هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    إعلان نتيجة تصويت أندية "البريمير ليغ" على إلغاء تقنية الفيديو "VAR"    غزة.. إصابة 24 جنديا صهيونيا خلال 24 ساعة    وزارة الداخلية تُطيح بالمُشرف على صفحة level bac في إطار مقاومة الغش في الباكلوريا    كيف سيكون طقس الجمعة؟    بن عروس: إيقاف 5 أشخاص بينهم شخص محل 19 منشور تفتيش    بعثة المنتخب الوطني تصل إلى جوهانزبورغ    بين هاتين الولايتين: الديوانة تحجز بضائع مهربة بقيمة تفوق المليار..#خبر_عاجل    رئيس الدولة يلتقي وزير الداخلية وكاتب الدولة المكلف بالأمن الوطني..وهذا فحوى اللقاء..    المهدية...أصرّ على تحقيق حُلمه بعد 20 سنة من الانقطاع عن الدّراسة ...شاكر الشّايب.. خمسينيّ يحصل على الإجازة في الفنون التشكيليّة    الفنان شريف علوي .. خلاصة مسيرتي ستكون على ركح قرطاج    رجال أحبهم الرسول ..أسامة بن زيد .. الحِبّ بن الحِبِّ    الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق    ملف الأسبوع...دين التسامح والرحمة والعفو ...الإسلامُ نقيض العنف    جبهات مشتعلة ولا نصر يذكر .. الاحتلال يقترب من هزيمة تاريخية    اعادة تهيئة الملعب الاولمبي بسوسة : نحو استكمال اشغال تركيز الانارة والسبورة اللامعة ومحطة الارسال التلفزي في موفى شهر جويلية القادم    نشطاء كوريون جنوبيون يرسلون بالونات محملة بمنشورات دعائية إلى الشمال    الأمم المتحدة تعتزم إدراج إسرائيل ضمن "قائمة العار"    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي من 29 جوان إلى 10 جويلية و11 سهرة في البرنامج    بلاغ هام للجامعة التونسية لكرة القدم..#خبر_عاجل    كأس العالم للسيدات (أقل من 20 سنة): "الفيفا" يقرر استخدام تقنية الفيديو    بن ڨردان: الاحتفاظ بمجموعة من الأنفار من أجل الإتجار في الأسلحة والذخيرة    قبلي: تنظيم ورشة تكوينية بمدرسة علوم التمريض حول استعمال المنظومة الاعلامية في تلاقيح الاطفال    الأونروا: "يوم مروع آخر" في غزة بعد قصف الجيش الصهيوني مدرسة للوكالة..    هيئة الدفاع: عبير موسي تواجه 5 قضايا شابتها عدة خروقات إجرائية..    تسجيل أكثر من 40 حالة غش في امتحان الباكالوريا بسليانة وسيدي بوزيد ومدنين    الموسيقي التونسي ظافر يوسف يقدم عرضا في مهرجان الجاز بشرق سيبيريا    إيلون ماسك: بعض الدول قد تختفي بسبب نقص الولادات    عاجل/ تونس تطرح مناقصة دولية لشراء القمح والشعير    عاجل/ جندوبة: العثور على جثة راعي بمنطقة جبلية على الحدود مع الجزائر    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    ذاكر لهيذب: شروط الترشّح متوفّرة وبرنامجي الإنتخابي جاهز    ديوان الطيران المدني والمطارات :ارتفاع حركة عبور المجال الجوّي    تونس تعكف على إعداد استراتيجية وطنية للتصدير تركز على أسواق آسيا وأمريكا اللاتينية    العائدات السياحية تزيد ب7،8 بالمائة في موفى ماي 2024    هيئة الانتخابات تتدارس ضبط انموذج التزكيات    وزيرة الصناعة تؤكد على مزيد استقطاب الإستثمارات الفرنسية إلى بلادنا    عاجل-أثارت ضجة كبيرة/ فاتورة ماء بإسم "الجمعية التعاونية الإسرائيلية": الصوناد تكشف وتوضح..    