سوسة: وزير السيّاحة يشرف على حملة تفقد لعدد من الوحدات الفندقية    دعوة الى تظاهرات تساند الشعب الفلسطيني    وزير الخارجية: تونس ترحب بالأفارقة القادمين اليها بغرض الدراسة أو العلاج أو السياحة أو الاستثمار    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الذكاء الاصطناعي    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    وزير السياحة يعلن الانطلاق في مشروع إصدار مجلة السياحة    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    الصحفي كمال السماري في ذمّة الله    رئيسة المفوضية الأوروبية تزورهذا البلد العربي الخميس    6 مليارات لتسوية ملفّات المنع من الانتداب…فهل هيئة المخلوفي قادرة على ذلك    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    صفاقس : خطأ عند الانتاج أم تحيل على المستهلك    وزير الثقافة الإيطالي: نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس    تامر حسني يعتذر من فنانة    ملكة جمال ألمانيا تتعرض للتنمر لهذا السبب    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    مصر.. تصريحات أزهرية تثير غضبا حول الشاب وخطيبته وداعية يرد    التعاون والتبادل الثقافي محور لقاء سعيّد بوزير الثقافة الايطالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    وزيرة الاقتصاد والتخطيط تترأس الوفد التونسي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    ملامحها "الفاتنة" أثارت الشكوك.. ستينيّة تفوز بلقب ملكة جمال    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    استقرار نسبة الفائدة الرئيسية في تركيا في حدود 50%    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    عاجل: هذا ما تقرر في حق الموقوفين في قضية الفولاذ..    دورة مدريد للماستارز: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 35 عالميا    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    عاجل/ حماس تكشف آخر مستجدات محادثات وقف اطلاق النار في غزة..    المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    عاجل/ نحو إقرار تجريم كراء المنازل للأجانب..    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    تونس تسعى لتسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لليونسكو    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص خطاب الرئيس بن علي بمناسبة الذكرى 19 للسابع من نوفمبر

أيها المواطنون, أيتها المواطنات: نحيي اليوم بكل اعتزاز الذكرى التاسعة عشرة للتحول، وبلادنا تسير بكل ثبات وعزيمة وطموح نحو المستقبل، يحدو شعبها التفاؤل وروح البذل والعطاء لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى التي أجمعت عليها مختلف فئاته وشرائحه وأجياله.
وإذ أحيي بهذه المناسبة الأسرة الإعلامية الفلسطينية مقدرا صمودها ونضالها وتضحياتها في سبيل نيل حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وكسب قضيته العادلة، فإني أشكر السيد نعيم الطوباسي، رئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين على كلمته الطيبة ومشاعره النبيلة نحو تونس وقيادتها، وعلى إسناده إلي درع القدس، الذي نلمس من خلاله صدق التقدير لتونس وشعبها ولموقفها الثابت إزاء قضيتنا الأولى قضية الشعب الفلسطيني الشقيق.
وأهنئ بهذه المناسبة كل الذين شملهم التكريم منذ حين بوسام السابع من نوفمبر، ومن خلالهم كل من يعمل ويجتهد ويبذل التضحيات من أجل رفعة الوطن في ظل قيم الجمهورية ومبادئها وروح التغيير والمشروع الحضاري الذي جاء به التحول.
كما أتوجه بالتهنئة إلى الفنان لطفي بوشناق الذي أكرمناه بجائزة 7 نوفمبر للإبداع، مقدرين ما قدمه في ميدانه، من جليل الأعمال المتميزة، مكبرين من خلاله جهود سائر كفاءات بلادنا ونخبها ومبدعيها وما يقدمونه للوطن من خدمات وإضافات.
إن حاضر تونس ومستقبلها يبنيان بسواعد أبنائها وبفكرهم، في ظل الوفاء لأمجاد الآباء والأجداد ولتراثنا الإصلاحي العظيم، والولاء لتونس ولتونس وحدها.
وإذ تحتل بلادنا اليوم منزلة رفيعة في مقدمة البلدان الصاعدة، مثلما تؤكده مختلف المؤشرات وتقارير سائر المؤسسات الدولية والخبراء العالميين، كما هو الشأن في التقرير الأخير للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس حول القدرة التنافسية لبلدان العالم، فإن ذلك يزيدنا عزما على بناء المستقبل ورفع تحدياته.
