وزيرة الاقتصاد: قطاع النقل العمومي يحظى بأولوية في برامج عمل الحكومة    اندلاع حريق بمزرعة قمح وشعير في الكاف    نابل: تركيز نقطة بيع الأضاحي بالميزان بالمعمورة    في لقائه ببوعسكر: الرئيس يؤكّد على احترام الفصل 89 من الدستور؟    البقاع المقدسة : وفاة حاج تونسي    وفاة حاج تونسي اصيل ولاية مدنين    عاجل/من أجل فساد مالي وغسيل أموال: هذا ما تقرر في حق رجل الاعمال حاتم الشعبوني وثلاث اطارات بنكية..    مباراة ودية: الملعب التونسي يحقق الإنتصار أمام الأخضر الليبي    تحذير/ درجات الحرارة ستسجل اليوم السبت، ارتفاعا ملموسا يتجاوز المعدل الموسمي ب 8 درجات مئوية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الشهداء الى 36801..    في هذه الجامعة : تؤدي مناسك الحج وتكلف زميلتها باجراء الامتحان بدلاً منها    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 8 جوان 2024    عاجل/ وفاة حاج تونسي في مكة..    تطاوين الديوانة تحبط محاولة تهريب كمية هامة من السجائر بقيمة تفوق ال1.2 مليون دينار.    الجلسة العامة السنوية للشركة التونسية للبنك: مؤشرات مرضية و آفاق واعدة    سعيّد والدبيبة يتباحثان إعادة فتح معبر رأس جدير    بخلفية ثأرية: المنتخب الوطني في مواجهة قوية امام نظيره الناميبي    موعد جديد لنزال تايسون و'اليوتوبر' جيك بول    وفاة رائد الفضاء وليام أندرس في حادث تحطم طائرة    رئيس الجمهورية يثير مجددا ملف الشيك دون رصيد    عاجل/انتشال 11 جثة مهاجر غير شرعي من البحر قبالة سواحل ليبيا    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    جندوبة تحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "تأهّب لغير المتوقع "    وزارة التربية توضّح مسألة تمتيع المتعاقدين بالتغطية الصحية    تداول صور فضائية لآثار قصف "انصار الله" لحاملة طائرات أمريكية    جيش الإحتلال يبحث عن متطوعين للقتال معه في غزة    من أعلام تونس .. الشيخ إبراهيم بن الحاج معمر السلطاني ..أوّل إمام لأوّل جامع في غار الدماء سنة 1931    مدرب البرتغال يكشف للملأ انطباعه عن رونالدو    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    الفنان والحرفي الطيب زيود ل«الشروق» منجزاتي الفنية... إحياء للهوية بروح التجديد    في صالون الرواق جوهرة سوسة .. معرض «مشاعر بالألوان» للفنان التشكيلي محمود عمامو    بداية من الإثنين.. المبلغون عن الفساد في اعتصام مفتوح    بعد 17 عاما في السجن.. رجل متهم بالاغتصاب يحصل على البراءة    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    وزارة التربية: 159 حالة غش خلال اليومين الأولين لاختبارات الباكالوريا    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    بقيادة مدرّب تونسي: منتخب فلسطين يتأهل الى مونديال 2026    الحرارة تكون عند مستوى 31 درجة هذه الليلة بالجنوب    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    تونس من أكثر دول البحر الابيض المتوسط تعرضا لتغيير المناخ    الرابحي: قانون 2019 للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية فرض عدة إجراءات والتزامات على مُسدي الخدمات    نابل: اقتراح غلق 3 محلات بيع لحوم حمراء لهذا السبب    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    البريد التونسي يُغطّي 25 % من قيمة الادخار الوطني    المنتخب الوطني التونسي يصل إلى جنوب إفريقيا    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحدّي التغيير في البلاد العربية: تغيّر الحُكّام ولم يتغيّر الحُكم !

