المراسل-تونس قدم الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية اعتذارا للشعب السوري لدعوة ضيوف من حركة حزب الله اللبنانية لحضور المؤتمر التاسع لحركة النهضة ليكشف مرة أخرى عن قدرة سياسية على التقلب في مواقفه وفقا لما تقتضيه المناسبة. وكان إخوان سوريا قد أدانوا بقوة حزب النهضة على هذه الاستضافة. وأكدوا أن خبر توجيه الدعوة لحزب الله نزل كالصاعقة على نفوس الشعب السوري، لان مثل هذه الدعوة لا يوجهها إلا من ليس "لديه ضمير". وقالوا إنهم سيحيلون "الملف الى اعناق الاطفال المذبوحين والامهات الثكالى ودماء الشهداء". وساءت العلاقة بين إخوان سوريا وحزب الله بسبب وقوف أمينه العام حسن نصرالله إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وجاء اعتذار الغنوشي الذي يوصف برجل السياسة في جلباب ديني، بسبب ماقال إنه موقف الحزب اللبناني الداعم للرئيس السوري بشار الأسد ضد ثورة السوريين عليه. وأشار الشيخ المثير للجدل الأحد في تصريحات صحفية إن حزبه وجه دعوات على هامش مؤتمره لأحزاب من أنحاء مختلفة من العالم، كان من بينها حزب الله "بسبب التقدير لبلائه في المواجهة مع الصهاينة"، قائلا إنه تم إعفاء ممثله من مخاطبة المؤتمر "بسبب موقفه الموالي لنظام القمع الوحشي في سورية وعدائه للثورة السورية". وأضاف الغنوشي "خلال الحوار دعونا الضيف إلى مراجعة موقف الحزب الداعم بلا شروط لنظام قمعي فاسد يرتكب يوميا المجازر الشنيعة ضد شعب يزعم أنه شعبه. ومن حق إخواننا في الثورة السورية العظيمة أن يغضبوا علينا، ونحن نعتذر لهم، داعين الأمة إلى الوقوف من دون أدنى تحفظ للشد من أزر مجاهدي سورية". وقال مراقبون إن مثل هذه الازدواجية الغريبة في المواقف والقدرة على التخلص من أي مسؤولية، لا يجيدها غير الغنوشي الرجل المتقلب في علاقاته وتحالفاته على مدى تاريخه السياسي ونشاطاته ضمن حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت إلى حزب النهضة في تونس، ضمن الحركة الدولية للإخوان المسلمين. ولدى زيارته إلى واشنطن في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر، نفى الغنوشي أن يكون معجبا بالإمام الإيراني الراحل آية الله الخميني أو ان يكون قد أثنى عليه في فترة من الفترات. ويقول خصومه إن الغنوشي واحد من ابرز من شبعوا غزلا في الخميني وفكره ولم يسجل له موقف واحد من تهديدات ايرن ضد الدول العربية. وأنكر الغنوشي إعجابه بالخميني رغم أن المكتبات الإيرانية كانت قد احتفلت للتو بأحدث كتاب نشره وخصص أحد أقسامه الثلاثة للثورة الاسلامية والامام الخميني. وسبق وان زار الغنوشي العراق الذي كان يخوض حربا ضروسا ضد ايران، وقابل الرئيس الراحل صدّام حسين الذي رأى فيه "شخصيّة مرموقة وجديرة بالتقدير على جهاده وصلابته، ودفاعه عن قضايا شعبه وأمته"، مناقضا بذلك وصف "البعثي الملحد" الذي أطلقه الخميني على صدام. واثناء الجدل الذي احتدم في تونس بشان تسليم البغدادي المحمودي إلى طرابلس، اتهمت مصادر ليبية كانت مقربة من نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي راشد الغنوشي الذي يقف حزبه وراء تسليم المحمودي، بأنه عض اليد التي امتدت له بالاموال أثناء فترة هروبه من نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وكشفت المصادر أن معمر القذافي لم يكن يدخر جهدا في مساعدة رموز حركة النهضة التونسية الذين كانوا في السجون والمنفى. وأضافت أنه من المفارقات العجيبة أن رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي هو الذي كان يتوسط ويعمل على إيصال المساعدات المالية التي كان يقررها العقيد لرموز حركة النهضة من أمثال رئيسها راشد الغنوشي ورئيس الحكومة التونسية الحالي حمادي الجبالي. وتشيع هذه الازدواجية في خطابات وممارسات حزب النهضة أجواء من الخوف على مستقبل الحياة السياسية والثقافية في تونس. ويؤكد الغنوشي أن حركته تبحث عن التعايش المشترك مع بقية مكونات المجتمع التونسي، لكن الأحزاب التقدمية والمنظمات التونسية تؤكد أن حزب النهضة استغل أجواء الحرية في البلاد وشرع في "أسلمة" المجتمع التونسي المسلم المنفتح، بما يكفل سيطرة هذا الحزب على كل تفاصيل الحياة في البلد الشمال إفريقي.