السيطرة بالكامل على البؤرة الثانية للحشرة القرمزية بالقصرين    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    بعد إنسحابه من رولان غاروس: نوفاك ديوكوفيتش يخضع لجراحة ناجحة في الركبة    عاجل: هيئة كبار علماء السعودية تكشف موعد عيد الأضحى    خطّ أخضر جديد ''192'' خاص بالإشعارات الموجّهة إلى مندوبي حماية الطفولة    وفاة برهان الكامل سفير تونس لدى باكستان    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    انطلاق أولى السفرات التجريبية لقطار المسافرين بين تونس والجزائر    عاجل/ مستجدات في جلسة محاكمة شيماء عيسى..    وزارة التربية تنفي تسريب اختبارات اليوم الثاني لإمتحان الباكالوريا    النادي الافريقي يصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    الدورة 65 لمهرجان سوسة الدولي: يسرى محنوش في الافتتاح ومرتضى في الاختتام    700 مليون دولار استثمارات تركية في تونس.. مساع لتعزيز المعاملات البينية    إسبانيا تنضمّ إلى الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني    اجة: مبادرة بقبلاط لتخفيض سعر الخرفان    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    السعال الديكي يتفشّى في أوروبا والسلطات تحذّر    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    رئيس الحكومة يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية بسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى تأسيس حركة النّهضة : الحلقة الرّابعة

رأينا في الحلقة السّابقة أنّ الإعلان كان مغامرة غير محسوبة العواقب لم تقرّره"الجماعة الإسلاميّة" لحركة النّهضة إلاّ فرارا من مواجهة أخطاء قياداتها، و اتخذته وهي في تمام وعيها أنّه تكتيك، إلاّ من أضمر تحريف مهامّ الجماعة ليصيّره سياسيّوها استراتيجيا، وعلى هذا الأساس يكون الإعلان خطأ حرّف مشروع الجماعة الإسلاميّة إلى نفق لعبة الكذب السّياسي.
وسأتعرّض في هذه الحلقة إلى تقييم الأداء السّياسي لتلك الحركة الذي انحصر تقريبا في خطاب هشّ قام على أمور أهمّا:
أ الخطاب المتشنّج وتبرير فشلها دائما بقمع السّلطة.
ب التّوظيف السّياسي لبعض أحداث الدّاخل أو الخارج الغامضة وشحن خطاب مخوّف من الصّحوة الجديدة في تونس.
ج اختزال المشروع الإسلامي في مقاومة القهر السّياسي وإسقاط العقيدة من التّدافع.
د الخطاب المزهوّ بالتّزكية والعجب والغرور.
ه الخطاب المراهن على 18 أكتوبر.
و الخطاب الذي يطرح الإسلام وقضاياه وفق شروط الغازي واعتناق بعض قيمه والتّرويج لمشروع الحرّيات في توليفة أو قل في انحناء أمامه واستعمال مصطلحاته والاغتراف من قاموسه: كحوار الأديان، والمرأة، والتّطرّف، والمجتمع المدني، والحداثة، والقائمة طويلة...
وسيقتصر بحثنا في هذه الحلقة على الأوّلين من هذا الخطاب.
1 الخطاب المتشنّج وتبرير فشلها دائما بقمع السّلطة:
إنّ لمن دواعي الأسف الشّديد أنّ خطاب حركة النّهضة لم يتغيّر نحو الأفضل وبقي يصرّ على تعمية الواقع ولا يذكر الحقيقة كاملة، ولا يزال كأنّه يتوجّه إلى العوام والبسطاء، ولم يفارق التّبرير الذي أدمن عليه ذلك الخطاب تفلّتا من تحمّل مسؤوليّة الكوارث التي ارتكبتها قيادة تلك الحركة، وهذا لعمري منهج يتنافى مع الأخلاق العربيّة الأصيلة.
