ألف رحمة وسلام تنزل على الروح الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي كان يخاطب شعبه ويناديهم بشعب الجبّارين. وكان عرفات يتوجه للفلسطينيين جميعا على مختلف فصائلهم وحركاتهم ولم يتوجه إلى ''شعب الجبارين'' على أنهم فقط الفتحاويون مثلا بل كل الشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال الصهيوني. أتذكر كل هذا وبي لوعة كبرى على أفول زمن الزعماء في منطقتنا العربية ما عدا استثناء واحد أو إثنين على أكبر تقدير. في زمن أذيال الزعماء يطلّ علينا المنصف المرزوقي الرئيس المنتهية صلاحياته ليعلنها فتنة كبرى في البلاد التي عادت إلينا من بعيد ولا يزال غبار الطريق الوعرة عالقا بثيابها. انقلب على نتائج الانتخابات وعلى المسار الديمقراطي برمته وابتعد كثيرا عن الزعيم نيلسون مانديلا الذي يشبّه نفسه به ليقترب أكثر إلى لوران غباغبو الذي رفض إرادة الشعب الإيفواري. انقلب المرزوقي على حركة النهضة التي صنعته في صورة أقرب إلى ذلك الجاهلي الذي كان يعبد قطعة الحلوى ومن فرط جهلوته عندما يجوع يأكلها. استولى على قواعد النهضة خاصة الغاضبين منهم وأضاف إليهم القواعد التكفيرية ورابطات العنف ليسميهم ''شعب المواطنين'' في تقسيم واضح للتونسيين وينزع جورا وبهتانا صفة المواطنة عمن لا يساندونه في انقلابه. سينتهي المرزوقي النهاية المؤلمة له ولن ينساق المواطنون لدعوات العنف والتقسيم وسيخرج خروجا مذلا كنا لا نتمناه له. سيبقى التونسيون موحّدين متمسكين بإرادتهم التي عبّروا عنها عبر صناديق الاقتراع ولن ينجح انقلابه وأكثر ما يمكن أن يفعله هو تقسيم حركة النهضة التي تصدع بيتها. وعلى النهضة تحمّل عواقب نزوات المرزوقي وشيزوفرينيته, أما هذا الشعب فهو سائر في طريقه التي اختارها لنفسه مهما كاد الكائدون.