الجريدة:إبراهيم بوغانمي لم أكن لأتحدث في الموضوع الذي أعتبره تافها من جذوره ويرمي بنا في خضمّ الحملة الانتخابية لحركة النهضة غصبا عنا, بل كلما انتقدنا الواقعة كلما ورطنا أنفسنا في الترويج لحزب أفلس سياسيا ودينيا وأخلاقيا.. لم أكن لأتحدث في الموضوع لولا إصرار ''الحجاج'' على الطواف حول كعبة مزيفة من مدينة إلى أخرى الأمر الذي جعل عديد وسائل الإعلام في العالم وفي الوطن العربي تتندر ''بسذاجة'' التونسيين فيما وصفوهم آخرون ''بالانتهازيين'' وهو أمر أثارني كثيرا واستفزني أيما استفزاز. السؤال المطروح: لماذا يطوف التونسي اليوم حول كعبة مزيفة بلباس الإحرام ويخرّ ساجدا أمامها وكله خشوع؟؟ رئيس لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى محمد الشريف قاهر قال ''إن تشييد بناء يحاكي الكعبة والطواف بلباس الإحرام لا يجوز''. بينما وصفت عديد وسائل الإعلام العملية بالسابقة وتهكموا على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على اعتبار أن البادرة إنما هي من الجمعية التونسية للحج والعمرة بالاشتراك مع حركة النهضة. في بلد معتدل كتونس يبعد آلاف الكيلومترات عن البقاع المقدسة تظل زيارة بيت الله الحرام حلما وأمنية خاصة في ظل المضاربات المجنونة التي تشهدها مبالغ تكاليف الحج فيسعى الكثير إلى بلوغ النشوة بزيارة بيت الله الحرام بالطواف حول ''كعبة الغنوشي'' بدلا من كعبة سيدنا إبراهيم عليه السلام فيحصل نوع من الرضا والتعويض بعد أن يتقمصوا الدور من أوله إلى آخره كما يحصل مع كبار الممثلين على خشبة المسرح. لذلك حدثنا بعض الحاضرين في ''مناسك الحج'' الأخيرة في قفصة أن شيوخا وعجائز يطوفون حول الكعبة المزيفة وألسنتهم تلهج بالدعاء الصادق وعيونهم دامعة.. فأي تجارة دينية وسياسية هذه التي تزيد من حماقة هذا الشعب؟ حسب بعض الدارسين في علم الاجتماع ترمي النهضة من وراء هذه الحركات إلى احتلال الفضاء العام وشغله بدغدغة مشاعر المسلمين البسطاء فمرة يؤمّ الغنوشي المسلمين في صلاة العيد بالملعب الأولمبي بالملاسين ومرة أخرى تُعبّد شواطئ ومياه الحمامات لأداء صلاة العيد في عرض فرجوي بعيد عن الخشوع المفروض علينا عند أداء الصلوات, واليوم نجحّ بالناس داخل فضاء مزيف يذكرنا بما فعلته قناة الجزيرة عندما فبركت مشاهد تنقل للمشاهد البسيط وقائع سقوط بغداد والحال أنها لم تسقط بعد. الخوف كل الخوف من اتساع رقعة الخداع والكذب فنفاجأ بالنهضة تدعونا لعملية زواج بيضاء فتتلاعب بمشاعر الشباب العاطفية والجنسية المتأخر أصلا عن ركب الزواج ولكم أن تتخيلوا كيف تُنظم عملية بيضاء ''للنكاح'' :بلوغ النشوة دون حصول زواج كيف ذلك؟ أود أن أذكّر فقط أن الاستمناء شائع كثيرا بين شبابنا فالرجاء استنباط ''بدعة'' ناجعة لتأمين نجاح ''النكاح الأبيض''.