تدريجيا عادت التلفزة التونسية للاشتغال بنسبة كبيرة من كادرها الإداري والصحفي الذي أدارها أو عمل فيها في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بما جعل من عملية التغير المنشودة في ادائها وفي محتوى برمجتها تراوح مكانها. فاجأ مطرب تونسي مشاهدي القناة الوطنية الأولى للتلفزيون التونسي بالدعاء بطول العمر للرئيس التونسي الهارب إلى المملكة السعودية زين العابدين بن علي وبأن يمد الله في أنفاسه. وجاءت الدعوات في ختام مجموعة أغنيات وابتهالات دينية بصوت المطرب الشعبي ومغني الفلكلور التونسي "المزود" السابق فوزي بن قمرة والذي تحول منذ سنوات إلى الإنشاد الديني. وانتهت الابتهالات والأناشيد الدينية التي كانت تبث احتفالا بقدوم عيد الأضحى المبارك، بدعوات صالحة للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي حتى يطيل الله في أنفاسه. ويعود تسجيل هذه الأغنيات إلى عهد ما قبل الثورة التونسية. ويبدو أن المشرفين على برمجة هذه الأغنيات لايعرفون محتوى الأغنيات ولم يشاهدوها مسبقا لذلك لم يتفطنوا إلى نهاية إحداها بمثل ذلك الدعاء لرئيس يتنظر التونسيون بفارغ الصبر من أجل استعادته إلى تونس ومحاكمته في عدد من الجرائم والسرقات المالية الضخمة منها ما تمت محاكمته فيها فيما ينتظر محاكمات أخرى في عدد ضخم من القضايا المرفوعة ضده. وتعاني التلفزة التونسية من صعوبة العثور على مادة إعلامية من الأرشيف، وخاصة ما يعود منه إلى عهد بن علي، لإعادة استخدامها في هذه المرحلة الانتقالية التي تسعى فيها القناة إلى رسم سياسة تؤكد استقلاليتها عن الحكومة التونسية. ودرجت في الفترة القليلة الماضية على العودة إلى أرشيف قديم جدا في الدراما والأغاني لملء فترات البث التلفزيوني المسجل. ولا يكاد، برنامج أو أغنية، مسجل للتلفزيون التونسي على مدى سنوات حكم بن علي يخلو من إشارة إلى سطوة نظامه. ويكفي التذكير بأن شعار القناة التلفزيونية الأولى حاليا كان "ت 7" أي /تونس السابعة/، في إشارة إلى يوم 7 نوفمبر/ تشرين الثاني، تاريخ يوم الانقلاب العسكري الدموي على نظام الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة سنة 1987. ويصعب أن يوجد في تونس مطرب أو فنان لم يغنّ بمناسبة 7 نوفمبر في تونس أو في خارجها، ولم يثن على بن علي و"التغيير المبارك"، حيث كانت كلمات الثناء على الرئيس المخلوع بمناسبة وبغيرها كلمة السر لنيل الرضا والحضوة لدى النظام المخلوع وأجهزة حكمه، والاستفادة من الدعم المادي في الانتاج الدرامي والسينمائي أو في تقديم عروض الطرب في المهرجانات التونسية. وقال مختار الرصاع الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية إنه يستهجن عدم انتباه العملة والتقنيين لمحتوى الأغنية، مؤكدا أن الإدارة تتسلط عقوبات صارمة على الذين قاموا بهذا الخطأ المهني الشنيع. وتدريجيا عادت التلفزة التونسية للاشتغال بنسبة كبيرة من كادرها الإداري والصحفي الذي أدارها أو عمل فيها في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بما جعل من عملية التغير المنشودة في ادائها وفي محتوى برمجتها تراوح مكانها. ومن جهته شدد الصادق بوعبان مدير القناة الوطنية التونسية الأولى، على وجود تسيب داخل التلفزة مؤكدا "أن فيروس بن علي مازال قائما ولا يمكن محوه بسهولة حيث يمكن أن تحصل بعض الهفوات التي يجب محاسبة مقترفيها حتى لا تتكرر مرة أخرى". العرب أون لاين - 6 نوفمبر 2011 - 10 ذو الحجة 1432 ه