مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاص: المداخلة الكاملة لمحافظ البنك المركزي أمام المجلس الوطني التأسيسي
نشر في الجريدة التونسية يوم 18 - 07 - 2012


السيدات و السادة النواب المحترمين،
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالشكر للمجلس الموقّر لدعوتي للحضور اليوم و المساهمة في هذه الجلسة المخصصة لمواصلة النظر في قرار إقالة محافظ البنك المركزي التونسي.
السيدات و السادة النواب،
إنّ الموضوع المطروح لا يهمّ شخص المحافظ و لست أمامكم اليوم لأدافع عن منصب أو كرسي فهذا بعيد كلّ البعد عن اهتماماتي.
و كما بيّنتم السيد الرئيس هذه ليست محاكمة و لم أحظر لأدافع عن نفسي، إنني أحضر اليوم لتقديم البيانات و التوضيحات و الحقائق للمجلس لتمكينه من الاضطلاع بدوره في الرقابة و المساءلة حول قرار وقع اقتراحه من طرف السلطة التنفيذية و أريد بهذه المناسبة أن أثمّن دور المجلس التأسيسي في هذا المجال و روح المسؤولية في معالجة هذا الموضوع.
إنّي أحضر أمامكم اليوم كذلك لأدافع عن مؤسسة عتيدة و عريقة و حساسة في تونس هي البنك المركزي التونسي.
إن من يتحدث عن الشخصنة يحاول فقط أن يتجنّب الحديث في الموضوع الأساسي وهو مؤسسة البنك المركزي و استقلاليتها.
إن الحديث عن المبالغة في التأكيد عن الاستقلالية ينم عن نيّة مبيتة لضرب هذه الاستقلالية و ما طرح موضوع إقالة محافظ البنك المركزي اليوم بهذه الصّفة و بهذه المبرّرات إلاّ تأكيد جديد على أهمية و حيويّة موضوع الاستقلالية التي هي أساسا حماية لهذه المؤسسة من التجاذبات السياسية و التي نجد أنفسنا للأسف الشديد في خضمها اليوم.
السيدات و السادة النواب،
لقد تداولتم عند مناقشتكم قانون التنظيم المؤقت للسّلط العمومية موضوع استقلالية البنك المركزي مطوّلا و وقع التوصل إلى وفاق وقع تجسيمه في الفصل 26 من القانون كركيزة من ركائز الاستقلالية إضافة إلى ما تنصّ عليه القوانين الجاري بها العمل مثل تعيين المحافظ لمدّة ستّة سنوات و أعضاء مجلس الإدارة لمدّة ثلاثة سنوات.
و إنّي أعتبر أن القرار الذي قُدِّم للمجلس الوطني التأسيسي يتضارب مع معنى و روح ما أقرّه المجلس لأنّه يزجّ بهذه المؤسسة في الصراعات و التجاذبات السياسية و إن المستندات التي وقع تقديمها لقرار الإقالة ليست إلاّ مبرّرات وقع جمعها بعد أخذ القرار و ليس قبله .
إنّ المؤاخذات و المبرّرات المقدمة من طرف السلطة التنفيذية لإقالة المحافظ غير مقبولة لو أردنا أن تكون لدينا مؤسسة مستقلّة حسب ما هو متعامل به في المستوى الدولي و تكرس في الحقيقة مصداقية الدولة التونسية على المستوى العالمي لكن الأمر أخطر من ذلك لأن المبّررات المقدمة واهية و معاكسة للواقع و الحقيقة.
السيدات و السادة النواب،
لقد قدّم ليلة أمس الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية لدى السيد رئيس الحكومة جملة من المبرّرات لقرار الإعفاء و التي وجب الردّ عليها.
و أريد في البداية أن أقول بصفة واضحة و أنه لو قامت رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو كلاهما بالاستفسار و طلب المعلومات من البنك المركزي أو أي أطراف جدّية لما قُدّمت جملة هذه المبرّرات التي هي في جلّها إن لم أقل كلّها بعيدة عن الحقيقة و تحريف للواقع وهي مبرّرات واهية مأخوذة من مصادر غير معروفة أو غير جديّة و مبنيّة على الشائعات حتى في بعض الأحيان مرجعها الصحافة الصفراء و اسمحوا لي أن أبيّن لكم ذلك.