فهذا رئيس تلك الحركة وفي كلّ مناسبة ينكر مسؤوليّته عن إدخال الحركة في تسريع المواجهات مع السّلطة، أمّا المنصفون فهم متأكّدون أنّ المواجهة التي وقعت سنة1987 كان لها أسباب متعدّدة، منها ما هو مباشر، وهو عثور السّلطة في منطقة الزّهروني سنة 1986 على أرشيف سرّي ضخم للحركة، وسبب آخر مهمّ جدّا وهو إصرار الأخ المشار إليه على نقل الصّراع السّياسي بين الحركة والسّلطة في المساجد، حيث أصرّ على التّدريس داخلها دون قرار من الحركة، وليس هو ما قاله الأستاذ حرص الحركة على تنفيذ الخيار الدّعويّ للحركة1.
ومع الأسف الشّديد فلا زال الأستاذ يصرّ على ذلك الخطاب حتّى في آخر بيان له بمناسبة الذّكرى27 للإعلان، ويدندن على أنّ ديكتاتوريّة الحكم في تونس هي السّبب الأكبر وراء تعطيل إنجازات الحركة، وهذا لا ننكره، ولكنّ هذه الحركة لها أكثر من ثمانية عشرة سنة في المهجر فهل استفادت وماذا أنجزت؟ إذن فرمي التّهمة
دوما على الاستبداد في كلّ حال فيه تجنّي من ناحية، وعناد وإصرار على براءتها من ناحية ثانية، ممّا يبيّن أنّ لوك قصّة التّفسير التّآمري عليها وتهرّبها من مواجهة الأسباب الحقيقيّة والبحث عن أيّ شيء يعترض طريقها تبرّر به أخطاءها وتدفع به اللّوم عن نفسها، صار مسلكا طبيعيّا ومألوفا لدى القوم، وهذا يقلّل من احترام النّاس لها.
إنّني لا أجانب الحقيقة حين أقول إنّه كلّما يتأكّد أنّ السّلطة ستشنّ حملة أمنيّة على الحركة، يقفز رئيسها إمّا بالإعلان وهو اقتراحه 2 أو بتحويل الصّراع في المساجد حتّى توهم الحركة في كلّ مواجهة أنّها الضّحيّة.
إنّ على تلك الحركة إن أرادت استعادة الثّقة والاحترام أن تتناول الدّواء الذي لا دواء غيره، وهو أن تنته تلك الحركة عن عدم تبرئة نفسها من تبعة ما حصل في البلاد، وأن تعترف بأخطائها وبتحمّلها عبئا كبيرا وثقيلا عن المآسي التي حصلت في البلاد.
2 التّوظيف السّياسي لبعض أحداث الدّاخل أو الخارج الغامضة وشحن الخطاب المخوّف من الصّحوة الجديدة في تونس:
انخرط خطاب حركة النّهضة في اللّعبة الكونيّة لمحاربة الصّحوة"المشرقيّة"وخضع للاستباق الابتزازي وتخلّى عن الواجب الشّرعيّ في نصرة الإسلاميّ المضطهد، والشّريعة تقاطرت نصوصها وتوافقت في أمرها بحتميّة وجوب نصر المظلومين الذين ينالهم العذاب أو الأسر أو الإذلال.