ما أسهل علينا نحن العرب، أن نُشخصن قضايانا، فنُشيطن حاكما ما، ونختزل فيه كل إخفاقاتنا وننسب إليه كل الفساد وجميع الجرائم، ونربط كلّ أحلامنا الوردية في التغيير وتدشين وضع أفضل، في التخلّص من شخصه وحلول حاكم جديد مكانه بأي طريقة تيسّرت. ولعلّ الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان آخر الأمثلة وأبلغها. لكن ما أصعب أن تتحقق الآمال بمجرد تغيير الأشخاص، ولو كانوا رؤساء أو ملوكا. فنحن غيّرنا أكثر من مرّة حكّامنا خلال الحقبة الحديثة. استبدلنا الملوك بالضباط الأحرار أو برؤساء لجمهوريات ناشئة، وتغير الملوك أو الرؤساء أحيانا بفعل الانقلابات أو الوفيات وهي آليات التداول المتاحة لدينا إلى حين، لكن في كل الأحوال لم تتغير أوضاعنا نوعيا كما تطلعنا في كل مرة. حكم الماركسيون والقوميون العرب والإسلاميون والليبراليون ومن لا يدخلون ضمن هذه التصنيفات، ولكن المشهد السياسي خاصة ظل يراوح وضعه والديمقراطية وحقوق الإنسان قيم لم تكد تتجاوز الشعار باللسان. فمع تأكيدنا على مبدإ التداول في الحكم واعتباره جوهر النظام الديمقراطي، حقيق بنا أن نعمّق النظر أكثر في تعقيدات التغيير ومتطلباته، في ضوء المشهد العراقي، لنستفيد من تجارب الماضي ونعي حقائق الأمور بعيدا عن العنتريات والشعارات وتبسيط القضايا إلى حدّ الإسفاف.
أخصّ البلدان العربية بالذكر في هذا المقال لأننا نكاد نكون استثناء في العالم، في مجال التنمية السياسية والديمقراطية وحقوق الإنسان. ولما أنا مقتنع به من ترابط المسار والمصير بين شعوب هذه المنطقة من العالم. وأخص العراق كمثال للانطلاق واستخلاص الدروس، لأنه آخر الأمثلة وأبلغها كما أسلفت، ولأنه الجرح النازف منذ سنوات، وتفاعلا مع الأحداث في هذا البلد العربي والتي شدّني منها مؤخرا الفيديو الذي نشره الدكتور هيثم مناع بشبكة "الفايس بوك"، وفيه عيّنات عن حالات التعذيب حتى الموت حصلت في محلات تابعة لوزارة الداخلية العراقية الحالية، والتي وثّقتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان مشكورة. تلك العيّنات التي تهزّ كل صاحب حسّ إنساني وتُفزع كل سويّ وتؤرّق كل مدافع عن حقوق الإنسان وتستفزّ كل مُتطلّع صادق للتغيير.
لم تكن تلك المشاهد سوى محرّك لأسئلة لا تنفك تخامرني وتتجدد في أعماقي مع كل إخفاق أقف عليه في طريق تطلّعاتنا نحن العرب إلى تغيير أوضاعنا نوعيا، بما يضمن كرامة الفرد وحقوقه، وبما يحقق المشاركة العامة والحرة في الحياة السياسية، وبما يضعنا على طريق الرّقي ويُدخلنا العصر الجديد ويعيد لأمتنا مكانتها المرموقة بين الأمم. ألم يأت الحكام الحاليون للعراق بوعود إنهاء الدكتاتورية والظلم والجرائم ضد الإنسانية وفي مقدمتها التعذيب حتى الموت والقتل الجماعي التي نُسبت لصدام ومساعديه من حزب البعث؟ ألم يُؤسس حكام العراق الجدد شرعيتهم السياسية على أساس أنهم ضحايا "العهد البائد" وأنهم المُؤتمنون على آمال العراقيين في التغيير؟ ألم يصدّع الأمريكيون والأوروبيون آذاننا بتعداد جرائم صدام والتبشير بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في العراق الجديد؟