I. علاقة البنك المركزي بالسلطة التنفيذية و التفاعل مع الحكومة:
عبّر السيد الوزير لدى رئيس الحكومة عن الفتور و التوتّر في العلاقة بين الحكومة و البنك المركزي و فقدان الثقة و في هذا النطاق أريد أن أسوق لحضرات النواب ما يلي:
- لم تعبّر الحكومة في أي وقت من الأوقات و بأيّ وسيلة من الوسائل عن عدم موافقتها أو تحفظها عن أي جانب من جوانب السياسة النقدية أو البنكية للبنك المركزي أو عدم التنسيق بين الحكومة و البنك المركزي في أي مجال من المجالات .
فإن كان هناك توتّر فهو لا يرجع إلى خلافات أو مواقف مختلفة حول جوهر المواضيع.
و قد شارك البنك المركزي و بصفة منتظمة في كلّ الاجتماعات الوزارية الخاصّة بالمجال الاقتصادي و كان التعامل دائما عاديّا لا يشوبه أيّ توتر أو فتور.
و قد كانت و لا تزال علاقات العمل مع السيد رئيس الحكومة وديّة و مهنيّة لا يشوبها أي توتّر أو فتور.
و إن كانت هناك مصادر للتوتر فهي راجعة إلى أمرين الأول يخصّ تأكيد البنك المركزي على الاستقلالية خاصّة عندما أدرجت الحكومة توجّها للسياسة النقدية في برنامج عملها رأينا أنّه ليس من مشمولاتها و ذلك تأكيدا لما ينصّ عليه القانون و ليس خلافا حول جوهر السياسة النقدية، أمّا الأمر الثاني فهو يخصّ البيانات الشهرية لمجلس إدارة البنك المركزي و التي تحتوي على تقييم للوضع الاقتصادي و قرار حول السياسة النقدية. و قد رأى البعض أن هذه البيانات مصدر لفقدان الثقة في الاقتصاد تلحق ضررا بالاقتصاد و تُربك سياسة الحكومة، و إنّ هذا لشيء غريب، فمجلس إدارة البنك المركزي يقوم شهريا و حسب ما يقتضيه القانون بتقييم كامل و موضوعي للوضع و تقديم ملخص لفائدة الرأي العام و القطاع الاقتصادي فكيف يمكن أن يكون ذلك تسويق سلبي لصورة الاقتصاد؟
فهل نريد أن نرجع إلى عهد الرأي الواحد و الخطاب الواحد؟
فهل أنّ إثراء النقاش و تقديم تقييم قد لا يتجاوب تماما مع خطاب الحكومة يعتبر تسويقا سلبيا لصورة الاقتصاد ؟
أم هو العكس لو أن البنك المركزي لم يقم بدوره و إعطاء تشخيصه الموضوعي للمشاكل الاقتصادية و المالية فيكون ذلك ضربا لمصداقيته و يلحق ضررا بالاقتصاد و عدم أخذ القرار الصائب في الوقت المناسب؟ إنّنا نعمل في عالم متفتّح و المعلومة متاحة للجميع و ظهور أي شبهات حول مصداقية المؤسسة تكون له عواقب وخيمة على مصداقية الدولة التونسية بمجملها..
إنّ هذا الموضوع يظهر بصورة جليّة أن ما تريده الحكومة هو مؤسسة للبنك المركزي تسوق نفس الخطاب و الرأي و ليس مؤسسة محايدة تحاول تقديم قدر الإمكان تشخيصا و اقتراحات قد تختلف في بعض الأحيان مع ما تراه الحكومة لكنها تخدم الصالح العام.
فهل هذا عالم الديمقراطية الذي نريده؟
- أشار السيد الوزير و لمّح لمسؤولية البنك المركزي في تخفيض الترقيم السيادي لتونس من طرف مؤسسة S &P و إنّ ذلك مغالطة، فمن يرجع لحيثيات القرار لهذه المؤسسة يرى بصفة واضحة أنه راجع إلى تقييم لقدرة الحكومة على اتخاذ القرارات اللاّزمة لمجابهة المشاكل الاقتصادية و عدم وضوح الرؤى فيما يخصّ المراحل السياسية القادمة، و أريد أن أضيف أنّه حسب ما بلغنا فإنّ ذلك راجع لعدم تقديم أعضاء الحكومة الذين قابلتهم البِعثة لما هو مقنع في هذا المجال مع العلم أنّهم لم يتمكّنوا من إتمام بعض المقابلات التي كانت مبرمجة مع بعض أعضاء الحكومة.
