تواجه وزارة الصحة في الحكومة المقالة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة "معضلة" التخلص من أدوية تالفة وفاسدة وصلتها كمساعدات, في ظل افتقاد القطاع للإمكانيات اللازمة لذلك ولتفادي مخاطر صحية وبيئية.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أنّ مستشفيات قطاع غزة تفتقد لأدنى الإمكانيات الصحية والعلمية السليمة للتخلص من الأدوية والأجهزة الصحية التالفة لديها مما يهدد بمخاطر جدية.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مدير مكتب المنظمة في غزة محمود ظاهر أن أزمة القطاع الكبرى تتمثل في أنه منطقة مغلقة "تدخل إليه المساعدات والتبرعات لكن لا يمكن خروجها أبدا تحت أي اعتبارات".
وأضاف أنّ القطاع يفتقد للمحارق الخاصة بالتخلص وإعدام الأدوية التالفة التي تشكل خطورة على الإنسان والبيئة, مشيرا إلى أنّ حل ذلك يكمن في إنشاء مخازن خاصة "لكن حتى هذه لدينا أزمة فيها بسبب استمرار منع إسرائيل توريد مواد البناء اللازمة لذلك".
وكرر ظاهر مطالب الصحة العالمية بضرورة رفع الحصار الإسرائيلي بشكل كامل لإيجاد نظام صحي ذي مواصفات من القدرة والكفاءة، نظرا لاحتياجات القطاع المتنامية خاصة عند الحديث عن 50 ألف مولود فقط العام الماضي جميعهم بحاجة للرعاية الطبية اللازمة.
تضخم وتلف الأدوية وأعلن مسؤولون في وزارة الصحة بالحكومة المقالة أنّ مستشفيات قطاع غزة تعاني من تضخم وتلف كميات كبيرة من الأدوية والوسائل الطبية بفعل التبرعات "العشوائية" المقدمة إليها.
وأضاف أحد المسؤولين أنّ الوزارة لديها الكثير من كميات التبرعات التي أرسلتها دول ومؤسسات مختلفة انتهت صلاحيتها تماما وباتت أضرارها أكثر من فوائدها.
وأوضح البرش في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أنّ 30% فقط من التبرعات الطبية التي وصلت بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع قبل 19 شهرا تم الاستفادة منها في المستشفيات والمرافق الصحية.
وذكر أن الصحة في غزة تسلمت أكثر من ألف و300 طن من المساعدات الصحية عبارة عن أدوية وأجهزة طبية، مشيرا إلى أنّ التبرعات العشوائية لهذه الكميات الكبيرة تسببت في العديد من المشاكل.
وأضاف أنّ ما نسبته 22% من التبرعات وصلت مخازن الوزارة "منتهية الصلاحية" وتقدر بمليونيْ دولار، لافتا إلى أنّ هذه الأدوية وصلت فاسدة من بلد المصدر وبعضها بسبب سوء التخزين على المعابر.
وكشف البرش أنّ كميات كبيرة من الأدوية التي جرى التبرع بها "لا تحمل اسما عالميا أو علميا وإنما تحمل أسماء تجارية غير مسجلة في البلدان المتلقية للتبرعات"، مشيرا إلى أنّ غالبها "غير مطابق للمواصفات ومعايير الجودة في الدول المانحة أو غير ملائمة للحاجة".
وأوضح أنّ بعضها كان عبارة عن عينات طبية مجانية أو قريبة الانتهاء أو منتهية الصلاحية قبل وصولها إلى غزة، "وهو أمر يعتبر هدرا للأدوية واستنفادا للسعة التخزينية".
استغلال تجاري واتهم البرش بعض جهات التبرع من دول ومؤسسات باستغلال معاناة سكان قطاع غزة تجاريا قائلا "غزة باتت عند البعض مكبا للدواء التالف لديهم، والبعض الآخر يستغلها بغرض التجارة".
وفي مقابل التبرعات العشوائية والكميات الفاسدة فإنّ المسؤولين في وزارة الصحة المقالة يؤكدون وجود نقص "حاد" في عشرات الأنواع من الأدوية والمعدات الطبية.
ويقول البرش في هذا السياق إنّ مخازن القطاع الصحية خالية تماما بنسبة 100% من 114 صنفا من الأدوية الرئيسية "رغم المطالبات العديدة للمتبرعين بتوفيرها"، معتبرا ذلك جزءا من سياسة تكريس الحصار على القطاع. وتقول مؤسسات حقوقية تنشط في غزة إنّ أكثر من 300 مريض توفوا خلال ثلاثة أعوام جراء تدهور وضعهم الصحي بسبب عدم تلقيهم العلاج اللازم في مستشفيات القطاع ومنعهم من السفر للخارج من أجل العلاج بسبب الحصار.
وقررت إسرائيل في مطلع الشهر الجاري إدخال تسهيلات على الحصار بزيادة عدد السلع التي تسمح بتوريدها إلى القطاع وإبقاء قيود على سلع أخرى، وذلك استجابة لضغوط دولية عقب مهاجمة قواتها البحرية "أسطول الحرية" يوم 31 مايو/أيار الماضي وقتل تسعة متضامنين أتراك.