تتواصل جهود الجالية الإسلامية بالدانمارك البالغ تعدادها نحو 200 ألف مسلم، لبناء أول مسجد جامع في العاصمة كوبنهاجن، بعد الانتشار الواسع للمؤسسات الإسلامية من مساجد ومراكز وجمعيات واتحادات ومدارس، إضافة إلى انتشار المظاهر الإسلامية كالحجاب والمحلات التجارية الإسلامية وغيرها. ولعل أجواء التقارب بين المجتمع الدانماركي والمسلمين بعد أحداث الرسوم المسيئة للرسول {، وإعلان أكثر من 2500 دانماركي إسلامهم بعد اطلاعهم على سيرة الرسول {، والتعرف عن قرب عن الإسلام من خلال الأنشطة الإسلامية التي شهدتها الدانمارك في الفترة الأخيرة، شجعت الحكومة الدانماركية على منح المسلمين رخصة بناء أول مسجد جامع بالعاصمة كوبنهاجن.. وحول أنشطة المؤسسات الإسلامية وتنامي الإقبال الدانماركي على الإسلام.. التقت المجتمع مع عبدالحميد الحمدي نائب رئيس مجلس الشورى بالمجلس الإسلامي الدانماركي، فإلى الحوار... نود التعرف على واقع الدعوة الإسلامية بالدانمارك ومستقبلها في ضوء أزمة الرسوم المسيئة للرسول {؟ بداية لابد من التأكيد على عدة حقائق تحكم واقع ومستقبل الإسلام بصورة عامة في الدانمارك كدولة إسكندنافية، وهو أن الأوضاع الاجتماعية والدينية والسياسية، تؤكد تنامي الإقبال على الإسلام، فبالبرغم من المستوى المعيشي المرتفع للسكان، والضمانات الصحية والاجتماعية الكبيرة، إلا أن حوادث الانتحار وجرائم القتل في تزايد بسبب بعدهم عن القيم الدينية، فلا يذهب إلى الكنيسة بصورة منتظمة سوى واحد في الألف ، ويدين نحو 10% بالنصرانية، وبقية السكان لا دينيين، دينهم الشهوات والملذات، لذا يوصون بحرق أجسادهم بعد وفاتهم. وعلى الرغم من تنامي الوجود الإسلامي بالدانمارك الذي يعد الدين الثاني بعد البروتستانت، إلا أن الاعتراف بالإسلام كدين رسمي في البلاد مازال بعيد المنال، بسبب الإعلام الفاسد الذي يقف وراءه اليمين المتطرف الذي ينادي بطرد الأجانب وخاصة الأقلية المسلمة، بل ويصفون كل مسلم بأنه مشروع قتل. ولكن الأزمة الأخيرة أحدثت تحولاً مهماً في مسار الدعوة الإسلامية ف"رب ضارة نافعة"، حيث بدأت الأوساط الدانماركية تتجه نحو التعرف على الإسلام عن قرب، وبدأ المجلس الإسلامي الدانماركي يقود حملات تعريفية بالإسلام، ورحلات دعوية في كافة المناطق، ونشطت حركة الترجمة باللغات الدانماركية والإنجليزية للمصحف الشريف وعدد من الكتب التعريفية عن الإسلام. ما دور المجلس الإسلامي في توحيد مسلمي الدانمارك؟ وما هي أبرز أنشطته؟ المجلس الإسلامي الدانماركي مؤسسة دانماركية إسلامية وقفية عامة النفع وعضو مؤسس لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، تأسس في 22-12-2002م، يرأسه د.جهاد عبدالعليم الفرا. ويتبنى هدف استراتيجياً هو: استقرار الوجود الإسلامي أفراداً ومؤسسات ليصبح واقعاً مقبولاً في المجتمع الدانماركي ومؤثراً في جوانب الحياة المختلفة، مع تفعيل التواصل مع الدول العربية والإسلامية. وينسق المجلس الإسلامي مع أكثر من 30 مؤسسة إسلامية تمثل مختلف المذاهب الإسلامية. ويقوم المركز بإنشاء الوقفيات الإسلامية المختلفة، كما قام بشراء مقبرة خاصة بالمسلمين، وينشط في المجالات الشبابية التثقيفية، وإقامة صلوات الأعياد المجمعة، وفي الجانب الحقوقي يقوم برفع قضايا الدفاع عن المسلمين وحقوقهم. وتحول المجلس الإسلامي إلى مقر لاستقبال المهتدين الجدد الذين يصل عددهم إلى 2 3 كل أسبوع. وما أهم التحديات التي تواجه المجلس الإسلامي الدانماركي؟ يعتبر الدعم المالي من أهم العوائق أمام تفعيل دور المجلس، خاصة في الفترة الأخيرة التي تشهد إقبالاً دانماركياً على الإسلام، حيث نقوم بترجمة كثير من الكتب والرسائل الدعوية باللغات الدانماركية والإنجليزية، ومن أهم تلك الكتب: "تعريف عام بدين الإسلام" للشيخ علي الطنطاوي "الطريق إلى القلوب"، "ماذا يعني انتمائي للإسلام" "افتحوا الكتب" للكاتب الدانماركي شاكر تونينغ... وغيرها من الكتب، وعدد من مواقع الإنترنت. بالإضافة للمحاضرات والدورات التدريبية، إضافة للإشراف على عدد من المدارس الإسلامية. وماذا عن التعليم والمناهج التي تدرّس في تلك المدارس؟ لكل المراكز الإسلامية والمساجد مدارس أسبوعية "الويك إند"، يدرسون فيها اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي، كما توجد مدارس إسلامية تدعمها الحكومة بنسبة 80%، تدرس بجانب المناهج الحكومية الدانماركية، المناهج الإسلامية، التي تأتي غالباً من اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، ومن بعض الدول الإسلامية، كلبنان ومصر والكويت والسعودية. وماذا عن مشكلات الجالية الإسلامية على مستواها الداخلي؟ على الصعيد الداخلي، تتقاسم الجالية مذاهب فقهية عدة، تؤثر سلباً على وحدة المسلمين، ومن ثمَّ اندماجهم في المجتمع الدانماركي، وتكثر الصراعات الفقهية داخل التجمعات السنية، وكذا الشيعية، بالإضافة إلى أن لكل قومية مكاناً خاصاً للصلاة: الأتراك الباكستان العرب... يُضاف إلى ذلك تراجع المستوى الاقتصادي والمهني للمسلمين، فمعظمهم يعملون في مهن متواضعة، ولا تجد أستاذاً جامعياً، أو طبيباً، أو مهندساً في وسطهم إلا ما ندر. تقودون حملة دولية لجمع تبرعات لبناء مسجد كوبنهاجن الجامع.. فما فكرة المشروع ومستقبله؟ منذ 30 عاماً ونحن نطالب الحكومة بالسماح لنا ببناء مسجد جامع في العاصمة يكون منارة للمسلمين، فهي العاصمة الأوروبية الوحيدة بلا مسجد جامع، ونأمل أن يقوم هذا المسجد كواجهة يعرف من خلالها الجميع الصورة الحقيقية للإسلام، وخاصة الدانماركيين، ويكون ملتقى فكرياً للجالية الإسلامية، كما أن المجلس الإسلامي في حاجة إلى مركز إسلامي حضاري يزاول من خلاله أنشطته بصورة كبيرة، ويكون بمثابة مدرسة جامعة للعلوم الإسلامية، حيث تقتصر المدارس الإسلامية الموجودة على مراحل التعليم المتوسط والثانوي، خاصة أن ربع مسلمي الدانمارك يسكنون كوبنهاجن "نحو 50 ألف مسلم". أما مستقبل المشروع، فمازلنا في مرحلة التفاوض على شراء قطعة الأرض الخاصة به، حيث تم التصريح بذلك منذ مارس 2006م، كما نقوم بجولة في عدد من البلدان الإسلامية لجمع التبرعات التي تنقصنا، حيث تعتمد الحكومة الدانماركية دعم المؤسسات والمدارس المقامة بالفعل، ولا تقدم دعماً لمشروع غير قائم.. لذا أطالب مسلمي العالم بتقديم يد العون لنا من أجل إقامة رمز للإسلام في الدانمارك، ولافتة تجمع 200 ألف مسلم.