إنّ محاولة تحميل مسؤولية هذا التخفيض للبنك المركزي لا تستند إلى أيّ حقيقة بل محاولة لإخفاء مسؤولية الحكومة الأساسية.
- أشار كذلك السيد الوزير إلى محدودية فاعلية و نتائج السياسة النقدية التي اتّبعها البنك المركزي دون أن يقدّم أي مستندات أو دراسات في ذلك الخصوص بينما أفادت كلّ التقارير للأخصائيين سلامة تلك السياسة و استجابتها لمتطلبات الوضع الصعب الذي عرفته البلاد.
و من بين ما أشار إليه من نتائج سلبية نخصّ بالذكر تدهور الرصيد من العملة الصعبة و انزلاق سعر الصرف للدينار وهذا لشيء غريب، حيث يشهد الأخصّائيون بنجاح تونس مقارنة بالبلدان التي واجهت مثل هذه الصعوبات من الإدارة السّليمة لسياسة سعر الصرف بشيء من المرونة مع عدم الانزلاق و المحافظة على احتياطي من العملة الأجنبية مريح بدون استعمال أيّ سياسات رقابية إضافية، و أريد أن أضيف في هذا السياق أنّ من القواعد الاقتصادية الثابتة أنّه لا يمكن في نفس الوقت الحفاظ على مستوى الموجودات بالعملة الصعبة و مستوى سعر الصرف في نفس الوقت و استقرار أحدهما يكون على حساب الآخر، أمّا في وضعنا فقد نجحنا رغم الانهيار التامّ للمداخيل من العملة الصعبة سنة 2011 في المحافظة على بعض التوازن في هذا المجال و على كلّ حال فإنّ الحكومة لم تقدّم أيّ تصوّرا أو اقتراح عملي في هذا المجال.
لقد لمّح السيد الوزير في مداخلته إلى أنّ سياسة البنك المركزي ألحقت ضررا بالسياسة الاقتصادية للبلاد و ساهمت في زعزعة الرأي العام، وأعتبر هذا الاتّهام خطير و لا يستند إلى أيّة مؤيدات بل هو تحامل على البنك المركزي و إنّنا نعتبر كما هو الشأن من طرف كل الأخصائيين الّذين درسوا بجدّية الموضوع بأن سياسة البنك المركزي و الدور الذي قام به ساهم في دعم الثقة و تجنّب مخاطر كارثية كان الاقتصاد الوطني عرضة لها بل دعم كذلك استرجاع نسق النمو بصفة ملحوظة.
II. موضوع ترشيد و تحديث المؤسسة:
لو حاول من قدّم هذه المبرّرات معرفة الواقع لعلم أنّ مؤسسة البنك المركزي عرفت منذ سنة و نصف أشمل و أعمق عملية ترشيد و تحديث في تاريخها. لقد وقع إدخال إصلاح كامل يهمّ الحوكمة و الهيكلة و طرق التسيير و العمليات و التكوين و إدارة الموارد البشرية، و يطول شرح كل هذه الإصلاحات لذلك فسوف أعرّج فقط على بعض النقاط التي وقع إبرازها من بين المبرّرات.
*الحوكمة فيما يخصّ السياسة النقدية:
-إنّ ما قاله السيد الوزير حول إدارة السياسة النقدية ينم عن عدم معرفة بالواقع و التنظيم المعتمد في البنك المركزي فإنّه غير صحيح أنّ السياسة النقدية تقودها لجنة فنيّة متكوّنة من إطارات من البنك، بل يقودها مجلس إدارة البنك كما تُبيّن ذلك البيانات الشهرية للمجلس.
- إن اللجنة الفنية التي تحدّث عنها الوزير موجودة كما هو الحال في كلّ البنوك المركزيّة و دورها هو الإنجاز العملي لجانب من السياسة النقدية عن طريق طلبات العروض الأسبوعية لإعادة تمويل البنوك.
