مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين عام حركة النهضة التونسية : «النهضة» لا تعارض العري والخمور في الفنادق
نشر في الوسط التونسية يوم 27 - 04 - 2011

توقع السيد حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة التونسية في حوار خاص مع «العرب»، أن تعود الحركة الاقتصادية والهدوء الأمني إلى تونس في فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات. وأكد أمين عام الحركة على أن «النهضة» لا تعارض العري والخمور في الفنادق، لأن ذلك سيضر بنحو مليون تونسي يعيشون من قطاع السياحة، قائلا: «إذا أغلقت الحانات فكل بيت سيتحول إلى حانة».
وأشار الجبالي إلى أن الحركة الإسلامية ستتحالف مع عدد من الأحزاب السياسية لمواجهة المشاكل ووضع تونس في مسار الدولة المدنية الديمقراطية.. وحذر الجبالي في حواره مع «العرب» من إمكانية ظهور مؤسسة أمن الدولة من جديد.. وطالب اتحاد الشغل -كقوة اجتماعية- بضرورة استقلاليته ومساندة المسار الديمقراطي..
إلى ذلك ذكر الجبالي أن أميركا والاتحاد الأوروبي يسعيان إلى بناء علاقات مع حركة النهضة تصحيحا لأخطائهم السابقة، مشيراً إلى أن ملف شمال إفريقيا سحب من فرنسا وسط تنافس كبير من الألمان والإنجليز والأميركان.. وأكد أن الدول الإسلامية بقيادة قطر وتركيا تسعى لمساعدة تونس بشتى الطرق، مطمئنا في ذات الوقت القيادة الجزائرية- المرتابة حاليا من العدوى- بعدم الخوف من حركة النهضة، لأنها حليف وشريك استراتيجي.. وقال الجبالي إن مشروع القدافي انتهى بلا رجعة.. وهذا نص الحوار:
 أعلن الدكتور منصف المرزوقي الأسبوع الماضي، عن وجود تحالفات بين عدد من الأحزاب وحزب النهضة.. ماذا عن ذلك؟
- فيما يخص التحالفات، نحن في الحركة أقررنا أن المسؤولية كبيرة في المستقبل القريب، خاصة فيما يخص الانتخابات.. الآن يرشحون الحركة كمرشحة أولى وهي الأكثر شعبية في تونس حسب سبر الآراء الذي قامت به شركة فرنسية، لكن هذا لا يغرينا كثيرا لأن فيه نوعا من الفخ لا يجب الوقوع فيه.. يعني لا يجب الانخراط في هذه اللعبة، وأن تدخل الحركة منفردة في الانتخابات القادمة وتستعرض عضلاتها مثل سنة 1989، التي استوعبنا منها درسا كبيرا وقمنا آنذاك بخطأ سياسي فادح عندما واجهنا لوحدنا المنظومة الاستبدادية.. الآن هناك مصالح كبيرة وهناك مسؤولية لا بد أن نتحملها، وهي أن البلاد في خطر.. حيث هناك خطر سياسي واقتصادي واجتماعي.. أريد الإشارة إلى أن القضية ليست بروز حركة كأنها تملك البديل أو تملك الحل لوحدها.. لا بد أن يكون العمل جماعيا وتوافقيا.. نحن سندخل مع أكبر عدد ممكن من التحالفات مع من يتفق معنا في القضايا الأساسية، منها الهوية والقيم التي نؤمن بها وكذلك التعددية والحرية.. ومنها القضايا الاجتماعية.. وقد بدأنا الاتصال مع هذه الأحزاب باستثناء تلك التي كانت يدها ملوثة مع بن علي.. سنعمل على توسيع هذا الائتلاف ليكون بديلا ديمقراطيا أكثر منه وصول حركة النهضة إلى الحكم.. أريد الإشارة إلى أننا تحادثنا مع الدكتور المرزوقي وغيره من الحركات.. ولا نريد أن نستثني أحدا، لهذا سوف نسعى إلى هذا التحالف قبل الانتخابات إن أمكن، وكذلك بعد الانتخابات.. لأن هذا ضروري لرفع التحدي خاصة الاقتصادي والاجتماعي.. فالبلاد تعيش مصاعب كبيرة جدا لا يمكن لطرف واحد أن يتحملها أو يتحمل مسؤوليتها.
