أحيط صدور كتاب النائب اليميني المتطرف فيليب دوفيلييه (يوم الخميس المقبل) والذي يحذر فيه من «خطر الإسلام الزاحف» على فرنسا، بنوع من السخرية العامة في الوسطين السياسي والإعلامي، وأيضاً في وسط الاستخبارات الفرنسية التي ادعى انه استند على وثائق صادرة عنها. ودافع دوفيلييه المرشح للرئاسة سنة 2007 عن كتابه وعنوانه: «مساجد رواسي»، مؤكداً في مقابلات إعلامية متكررة ان مطار رواسي – شارل ديغول، بات في قبضة الإسلاميين، عبر عمال الصيانة ونقل الحقائب المسلمين العاملين فيه. في غضون ذلك، أثار تصريح اطلقه وزير الداخلية نيكولا ساركوزي غضباً عاماً وسط الطبقة السياسية الفرنسية. فخلال استقبال اقيم للترحيب بأعضاء جدد انضموا الى حزب «الاتحاد من اجل الحركة الشعبية»، دعا ساركوزي الذي يرأس الحزب، المهاجرين الذين لا يحبون فرنسا الى «عدم تكليف انفسهم عناء ذلك، ومغادرتها»، مستعيداً بذلك الشعار الذي يرفعه دوفيلييه وهو: «فرنسا احبها او ارحل عنها». والجديد في موقف ساركوزي، الطامح الى الحصول على ترشيح اليمين الفرنسي للرئاسة، ليس مضمونه الذي طالما يتردد على ألسنة الساسة اليمنيين المتطرفين، بل الجديد هو هوية وموقع مطلقه. فعندما يتحامل دوفيلييه وزعيمه جان ماري لوبن على المهاجرين والمسلمين كان يقال ان البؤس السياسي يحملهما الى العزف على وتر مخاوف الفرنسيين وتأجيج مشاعر العداء لما هو مختلف وطارئ على الجسم الفرنسي. لكن الأمر يختلف عندما يسعى زعيم أكبر حزب يميني في فرنسا، والرجل الثاني في الحكومة بعد رئيسها، لاستغلال هذا النوع من المشاعر السلبية وتبني مواقف كانت حتى الآن حكراً على اليمين المتطرف. ومن البديهي بالتالي ان تنهال الانتقادات على ساركوزي من المعارضة اليسارية، وعلى لسان الوزير الاشتراكي السابق جاك لانغ الذي صرح بأن من يطمح لترؤس فرنسا لا يمكنه السعي على هذا النحو الى جذب اصوات ناخبي اليمين المتطرف. وحذر رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الفرنسي جان مارك ابيرو من المزايدة في موضوع الهجرة، مشيراً الى ان «حب الوطن» لا ينجم «عن قرار وإنما عن احترام قوانين الجمهورية واحترام قواعد المواطنية». وبادر رئيس البرلمان الفرنسي جان لوي دوبريه، المقرب من الرئيس جاك شيراك الى تدارك الإرباك الذي قد ينجم عن موقف وزير الداخلية، فصرح بأنه لا يتبنى موقفه هذا «لا لجهة الصياغة ولا الذهنية». وأضاف دوبريه ان هناك «صعوبات كبيرة في حكومته يبدو ان الرجل الثاني فيها يتبع سياسة مختلفة» عن الفريق الذي ينتمي إليه، مؤكداً بذلك ان ساركوزي لا يعبر سوى عن لسان حاله. وعلى رغم الاستطلاعات التي تشير الى تقدمه على سواه من مرشحين يمينيين محتملين للرئاسة، فإن ساركوزي المستعجل دوماً يرغب في حسم المعركة الرئاسية لمصلحته في أقرب وقت وبأي ثمن. وليست صدفة ان يكون أطلق موقفه المعادي للمهاجرين، عقب استطلاع للرأي اشار الى ان نحو 35 في المئة من الفرنسيين باتوا يؤيدون مواقف اليمين المتطرف.