والعاقل ليتساءل لماذا هذا المنهج المتحامل على هؤلاء الشّباب الوطنيّين هويّة وسيادة ولو اجتمعوا ضدّ الملحقين بالغرب أو الفرس
لكان أشرف لهم وخيرا وأفضل وأطهر؟ لماذا يُسلمون شبابا لا نعرف عنهم شيئا؟ لماذا يزرعون بذور الاختلاف والتّنازع؟ أفلا يدلّ الخلاف المباح على صحّة شعبنا وحيويّته؟ وهل الخلاف السّياسي يؤدّي إلى هذا الحجم من الجفاء والقسوة في الحكم عليهم و تسليمهم والتّخلّي عنهم؟ لماذا تدندن حركة النّهضة على حقّها في الاختلاف وإذا جاء من ينافسها سلخته بألسنة حداد وبأقلام ومداد؟ ألسنا بأمسّ الحاجة إلى الاختلاف بعدما ساهمت حركة النّهضة إلى الانسداد في البلاد؟ لماذا لا تقبل تلك الحركة بحقّ الاختلاف وضرورة المنافسة الشّريفة؟ أليس من حقّ النّاس داخل البلاد وخارجها أن يختلفوا مع حركة النّهضة مادامت تلك الحركة جامدة لم تشهد عمليّة تصحيحيّة نوعيّة مهمّة من داخلها رغم ما أصابها من هزائم وفشل؟ لماذا يصرّون على هذا المسلك اللاّأخلاقي؟ لماذا لا يلتزمون بالأمر الشّرعي والانتصار لإخوانهم إن كانوا ظالمين فبالنّصح وإن كانوا مظلومين فبالنّصرة لهم؟
إنّه لمن المؤلم القول إنّ خطاب حركة النّهضة صار أداة حرب
تحريضيّة على التّيّار الشّبابي المضطهد داخل البلد، وَأَنْ يتقاطع ذلك الخطاب مع الزّمن الذي صار فيه قهر"السّلفيّة"أكبر دعاية سياسيّة وأنجع سلامة فرديّة وأضخم حملة انتخابيّة وأعظم أسهم للدّعم والرّضا والقبول، فهو أمر يحدث الرّيبة فضلا على أنّه مسلك
لا شرعيّ ولا أخلاقي لقول المشرّع"إنّ الأمير إذا ابتغى الرّيبة في النّاس أفسدهم"، و"من قال هلك النّاس فهو أهلَكُهم وأهلَكَهم"و"المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"و " من ذبّ عن عرض أخيه ذبّ الله عن وجهه النّار يوم القيامة"و" لا يقفنّ أحدكم موقفا يُضرب فيه رجل ظلما فانّ اللّعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه ومن حمى مؤمنا من منافق بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنّم" و"من أذلّ عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذلّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة".وفي الصّحيحين "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخْذُلُه ولا يحقره" و" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً "... وتوعّد الشّرع العزيز من تقاعس عن مدِّ يد النّصرة إلى مسلم وهو قادر"ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه؛ إلاّ خذله الله في موضع يحبّ فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وتنتهك فيه حرمته؛ إلاّ نصره الله في موضع يحبّ فيه نصرته"...
هذا بعض الواجب الشّرعي والأخلاقي والإنساني للشّباب المحاصرين في البلد، وإنّه لمن المرارة أن ترى النّهضويّين ينتصرون لقضايا العلمانيّين ويتحرّكون لهم بكلّ حماسة وعلى كافّة الأصعدة بما في ذلك إضراب الجوع، ويتودّدون لهم ويتقرّبون إليهم ويفرشون لهم الورود ويفتحون لهم بيوتهم ومطاعمهم ويشبعون بطونهم بما لذّ وطاب من خيرات القارّات وهو ما يكشف عن أزمة فكريّة وسلوكيّة بل و نفسيّة، في حين أنّهم لا يفعلون شيئا من ذلك للإسلاميّين الذين اضطهدوا داخل البلد سواء كانوا شيوخا أم شبابا، خذ لك مثلا ما وقع للشّيخ محمّد الهمّامي من إهانة وإذلال داخل سجون البلد، وهو رجل معروف من قيادات التّبليغ في تونس وفي فرنسا، لم تفعل له حركة النّهضة شيئا ولو إشارة يتيمة في بيان يتيم...
1- انظر حوار مع راشد الغنوشي: تنشيطا للذاكرة وتقويما للمفاهيم الجزء الأول
2- انظر مقالنا قصّة الإعلان، تجده في موقع تونس المسلمة، عنوان الرابط لهذا المقال هو
http://www.tunisalmoslima.com/modules.php?name=News&file=article&sid=11


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.