الاشتباكات العنيفة التي جرت يوم الأحد في حي التضامن بالعاصمة وفي القيروان وهي احدث حلقة في سلسلة عنف بين السلفيين والشرطة اظهرت استعراضا للعضلات بين الحكومة بقيادة حركة النهضة الاسلامية المعتدلة التي تسعى لفرض القانون بحزم وبين جماعة انصار الشريعة المتشددة التي تريد اظهار قوتها عبر الشارع. جددت الاشتباكات بين الشرطة ومتشددين إسلاميين في تونس والتي خلفت قتيلا وعشرات الجرحى يوم الأحد الجدل بشأن تزايد نفوذ الجماعات السلفية وإصرارها على المضي قدما في فرض رؤيتها الصارمة للدين في مهد الربيع العربي بعد ان كان أغلبهم في السجون طيلة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. واستفاد السلفيون من الحرية التي فجرتها الثورة التونسية قبل عامين واصبحوا يعقدون اجتماعاتهم بكل حرية. لكن الاشتباكات العنيفة التي جرت يوم الأحد في حي التضامن بالعاصمة وفي القيروان وهي احدث حلقة في سلسلة عنف بين السلفيين والشرطة اظهرت استعراضا للعضلات بين الحكومة بقيادة حركة النهضة الاسلامية المعتدلة التي تسعى لفرض القانون بحزم وبين جماعة انصار الشريعة المتشددة التي تريد اظهار قوتها عبر الشارع. واندلعت الاشتباكات بعدما منعت الحكومة جماعة انصار الشريعة التي تعلن تأييدها للقاعدة من عقد مؤتمرها السنوي في مدينة القيروان بوسط البلاد يوم الأحد بدعوى انه يهدد الامن. وكان من المقرر ان يكون هذا المؤتمر اكبر استعراض للقوة للجماعة التي تقول ان مناصريها يتجاوزون عشرات الالاف. ومنذ يوم الجمعة أغلقت قوات الامن كل المداخل الى القيروان لمنع انعقاد المؤتمر وانتشرت بالالاف مما اعطى الانطباع بان المواجهة ستكون دموية بعد ان قالت انصار الشريعة انها لا تحتاج ترخيصا لاقامة اجتماع ديني. وفي سبتمبر ايلول الماضي هاجم الاف السلفيين سفارة الولاياتالمتحدة احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام. وقتل اربعة اشخاص في الهجوم. وقبل ذلك هاجم سلفيون قاعات سينما ورسم لكن الاعتقالات كان قليلة. ولكن اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد في فبراير شباط الماضي كان بمثابة الزلزال الذي جعل الحزب الاسلامي الحاكم يحاول النأي بنفسه عن عنف المتشددين. واتهمت الشرطة سلفيين بالوقوف وراء اغتيال بلعيد. وتسعى جماعة انصار الشريعة الى اقامة دولة اسلامية في تونس وتقول ان الديمقراطية كفر. وتقول الجماعة ان حركة النهضة خدعتها حين تنازلت عن النص على الشريعة الاسلامية كمصدر وحيد للتشريع في الدستور الجديد للبلاد الذي يواصل المجلس التأسيسي صياغته. وقال سيف الدين الرايس المتحدث باسم جماعة انصار الشريعة في مؤتمر صحفي هذا الاسبوع قبل اعتقاله يوم الاحد ان الجماعة اصبح لديها عشرات الالاف من الانصار في تونس وانها تنتشر بشكل واسع في البلاد. واضاف "اصبحت لدينا مؤسسات وهياكل ونحن نعد انفسنا لتطبيق شريعة الله." وقال انه بقدر القمع ضد جماعته بقدر ما سيكون الانفجار أكبر. وأُصيب عشرة جنود على الاقل في جبل الشعانبي قرب الحدود الجزائرية هذا الشهر بعد انفجار الغام قال الجيش ان متشددين اسلاميين زرعوها في المنطقة حيث يسعون لاقامة معسكر تدريبي. وبعد ان كانت تونس لعقود قلعة للعلمانية اصبح التشدد الاسلامي من اكبر المخاطر التي تهدد الانتقال الديمقراطي الهش في الدولة التي فجرت انتفاضات الربيع العربي قبل عامين. وقال علية العلاني الباحث في الجماعات الاسلامية لرويترز ان هذا العنف الديني قد يهدد مسار الانتقال الديمقراطي مضيفا ان التوتر لا يعود فقط لالغاء مؤتمر انصار الشريعة بل هو نتيجة تراكمات واتساع الهوة بين النهضة والسلفيين منذ ان بدأت الحكومة مطاردة زعيم جماعة انصار الشريعة سيف الله بن حسين (ابو عياض) العام الماضي. وفي اشارة الى انهم لا يعترفون بالدولة وقوانينها أحرق سلفيون اثناء الاحتجاجات العلم التونسي بعد ان انزلوه واستبدلوه براية القاعدة السوداء. وهذا الشهر وجه ابو عياض زعيم انصار الشريعة الملاحق بتهمة التحريض على مهاجمة السفارة الامريكية تحذيرا للحكومة بشن حرب عليها لمحاربتها للاسلام. وبعد أن ظلت لاشهر تواجه تهمة التراخي في التعامل مع عنف الجماعات الاسلامية المتشددة قررت حكومة النهضة الدخول في مواجهة معهم بعد ان تحدت جماعة انصار الشريعة قرارا حكوميا بمنع المؤتمر السنوي للجماعة واشتبكت مع قوات الامن امس الاحد في العاصمة. ولطالما انتقد المعارضون العلمانيون في تونس قرارات الحكومة التي تقودها حركة النهضة واتهموها بالتراخي في مواجهة العنف السلفي ضد الفنانين والمعارضين والصحفيين ولكن اغلب المعارضين اصطفوا خلف الحكومة هذه المرة في مواجهة انصار الشريعة ورحبوا بقرار منع مؤتمرها في القيروان. ولاول مرة اتهم علي العريض رئيس الوزراء التونسي جماعة انصار الشريعة بانها على صلة بالارهاب وقال ان حكومته لن تتهاون في التصدي لها بالقانون. وقال مستشاره نور الدين البحيري "من لم تعجبه قوانين تونس فليتركها." وفي الاشهر الاخيرة أعلنت قوات الامن العثور على مخابئ للاسلحة واعتقلت سلفيين. واصبح كثير من التونسيين الذين ظلوا لعقود يحبون اللهو والحفلات الليلية يخشون ان تنتقل هذه الجماعات الى اساليب القاعدة في تفجير اماكن عامة او متاجر. وتقول علياء ساسي وهي فتاة عمرها 24 عاما وتعمل في وكالة سفريات "هناك خشية حقيقية من ان يمروا الى التفجيرات.. نريد ان نعيش بسلام.. نحن مسلمون.. ماذا يريدون من هذه البلاد؟.. لانرغب ان يحولوها الى افغانستان." واضافت "لقد منحتهم الثورة الحرية بعد ان كانوا في السجون وهم يريدون ان يفرضوا نمط عيشهم بالقوة ويريدون ان يسجنوا الشعب في دوامة العنف". (اعداد طارق عمارة للنشرة العربية - تحرير عماد عمر) من طارق عمارة Mon May 20, 2013 5:26pm GMT