لقد راهنا منذ البداية على نضج شعبنا وذكائه وما يحدو أبناءه وبناته من وطنية واستعداد للبذل والتضحية. واستجابت مختلف قواه الحية لما رسمناه من إصلاحات دعمنا بها النظام الجمهوري ومؤسساته، ورسخنا بها دولة القانون ومبادئ الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، وفعلنا بها قيم التضامن والتآزر. وعملنا من خلال تلك الإصلاحات والسياسات والبرامج على استبعاد كل أسباب الفرقة والإقصاء والتهميش لتحصين مجتمعنا ضد التطرف والعنف، حتى يبقى مثلما كان طوال تاريخه المجيد، مجتمع التسامح والتفتح، مجتمعا أصيل الثقافة، راسخا في هويته العربية الإسلامية بقيمها الفضلى، قيم الاعتدال والوسطية والاجتهاد. هذه القيم التي نحرص على غرسها في نفوس ناشئتنا، والتي نرعاها باستمرار من خلال ما نوليه من عناية لديننا الحنيف وللقائمين عليه، وما نخص به شعائره ومعالمه من إحياء وحماية.
وكان تحول السابع من نوفمبر تكريسا لاستقلالية القرار الوطني وسيادة البلاد وصونا للاستقلال الذي يتزامن هذا العام مع ذكراه الخمسين.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن الحريات في تونس اليوم يضمنها دستور البلاد وقوانينها وهي في مستوى يرقى إلى ما هو معمول به في كثير من البلدان المتقدمة في النص وفي الممارسة، سواء فيما يخص الحريات الفردية أو العامة أو فيما يخص حماية حقوق الإنسان وتكريسها في كل أبعادها.
والقانون هو الفيصل في كل الأمور، ونحن حريصون على رعاية هوية شعبنا العربية الإسلامية ووحدته وتجانسه، وحماية قداسة المعتقدات والشعائر، وترسيخ مبادئ ديننا الحنيف وقيمه النبيلة السمحة التي تنبذ العنف والتطرف وكل ما يروج للكراهية والفرقة.
ونحن حريصون على مزيد تعزيز آليات حماية حقوق الإنسان التي جعلنا منها ركيزة لمشروعنا السياسي وواقعا ملموسا يتطور في كل مرحلة في النص وفي الممارسة، وإننا نعلن اليوم قرارنا بدعم صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتوسيعها. وذلك بتمكينها من قبول العرائض والشكايات الصادرة عن المواطنين وتقديم تقارير في شأنها إلى رئيس الجمهورية. وتمكين رئيس الهيئة من القيام دون سابق إعلام بزيارات إلى المؤسسات السجنية والإصلاحية ومراكز الاحتفاظ والهياكل المعنية بذوي الاحتياجات الخصوصية، ورفع تقاريره حول نتائجها إلى رئيس الجمهورية.
كما سيتم تكليف رئيس الهيئة العليا من قبل رئيس الجمهورية بالقيام، كلما دعا الأمر، بمهام بحث وتقص للحقائق في مسائل وأوضاع تتصل بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ذلك إلى جانب مهام الهيئة المعهودة في نشر ثقافة حقوق الإنسان ورصد مكاسب البلاد في هذا المجال والمشاركة في النشاطات المرتبطة بها.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن تحقيق طموحات شعبنا ورفع التحديات المرتقبة يقتضيان تعبئة كل القدرات والطاقات وتعميق وعي التونسيين والتونسيات بواجباتهم الوطنية، للمشاركة في تنمية البلاد والتقدم بها والحفاظ على أمنها واستقرارها ومكاسبها بكل إخلاص، في مناخ يميزه السلوك الديمقراطي والقيم الحضارية الراقية. وإني أؤكد أن خيار التعددية خيار لا رجعة فيه وأن الأحزاب السياسية في الحكم وفي المعارضة هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه ولا بد لها أن تكون في مستوى من الفاعلية يخول لها الاضطلاع بأدوارها على أفضل الوجوه.
ونحن نعتقد أن حركية المنظمات الوطنية ومختلف مكونات النسيج الجمعياتي هي مؤشر صحة للمجتمع، وعامل توازن وتفاعل بين مختلف مكوناته. ونعتقد أن للمجتمع المدني دورا أساسيا في معاضدة جهود الدولة في مختلف المجالات. كما أن له دورا مهما في النقد والتصويب وتوسيع مجال المشاركة في الحياة العامة.
وإذ نؤكد ذلك، فإننا سنواصل دعمنا للمجتمع المدني ترسيخا للمبادئ والقيم التي ينبني عليها مشروعنا الحضاري.
وسنحتفل في نوفمبر القادم بمرور عشرين سنة من التغيير والإصلاح، وسيكون ذلك الموعد التاريخي مناسبة نريد أن نغتنمها لمزيد التأمل في مسيرتنا والتخطيط لمستقبل أجيالنا القادمة.
ولمّا كنت إثر التحول، جمعت الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية لنضع ميثاقا وطنيا مشتركا نعمل بقيمه ونتمسك بمبادئه، فإنني اليوم بعد قرابة عشرين سنة من الإنجازات والمكاسب والنجاحات، أدعو في إطار مبادئ الدستور وقيم الجمهورية الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية، إلى تعميق التأمل في حاضرنا وتوجهات مستقبل بلادنا، ومدنا بآرائها ومقترحاتها لنستأنس بها بمناسبة احتفالاتنا القادمة بالعيد العشرين للتحول.