- يتمتّع مجلس الإدارة بكل الصلاحيات في هذا المجال و قد قرّر في الفترة الأخيرة بعث لجنة للسياسة النقدية تعدّ أعمال المجلس في هذا المجال.
و أريد أن أفيد المجلس بأن البنك المركزي يعمل على إدخال إصلاح أعمق و أشمل في مجال السياسة النقدية بالتعاون مع بنوك مركزية أجنبية مثل فرنسا و السويد و بولونيا و هذا البرنامج هو في طور الإعداد لكنّه يستدعي بعض الوقت لاكتماله.
*التدقيق داخل البنك المركزي
لقد وقع ردّ الاعتبار لمهمّة التدقيق في البنك المركزي ووقع بعث لجنة للتدقيق منبثقة عن مجلس الإدارة لتشرف على هذا العمل ووقع القيام منذ سنة و نصف بالعديد من مهمّات التدقيق التي تقع متابعة نتائجها و توصياتها.
* عدم القيام بتدقيق شامل للبنك المركزي و تشخيص دقيق لوضعه هذا ادّعاء مخالف للواقع فقد وقع تشخيص دقيق داخلي لوضع المؤسسة و الوقوف على الإشكاليات المطروحة و بناء على ذلك وقعت إعادة هيكلة المؤسسة و التي أقرّها مجلس الإدارة ووقع إعادة توزيع المسؤوليات السامية من طرف المحافظ حسب القانون الجاري به العمل.
III. رقابة و إصلاح النظام البنكي
* إن ما جاء على لسان السيد الوزير فيما يخص إصلاح النظام البنكي و الرقابة يعتبر تحريفا للواقع و تجنيا على ما قام و يقوم به البنك المركزي و موظفيه في هذا المجال الحساس.
إنه من غير الصحيح أن البنك المركزي لم يقم حتى بالإعلان عن برنامج إصلاح هيكلي بل بالعكس انطلق فعلا الإصلاح في القطاع البنكي بإصدار منشور ماي 2011 لتعزيز قواعد الحوكمة في البنوك و دعم دور مجالس الإدارة و تطوير تركيبتها و النهوض بطرق التصرف في المخاطر.
كما وقعت مراجعة قواعد التصرف الحذر لملائمتها مع المعايير الدولية و تطور مخاطر البنوك و التي ارتكزت على تعزيز الأموال الذاتية و على حسن توزيع المخاطر.
ووقع الشروع في برنامج لدعم الأموال الذاتية للشركة التونسية للبنك و إخضاع البنوك العمومية الثلاثة لبرنامج تدقيق خارجي بالتعاون مع وزارة المالية.
و تندرج كل هذه الإصلاحات في نطاق برنامج أشمل لإصلاح القطاع وقع إعداده و سيقع عرضه قريبا على الحكومة للنظر فيه و من أهم مكوناته برنامجا كاملا لمعالجة مشكلة القروض المصنفة و برنامجا تصحيحيا لهيكلة البنوك العمومية و المراجعة الشاملة للإطار القانوني و الترتيبي للمهنة المصرفية بما في ذلك الصيرفة الإسلامية و إعادة هيكلة الخارطة المصرفية.
إن البنك المركزي يشعر بالأهمية البالغة لإصلاح القطاع البنكي و بالتحديات التي يواجهها لكنه يعمل بصفة مدروسة و مرحلية من أجل الحفاظ على استقرار القطاع من جهة و النهوض به من جهة أخرى، إن للبنك المركزي تصوّرا واضحا و متكاملا للإصلاح و أتمنّى أن يقدم الجميع بجرأة على أخذ القرارات اللاّزمة و التي تهمّ النظام القضائي و إصلاح المؤسسات العمومية و تمويلها و دعم مواردها.
* أشار السيد الوزير إلى ضعف الرقابة بالقطاع البنكي و هذا صحيح، لكنه لا يعلم أن من أهم الإصلاحات التي وقع الانطلاق فيها تهم الرقابة و تطويرها و ذلك عبر إعادة هيكلتها بدمج الرقابة المكتبية و الميدانية و تحديد برنامج انتداب يمتد على ثلاث سنوات لاستقطاب كفاءات قادرة على دعم الرقابة و تم الإعلان عن مناظرة أولى لانتداب 23 إطارا ووقع أيضا إعداد برنامج للمساعدة الفنية لتطوير طرق و آليات عمل المراقبة.