 ما الأحزاب التي أعلنت تحالفها معكم؟
- هي لم تعلن التحالف إلى حد الآن.. نحن الآن بصدد جس النبض وبصدد الحوار، المنصف المرزوقي أعلن عن استعداده، وهناك أطراف أخرى أعلنت عن استعدادها رغم أنها أطراف صغيرة.. هناك 5 أو 6 أحزاب إسلامية أخرى، هناك أيضا من تربطنا بهم قضية الهوية من قوميين وعروبيين.. هناك ساحة لا بأس بها متحركة وهي عندها دور إيجابي وسنتصل بهم جميعا..
 من خصمكم السياسي؟
- التحالف لا يعني بالضرورة إقصاء الخصم أو مواجهة الخصم.. التحالف هو أن تجمع أكثر ما يمكن ليس لمواجهة خصم ولكن لمواجهة مشاكل.. فالبنسبة لنا ليست القضية أن نتحالف لنواجه.. ليس لنا خصم سياسي الآن.. نحن نعمل لنتغلب على المشاكل وليس على خصم سياسي دون سواه..
 الاتحاد التونسي للشغل أعلن صراحة أنه أصبح «مسيسا»، رغم أن مهمته نقابية، إضافة إلى ضمه العديد من الموالين لنظام بن علي.. فما مدى التوافق والتناسق بين حركة النهضة والأحزاب المتحالفة مع هذا التكتل الضخم؟
- نحن نريد أن نحترم استقلالية الاتحاد الذي لا بد أن يبقى الوعاء الذي تلتقي فيه الأحزاب وجميع التيارات.. نريد أن نحافظ على هذه الاستقلالية حفاظا على دور الاتحاد كقوة اجتماعية تساند باستقلاليتها المسار السياسي والأطراف السياسية.. نحن لا نريد أن نتخاصم مع الاتحاد.. فنحن موجودون وكل الأحزاب تقريبا موجودة على مستوى القيادات ومستوى القاعدة.. لا يجب أن تدور معركة الآن بسبب الاتحاد لأن ذلك سيضعفه، لذلك فإن دوره يجب أن يبقى إيجابيا لرفع التحدي الاقتصادي والاجتماعي.. أي أن الاتحاد يجب أن يكون حليف المرحلة القادمة حتى لا يعطل هذا المسار التوفيقي.. لا نريد أن نتحدث عن تاريخ الاتحاد، نحن نريد أن نطوي الصفحة وننظر إلى المستقبل.
 ماذا عن المسألة الأمنية؟ حيث ظهرت المؤسسة الأمنية خاوية بعد الثورة خاصة بعد الأحداث التي حصلت خلال الأسبوع الأخير في سيدي بوزيد وقفصة وعدد من الملاعب الرياضية..
- يجب الاتفاق على أن كل طرف مسؤول.. لا بد أن نحترم المنظومة الأمنية في تونس.. الوضع الحالي تدفع له عناصر عديدة تحن إلى الماضي.. انظروا إلى ماذا وصلت البلاد؟ هناك عناصر من الأمن القديم تخلوا عن مسؤوليتهم الأمنية في وقت من الأوقات حتى ينفلت الأمن في البلاد ويطالب الناس بعودة الأمن، وعندها يعود بطريقة أخرى.. نلاحظ في هذه الفترة الكلام عن هيبة الدولة والأمن والاستقرار، وهذه عناوين خطيرة.. من مصلحة عدد من الأشخاص أن تكون البلاد في فلتان أمني.. لذلك لا بد للأمن أن يعود لكن ليس بهذه الرؤية القديمة، حيث يتدخل الأمن في كل شيء خاصة في الحياة السياسية.. يجب أن يتدخل الأمن لصيانة المواطن وحقوقه وحريته.. لا يمكن لطرف مسؤول أن ينفي ذلك، لكن أن يرجع الأمن في ترتيب البيت السياسي كما بدأ الآن يظهر وتظهر مؤسسة أمن الدولة من جديد فهذا مرفوض.. وهناك خلط بين مطالبة المواطن برجوع الأمن في الشارع ومطالبة الجهاز الأمني بالتدخل في الحياة السياسية..