إن خياراتنا الاجتماعية تأسست على ترسيخ قيم التضامن والتكافل والتآزر، وقد ليت على نفسي منذ التغيير الإنحياز لضعاف الحال. ويجسم إحداث صندوق التضامن الوطني و آ لية القروض الصغرى وعديد البرامج الخصوصية هذا الخيار، حتى نوفر لهذه الشريحة من أبناء شعبنا مقومات العيش الكريم. فالمجتمع المتضامن المتوازن هو مجتمع الكرامة والاستقرار.
ومن مميزات بلادنا وجود طبقة وسطى تشكل قاعدة ذلك المجتمع المتضامن المتوازن. وبرنامجنا الاجتماعي ينبني على تعزيز أوضاع هذه الطبقة والمحافظة عليها من التآكل. لذلك نعمل دوما على تأمين قدرتها الشرائية وظروف عيشها؛ فهي عامل استقرار ودرع واق من الاهتزازات.
وتعززت هذه الخيارات بسياسات اجتماعية ناجعة أتت بأفضل النتائج في مجالات الصحة والتغطية الاجتماعية والسكن والتضامن الوطني والنهوض بالأسرة وبالمرأة في الريف.
إن تفعيل الحوار الوطني ودعم المجتمع المدني وتطوير دور الأحزاب السياسية لا يتوفر إلا في ظل إعلام حر نزيه، قادر على النقد والتقويم والمساءلة. وقد عملنا من خلال عديد المبادرات والإصلاحات على تحديث المشهد الإعلامي ببلادنا وتوفير أفضل الظروف للعمل الصحافي. ودعونا أهل المهنة إلى مزيد من الجرأة وإلى التحلي بأخلاقيات المهنة والسعي إلى تكريس النقد النزيه وكسب مواقع أكثر تقدما على الساحة الإعلامية الإقليمية والخارجية، في عصر العولمة وغزو وسائل الاتصال الحديثة.
ونحن ندعو الصحافة وأجهزة الإعلام العمومية والخاصة إلى مزيد التفاعل مع مشاغل المواطنين والتعبير عن تطلعاتهم في كنف مراعاة أخلاقيات المهنة والحوار المسؤول.
ودعما للتطور الذي يشهده الإعلام السمعي والبصري وحتى نعزز قدرات بلادنا على كسب رهان المنافسة في هذا المجال، نعلن اليوم قرارنا بالفصل بين الإذاعة والتلفزة وإحداث "الإذاعة التونسية" في شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة صناعية وتجارية، تضم كامل القنوات الإذاعية العمومية مركزية وجهوية وتوفر الاستقلالية الذاتية في التصرف لكل منها، كما نعلن إحداث "التلفزة التونسية" بنفس الصبغة تضم كامل القنوات التلفزية العمومية وتوفر الاستقلالية المالية لكل منها، مع القيام بمهام الإشهار والإنتاج، والنشاط التجاري.
وقد قررنا في نفس الوقت، فصل الوكالة الوطنية للنهوض بالقطاع السمعي البصري عن التلفزة التونسية بصورة كاملة، لتتفرغ للإنتاج وتطويره، مع اعتماد عقود برامج وأهداف خاصة بكل مؤسسة. ونأذن بتطهير الوضع المالي لكل من المؤسسة والوكالة في نطاق برنامج لإعادة هيكلتها يتم تنفيذه وفق خطة تدريجية.
ونحن نأمل أن يتيح هذا الإصلاح الهيكلي المجال لرفع كفاءة الإعلام السمعي البصري الوطني، ليحتل المكانة التي هو جدير بها في الساحة الإقليمية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن المراهنة على الشباب هي من جوهر بناء مستقبل البلاد. وتونس التغيير حريصة على تربية الأجيال الجديدة على التعلق بالوطن، والذود عن مكاسبه والولاء له دون سواه في ضوء التمسك بهويته وأصالته وبمقومات الشخصية التونسية.
وقد نزلنا شبابنا المنزلة الفضلى في اختياراتنا، واتخذنا لفائدته من الإجراءات والمبادرات ما يكفل إعداده لمواجهة المستقبل بثقة وتفاؤل وطموح. وفسحنا أمامه المجال للإسهام في الحياة العامة والمشاركة في رسم معالم الغد. وكثفنا الإصغاء إليه والحوار معه مثلما تم ذلك خلال الاستشارة الشبابية الثالثة سنة 2005 التي انتهت إلى استنتاجات أذنا بأن تؤخذ في الاعتبار في برامج المخطط الحادي عشر للتنمية.
وسنواصل دعم هذه الجهود وتنويعها، بتوسيع نطاق الأنشطة الموجهة إلى الشباب في القطاعات التربوية والثقافية والاجتماعية والترفيهية، وكذلك في ميدان التكوين والتأهيل، الذي أصبح يغطي عددا كبيرا من المهارات والكفاءات الواعدة التي تهيئ له أكثر الفرص للشغل والمبادرة الفردية.
