نابل.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجالس المحلية والمجلس الجهوي    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    كرة اليد: الترجي يحرز كأس تونس للمرة 30 ويتوج بالثنائي    بنزرت: وفاة أب غرقا ونجاة إبنيه في شاطئ سيدي سالم    مداهمة تجمّع ''شيطاني'' في إيران    لوقف حرب غزة.. ماكرون "يتحدث العربية والعبرية"    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    3 دول عربية ضمن أعلى 10 حرارات مسجلة عالميا مع بداية فصل الصيف    وزارة المالية تعلن عن اطلاق منصة ''تاج''    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    عاجل/ الإحتفاظ بشخص يهرّب المهاجرين الأفارقة من الكاف الى العاصمة    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    110 مليون دينار تمويلات لقطاع التمور...فرصة لدعم الإنتاج    غرق قارب بأفغانستان يودي بحياة 20 شخصا    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    الشركات الاهلية: جهود مكثفة للإسراع بإعداد دليل مرافقة الباعثين    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    بعد إغتيال 37 مترشحا : غدا المكسيك تجري الإنتخابات الاكثر دموية في العالم    حريق ضخم جنوب الجزائر    عاجل : منع الإصطياف و التخييم في هذه المناطق الغابية بداية من اليوم    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    طقس اليوم: أمطار منتظرة بهذه الجهات    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    مسرحية «تيتان» هنا وهناك    الانتقال الطاقي...مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    قفصة: وفاة 3 أفارقة من جنوب الصحراء وإصابة 20 آخرين في انقلاب شاحنة    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    الدور الثالث من بطولة رولان غاروس : من هي منافسة أنس جابر ؟    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التآمر الصهيو-أمريكي و غباء النّخب و القيادات السّياسيّة العربيّة
نشر في المصدر يوم 23 - 07 - 2013

الكثير من النّخب العلمانيّة و اللائكيّة و اللبراليّة مع الثّورجيّة روّجوا و يروّجون دائما أنّ أمريكا هي التي تصنع الأحداث، و أغلبهم يثقون في إلهاهم الأمريكي أكثر ممّا يثقون في الله الواحد القهار الذي بيده الأمر كلّه و الذي هو غالب على أمره في كلّ الحالات .

إنّ أمريكا يا سادتي تصنع الأحداث في حالات، و لكنّها أيضا بارعة في توظيف و استغلال الأحداث و الأوضاع في جميع أنحاء العالم، و في عالمنا العربي الظّروف متهيّئة للانفجار في كلّ لحظة منذ سنوات بسبب التّسلّط و التّخلّف في الحكم و القيادة، و ممّا عقّد الأمور الانسداد السّياسي الذي استمرّ لعقود دون تحرّك و إصلاح من الأنظمة الماسكة بالحكم و السّلطة .

و في حقيقة الأمر قد تفاجأت القيادات الأمريكيّة و الغربيّة ببداية انفجار الأحداث في تونس، فقد كانوا مركّزون كلّ مجهوداتهم الإستخباراتية على المشرق العربي و لكنّهم أخذوا من مغربه، و معلوم أنّ الولايات المتّحدة منذ سنوات كانت تحاول ترميم أنظمتها العميلة في تونس و مصر بالطّبع دون إدخال تغييرات جذرية، و قد نصحت بن على بعدم إعادة ترشّحه سنة 2009 و لكنّه لم يمتثل، و واهم من يعتقد أنّ أمريكا صادقة في الدّفع نحو تأسيس أنظمة ديمقراطيّة في عالمنا العربي، و قد انكشفت في غزّة و في مصر هاته الأيّام، فقد يسهل عليها تحقيق مصالحها بأنظمة تسلّطية استبداديّة أكثر من أنظمة ديمقراطيّة تحترم إرادة شعوبها و تحافظ على مصالح أوطانها .

حقيقة لقد تفاجأ الغرب و على رأسه الولايات المتّحدة الأمريكيّة بتفجّر الأوضاع، و لكن بسرعة ركب قادتها بحمائمهم و صقورهم على موجة الثورات العربيّة و عملوا على استغلال الأحداث لترميم النّظام في تونس دون تغييره جذريّا، و لكن الحراك الشّعبي كان أقوى ممّا تصوّروا و نمّ اقتلاع النّظام التّونسي الفاسد والعميل و بسرعة البرق انتقلت العدوى إلى مصر .