 وزير الخارجية الفرنسي دغدغ مشاعر الإسلاميين في زيارته الأخيرة إلى تونس، عندما أعلن أن الدولة الإسلامية تقريبا نجحت في تركيا، فلماذا لا تعاد التجربة في تونس.. ما رأيكم؟
- هو اعتراف بواقع، واعترافه جاء متأخرا.. ونعتبر أن موقفه ليس مفاجئا.. ففرنسا تشعر الآن أنها مهددة في مواقعها في البلاد العربية، خاصة في تونس التي تعتبر نموذجا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا لا بد من الحفاظ عليه.. فرنسا فهمت متأخرة، وقد قال ألان جوبيه «أخطأنا في فهم عمق أو مطالب الشعب التونسي في الحرية»، وبالتالي فرنسا الآن تريد العودة إلى الميدان وألا تتخلف، لأنها تعرف جيدا أن ورقة التحكم في الملف التونسي وشمال إفريقيا قد نزعت منها، خاصة لأنها أخطأت في التقييم، وهناك مزاحمة من الألمان والإنجليز والإسبان في قضية تونس، خاصة أميركا التي بادرت بالاتصال بالحركة، والفرنسيين يعرفون ذلك..
 هل هذا يعني أن حركة النهضة تلقى دعما أميركيا؟
- نحن لا نطلب دعما أميركيا.. وحتى وإن طلبناه فهو دعم للتجربة الديمقراطية في تونس.. هذا ما نطلبه وليس في ذلك عيب.. أميركا أخطأت مع الحركة وأيضا مع الشعب التونسي.. وهي الآن تصحح رأيها.. ونحن لا نرى مانعا أن يدعموا هذه التجربة بصدق ونحن نتصرف في مقاليد أمورنا.. أميركا الآن تسعى إلى جانب الاتحاد الأوروبي لبناء جسور مع الحركات الإسلامية ومنها النهضة.. نحن لا نرفض ذلك ولا نقفل الباب، نحن نتعامل الآن بواقعية.. تونس منفتحة على الغرب وعلى أوروبا، لذلك لا يمكن غلق ملف أوروبا والقول إننا سوف نعوضها.. %80 من المبادلات التجارية مع أوروبا خاصة فرنسا وهي الطرف الأول في المبادلات.. لذلك من العبث ومن اللامسؤولية أن نقول: سوف نبدل فرنسا أو أوروبا.. نحن نريد أولا أن نفتح أبوابا أخرى للشرق والغرب وآسيا، وأن نوسع من تعاملنا ومن علاقاتنا مع كل الناس حتى لا نبقى سجناء لطرف واحد وكأننا سجناء في مستعمرة قديمة يتصرف فيها.. فتصريح جوبيه إيجابي وأرجو أن يكون متبوعا بشيء عملي، ونحن طلبنا من كل الأطراف أن يدعموا الآن الحكومة الحالية على المستوى الاقتصادي لأن الوضع صعب وكارثي..
 هذا يعني أنكم تدعمون سياسات الحكومة الحالية رغم مناداة الكثير بإقالتها؟
- ليست القضية أن ندعم أو ألا ندعم.. نحن ندعمها في خطوات نتفق عليها ونراها في مصلحة الثورة والبلاد.. أن نسير إلى الانتخابات في وقتها ونسير بمنهجية صحيحة، ونحن إلى حد الآن نرى نوعا من الإيجابية.. نحن في الطريق الصحيح للانتخابات القادمة من خلال إقرار التعددية وإقرار قانون انتخابي نتفق عليه.. بهذه الهيئة العليا للانتخابات المستقلة ومراقبتها.. فنحن لا نرى مانعا في ذلك.. نحن ندعم كل جهود الحكومة في دعم الاقتصاد وإرجاع عجلة الاقتصاد التونسي لأنه من مصلحة الجميع.