ويبقى كسب رهان التشغيل أولويتنا المطلقة خلال هذه المرحلة، خصوصا وأن توافد طالبي الشغل سيبلغ حجما غير مسبوق من المنتظر أن يتجاوز 80.000 طالب شغل سنويا خلال السنوات الخمس القادمة، إلى جانب الارتفاع الكبير لنسبة حاملي شهادات التعليم العالي، بفضل ما بلغته منظومتنا التربوية من كفاءة في جميع مستوياتها.
ونحن ندعو كل المتدخلين الاقتصاديين في القطاع العمومي والخاص إلى مزيد العمل على توجيه جهودهم نحو الأنشطة المستوعبة لحاملي الشهادات العليا، على غرار الخدمات المالية والاعلامية والاتصالات والخدمات الموجهة إلى المؤسسات والنهوض بالخدمات عن بعد.
كما نعلن في هذا المجال عن قرارنا بتوفير أراض بالدينار الرمزي لتشجيع القطاع الخاص على بعث مراكز للعمل عن بعد، وإسناد منحة استثمار ب 20% من كلفة كل مشروع على صندوق تنمية المواصلات.
وحرصا على تحسين قابلية تشغيل حاملي الشهادات العليا، نأذن بوضع برنامج للتكوين التكميلي في الاعلامية واللغات تحت إشراف وزارة التعليم العالي يشمل الخريجين من كل الاختصاصات والشهادات بدون استثناء، وذلك بتمويل من صندوق 21-21 وبإعطاء تكوين إضافي لحاملي الشهادات العليا لتعاطي مهن الجوار كخدمات الإحاطة والترفيه والرعاية لفائدة المسنين، وخدمات المساندة لفائدة التلاميذ.
وحرصا منا على إعداد جيل جديد من الباعثين الشبان، وفي إطار ما نوليه من عناية لتوجيه شبابنا لا سيما من خريجي الجامعات نحو المبادرة الفردية، نأذن اليوم بإحداث "تربص إعداد وتأهيل لبعث مؤسسة" تتبنى من خلاله مؤسساتنا الشبان الراغبين في بعث مشاريع فردية، لمساعدتهم على التعرف على وسط الأعمال والتدرب على التصرف في المؤسسات. وذلك لمدة أقصاها سنة قابلة للتجديد ويتمتع المستفيد خلال هذه المدة بنفس الامتيازات المخولة للتربصات للإعداد للحياة المهنية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن الرهان على المرأة من صميم مشروعنا الإصلاحي؛ مشروع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومشروع التوفيق بين مقومات الهوية الحضارية والانخراط في الحداثة والتقدم.
وإذ تتزامن هذه الذكرى مع العام الخمسين لصدور مجلة الأحوال الشخصية فإن في ذلك أكثر من معنى، فمجلة الأحوال الشخصية قد شهدت غداة التغيير ولادة جديدة من خلال تثبيتها وتوسيع أحكامها ومجالاتها.
وعلى المرأة أن تكون في مستوى المسؤولية الحضارية الملقاة على عاتقها بالحفاظ على مكاسبها والتمسك بها والاضطلاع بالأدوار الموكولة إليها على صعيد الأسرة والمجتمع، والتصدي للتيارات الرجعية والظلامية التي تريد أن تعبث بمكاسبها وأن تعود بها إلى الوراء.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
لقد توفقت تونس منذ التحول إلى تحقيق مكاسب وإنجازات هامة في مختلف الميادين ساهمت بقسط كبير في تحسين مستوى عيش الأفراد وتحقيق الرفاه لكافة شرائح المجتمع. وتؤكد هذه الإنجازات صواب الخيارات والتوجهات التنموية التي اعتمدناها.
وقد أمكن لنا تحقيق معدل نمو إيجابي فاق 4.7% بالأسعار القارة على مدى السنوات التسعة عشرة الماضية مقابل معدل 2.4% قبلها. وهو ما مكن من مضاعفة الدخل الفردي أكثر من أربع مرات حيث ينتظر أن يبلغ 4.063 دينارا سنة 2006 مقابل 960 دينارا سنة 1986.
وحققنا بفضل تواصل المجهود الاستثماري وتعدد الإجراءات والتدابير التي بادرنا بها منذ التحول زيادة غير مسبوقة في حجم الاستثمار الذي ينتظر أن يبلغ 9.045 مليون دينار سنة 2006 مقابل 1.789 مليون دينار في بداية التغيير. وقد صاحبه تطور هام لمساهمة القطاع الخاص حيث بلغت نسبته 56.9% من مجموع الاستثمارات هذا العام.
