أعلن مسؤول حكومي مغربي ان غياب اتحاد المغرب العربي، يضعف فرص استفادة منطقة شمال أفريقيا من التدفقات المالية الاستثمارية, ويحول دون انتقالها إلى منطقة جاذبة للرساميل، وسوق مال صاعدة، كما هي الحال في بعض التجمعات الاقتصادية الإقليمية في جنوب شرقي آسيا. وقدرت المؤسسات الدولية حجم الاستثمارات الأجنبية التي استفادت منها المنطقة المغاربية عام 2005، بأكثر من عشرة بلايين دولار, وهي نسبة قليلة قياساً بالفرص المتاحة في قطاعات الطاقة والسياحة والاتصالات والصناعة والخدمات والمال والمصارف والزراعة والصيد البحري. وأعرب المسؤول الذي كان يتحدث في لجنة المال البرلمانية لمناسبة مناقشة موازنة 2007, عن الأسف من ان ضعف هياكل عمل الاتحاد، يحد من فعالية الإصلاحات الاقتصادية والمالية، التي تنفذها كل دولة على حدة. وقال: «ان الشركات الدولية الكبرى باتت في ظل العولمة تفضل الاستثمار في المناطق الجاذبة للرساميل، بفعل الرغبة في امتلاك أسواق كبيرة، وليس داخل دول بمفردها، على رغم أهمية الإصلاحات الاقتصادية القطرية». وأشار ان أربع مناطق تكاد تسيطر على معظم الاستثمارات الموجهة إلى الدول الصاعدة، هي الصين وروسيا والهند والبرازيل. وقدرت الاستثمارات العالمية العام الحالي بأكثر من تريليون دولار. وأشار صندوق النقد الدولي في تقريره قبل أسابيع، إلى أهمية الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي، للاستفادة من التدفقات المالية والاستثمارات الأجنبية, والعمل على تنشيط سوق استهلاكية تزيد على 80 مليون نسمة. وحض على تقريب التشريعات، وفتح الحدود، وتحرير التجارة البينية، وقيام سوق مشتركة على المدى المتوسط. واقترحت اللجنة الأوروبية في بروكسيل ضخ 12 بليون يورو بين 2007 و 2013، لتقوية اندماج اقتصادات دول جنوب وشرق البحر المتوسط في الاقتصاد الاوروبي، عبر ما يسمى «الآلية الأوروبية للجوار والشراكة». وتهدف السياسة الأوروبية إلى منح قروض وتمويلات ومساعدات، قد تصل إلى 15 بليون يورو لمواكبة الإصلاحات الاقتصادية, ودعم دور القطاع الخاص, وتحرير التجارة, وتعزيز التوازن الاجتماعي - الاقتصادي في دول جنوب وشرق المتوسط، الممتد من المغرب إلى تركيا. واعتبر تقرير اقتصادي مغربي ان قطاع الخدمات أساسي بالنسبة الى اقتصادات الدول المتوسطية، ويمثل 50 في المئة من الناتج الإجمالي في المغرب ومصر وسورية، ويصل إلى 60 في المئة في تونس، ونحو 70 في المئة في لبنان والأردن. بيد ان تجارة الخدمات مع الاتحاد الاوروبي، لا تتجاوز حالياً 4 في المئة من إجمالي تجارة الخدمات في الاتحاد، وهي تعتمد أساساً على القطاع السياحي في المنطقة, على رغم توافر إمكانات مهمة في قطاع المال والاتصالات والطاقة والتوزيع والنقل والبيئة. ويعتقد المغرب ان الاتحاد الاوروبي لم يبذل جهداً كافياً لتطبيق إعلان برشلونة لعام 1995، الداعي إلى تعميق الاندماج الإقليمي، تمهيداً لقيام سوق يورومتوسطية في 2012. وفضل الأوروبيون الاهتمام بالأعضاء الجدد من شرق أوروبا على حساب شركائهم التقليديين في جنوب البحر المتوسط، الذين لم يحرروا تجارتهم البينية بالشكل الكافي، من وجهة نظر بروكسيل. ويرى المسؤولون في المغرب ان غياب الاندماج الإقليمي دفع المملكة إلى إبرام اتفاقات مناطق تجارة حرة مع الاتحاد الاوروبي عام 2000, ومع الولاياتالمتحدة وتركيا في 2004, وبدأ العمل الشهر الماضي باتفاق إعلان اغادير، الذي يضم مصر وتونس والأردن والمغرب. ونتيجة الانفتاح الاقتصادي والتجاري، تفاقم عجز الميزان التجاري إلى اكثر من 11 بليون دولار. وجاء في تقرير أنجزته وزارة المال ان إعلان اغادير يدعم التراكم القطري لقواعد المنشأ، ويسمح للشركات المغربية باستيراد بعض عناصر الإنتاج من دول عربية، مثل الملابس والخيوط، وإعادة تصديرها إلى الأسواق الأوروبية, ويظل الأمر معلقاً بالنسبة إلى تركيا، نتيجة تأخر الاتحاد الاوروبي في اعتماد البروتوكول الرابع لاتفاق التبادل الحر الموقّع مع أنقرة. وشدد التقرير على «ان الاندماج الإقليمي لدول جنوب البحر المتوسط، رهن إرادة سياسية قوية للتعاون بين الدول العربية, كما يتطلب أيضاً، إضافة إلى إلغاء الرسوم الجمركية, القضاء على الحواجز غير التجارية، والعوائق المرتبطة بالبنى الأساسية للنقل, وتحسين الإطار المعلوماتي الخاص بالافضليات التجارية، التي تتضمنها الاتفاقات, واقامة آليات تغطية المخاطر الخاصة بالأسواق المعنية». ويعتقد رجال أعمال ان غياب التنسيق الإنتاجي والتجاري، كلف دول جنوب البحر المتوسط خسائر كبيرة في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، بعيد تحرير التجارة (2005)، التي مكنت الصين من السيطرة على الأسواق التقليدية داخل الاتحاد الاوروبي. وأدت الخسائر إلى فقدان حصة من السوق الأوروبية, وإغلاق مئات المصانع وتسريح عشرات آلاف العمال.