 الوضع الاقتصادي في تونس حرج خاصة في المجال السياحي وفي بعض القطاعات المنتجة.. ويرى العديد أن أغلب رجال الأعمال كانوا منتمين للنظام السابق.. فكيف ستتصرفون وتتعاملون مع مثل هذه المسائل؟
- العديد يرى أن منخرطي التجمع الدستوري الديمقراطي يزيد على مليونين ونصف، ومن وجهة نظري هذا غير صحيح.. ولا أبالغ في قولي إنه لم يكن هناك حزب حاكم.. بل كان هناك جهاز وخليط بين الوصولية والنفع وبين قوة المال والمصالح والذراع الأمنية.. كل هذه الأمور اختلطت، والانضمام إلى التجمع يجب أن تمضيه حتى تحافظ على موقعك أو عملك..
 لكن ذلك أصبح واقعا فكيف يجب التعامل معه؟
- أنا أرفض أن أقول إن كل رؤساء الشركات وأصحاب المال تابعون ويدافعون عن النظام القديم، بل أغلبهم كانوا ضحية لنظام بن علي.. وأنا متأكد أن أكبر متضرر في تونس هم المستثمرون.. ولا أتكلم عن قلة قليلة بل على الشريحة الواسعة من المستثمرين في عهد بن علي، حيث كان لا يجرؤ أحد على الاستثمار لأنه سيصادر هذا الاستثمار وتتقاسمه عائلته التي أفسدت البلاد.. لذلك فهم المتضررون الأوائل.. لا بد الآن من دعم وطمأنة هؤلاء المستثمرين ليجدوا في الديمقراطية هذه الشفافية الاقتصادية من خلال تطبيق القانون في كل المجالات.. إن الديمقراطية الشرط الأساسي لدفع عجلة التنمية خاصة في المجال السياحي.. هناك من يروج لصورة مفزعة، وهي أن النهضة تعارض السياحة وتريد أن تقضي عليها.. وهذا غير صحيح.. لا يمكن أن نقضي على أكثر من مليون موطن شغل تعيش منه 400 أو 500 ألف عائلة ومليون ونصف بطريقة غير مباشرة في وقت الذروة.. هذا يعد انتحارا.. فليس لحركة مسؤولة أن توقف هذا القطاع وتضحي به لمجرد أن هناك عريا في الشواطئ أو خمورا في الحانات..
 أنتم إذا لا تعارضون العري والخمور!
- هذه ليست مشكلة تونس الأولى، فلنرتب أولوياتنا، فهل يعقل أن نضرب قطاعا كاملا لأن هناك بعض العري في الشواطئ؟ أنا لا أغلق الحانات.. فهذه الأخيرة ستغلق عندما لا يأتيها أحد، هذه قضية أخلاقية وتربوية وقضية وعي، الآن إذا أغلقت الحانات فكل بيت سيصبح حانة..
 في هذه التعبئة الشعبية للحركات الإسلامية، ألا ترون أن كل شيء ممنوع أصبح مرغوبا.. هل ستتواصل هذه التعبئة أم أنها مجرد رغبات حينية نتيجة قمع 23 سنة؟
- نعم.. رد الفعل على التعسف هو الإصرار على الشيء.. هذه قضية الظاهرة الإسلامية وظاهرة التدين والحجاب، تكون ظاهرة واعية وتلقائية بوعي وبمطالبة شخصية.. فلا نرى الآن في بلاد عربية وإسلامية فرض الحجاب وفرض الصلاة.. أنا متأكد أنه عندما تتسع هذه الضغوط تكون ردة الفعل عكسية.. وردة فعل الشارع التونسي عادية لأنه يدافع عن قيمه من تلقاء نفسه.. فلنترك هذه القضية عن طواعية وعن وعي.. لا نهيمن على هذه المسألة.. فنحن نعيب عن السلفية اعتماد الترهيب، وهي قضية تتعلق بدافع داخلي وشخصي.. لا نريد أن نتدخل في هذه الأمور.. نريد أن تكون مسألة ثقافية ووعيا وقيما اجتماعية نتفق عليها، وبالتالي نحن مع حرية المعتقد.. الإسلام يتنفس بالحرية، وهذه مهمة لا بد من فهمها لأن هذه الثورة لا بد أن تسير في الفكر الإسلامي..