وأصبحت بلادنا التي نريد لها أن تكون مركزا اقتصاديا وإقليميا وعالميا للخدمات، تستقطب العديد من الاستثمارات الأجنبية الكبرى، لبعث مشاريع متطورة ستغير خريطة البلاد الاقتصادية تغييرا عميقا. وما اختيار تونس مقصدا لهذه الاستثمارات إلا تقدير لما يميز مناخ الأعمال فيها من استقرار سياسي واجتماعي دعم مصداقيتها في المحيط الخارجي.
وننتظر أن تساهم هذه المشاريع الكبرى مساهمة فعالة في خلق فرص العمل وتكثيف الأنشطة الاقتصادية ذات القيمة المضافة العالية بما يساعد على تحقيق النقلة النوعية المنشودة.
كما ستساهم هذه الاستثمارات في تسريع نسق اندماج بلادنا في الاقتصاد العالمي واغتنام الفرص المتاحة في العديد من المجالات.
وإيمانا منا بأهمية التصدير في تحقيق أهدافنا الوطنية، خاصة لدفع طاقة التشغيل، سعينا إلى تطوير قدراتنا التصديرية حيث بلغ حجم الصادرات حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2006 مقابل 34% فقط منذ عشريتين وذلك بالتوازي مع تنويع هيكلة الصادرات.
وهي مكاسب واكبتها توازنات مالية سليمة حيث تقلص عجز ميزانية الدولة ليستقر في حدود 2.5% في السنوات الأخيرة مقابل 5،5% قبل التغيير، مع التحكم في العجز التجاري ليبقى في حدود 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2006.
كما سعينا إلى التحكم في نسبة التضخم وحصرها في حدود دنيا، حيث استقرت هذا العام في مستوى 2.9% بفضل سياسة مالية حذرة ونشيطة وسياسة صرف مرنة.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن من مقومات بناء الاقتصاد الجديد، إقامة بنية أساسية حديثة تتلاءم مع طموحاتنا في الارتقاء إلى مصاف الدول الأكثر تقدما.
لذلك أعطينا هذا القطاع مكانة استراتيجية في برنامجنا لتونس الغد، وشرعنا في تنفيذه. وستكون فترة المخطط الحادي عشر للتنمية، مرحلة محورية لتحقيق النقلة النوعية المنشودة في هذا المجال.
وإذ أذنا بالانطلاق في الدراسات اللازمة لوضع خطة على المدى الطويل لإنجاز شبكة عصرية متكاملة من الطرقات السيارة والسريعة تشمل الشريط الساحلي والشريط الداخلي الغربي مع تشبيكهما، ورسم الأمثلة التوجيهية الملائمة لمراعاة سيولة حركة النقل. وإنجاز شبكة من الفضاءات اللوجستية متعددة الوظائف، فإننا نأذن اليوم بدفعة أولى من المشاريع تدرج في المخطط الحادي عشر لإنجاز تلك الخطة، وسيكون من أبرز مكوناتها تهذيب 1.251 كيلومترا من الطرقات المرقمة، وتدعيم 1.332 كيلومترا منها، وبناء 27 جسرا وتعصير عدد من الطرقات المهيكلة الرابطة بين المدن وبرمجة منعرجات بإحدى عشرة مدينة وتهيئة الطرقات العابرة للمدن بطول إجمالي يبلغ 250 كيلومترا.
كما نأذن، إلى جانب إنجاز قسط الطريق السيارة بالشمال الغربي وادي الزرقاء بوسالم، بإقامة وصلتين لهذه الطريق نحو مدينتي باجة وجندوبة. هذا إلى جانب الانطلاق في إنجاز الطريق السيارة الجنوبية من صفاقس إلى رأس الجدير على أقساط متتابعة، وإنجاز وصلة تربط الجزء الشمالي منها بمدينة القيروان وتيسر الربط مع عدد من ولايات الوسط.
وسيتميز هذا المخطط ببرامج كبرى للارتقاء بالنقل داخل المدن وفي مقدمتها العاصمة، من خلال مزيد تطوير النقل الجماعي بصورة عامة والنقل الحديدي الحضري بصورة خاصة. وستتعزز هذه الحركية التي نأمل أن تعطي دفعا جديدا للاقتصاد الوطني بإنجاز المشاريع الحديثة التي كنا أذنا بها في قطاع التراسل الإلكتروني والإعلامية والاتصال الهاتفي الثابت والجوال وعلى شبكة الأنترنات ذات السعة العالية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
لقد كنا أعلنا بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال جملة من الإجراءات لتطوير المنظومة الجبائية وتحديثها والتقليص في نسب الأداء فضلا عن قرارنا بإصدار عفو جبائي لقي الصدى الطيب والتجاوب لدى المطالبين بالأداء من أشخاص ومؤسسات.