و قد تفاجأت القيادات الأمريكيّة للمرّة الثّانية بتفجّر الأوضاع في مصر و تحرّك الشعب المصري، و بعد ترقّب و مراقبة يئسوا من بقاء مبارك و سلّموها لقيادات الجيش، و لكنّهم تحت الضّغط الشّعبي فشلوا في تطويق الأمور و السّيطرة على الوضع، و اتّجهت الأمور كما في تونس نحو اقتلاع نظامهم الفاسد و العميل مع شخوصه و رموزه، و تحوّلت المطالب نحو التأسيس لنظام جديد ديمقراطي رشيد عبر انتخابات حرّة نزيهة و شفّافة، و لعب الفلول و الأزلام لعبة العودة من جديد و اكتساب شرعيّة كما فعل زملائهم في تونس عبر الصّناديق، و قد أنفقوا أموالا طائلة و تجنّدوا علّهم يعودون من جديد و يكتسبون شرعيّة جديدة عبر الانتخابات، و لكن الله ضيّع أموالهم و خيّب آمالهم كما فعل مع نظائرهم في تونس، و صدموا مع من تحالفوا معهم من علمانيّين و يساريّين بفشلهم في تونس و عدم فوز مرشّحهم أحمد شفيق الذي راهنوا عليه من أجل الالتفاف على الثّورة و الشعب الثائر في مصر .

و كما هو معلوم، اللّعبة السّياسيّة و التّعامل مع الشّأن السّياسي عبارة على تعامل مع أرض متحرّكة و غير ثابتة، و في كلّ لحظة يمكن مواجهة مفاجأة إن لم نقل مفاجآت، و الفعل السّياسي في الحقيقة هو فنّ التّعامل مع الواقع المتغيّر و المتحرّك وهو فنّ تحقيق المصالح و الإنجازات للشّعوب بأقل الخسائر و الأضرار، و أشير و أقول إنّ عمليّة تأسيس نظام جديد بعد الإطاحة بالأنظمة السّابقة مسألة تتطلّب سنوات و ليست بالأمر الهيّن الذي يمكن حسمه في شهور، و عمليّة بناء نظام ديمقراطي من المفروض أن تبدأ من الأسفل و ليس من القمّة كما حصل في تونس و مصر، و هذه من أسباب إسقاط حكم الإخوان في مصر و فشل الترويكا في تونس، فقد كان عليهم تحصين المحلّيّات التي تمسّ مصالح الشعب و تأثّر تأثيرا مباشرا على كلّ الخدمات، بدل التّوجّه الخاطئ لإصلاحات في قمّة الحكم لا تشعر الشّعوب بالتّغيير و التّحسّن في شؤون حياته و مصالحه .

و قد وجد النّظام الدّولي و على رأسه أمريكا في الثّورات العربيّة الفرصة السّانحة للتّخلّص من القدّافي المشاغب، و استغلّوا كعادتهم الحنق و الحراك الشّعبي، و قد نجحوا بعد اقتتال و دمار كلّف الوطن و الشّعب اللّيبي الكثير من التّضحية و الدّمار، و بعدها مباشرة اشتغلوا على سوريا من أجل الإطاحة بنظام البعث و ورّطوا الشّعب السّوري في فتنة أتت على الأخضر و اليابس، ضنّا منهم أنّهم سينجحون بسهولة في تدمير نظام بشّار كما فعلوا في ليبيا، و لكن فاتهم أنّ الوضع في سوريا غير الوضع و النّظام ليس كباقي الأنظمة العميلة، فهو نظام يرتكز على حزب و جيش عقائدي يصعب الإطاحة به، و هذا ما حصل و ما آلت إليه الأمور رغم الدّمار و الخسائر العظيمة في الأموال و الممتلكات و الأرواح .

و كما قلنا في البداية، غبي من يتصوّر أنّ النّظام الدّولي المتصهين و على رأسه أمريكا، أنّهم سيكونون سعداء بتأسيس أنظمة ديمقراطيّة في عالمنا العربي، و بعد تمديد مدّة الصّراع في سوريا و بداية يأسهم من الإطاحة بالنّظام تغيّرت الأهداف إلى سحق السلفيّين و إضعاف القطر السوري، و رغم أنّهم لم ينجحوا في إزاحة بشّار و نظام البعث فقد نجحوا في استنزاف و تدمير الشّعب و الوطن و الجيش السّوري مع التّخلّص على الأراضي العربية من كلّ شخص كما يقولون مشروع إرهابي يمكنه مقاتلة الغرب و إسرائيل بأموالنا العربيّة و أجناد عرب و لم ينفقوا في ذالك فلسا واحدا و لم يخسروا جنديّا واحدا، و هذا في حدّ ذاته إنجازا عظيما بالنسبة لهم و لإسرائيل، و نحن العرب بغبائنا السّياسي و اندفاعنا الدّيني العاطفي نحقّق لهم مصالحهم و ننفّذ لهم برامجهم دون أن نشعر .