 ثلاثة أشهر تفصلنا عن انتخابات المجلس التأسيسي، والبرامج الانتخابية لأغلب الأحزاب ذات التأشيرة تحوم حول ثروة بن علي وعائلته لإنقاذ البلاد.. فكيف ترون هذه المسألة؟
- هذا رسم كاريكاتوري، لا وجود لبرامج جاهزة.. ومن يقول إن لديه برنامج إنقاذ فهو خاطئ، يجب أن تكون هناك ممارسة ديمقراطية وحريات حتى تقيم البرنامج واضح، وكل الأحزاب تقريبا ليس لها برامج اقتصادية بالمعنى الصحيح.. هناك وضوح بدائي حول القضايا الملحة للشعب التونسي وللاقتصاد التونسي والكل متفق عليها، منها الجهات المحرومة، والتشغيل والضرائب والديوانة والبنية الأساسية، وخلق مواطن شغل بسرعة كبيرة للخريجين مع تكوينهم وتطويرهم.. هذه معالجات أولية يجب إعادة النظر فيها من واقع استراتيجي..
 هل الحل يتمثل في التداين الأجنبي للمعالجة، باعتبار أن الدولة لا تملك الأموال؟
- عندما تتوفر أجواء الحرية والديمقراطية هناك بذل من التونسيين ومن رجال الأعمال ومن الداخل يمكن أن يصل ربما إلى ثلث المبلغ المطلوب.. ولكن هناك أيضاً الدعم الخارجي لا مفر منه.. هناك الآن توسيع إمكانات الدعم من الخليج والجمهوريات الإسلامية خاصة من تركيا وقطر..
 لم نلاحظ دعما خليجيا!
- لأن الدعم الخليجي في السابق كان في إطار مشاريع معينة وليست مشاريع مثمرة، الآن هناك قوى جديدة دخلت على الخط منها تركيا وقطر وحتى إندونيسيا وماليزيا واليابان أيضا.. فهذه الدول مع أوروبا ومع أميركا يمكنها أن تدعم تونس إذا توفرت الأرضية السياسية والتوافق.. إن نجاح التجربة التونسية مطلوب لكل هؤلاء خاصة لأوروبا التي اقتنعت بأنه يجب إعادة التعامل مع المجتمعات والشعوب ومع الحركات الإسلامية كجزء من هذه الشعوب، وتريد أن تتعامل أيضاً حتى مع تكتلات إقليمية كالمغرب العربي وغيرها..
 لكن هذا التفاؤل ربما تعرقله ظروف البلدان المجاورة!
- لا شك في ذلك، ننظر بقلق إلى أحداث ليبيا، لكن بتفاؤل أيضا.. انتهى القذافي ومشروعه لكن لم ينته كرمز أو جهاز.. ولكن هذه قضية وقت.. أنا متأكد أن الشعب الليبي لن يرجع أبداً ولن يسمح حتى بالتقسيم ولن يسمح للقذافي أن يستمر.. الجزائر أيضاً هي مرتابة الآن من التجربة التونسية ومتخوفة من العدوى.. وخائفة من النهضة، ولكن لا بد من طمأنة الجزائر، فهي سوق وحليف وشريك استراتيجي.. كذلك ليبيا فهي عمق استراتيجي واجتماعي.. ونصف البلاد تعيش من ليبيا الآن، لذلك فإن غلق البوابة الليبية كارثة بالنسبة لنا، ومع إضافة القضية الأمنية تتضاعف الكارثة.. نحن ندعو الله توفيق الثوار الليبيين وهو ما سيكون دعما للحركة ولتونس، لأن هذا التكامل والتلاحم ضروري.. كثير من العائلات التونسية لها جذور ليبية، وهناك تواصل جغرافي ونوع من الانسجام مع ليبيا..