وتأكيدا لهذا التمشي، نعلن قرارنا بالتخفيض في إطار قانون المالية للسنة القادمة في نسب فوائد التأخير وخطايا المراقبة، وحصرها في مستويات تتلاءم مع نسبة الفائدة المعمول بها في المجالات الاقتصادية، بما يساهم في تخفيف العبء على المطالبين بالأداء دون المس بحقوق الدولة.
كما أذنا بإدراج إجراءات جديدة في قانون المالية لتبسيط صيغ دفع الأداء ومزيد تدعيم حقوق المطالبين به، وذلك من خلال إلزام الإدارة بالرد كتابيا على الاعتراضات على نتائج المراجعة الجبائية وتعليل ملاحظاتها، وتوخي مزيد من الموضوعية والشفافية عند توظيف الأداء.
ومن جهة أخرى وفي إطار التقريب التدريجي لنسب الأداءات الموظفة عند التوريد مع ما هو معمول به لدى شركائنا في الخارج، نأذن اليوم بالتخفيض في النسب المشطة الموظفة على بعض أصناف السيارات، كما نأذن باعتماد نسب تشجيعية عند تعويض سيارات الأجرة.
وإننا واثقون أن هذه القرارات وما سبقها من إجراءات ستدعم الثقة وترسخ المصالحة مع الجباية. وقد شهدت الأوساط العالمية والهياكل الدولية بحسن استعمال بلادنا للأموال العمومية في برامج ومشاريع هادفة، حيث احتلت تونس مرتبة مشرفة جدا في مجال سياستها في الإنفاق العمومي وكانت في الموقع الثالث عالميا بالمقارنة مع 125 دولة بالنسبة إلى مؤشر حسن استعمال الموارد العمومية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
ما كان لهذه المكاسب أن تتحقق لولا المد الإصلاحي الشامل الذي تواصل منذ التحول بهدف إعادة استقرار الإطار العام للاقتصاد وتوازناته المالية، وتفعيل ليات السوق وتحرير المعاملات ودواليب الاقتصاد. إلى جانب سياسة اجتماعية مكنت من تحقيق الاستقرار والارتقاء بالعلاقات بين الأطراف الاجتماعية إلى مستوى حضاري مرموق من خلال سياسة التفاوض والاتفاقات الثلاثية. وقد ساهم في إنجاح تلك السياسات وعي منظماتنا الوطنية وحرصها على مصلحة الوطن العليا، وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، التي نحييها بهذه المناسبة مقدرين دورها وجهودها.
وقد تعززت مسيرتنا التنموية بخيار التفتح على الخارج. وهو ما تجسم من خلال تطوير الشراكة مع الاتحاد الأوروبي واتفاقيات التبادل الحر مع عدد من البلدان المتوسطية والأوروبية الأخرى، ومن خلال إقرار جملة من البرامج التي ترمي إلى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وتحسين أدائه.
وقد تعزز نسق النمو من خلال تسجيل معدل بنسبة 5.3% للناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المنقضية من تنفيذ برنامج تونس الغد رغم الظرف العالمي غير الملائم بسبب الارتفاع المتواصل لأسعار النفط وبعض المواد الأولية منذ سنة 2004 إضافة إلى اشتداد المنافسة في الأسواق الخارجية.
وتمكنا بذلك من التقليص في نسبة التداين الخارجي من سنة إلى أخرى لتبلغ 49.1% من الدخل القومي سنة 2006 مقابل 54.6% سنة 2004 بفضل المجهودات المبذولة على مستوى التصرف في الدين الخارجي، وقرارنا بالتسديد المسبق لبعض الديون المكلفة.
وتواصل سعينا لبناء اقتصاد قادر على التجديد من خلال إقرار جملة من الحوافز والتشجيعات لدعم القطاعات الواعدة والمجددة والتشجيع على الابتكار والانخراط في الشبكات العالمية للإنتاج والتسويق. وتم إنجاز دراسات قطاعية لاستكشاف المجالات الواعدة وتواصل برنامج تحديث منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي وتطويرها من خلال إصلاحات حسنت أداءها وارتقت بمردودها وبجودة التكوين فيها. ونحن نقترب في هذه المرحلة من بلوغ أرفع المؤشرات العالمية.
وسنعمل على مزيد تطوير مناخ الأعمال ونظام التشجيع على الاستثمار من خلال تحسين الإطار التشريعي في اتجاه تحقيق التلاؤم مع ما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي وفي البلدان الأكثر تقدما بصورة عامة.
كما سنواصل العمل على التقريب بين النظام المعتمد للمؤسسات المصدرة كليا ونظام المؤسسات الموجهة إلى السوق الداخلية.
وقد كنا أعلنا في خطابنا بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل عن قرارنا بتيسير إحالة المؤسسات للغير عندما تكون هذه الإحالة ضرورية لإنقاذها وتأمين تواصلها وازدهارها.
