يرى مراقبون أنه رغم مطالبة الرئيس التونسي منصف المرزوقي منح الحكومة هدنة بستة أشهر، أصبحت البلاد -وفق رأيهم- تواجه وضعا مزريا في ظل استمرار الاعتصامات وقطع الطرق والتعدي على المؤسسات العامة والخاصة. خميس بن بريك- الجزيرة نت- الوسط التونسية: لم تجاوز الحكومة الجديدة في تونس شهرها الأول، لكن الاعتصامات المطالبة بالتشغيل والتنمية ارتفعت بشكل كبير، مما جعل مسؤولين حكوميين يتهمون أطرافا معارضة بالوقوف وراء تأجيج الأوضاع. ويرى مراقبون أنه رغم مطالبة الرئيس التونسي منصف المرزوقي منح الحكومة هدنة بستة أشهر، أصبحت البلاد -وفق رأيهم- تواجه وضعا مزريا في ظل استمرار الاعتصامات وقطع الطرق والتعدي على المؤسسات العامة والخاصة. ودفع هذا الاحتقان الرئيس المرزوقي لاتهام أقصى اليسار بالتحريض على الاعتصامات ضد الائتلاف الحاكم، الذي يتكون من حركة النهضة الإسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات. بدوره وجه رئيس الحكومة حمادي الجبالي أصابع الاتهام لأطراف "لم ترضها الانتخابات"، في إشارة إلى أحزاب اليسار التي حققت فشلا ذريعا في الانتخابات ومن بينها حزب العمال الشيوعي وحركة الديمقراطيين الوطنيين. وأشار إلى أن الحكومة ستلجأ إلى القانون لفك الاعتصامات غير المشروعة. ولم تقف الاتهامات عند حدود الأحزاب اليسارية فحسب، وإنما طالت كذلك الاتحاد العام للشغل، الذي وجه له البعض تلميحات مبطنة بأنه من يحرك هذه الاحتجاجات بمباركته كثيرا من الإضرابات. لكن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي نفى تورط المنظمة في تأليب الناس ضد الحكومة، موضحا للجزيرة نت أن "أكثر من 80% من الاعتصامات ليس للاتحاد دخل فيها". وحمّل العباسي مسؤولية الاحتقان إلى الأحزاب، التي أطنبت في رفع سقف المطالب الاجتماعية وبالغت في وعود الناس قبل الانتخابات دون تحقيق مطالبهم، على حد تعبيره. خسائر كبيرة : ويمارس معتصمون بمدن متفرقة طرقا مختلفة للتعبير عن غضبهم من استمرار تهميش مناطقهم الفقيرة وارتفاع البطالة، وأصبح بعضهم يلجأ إلى قطع الطرق وسكك الحديد وتعطيل الإنتاج والاعتداء على المؤسسات. وأكد رئيس الحكومة حمادي الجبالي الاثنين الماضي أمام المجلس التأسيسي أن تونس سجلت خسائر مالية بقرابة 2.5 مليار دينار (1.650 مليار دولار) عام 2011 بسبب الاعتصامات، وأن قطاع الفوسفات وحده خسر نحو 1.2 مليار دينار (800 مليون دولار). وتراجعت نسبة نمو الاقتصاد التونسي إلى حوالي 2% (تحت الصفر) عام 2011، بسبب تراجع الإنتاج والتصدير وتقهقر الاستثمار وغلق أكثر من 120 مؤسسة أجنبية. بدوره حمّل سمير بن عمر -رئيس كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المجلس التأسيسي- أقصى اليسار مسؤولية ما يحدث من أضرار جراء "الاحتجاجات المفتعلة"، ويقول للجزيرة نت "بعض الأطراف نزلت إلى مستوى الحضيض، وأصبحت تغلب مصلحتها الحزبية على مصلحة البلاد". وأكد أنّها تسعى لإسقاط الحكومة وتعطيل المرحلة الانتقالية بافتعال هذه الاحتجاجات، كاشفا عن أن هناك أدلة على اتهاماته وأن أبحاثا قضائية مفتوحة في الموضوع. نفي اليسار: لكن حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي نفى نفيا قاطعا للجزيرة نت وقوف حزبه وراء تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد. واعتبر الاتهامات التي أطلقها المسؤولون الحكوميون لأقصى اليسار بأنها "غير مسؤولة" وأنها اتهامات "باطلة" كان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي يكيلها لمعارضيه. ويقول "كان على الحكومة الحالية تشخيص الأسباب الحقيقية وراء هذه الاحتجاجات والاعتصامات قبل أن تعلق عجزها في معالجة الأوضاع على أقصى اليسار". وأشار إلى غضب شعبي سائد بسبب عدم وضوح الرؤية في ظل غياب برنامج حكومي واضح وحلول عاجلة لفائدة الفئات المهمشة والفقيرة، وفق قوله. من جهته، يرى الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية محسن مرزوق أن دوافع الاعتصامات في البلاد هي "اجتماعية محضة بسبب الأوضاع المتردية في الجهات". ويقول للجزيرة نت "أعتقد أن إلقاء التهم دون براهين باتجاه أطراف معينة هو توجه خاطئ"، مشيرا إلى أن تونس تحتاج إلى لحمة وطنية، بعيدا عن "التفرقة والتمزق". وأضاف أن هناك حالات اجتماعية في حالة سيئة، الأمر الذي يتطلب من كل التونسيين سواء كانوا في النخب أو المجتمع المدني التضامن لمحاولة حل هذه المشاكل، على حد تعبيره. المصدر: الجزيرة نت - الأربعاء 3/3/1433 ه - الموافق 25/1/2012 م