 كيف تنظرون إلى محاكمة بعض أفراد عائلة بن علي والسعي لاسترجاع القليل من الأموال المهربة؟
- البعض يعتبر أنه لو أرجعنا الأموال ستحل كل المشاكل.. لكنهم لا يعرفون أن هذه الأموال ذهبت بطرق قانونية ومتشعبة ولن نجني منها مليما واحدا.. القضية ليست قضية جلب الأموال لضخها لحل المشاكل، فهذا ليس صحيحا.. وثانيا بالنسبة للنهضة، نحن آخر من يتكلم عن بن علي ويشتمه، ونحن أقل من تكلم عن بورقيبة عندما رحل، بل قاومناه، كذلك بن علي قاومناه وهو موجود، والآن ذهب ولا يهمنا.
- هناك قضايا وحقوق إخواننا عذبوا وأعدموا، هذه حقوق لن نفرط فيها ولكن لن نثير القضية الآن وكأنها انتقام، وهذه ملاحظة إيجابية لصالح الحركة.. وقد قالوا إن هذه الحركة متعسفة رغم أنها آخر من يتكلم عن التشفي والانتقام.. وأنا أعتبر هذا من الإسلام، لكن هذا لا يعني أن نفرط في حقوقنا، ولكن لنا أولويات. لا نريد أن ندخل في معارك جانبية وتصفيات حسابات ومحاكمات..
 هذا الآن، لكن في المستقبل هل يمكن أن تكون هناك تصفيات؟
- المستقبل نتركه للمستقبل، مستقبلنا هو معالجة قضايا الشعب.. أنا أؤكد أن قضية بن علي الآن ليست قضية أولية عند الشعب -يعني أمواله وغيرها- لكن الآن هناك قضايا ملحة وأساسية عند الشباب والطبقات الضعيفة، هذا ما يهمنا.. أنا لا أقول إني غير سعيد عندما يحاسب عماد الطرابلسي، لكني لا أجعله قضيتي.. وعماد الطرابلسي ذهب دون رجعة.. ينال ما يناله.. القضاء سيكون هو الحسم. لا أريد أن نسقط في مسائل التشفي..
 رغم المناداة باستقلالية القضاء فإنه أيضاً متورط، بما أن عددا من القضاة منخرطون في التجمع الدستوري.. فهل سيكون القضاء مستقلا مثلما يدعون؟
- بالتدرج وبثبات إن شاء الله.. أغلب القضاة نعرفهم، وكل القضايا تعطى فيها رشاوى حتى قضايا الحق العام.. وهذا ملف يضم القضاة والإدارة التونسية والأمن والجيش وحتى المحامين.. نحن الآن نضع سلم الأولويات عندنا.. لو قلنا الآن تجب محاسبة كل القضاة والمسؤولين، فلن نخرج من هذا الملف.. نعول أولا على التشريع في مسألة القضاة واستقلاليتهم وجمعيتهم.. وفي حيادهم مع الإدارة، أي أن تكون السلطة القضائية مستقلة.. وهذا ممكن حتى على مستوى القانون والتعيينات.. وستأتي هذه الأمور بالتدريج.