وتجسيما لهذه القرارات، نأذن بأن تدرج في قانون المالية لهذه السنة، إجراءات عملية تمكن المؤسسات المحالة من مواصلة الانتفاع بالامتيازات التي أسندت إليها بمقتضى مجلة الاستثمارات إلى حين انتهاء المدة المرسومة لتلك الامتيازات. وكذلك بإعفاء عملية الإحالة من الأداء، بشرط مواصلة النشاط قصد المحافظة على مواطن الشغل. وقد وسعنا هذه الامتيازات لتشمل على حد سواء الإحالة بسبب الصعوبات الاقتصادية والإحالة عن طريق الإرث أو الوصية أو بالتخلي عن التسيير بسبب العجز أو التقاعد. وبهذه الإجراءات التفاضلية الجديدة تكون منظومتنا لدعم المؤسسات مكتملة وشاملة لكل مراحل الإحداث والتطور وكذلك الإنقاذ.
كما نعلن اليوم عن اعتماد برنامج تنفيذي متكامل ينجز على مراحل ويضمن بلوغ مرتبة متقدمة من التحرير المالي الخارجي في اتجاه التحرير الكامل للدينار.
وسنعطي في إطار هذا البرنامج أهمية خاصة لتعميق التحرير الجاري للدينار بمزيد تيسير نشاط المؤسسة في معاملاتها مع الخارج، وإعادة النظر في منظومة منح أسفار الأعمال بتبسيطها، والرفع من حقوق التحويل، والتدرج بمنحة أسفار الأعمال للتصدير إلى حد تحريرها الكامل بالنسبة إلى المؤسسات المصدرة التي تتولى تمويل هذه النفقات بواسطة حساباتها المهنية بالعملة.
كما نعلن عن الترفيع في حقوق التحويل بعنوان النفقات الشخصية المتصلة بالدراسة والتداوي بالخارج والسياحة. ونأذن في هذا الإطار بالترفيع في المنحة السياحية من 2.000 إلى 4.000 دينار مع احتساب حقوق التحويل بهذا العنوان على أساس سنة واحدة.
إن من مقومات التحرير المالي الخارجي رفع الحواجز على عمليات رأس المال لما لذلك من تأثير إيجابي على استقطاب الاستثمار الأجنبي وتعبئة الموارد الخارجية والاندماج في السوق المالية. ولقد اعتمدنا في هذا المجال تمشيا رصينا يضمن تحقيق النتائج المرجوة وكذلك التوقي من المخاطر المحتملة.
وفي هذا الإطار نعلن قرارنا بسحب مبدإ حرية تعبئة الموارد الخارجية على المؤسسات المدرجة بالبورصة. ورفع الأسقف السنوية المخولة بعنوان الاستثمارات بالخارج قصد تطوير صادراتها وتعزيز مواقعها بالأسواق الخارجية.
وسنتولى تحسين شروط الاستثمار الخارجي وتطوير آليات تمويل الشركات غير المقيمة المنتصبة ببلادنا حتى نرفع مستوى جاذبية الساحة الاقتصادية التونسية.
وتجسيما لقرارنا المتعلق بتوسيع إمكانية فتح حسابات بالعملة، نأذن بإحداث حسابات المنحة السياحية بالدينار القابل للتحويل إضافة إلى حسابات مسديي الخدمات لفائدة الأشخاص الطبيعيين المسدين للخدمات بالخارج، وبتمكين المؤسسات التونسية المتحصلة على صفقات بالخارج من حرية فتح حسابات بالعملات المحلية لإنجاز هذه الصفقات.
كما نعلن قرارنا بسن عفو تشريعي في مجال الصرف وتمكين المقيمين الذين بحوزتهم عملات من تسوية وضعيتهم وفتح حسابات بالدينار القابل للتحويل.
ومواكبة لكل تلك الإجراءات، نأذن اليوم بإعادة النظر في تشريع الصرف على أساس اعتماد الحرية كمبدإ والترخيص كاستثناء في مجال المعاملات المالية مع الخارج.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
لقد حرصنا ضمن برنامجنا الانتخابي على تطوير قطاع الفلاحة والصيد البحري ورفع إنتاجيته هدفنا في ذلك تحسين دخل الفلاح ومقومات العيش بالمناطق الريفية ودعم مكانة القطاع في مسيرة التنمية الشاملة.
وأذنا بتحديث هياكل الانتاج وتأهيلها، وبوضع الخطط الكفيلة بحماية المنظومات الطبيعية والأراضي الفلاحية. كما عملنا على إكساب منتوجاتنا الفلاحية المزيد من القدرة التنافسية والجودة والسلامة بما يمكنها من مجابهة المنافسة سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الوطني.
ولا بد من الإشادة بالنتائج المتميزة التي بلغها الميزان التجاري الغذائي خلال سنتي 2004 و2005 حيث حقق فائضا إيجابيا، ونتطلع هذه السنة إلى بلوغ نفس النتيجة، وهو إنجاز لم تتوصل الفلاحة التونسية إلى بلوغه منذ أكثر من ثلاثين سنة.