و الآن بعد هذا التسونمي المدمّر على الأراضي العربيّة، تتركّز جهودهم و عملهم من أجل الخروج بأقلّ الخسائر و الأضرار، أي هم يعملون من أجل منع قيام أنظمة مناوئة لهم تهدّد أمن إسرائيل و لا تخدم مصالحهم، و قد بدؤوا بتغيير القادة القطريّين الذين دخلوا في لعبة دوليّة أكبر من حجمهم فأزاحتهم، و بعدها اتّجهوا إلى مصر و أخرجوا لنا انقلابا عسكريّا على النّظام الشّرعي المنتخب و هم إلى الآن رغم الضّغط الشّعبي يستميتون من أجل إنجاح خطّتهم و إنفاذ مآمراتهم .

و من يوم الانقلاب على الرّئيس المنتخب مرسي هم يشتغلون على مصر و يركّزون كلّ مجهودهم الإستخباراتي و السّياسي، فالوضع السّياسي المصري أمرا محوريّا و مصيريّا بسبب الجوار الإسرائيلي، فلن يسلّموها للإسلاميّين بسهولة، و قد تجرّؤوا على الشّرعيّة و انقلبوا على الرّئيس مرسي لإعادة تشكيل النّظام القديم في إخراج جديد، و الحمد لله أن الشّعب المصري خرج لهم على بكرة أبيه و وقف وقفة رجل واحد وهو اليوم يستميت من أجل التصدي للمآمرة و الدّفاع على الرّئيس الشّرعي و نظامهم المنبثق من إرادة الشّعب عبر انتخابات ديمقراطيّة شفّافة و نزيهة لأوّل مرّة في تاريخ مصر، و قد أجهضوا في السّابق عدّة تجارب ديمقراطيّة من حكومة مصدّق في إيران إلى تعطيل المسار الانتخابي في الجزائر و انقلابهم على الميثاق الوطني و المسار الدّيمقراطي في تونس بداية التّسعينات و سحقهم للإسلاميين و التنّكر للنّتائج في حكومة حماس في فلسطين، و هاته الأيام توّجوا فعلهم الأرعن بالانقلاب على الشّرعيّة في مصر، و دائما قادة العرب من سياسيين و أمنيين و عسكريين لا يتعلمّون من غيرهم و من تجارب الماضي و لم يعتبروا مما حدث في الجزائر و غيرها من البلدان، فقد تكبّد الشعب الجزائري خسائر في الأرواح و الأموال و الممتلكات وقد أعادوها في العراق و ليبيا و سوريا و ربّنا يحفظ مصر من الفتنة و كوارث التّناحر و الاقتتال .

و أتوجّه لمن هم في موقع القيادة في عالمنا العربي، و أقول لهم عليكم أن تعرفوا أن أمريكا لن تنفعكم و لن تحميكم، فالحماية لا تأتي إلا من الشّعوب، و لكم عدّة أمثلة من شاه إيران إلى صدّام إلى القدّافي و القادة في قطر و الكثير من القيادات و السّاسة في جميع أنحاء العالم الذين استغلّتهم الإدارة الأمريكيّة، و بعد انتهاء مهامّهم و صلاحيّاتهم رمتهم رمي الكلاب بكلّ إهانة و احتقار و رفضت مجرّد استضافتهم على أراضيها و توفير الحماية لهم، و لكن هل من معتبر .

و من المؤكد أنّه إن لم تنجح الولايات المتّحدة في عملية إزاحة الرئيس الشرعي مرسي العياط، و تمكّن الشّعب المصري من إجهاض مخطّطاتهم و إفشال مؤامراتهم، فهذا يعتبر نصر عظيم للأمّة العربيّة و الإسلاميّة على النّظام الغربي المتصهين و هزيمة مدوّية و فشل ذريع للأجهزة و الإدارة الأمريكيّة و كل أذيالهم في المنطقة الظّاهر منهم و الخفي من أباء جلدتنا و غيرهم من الصهاينة و العملاء ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.