: استطاع الزميل الاعلامي هيشام ملحم من خلال حواره مع الرئيس باراك أوباما وضع اسم قناة العربية على ساحة الاعلام الفضائي الدولي بقوة , اذ يعد حوار الرئيس الأمريكي الجديد مع شاشة العربية أكبر سبق اعلامي تحققه القناة منذ تاريخ تأسيسها , حيث اختار أوباما أن يوجه أول رسائله الايجابية والحوارية الى العالم العربي والاسلامي عبر هذه الفضائية العربية البارزة ... القنوات الفضائية الغربية وأشهر وسائل الاعلام الدولية ووكالات الأنباء العالمية وأشهر الشبكات الاجتماعية العنكبوتية اختارت نقل الحوار التلفزي وترجمة محتواه الى أشهر اللغات العالمية , فكانت بذلك قناة العربية جسر الرئيس الأمريكي الجديد نحو جماهير المنطقة والعالم ... باراك أوباما عبر في أول ظهور تلفزيوني بارز عن رغبة ادارته في توثيق علاقاته مع العالم الاسلامي على أساس يسوده الحوار و الاحترام ... تحدث الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين عن تجربة عيشه في أندونوسيا وعن اتجاه ادارته نحو شراكة جديدة مع بلدان العالم الاسلامي ... السياسة الخارجية الأمريكية ستكون استنادا لتصريحات أوباما مبنية وفق أسس براغماتية جديدة , حيث أن كلماته اتسمت بالوضوح , اذ حملها رسائل تطمين هادئة وجهت أساسا نحو ايران والفلسطينين على حد سواء ... أوباما تحدث عن جولة مبعوثه جورج ميتشل بين دول الشرق الأوسط وعن ضرورة الانتظار الى حين تلقي نتائج رسائل هذه الزيارة ... كلمات أوباما تجاه ايران وحديثه عن استعداد أمريكا لمد يدها لهذه القوة الاقليمية في حال مد اليد الايرانية تجاه أمريكا , كلمات لايمكن أن تفهم من قبل الديبلوماسية الايرانية على غير وجه تغيير جذري في السياسة الخارجية الأمريكية ... العالم العربي والاسلامي تقبل بلا شك رسائل أوباما الديبلوماسية عبر قناة العربية بكثير من الارتياح والتفاؤل اذ لأول مرة تلوح بوادر تغيير مرتقب في طريقة تعاطي أمريكا مع قضايا العرب والمسلمين ... تساؤلات مشروعة يصاحبها الحذر والترقب: هل يستطيع أوباما تثبيت تصريحاته كخط سياسي دائم يلزم الادارة الأمريكية ومؤسستها العسكرية أم أنه سيصطدم في نهاية المطاف مع صقور هذه الادارة ومع لوبيات الضغط التي لن تكون سعيدة برؤية أمريكا منصفة لقضايا العالم الاسلامي ؟ سؤال ستمر الاجابة عليه حتما عبر مدى قدرة الرئيس الأمريكي الجديد على تجنيب العالم ومنطقة الشرق الأوسط تحديدا مخاطر اندلاع حروب جديدة , مع الأخذ بعين الاعتبار انصاف تطلعات الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة واعتبار القدس عاصمتها الأبدية . بالتأكيد فان أوباما يختلف كليا مع سلفه السابق جورج دبليو بوش الابن , اذ لم تعد كلمات الحرب الصليبية وكلمات الحرب العالمية ضد الارهاب ألفاظا محبذة وبات التمايز واضحا وكبيرا بين خطابي الزعيمين ... أوباما ذكر في لقائه مع العربية بمعاداة أمريكا لمجموعات القاعدة وتفرعاتها الارهابية ولكنه بالمقابل بدى ملما بتفاصيل الخارطة العربية الاسلامية حين أشار بين السطور الى الحركات الاسلامية النابذة للعنف والى جماهير العالم الاسلامي الذين توجه اليهم برسائل سياسية ايجابية تتأسس على الاحترام والحوار ... رئيس الدولة الأعظم بدى كذلك مراعيا في تصريحاته للتوازنات الاستراتيجية لسياسات أمريكا من خلال ادراكه الجيد لعمق العلاقات الأمريكية الاسرائيلية , غير أن ذلك لم يحل دون تمريره لرسائل سياسية وديبلوماسية واعدة تعيد التوازن لعلاقات أمريكا مع بلدان وشعوب العالم الاسلامي ... موجة ارتياح سجلها الشارع الأمريكي قبالة هذا الحوار في ظرف يتطلع فيه الناخب الأمريكي ودافع الضرائب الى ترميم علاقات أمريكا مع العالم الخارجي ... أزمة اقتصادية داخلية عميقة ستحد حتما من سياسة الانفاق العسكري ورئيس أمريكي جديد يبدو أنه فهم مخاطر المشاركة في حروب موروثة عن سلفه السابق ... واقع أمريكي داخلي صعب يقابله أوباما بذكاء مرصود على صعيد الرغبة في تلافي مواطن الوحل التي وضع فيها القرار الأمريكي ... رسائل وخطاب جديد يقود بهما أوباما أمريكا اليوم , غير أن تساؤلات الرئيس محمود عباس تجاه هذه التحولات في الخطاب تبقى قوية ومشروعة بالنظر الى أهمية الفعل والتحقق على أرضية الجغرافيا والتاريخ في عالم السياسة ... هناك يكمن التحدي بين نص الخطاب وشفاهته وبين جملة من التحديات الداخلية والخارجية التي تجعل الكثيرين في العالم العربي والاسلامي ينظرون الى أوباما وادارته بكثير من الأمل والحذر والترقب . *اعلامي ومحلل سياسي من أصل تونسي : [email protected] الهاتف : 00491785466311