وفي نفس الوقت وقع الترفيع في نسق الرقابة الميدانية و إجراء 19 مهمة سنة 2011 و 9 خلال الستة الأشهر الأولى من 2011 و ليست هذه العمليات انطلاقا من العرائض و الشكايات فقط بل جلها كانت بناءا على إشكاليات وقع تشخيصها من طرف البنك المركزي.
*و فيما يخص المعاملات المالية لشبكة الفساد المرتبطة بالنظام السابق فاني أريد أن أذكر بأن البنك المركزي كان سباقا للتعهد بهذا الموضوع و اتخاذ الإجراءات الاحتياطية لتجميد الأصول إلى حين أن اتخذ القضاء الإجراءات اللازمة و قام البنك المركزي بجرد كامل لعمليات القروض التي تمتعت بها المؤسسات التابعة لشبكة الفساد و مد كل من القضاء و لجنة تقصي الحقائق بكل المعطيات التي توفرت لديه.
خلافا لما جاء في بيان السيد الوزير فقد قام البنك المركزي بعمل كبير لدراسة التحويلات المالية من طرف الأفراد الضالعين في الفساد من عائلات بن علي و الطرابلسي و المتعاملين معهم و قد وقع استعمال كل المعطيات التي وقع الوقوف عليها سواء في نطاق عمل القضاء أو في عمليات متابعة الأموال المنهوبة.
لا يمكن لأي كان أن يعطي دروسا للبنك المركزي في هذا المجال حيث قام بكل ما هو في صلاحياته للتعامل مع هذا الملف و بالسرعة المطلوبة.
IVملف استرجاع الأموال المنهوبة
* إن هذا الملف ليس من مسؤولية البنك المركزي وحده بل لجنة وزارية وطنيّة. و إن أردنا استعمال انعدام النّجاعة في عمل هذه اللجنة لإقالة محافظ البنك المركزي فيكون من الواجب إقالة وزير المالية و وزير العدل و وزير الخارجيّة و الوزير المكلّف بالفساد لأنّهم أيضا أعضاء مسؤولون في هذه اللجنة.
* أمّا في ما يخصّ عدم نجاعة أعمال اللجنة مقارنة بالتجارب الأخرى فهذا ينمّ عن جهل كامل بالموضوع لأنّه غير صحيح تماما. فلا توجد أيّة تجربة نجحت في استرجاع أموال منهوبة في سنة أو سنة ونصف. إذ أنّ أول قضيّة تمّ فيها استرجاع نسبة من الأموال المنهوبة في مدّة اعتبرت الأقصر هي قضيّة "أباشا" (4 سنوات) وهي قضيّة مازالت سارية منذ 1999.
كما ان الآجال في هذه القضايا المتشعبة يبقى رهن عوامل عدة منها خاصة الطعون في كل مراحل التقاضي التي يقوم بها المتهمون ومدى الدفع السياسي للملف . وقد قام العديد من الأشخاص المعنيين بطعون ضد الدولة التونسية في القضايا المنشورة في سويسرا.
ويمكن أن نوافي النواب المحترمين بجدول في الأموال المنهوبة التي تمّ استرجاعها على المستوى العالمي تمّ إعداده من قبل منظّمة دولية غير حكوميّة يبيّن الآجال التي استغرقتها إجراءات الاسترجاع في العديد من البلدان.
* أمّا فيما يتعلق بنجاعة مكتب المحاماة:
- ما قاله السيّد الوزير في أنّ مكتب المحاماة وقع اختياره من طرف محافظ البنك المركزي بدون منافسة ينافي تماما الحقيقة. إذ وقع اختيار المكتب من طرف اللجنة بالإجماع وذلك إثر استشارة 8 مكاتب دولية تمّ اختيارها بالتشاور مع الآليّة الإفريقية للدعم القانوني بالبنك الإفريقي للتنمية الذي يموّل العمليّة والذّي اشرف على فتح العروض وترتيب المكاتب حسب ما تم تحديده في عناصر الاستشارة التي تم إعدادها من قبل آلية البنك الإفريقي للتنمية .
