل المجتمع، وهي مواقع تمكنهم من الاتصال المباشر والتأثير على عدد هام من أبناء الشعب، خاصة من جيل الشباب الذين يشكلون مستقبل البلاد.
وكلنا ثقة في أن القوى الرافضة للتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب ستتمكن من عزل تيار التطبيع، سياسيا كان أم ثقافيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.