 ما النقاط التي تتشبثون بها في صياغة الدستور الجديد؟
هناك هوية البلاد لا جدال فيها.. وإسلامها.. الآن نحن نريد أن نرسي نظاما ديمقراطيا لا رجعة فيه.. وهذا ليس رد فعل على المزايدات.. هذه من معتقداتنا وقيمنا، فالديمقراطية آلية العمل السياسي. نحن نقر أن الخلافة في الأرض انتقلت من الأرض إلى الأمة، وخلافة الله سبحانه هي الشعب، هذا مصدر القوانين في إطار الهوية العربية الإسلامية.. لا بد أن يرجع الرأي إلى هذا الشعب، هو الذي يعين رئيسه وهو الذي يعزله وهو خادم لهذا الشعب.. وليس الشعب خادما للرئيس.. لا بد من توزيع السلطات حتى لا تستقر عند جهة واحدة سواء كانت حزبا أو حكومة.. والمركزية أيضاً، فلا مركزية في النفوذ والسلطة، يجب انتخاب الولاة، وانتخاب مجالس البلديات.. لا بد من نوع من الذاتية حتى لا أقول استقلالية هذا التسيير العصري لشؤون الناس.. فكل من يلتحم بشؤون الناس ينتخب.. ونبدأ بأنفسنا في حزبنا، قاعدة الانتخاب هي الأقرب وهي الصورة في حد ذاتها.. إذاً هذه قضايا أولوية بالنسبة لنا في الدستور.. فصل السلطات والحريات والحقوق الاجتماعية وحرية العقيدة والممارسة الدينية، وأن يكون الدين للجميع وحرية الصحافة والرأي، ثم المجتمع الأهلي الذي هو صمام الأمان..
 متى تتوقعون نهائيا العودة والاستقرار وعودة الروح تدريجياً إلى تونس؟
- تونس مقبلة على ظرف صعب، الاستقرار يعني نتاج هذا الوفاق الوطني، وبدون هذا التجاذب الأيديولوجي، أخشى أن ندخل في سرداب لا قدر الله.. أنا متفائل بأن تونس بعد بضع سنوات (من 3 إلى 5 سنوات) سيكون فيها الخير الكثير من ناحية الأمن والنماء ومن ناحية تفجير كل الطاقات.. هناك قاعدة جديدة أو نظرية جديدة أنه لا بد أن نستثمر في اقتصاد المعرفة والذكاء.. وتونس تزخر بهذا الذكاء.. لا بد من الاستثمار فيه، والسياسة والديمقراطية والحريات سوف تساعد على ذلك.. أنا متأكد ومتفائل أيضاً بالوضع الإقليمي والدولي، لأن المنظومة الدولية شعرت أنها لا بد أن تتعامل بطريقة أخرى مع واقعنا العربي..
 ما وضع المهاجرين -صلب حركة النهضة- التي كان أغلب عناصرها مهجرين في الخارج؟
- رجع البعض إلى تونس ودورهم الآن مطروح في الداخل والخارج، الكثير منهم يعودون للبلاد والحركة تحتاجهم، ولكن أيضاً دورهم في المهجر كبير.. نرى تأطيرهم للجالية التونسية في فرنسا وأوروبا من الجيل الثالث والرابع أصبح أيضاً جزءا من نسيج المجتمع الفرنسي والأوروبي وتأثيره قوي في ذلك.. لا بد أن نبقى لنعالج هذه القضايا المهمة جدا لا أن نوجد بؤر توتر في هذه المجتمعات، ولكن التلاقح يهمنا جدا أيضاً، وحتى مجتمعنا يجب أن يكون مفتوحا لمثل هذه العلاقات الثقافية..
 هناك من يتهم بعض رموز حركة النهضة بامتلاك عقارات ضخمة في بريطانيا، وأنهم مصنفون ضمن العشر شخصيات الإسلامية الأغنى في الخارج الموجودة في بريطانيا. ما تعليقك؟
- سنبحث عنهم إن وجدوا، كل ما نعرفه أن الإخوان في لندن أسماؤهم معروفة.. ولا يملكون ثمن تذكرة الطائرة.. يعني هذه مزايدات، ولو وجدوا لما كنت محرجا من ذكرهم، وأعول عليهم لتمويل البلاد وتمويل الحركة.
المصدر : صحيفة العرب القطرية-2011-04-27


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.