وقد أشاد وزير العدل في الجلسة الوزارية المضيّقة التي التأمت في جانفي 2012 والمخصّصة لملف استرجاع الأموال بحسن اختيار مكاتب المحاماة الذّي قال في شأنها أنّها " ذات صيت عالمي وتتميّز بالحرفية والكفاءة ".
أما بخصوص الغموض الذي يكتنف شروط الاتفاقية المبرمة مع مكتب المحاماة. يشار أولا أن توكيل المحامي يتم من قبل المكلف العام بنزاعات الدولة وأن أصل الاتفاقية موجود لدى مصالحه. وقبل عرض مشروع الاتفاقية على اللجنة تمت دراسته من قبل فريق يشمل السيد المكلف العام بنزاعات الدولة و مستشار وزير العدل عضو اللجنة وعضوين من الفريق العملي للجنة.
كما طلبت اللجنة من السيد المكلف العام بنزاعات الدولة بأن يعرض مشروع الاتفاقية على مكتب محاماة تونسي سبق له تمثيل الدولة التونسية في قضايا دولية للاستئناس برأيه وهو ما تم.
* وبصفة عامة أريد أن أذكّر بأن أول ملف تعاملت فيه مع رئاسة الحكومة الجديدة بعد الانتخابات هو ملف استرجاع الأموال المنهوبة و طلبت من رئيس الحكومة أن تقدّم له اللجنة أعمالها و كان ذلك في شهر جانفي و بارك رئيس الحكومة التمشي والإستراتيجية التي وقع وضعها.
وقد عرضت آنذاك وبعدها على رئاسة الحكومة أن تكلّف جهة أخرى بالإشراف على هذه اللجنة إن رأت ذلك صالحا و أنني لست متشبثا برئاسة اللجنة لكن رئاسة الحكومة عبّرت عن ارتياحها لعمل اللجنة كما أن السيد وزير العدل والسيد الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بمكافحة الفساد قد أعلنا مرارا للصحافة الوطنية بجدية عمل اللجنة . ومن الغريب أن يتمّ بعد ذلك تبرير الإقالة بعدم نجاعة اللجنة.
* طلب الدعم السياسي لعمل اللجنة من الحكومة:
تمّت زيارة العديد من البلدان الأجنبيّة وقد تبيّن أنّ جهاتها القضائية لا تتعامل مع الملف بالسرعة المطلوبة أو أن طلبات التعاون الدولي المرسلة من تونس لم تتم إحالتها إلى الجهات القضائية. كما تبين أنه في بعض البلدان يتعهّد قاض وحيد بمعونة محقّق واحد بملف استرجاع الأموال المنهوبة لكلّ من تونس ومصر وليبيا. لذا تمّ التأكيد في إطار المجلس الوزاري الذي انعقد في شهر جانفي 2012 على أهميّة التدخل السياسي في الموضوع وذلك لحساسيته باعتبار وجود بلدان ليست لها مصلحة أو رغبة في التعاون مع الجانب التونسي في المجال . وقد تمّ طلب إيلاء المسألة الأولوية التي تستحقّها وتقديم دعم سياسي كامل للملف من قبل الحكومة خاصّة لدى دول الخليج.
بل لاحظنا أن التدخلات السياسية كانت في بعض الأحيان لها نتائج عكسية كما وقع إثر تصريحات السيد رئيس الجمهورية فيما يخص التعاون مع سويسرا.
* موضوع لبنان
أمّا موضوع لبنان فإنّ اللجنة كانت حريصة كل الحرص على استرجاع الأموال المجمّدة و قد تمّت مقابلة المسؤولين على الملف عدّة مرّات في بضعة أشهر إلاّ أنّ الإشكال الذي طرح هو قرار السلط القضائية في شهر ماي 2012 بوجوب قيام الدولة التونسية بقضية مدنيّة لإنجاز طلب تنفيذ الحكم الجزائي الصادر من القضاء التونسي والقاضي بمصادرة الأموال المجمّدة في لبنان. و هو إجراء تمّ رفضه من قبل وزارة العدل التي أحالت مكتوبا في الغرض إلى وزارة العدل اللبنانية تعلّل فيه تحفظها على الموقف اللبناني.