أين نحن الآن من ذلك بعد أكثر من سبع سنوات من سقوط نظام البعث بالعراق؟ ألم تتأكد في العراق "الجديد" المذابح الجماعية للمُخالفين والتشويه بجثثهم؟ ألم تتفاقم الطائفية ويستشري القتل عل الهوية؟ هل قطع العراق فعلا مع الانفراد بالسلطة والقرار؟ والأهم من هذا كله وحتى لا نبعد عن موضوعنا وتتشعب بنا السبل، أسأل هل اختفى التعذيب والتنكيل بالمعارضين بعد انتهاء حكم صدام؟ لا شك أن التوثيق الموثوق به لحالات التعذيب حتى الموت وتشويه أجساد المعتقلين في مراكز الأمن أو الجيش العراقي، والتقارير المتواترة حول هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتي تعود فيها المسؤولية المباشرة لحكام العراق الحاليين، تجعلنا نقطع بأن الأمور لم تتغير في الجوهر من زاوية حقوق الإنسان وتطلعات الشعب العراقي إلى حياة كريمة وأوضاع تنسيهم آلام الماضي وذكرياته. فاستمرار التعذيب يؤكد بأن المشكلة ليست في تبدّل الحكّام، بل في جوهر الحكم وطبيعة القيم التي ينبني عليها ومضمون ثقافة المحكومين والقائمين على الحكم. وبالتالي ما قيمة تغيير الحكام، خاصة إذا كانت تكلفته باهظة، إذا لم يسعد المحكومون، وفي الحدّ الأدنى تُضمن سلامتهم وتتمّ حمايتهم من التعذيب والمعاملات القاسية والمهينة، والتي صارت من أكبر الجرائم المُستقبحة في البلدان التي حققت حداثتها وحصّنت مجتمعاتها ضد تلك الممارسات؟
ألم تلجأ إدارة بوش على سبيل المثال إلى البحث عن طرق وأماكن لممارسة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان غير الأمريكي أساسا خارج التراب الأمريكي، باستحداث السجون السرية واستعمال البحر ومعتقل غوانتانمو سيئ الذكر..، هروبا من طائلة القانون الأمريكي والرأي العام الأمريكي والآليات القانونية والمؤسساتية الأمريكية التي تحاصر التعذيب وتأخذ على أيدي مرتكبيه. لقد كانت الحرب على الإرهاب فرصة لكشف الغطاء عن تورط أجهزة أمريكية وأوروبية في انتهاك حقوق الإنسان، وكان المخلصون من نشطاء حقوق الإنسان، من الأمريكيين والأوروبيين أساسا وراء كشف تلك الانتهاكات. والدرس الذي يهمنا هنا هو الوقوف على أهمية ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع ووضع الآليات الضامنة لحمايتها من الانتهاك والتعويل في كل ذلك بالدرجة الأولى على المواطنين الأحرار المتشبعين بتلك الثقافة والمتمسكين بها في كل الظروف، والمترصّدين لكل من ينتهكها بالتتبع القانوني أمام القضاء وبالعقاب السياسي في الانتخابات.
فشلت الإدارة الأمريكية على أكثر من صعيد في حربها الظالمة ضد العراق، وأكبر فشلها الذي مازالت تكابر في الاعتراف به، هو فشل نموذجها في التغيير الديمقراطي وفي نشر حقوق الإنسان في البلاد العربية كما تدّعي. إنه الإخفاق الذر يع للأمريكيين ولحلفائهم في الحرب على العراق، ولكن ما يهمّنا في هذا المقال هو الوقوف على فشل التغيير في البلاد العربية من خلال المثال العراقي، اعتمادا على تغيير الحكام أساسا. لن ينجح التغيير الديمقراطي ولن تتكرس حقوق الإنسان دون النجاح في ترسيخ ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان وتأسيس الآليات الضامنة لها في الواقع. ولن نُؤمّن التغيير بالتعويل على شعارات دعاة التغيير ولا على وعودهم ولا حتى على نواياهم الصادقة. إن الضامن الوحيد والمُؤمّن للتغيير المنشود هو الشعب المُسلّح بثقافة التغيير والساهر على تطبيقها، ومؤسسات الدولة المستقلة التي ترعى ذلك. لا خوف من الحكام إذا حكموا مجتمعا ديمقراطيا ترسّخت فيه المواطنة وصارت ثقافة سائدة، وقامت فيه مؤسسات الدولة بدورها بصرف النظر عن الأشخاص الحاكمين. وصدق من قال قديما: "كيفما تكونوا يُولى عليكم".
