توجه الرئيس الاميركي باراك اوباما امس الى مركز كنيدي الفضائي في فلوريدا في محاولة لتهدئة مخاوف منتقدي خطته لالغاء برنامج فضائي للصعود الى القمر بسبب ارتفاع ميزانيته واعادة رسم مستقبل وكالة الفضاء الاميركية (ناسا). وكان اوباما ألغى هذا العام برنامج «كونستاليشين» الذي كان يهدف الى زرع علم جديد على القمر بسبب ارتفاع كلفته وتأخر موعد تنفيذه. وقد اغضب هذا القرار العديدين وعلى راسهم نيل ارمسترونغ اول رجل يهبط على القمر. وفي خطوة لارضاء منتقديه الذين يقولون ان هذا القرار سيؤدي الى فقدان الوظائف، قرر اوباما الابقاء على كبسولة «اريون» التي هي جزء من مشروع كونتاليشين. ويقول البيت الابيض انه سيزيد ميزانية ناسا بنحو ستة مليارات دولار خلال الاعوام الخمس المقبلة كما سيخلق 2500 وظيفة في فلوريدا بحلول 2012. ومن شان ذلك ان يخلق مزيدا من الوظائف وسيتثمر المزيد من الاموال في الابتكار. واوضح المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيتس الاربعاء ان الخطوة الجديدة «ستزيد من فترة بقاء رواد الفضاء في الفضاء، وستؤدي الى اطلاق مزيد من الصواريخ، كما ستؤدي الى وضع برنامج فضائي اكثر طموحا واستدامة». ولكن وفيما يصور البيت الابيض الخطة الجديدة على انها اكثر طموحا وجرأة من المقترحات التي كشف عنها الرئيس الاميركي في شباط الماضي، الا ان النقاد يقولون انها لا تختلف عن تلك المقترحات. وتشمل الرؤية الجديدة التي جاءت في وثيقة من ثلاث صفحات نشرها البيت الابيض على موقعه على الانترنت، الوصول الى «سلسلة من المواقع العميقة في الفضاء» و»التقدم خطوة خطوة حتى نتمكن من الوصول الى المريخ». اما المقترحات التي طرحها اوباما في شباط فقد دعت الى الغاء برنامج «كونستاليشين» والى تولي القطاع الخاص عمليات الاطلاق الى الفضاء بعد انتهاء برنامج المكوكات الفضائية هذا العام، وتركيز وكالة ناسا على الابحاث. وقال غيبس ان لجنة خاصة تم تشكيلها لدراسة برنامج كونستاليشين خلصت الى ان «فكرة الصعود الى القمر بموجب الجدول الزمني المحدد غير ممكنة التنفيذ». واضاف ان «رؤية اوباما الجديدة لناسا» تاخذ التطلعات الفضائية الاميركية ابعد من القمر وتلتزم بان تتخذ بحلول 2015 قرارا حول الصاروخ المحدد اللازم لارسال رواد الفضاء الى الكواكب والقمر وربما المريخ. الا ان عضو الكونغرس الجمهوري بيل بوسي الذي يمثل جزءا من فلوريدا يعرف باسم ساحل الفضاء «كوست سبيس» حيث يقع مركز كيندي الفضائي، وصف الخطة الجديدة بانها «غامضة للغاية». وقال «الخطة ليست جديدة. انها وبشكل اساسي نفس الخطة التي كشف عنها في شباط ولم يفعل (اوباما) سوى ان وضع لها غلافا مع بعض الملاحظات». ويتوقع ان يؤدي الغاء برنامج كونستاليشين الى فقدان نحو تسعة الاف وظيفة في مركز كيندي الفضائي او نحو 60% من الموظفين، وسيترتب عليه ان تقوم الولاياتالمتحدة باية عمليات الى الفضاء على متن مركبات فضاء روسية الى حين تطوير صاروخ جديد. وانتقد المشرعون ورواد الفضاء اقتراح وقف اطلاق المكوكات الفضائية والغاء برنامج كونستاليشين، وقالوا ان ذلك سيؤدي الى فقدان العديد من الوظائف وسط ضعف الاقتصاد الاميركي وسيفقد الولاياتالمتحدة موقعها كرائدة في استكشاف الفضاء. وانتقد ارمسترونغ، بطل ابولو11، اوباما الثلاثاء واصفا خطة الغاء برنامج كوستاليشين بانها «مدمرة». ووقع ارمسترونغ وثلاثة رواد فضاء سابقين رسالة مفتوحة الى الرئيس قبل زيارته الى فلوريدا». وجاء في الرسالة انه «بالنسبة للولايات المتحدة، الدولة التي ظلت رائدة في مجال الفضاء لمدة تزيد عن نصف قرن، فان عدم وجود مركبة فضائية تصل الى مدار ارضي منخفض او قدرات بشرية لاستشكاف ما وراء مدار الارض .. يحكم على بلادنا بان تتراجع الى المرتبة الثانية وربما الثالثة في هذا المجال». وقال جون لوغسدون المدير السابق لمعهد سياسة الفضاء في جامعة جورج واشنطن ان استراتيجية اوباما التي وصفت بانها «الاجرأ» لا تحتوي سوى على تغييرات طفيفة على الخطة السابقة. الا انه قال ان زيارة اوباما الى فلوريدا لعرض رؤيته تمثل «خطوة ايجابية». وقالت ميليسا ستينز رئيسة غرفة تجارة كوكو بيتش جنوب مركز كنيدي فقالت «لننتظر ونرى». واضافت انه من النظرة الاولى فان خطة الرئيس تبدو «اكثر ايجابية من السابق». اما ريتشارد شيلبي السناتور الجمهوري البارز في اللجنة الفرعية المشرفة على انفاق الناسا فقد انتقد اوباما بشدة. وقال في بيان الاربعاء ان خطة اوباما «لا تمثل اي تقدم في السياسة او تحسن في برنامج كونستاليشين، ولكنه تخل مستمر عن ريادة اميركا في مجال الفضاء». 16 أبريل 2010