السيدات و السادة النواب،
بناءا على ما وضّحته سابقا أعتبر أنّ المبرّرات و الحيثيات التي وقع تقديمها لقرار إقالة محافظ البنك المركزي لا ترتقي بل هي بعيدة كل البعد عمّا يمكن اعتباره مقبولا لمثل هذا الإجراء لأنها مبررات خاطئة أو بعيدة عن الواقع أو جانبية.
لو كان و لو الجزء القليل من المبرّرات لقرار الإقالة حسب ما صرّح به الوزير له أساس من الصحّة لقدّمت استقالتي من هذا المنصب منذ زمن طويل.
لقد رجعت إلى تونس بعد الثورة و بعد قضاء زمن طويل في الغربة لأنّه طلب منّي أن أكون في خدمة تونس و في غضون يومين تركت كل ما كان متاحا لي على المستوى العالمي لأكون في خدمة هذا الوطن و حاولت أن أقوم بذلك بعيدا عن التجاذبات السياسية و الانتماءات الحزبيّة، لكن للأسف أجد نفسي اليوم في خضم تلك التجاذبات التي تهدّد استقرار أهمّ مؤسسات الدولة في القطاع المالي.
السيدات و السادة النواب،
إن الأسباب الحقيقية لقرار الإقالة سياسية و تتعارض تماما مع ما أقرّه المجلس الوطني التأسيسي من استقلالية لمؤسسة البنك المركزي و الهدف يرمي إلى السيطرة الحزبية الضيقة على المؤسسة الوطنية المسؤولة على السياسة النقدية و الرقابة على القطاع البنكي.
الخيار الذي أمامكم واضح وهو بين الحفاظ و دعم مؤسسة مستقلة بعيدة عن التجاذبات السياسية و مؤسسة خاضعة للاعتبارات السياسية الضيقة و القصيرة المدى على حساب المصلحة العامة و الطويلة المدى.
إنّ التحامل و إرادة إزاحة محافظ البنك المركزي ليست جديد و لا تمتّ بصلة لما قام به أو يقوم به البنك المركزي من إصلاحات أو يقدمه من بيانات لم تطلبها الجهات التي قرّرت الإقالة.
لقد بدأت هذه الحملة منذ شهر جانفي و أريد أن أذكّر بأنه وقع الاعتداء يوم 19 جانفي 2012 على محافظ البنك المركزي وهو في مكتبه و مقرّه الرئيسي، كان الاعتداء على مؤسسة سيادية بالعنف المادي و اللفظي و المطالبة بالرحيل و لكن للأسف لم تندد بهذا الاعتداء على حرمة الدولة و سيادتها أي من الأطراف السيادية من رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو رئاسة المجلس الوطني التأسيسي.
و تواصلت هذه الحملات المغرضة في الأشهر الأخيرة مقدمة المبرّرات المختلفة و تستعمل الصحافة الصفراء المدعمة من الأطراف الأكثر تضلعا في الفساد كأهم الوسائل لهذه الحملة من الأكاذيب التي نجد صداها في مبررات الإقالة.
السيدات و السادة النواب،
الكلّ يعلم و أنّه منذ مدّة نيّة الإقالة كانت موجودة لكنّي فوجئت بالتطورات الأخيرة و الطريقة التي وقع فيها الإعلان عن ذلك في المرّة الأولى في حوار تلفزي لرئيس الجمهورية و الثانية الإعلان عن طريقfacebook .
و يوم 27 جوان إثر إعلان رئاسة الجمهورية عن القرار وقع الاتصال بي هاتفيا من طرف رئيس الحكومة الذي أعلمني أنه فوجئ كذلك بالقرار و أن الحكومة غير موافقة عليه.
و تمّ تأكيد ذلك من جديد مباشرة في لقاء مع رئيس الحكومة يوم الاثنين 2 جويلية و طلب منّي التريّث و عدم التعليق حول هذا القرار ريثما تقع محاولات للتخلّي عنه.
و إنّ تصريح السيد الوزير لدى رئيس الحكومة لمؤسسة AP لدليل واضح على هذا التمشي للحكومة و موقفها.
و أعلمت السيد رئيس الحكومة أني سأكون مجبرا على تقديم التوضيحات و موقف البنك المركزي من موضوع الإقالة إذا لم يقع التراجع عن القرار و لم توضح الحكومة موقفها.