من يضمن التغيير المنشود في البلاد العربية في ظل غياب مؤسسات الدولة أو ترهّلها أو تبعيّتها للفريق الحاكم وإفراغها من مُحتوياتها؟ وفي ظل ضعف الديمقراطية والعمل المؤسساتي داخل الأحزاب السياسية وفي جمعيات المجتمع المدني؟ وفي ظل عجز النخب في المواقع المختلفة عن إعطاء المثال في احترام المبادئ وتغليب المصلحة العامة وكسب المصداقية من خلال السلوك الفردي؟ هل نستسلم للاستبداد والفساد السائدين ويقتلنا اليأس؟ أو نسلّم مصيرنا لزعماء معارضين إذا دقّقت في خطاباتهم وآليات تفكيرهم وتتبعت مساراتهم وممارساتهم، قد لا تقف على فوارق بينهم وبين من ينقدونهم في الحكم سوى اختلاف المواقع؟ إذ ينتشر الفساد وتنعدم الشفافية ويُقمع المخالفون ويُقرب المُوالون ويُمجّد الزعيم داخل فضاءات الحكم كما بين المعارضين أيضا، وما الفرق إذن؟ هل ينجح التغيير إذا صدقت النوايا وتوفر العزم لدى الحكام أو المعارضين، في ظل مجتمع مُحتقن، يتنفس أفراده الاستبداد والانفراد بالرأي، ويضيقون بالنقد والاختلاف، وتفوح رائحة العنف والتنكيل بالخصم في عباراتهم، ولا ينتجون إلا حاشية موالية ومضلّلة، وأنصارا تُبّعا، وخطابا سياسيا ممجوجا وعدائيا ومتعصبا وسطحيا؟ باختصار العبارة، هل ثقافة الاستبداد من صناعة المستبدين دوما أم هي التي تصنعهم على الدوام؟
مع الأسف مازالت خطواتنا متعثرة على طريق النهضة بعد ما يزيد عن القرنين، ولم نُوفّق في الاستئناس بتجارب غيرنا رغم الدعوات المُبكرة لرواد الإصلاح. لقد شكّل عصر الأنوار في أوروبا مرحلة نوعية بجعل المواطنة حقا إنسانيا يتمتع به الجميع على قدم المساواة، حين أسّس روّاد التنوير الاجتماع السياسي على فكرة التعاقد وجعلوا المواطن عضوا في الدولة تربطه بها علاقة حقوق وواجبات. وجعلت الثورة الفرنسية المواطنة حقا قانونيا بإعلانها حقوق الإنسان والمواطنة، وترسّخت هذه المواطنة في أوروبا وأمريكا عبر الأجيال، بتطوير منظومة حقوق الإنسان وتغيير القوانين باطّراد، باتجاه مزيد من التحررية وضمان المساواة والكرامة. أما في منطقتنا العربية فيبدو أن مفهوم الغَلبَة، الضارب بجذوره في القرون الخوالي، ظل يؤسس الاجتماع السياسي في الدول الحديثة بدل مفهوم التعاقد. فالحاكم يستمدّ مشروعيته من قهر خصومه وغلبتهم وبسط نفوذه على الأغلبية التي وصفها الكواكبي بقوله: "عليهم يصول و بهم على غيرهم يجول" . وكان من الطبيعي أن تغيب المواطنة أو تضمر في ظل حكم الغلبة. وتلك من أهم معوقات الديمقراطية وحقوق الإنسان في ربوعنا وإحدى الفوارق النوعية بين أوضاعنا السياسية ونظيرتها في المجتمعات الديمقراطية. وهي فوارق تشمل السلوك المُواطني للحكام والمحكومين في آن. وقد بات من المؤكد التوقف عند التكلفة الباهظة لضمور المواطنة، وإعطاء الأولوية لتفعيلها، كشرط لا غنى عنه في رفع التحدّيات المختلفة وتحقيق التغيير المنشود.
لقد جربنا التغيير بالبداية من الأعلى واستهداف رأس السلطة وكانت النتائج مخيبة للآمال على مدى عقود، فهل نعي الدرس ونعدّل البوصلة ونجرّب مداخل ثبت نجاحها ولو في ربوع أخرى؟ هل حان الوقت لمراجعة عميقة لمناهج التغيير التي دأبنا عليها وروّجنا لها طويلا، وللفكر السياسي الذي قادنا في السابق، فنستبعد التنافي والإقصاء والإكراه ونحلّ التنافس السياسي بدل العداوة. ونعتمد الإصلاح الذي ينطلق من مرتكزات إيجابية في الواقع لمعالجة السلبيات، ويستبعد النقض واستئصال الخصم والبدائل الشمولية. ونتوخى التدرج والمرحلية والواقعية ونبحث في الممكن ونتفهّم تعقيدات الواقع وصعوباته، ولا نقع تحت إغراءات الفرضيات الذهنية القصوى. ونعمل بجاذبية الديمقراطية ونتحرك بروح التجديد والتطوير ومُراكمة الايجابيات والاستفادة من الأخطاء والمراهنة على المستقبل بتمكين الشباب وإعطائه الأولوية في الاهتمام والتكوين وتحمل المسؤولية في القيادة واتخاذ القرارات.
إن للعاملين على الإصلاح في ربوعنا، من داخل الحكم أو من خارجه، آفاقا رحبة في التطوير وكسب تحدّي التغيير، وإنّ لهم في تجارب الانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي الناجحة في إفريقيا الجنوبية وفي آسيا وفي أمريكا اللاتينية وفي أوروبا الشرقية وفي أماكن مختلفة من العالم أمثلة للاستئناس وليس للقياس، في تغيير الواقع نوعيا ودون قطيعة أو هزات، وفي بناء مُعجم خاص بالانتقال بين الفاعلين السياسيين، وتوخي المرحلية وبناء الوفاقات عبر الحوار الوطني ووضع الآليات الضامنة للتطبيق والحامية للمكتسبات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.