حذر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية التونسية الثلاثاء من ان اي حكومة تونسية قادمة لا تضم اسلاميين "ستكون بالتاكيد ضعيفة". واوضح الغنوشي في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان "الحركة الاسلامية الوسطية تمثل التيار الرئيسي في العالم العربي". واضاف "وهو ما يجعل اي عملية ديمقراطية صادقة ستقود الحركة الاسلامية الى السلطة منفردة او مشاركة مع غيرها" مؤكدا تفضيل حزبه لتقاسم السلطة مع قوى سياسية اخرى. وقال الغنوشي ان حركته "تعد اكبر حزب في البلاد" محذرا من ان "اي حكومة لا تضم ممثلين عن الحركة ستكون بالتاكيد ضعيفة". وفي السياق ذاته قال الغنوشي ان انسحاب حزبه من "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والاصلاح السياسي" ابرز الهيئات الاستشارية التي شكلتها السلطات الانتقالية بعيد الاطاحة ببن علي لتاطير الانتقال الديمقراطي في تونس الاثنين، "يقلص من شرعية هذه الهيئة". وعزا هذا الانسحاب الى "تخلي الهيئة عن مبدا الوفاق والتشاور التي انبنت عليها والانحراف بها عن مهامها باتجاه انتحال صفة برلمان منتخب وتعطيل البت في المسائل ذات الاولوية التي لها علاقة مباشرة بانجاز الانتخابات المقبلة في موعدها". وثار خلاف داخل الهيئة في الاونة الاخيرة حول مسالة تمويل الاحزاب وضوابطه التي جاءت في مشروع المرسوم المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية، وسط اتهامات متبادلة في الساحة السياسية التونسية بتلقي "تمويلات مشبوهة". وشكلت هذه النقطة اضافة الى معارضة بعض القوى والشخصيات في الهيئة تنصيص عقد سياسي بين الاحزاب التونسية ، على تجريم التطبيع مع اسرائيل، موضع جدل كبير داخل الهيئة والمنابر السياسية والاعلامية في تونس في الايام الاخيرة. كما اعتبرت بعض الاحزاب السياسية بينها النهضة ان سعي الهيئة العليا غير المنتخبة الى وضع قوانين يشكل "استباقا" ومحاولة لمصادرة دور المجلس الوطني التاسيسي المنتخب من الشعب. ونفى الغنوشي ان يكون قانون تمويل الاحزاب ومسالة التطبيع مع اسرائيل مبررا لخروج حزب النهضة من الهيئة العليا. وقال "ليس لدينا مشكل خاص يتعلق بالتمويل فنحن حزب يعمل في اطار قانون الاحزاب ومستعدون للكشف عن حساباتنا كما ان العقد الجمهوري يتضمن نصا صريحا حول مسالة التطبيع". وفي تونس اليوم اكثر من 90 حزبا اغلبها نالت ترخيصها بعد "ثورة الكرامة والحرية". وحول امكانية العودة الى الهيئة اجاب الغنوشي "نعتبر ان الهيئة توشك على استكمال وانجاز عملها بعد ان اختارت قانونا انتخابيا ولجنة عليا للانتخابات ولم يبق الا تحديد قوائم الممنوعين (من انتخابات المجلس التاسيسي) وينتهي عملها". وحول مسار "الربيع العربي" قال الغنوشي "نحن متفائلون فقد نجحت الشرارة التي انطلقت من تونس في اضاءة سماء العالم العربي التي ظلت معتمة لنصف قرن بسبب الانظمة الديكتاتورية المدعومة غربيا". واضاف "هنالك ثورات نجحت واخرى في الطريق". بيد انه شدد على ان "هنالك قوى تدفع بالثورة الى الامام من اجل انتاج نظام ديمقراطي عادل في تونس وقوى تشد الى الوراء" مشيرا الى التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب بن علي المنحل، وادارة البوليس السياسي وقسم من الاعلام في البلاد. غير انه بدا واثقا من قدرة شباب تونس على حماية الثورة. وقال في هذا الصدد "النظام القديم لم يذهب حتى يعود، لكننا واثقون من ان الشباب الذي صنع الثورة سيضع القطار من جديد على السكة". ومن المقرر ان تنظم في تونس في 23 تشرين الاول/اكتوبر انتخابات مجلس وطني تاسيسي تتمثل مهمته الاساسية في صياغة دستور جديد للجمهورية الثانية في تاريخ تونس المستقلة، ليحل محل دستور 1959. وعاد الغنوشي الذي امضى 20 عاما في المنفى بلندن، الى تونس في كانون الثاني/يناير الماضي بعيد الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كان قمع بشدة الاسلاميين. وحصل حزب النهضة على ترخيص العمل القانوني في آذار/مارس الماضي. بواسطة كوثر العربي ونجاح المولهي (AFP)