و إنني لم أستعمل وسائل الإعلام و لم أتحدث للرأي العام عن هذا الموضوع إلا عندما أصبح واضحا أن القرار وجد طريقه نحو المجلس الوطني التأسيسي. و من الغريب أن يعاب على المحافظ أن يستعمل منابر الإعلام بينما أصبح العديد من أعضاء الحكومة يصرّحون بآرائهم في الموضوع و التي تتناقض أحيانا. كيف يمكن اعتبار تصاريح محافظ البنك المركزي خروجا عن واجب التحفظ بينما يقع الحديث في الموضوع من أطراف متعددة و يتواصل التحامل على البنك المركزي في هذه الفترة.
السيدات و السادة النواب،
لقد وضعت كل جهدي في السنة و النصف الأخيرة لإصلاح البنك المركزي و القطاع البنكي و تطويرهما، و أعتزّ كل الاعتزاز بما وقع إنجازه و ما هو في طور الإنجاز.
و حاولت أن أدافع على دور هذه المؤسسة و حمايتها كجزء من منظومة مؤسسات تعمل بتناسق مع بقية مؤسسات الدولة مع احترام كل طرف لصلاحياته، و أعتبر ذلك مساهمة في بناء النظام الديمقراطي الذي نصبوا إليه و الذي لا يقع فيه التركيز المفرط للسلطة.
لكن و للأسف أجد نفسي مجبرا على الاعتراف بأن الوضعية التي نجد أنفسنا فيها اليوم صعبة جدّا، فقد وصلت التجاذبات وقلّة الثقة إلى مستوى أصبح فيه التعامل بين مختلف المؤسسات صعبا و يمكن أن يكون مضرّا بمصلحة تونس واستقرارها المالي و الاقتصادي.
أصبح الخطاب السياسي و التعامل مزدوجا و الحكم المسبق على النوايا و التشييع السياسي هو الضابط للمواقف من الأشخاص و المؤسسات.
إنه لخطر على مؤسسات الدولة و على استقرار البلاد.
إن مسؤولية المجلس الوطني التأسيسي اليوم جسيمة في هذه المرحلة الحرجة التي كان من المفروض أن يقع التركيز فيها على إعداد الدستور و معالجة المسائل الأكيدة التي تهم المواطن التونسي من تشغيل و توفير الماء الصالح للشراب و الكهرباء و المصالح العمومية المختلفة. لكننا نجد أنفسنا نمضي و قتا ثمينا في إشكاليات مفتعلة ليست فيها إلا مضرة للبلاد و إرباك لمؤسسات حساسة و حيوية مثل البنك المركزي أو المؤسسات الأخرى مثل المعهد الوطني للإحصاء.
السيدات و السادة النواب،
أريد من جديد أن أتقدم لكم بالشكر لدعوتكم للحضور أمامكم و الإدلاء بشهادتي – كما قال البعض إن إعفاء شخص من مهامه ليس بمشكل في حد ذاته و ليس هناك أي شخص لا يمكن الاستغناء عن خدماته. لكن الأمر كان و لا يزال يهم المؤسسات و احترامها و إلا لما أمكن بناء الديمقراطية التي هي أساسا نظاما مؤسساتيا متكاملا.
إن الأمر موكل للمجلس التأسيسي للمحافظة و دعم مؤسسات الدولة و مصداقيتها في الداخل و الخارج و عدم إخضاعها للنزوات الشخصية و المصالح السياسية الضيقة و إنّي واثق بأن المجلس الوطني التأسيسي سيضع كل ثقله لحماية و دعم مؤسسة البنك المركزي بعيدا عن الاعتبارات الشخصية .
و أريد في الختام أن أعبّر من هذا المنبر عن تمنياتي و اعتزازي بما قام به البنك المركزي التونسي منذ الثورة من مجلس إدارة و إطارات عليا و موظفين في عمل جاد و دؤوب لخدمة المصلحة الوطنية و حماية الاقتصاد الوطني و استقرار القطاع المالي و النقدي، إني أعتزّ بكل ما وقع القيام به و انجازه و الذي يعترف به كل من حاول أن يتعرف عليه و يقيّمه بصفة موضوعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.