واعتبارا للانتشار العالمي الذي شهدته الأمراض الحيوانية في الفترة الأخيرة، وبالنظر إلى أهمية عملية الترصد والاستكشاف المبكر للأمراض والآفات الحيوانية، نأذن بإحداث مركز وطني لليقظة الصحية الحيوانية، تعهد إليه مهمة اليقظة البيطرية والمتابعة الوبائية للأمراض الحيوانية لتفادي خطر تسربها إلى بلادنا.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إننا اعتبرنا الثقافة دائما سندا لمشروعنا الحضاري، وحصنا لهويتنا الوطنية، وجسرا لدعم الحوار المتكافئ بين الحضارات والأديان، في إطار إيماننا العميق بالتنوع الثقافي والانفتاح على الآخر، والانخراط الواعي في مستجدات العصر والأخذ بأسباب الحداثة.
وحرصنا على اعتبار الحق في الثقافة جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان. ووضعنا القوانين النموذجية لحماية الملكية الفكرية. وأحطنا المبدعين بالرعاية والتشجيع. ونحن مرتاحون لحضورهم في المحافل الإقليمية والدولية، معتزون بما يحظى به إنتاجهم من إقبال وتنويه، لاسيما في مجالات المسرح والسينما والفنون التشكيلية.
وتواصلا مع توجهاتنا في تعزيز إشعاع بلادنا الثقافي، نأذن بالشروع في الإعداد لبرنامج "القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2009".
و مايزال سعينا متواصلا لفتح فاق أوسع أمام صناعاتنا الثقافية، وقد أذنا بوضع برنامجين على امتداد المخطط القادم للتنمية يهدفان إلى مزيد النهوض بالصناعة السينمائية وصناعة الكتاب.
ونأذن من ناحية أخرى بإعلان سنة 2008 سنة وطنية للترجمة، تعزيزا لانفتاح بلادنا على الثقافات الأجنبية ودعما لجسور الحوار والتكامل بينها وبين ثقافتنا الوطنية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن النجاحات والإنجازات التي حققتها سياستنا الخارجية منذ التحول تعكس صواب رؤيتنا وخياراتنا، كما عززت قدراتنا على مسايرة التحولات العالمية ودعمت حضورنا الفاعل في مختلف المحافل الدولية وإسهامنا في خدمة الأمن والسلم والتعاون والتضامن في العالم.
وفي إطار ثوابتنا الجوهرية، نؤكد بهذه المناسبة حرصنا على بذل المزيد من الجهود وتكثيف نسق التشاور والتنسيق لتنشيط المسيرة المغاربية التي نعتبرها خيارا مصيريا لشعوبنا. كما أننا حريصون على صون وحدة الصف العربي في كنف علاقات الإخاء والتعاون والإحترام المتبادل.
وقد سعينا إلى الارتقاء بالعمل العربي المشترك إلى الأفضل ودفع مسيرة التطوير والتحديث والتنمية طبقا لما تم اعتماده خلال قمة تونس 2004. كما نعمل باستمرار على تعزيز التكامل الاقتصادي العربي وخصوصا من خلال مقتضيات اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
وإذ تواجه أمتنا العربية اليوم تحديات كبرى، فإننا نؤكد ضرورة تكاتف الجهود لإيجاد حل للوضع المتردي في العراق وللإسراع بإعادة إعمار لبنان، حتى تسترجع منطقتنا العربية كافة قدراتها كفضاء حضاري فاعل ومشع على الإنسانية جمعاء.
ونحن حريصون من منطلق إيماننا بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وقيام دولة فلسطينية مستقلة، على دعم المساعي العربية والدولية لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية يحقق الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة.
كما تواصل تونس الاضطلاع بدورها في إشاعة الأمن والسلم في ربوع قارتنا الإفريقية من خلال مشاركاتها في قوات حفظ السلام الدولية. ونحن مرتاحون لما تشهده علاقاتنا الثنائية مع البلدان الإفريقية الشقيقة من تطور ونمو ملموس للمبادلات التجارية وللتعاون الفني. وننوه في هذا المجال بالدور الإيجابي الذي يضطلع به البنك الإفريقي للتنمية.
وتكتسي علاقات بلادنا مع الاتحاد الأوروبي أهمية خاصة. ونحن نسعى باستمرار إلى مزيد تطويرها وإثرائها بما يساعد على إرساء شراكة متضامنة مع هذا الفضاء، تقوم على الاحترام المتبادل والحوار والتشاور. كما نأمل أن تشهد هذه الشراكة مزيدا من الدعم خاصة على مستوى الاستثمار وتكثيف المشاركة التونسية في البرامج الأوروبية العلمية والتكنولوجية. وفي هذا السياق نعمل كذلك مع بلدان المنطقة الأورومتوسطية لدفع مسار برشلونة الذي يحتاج إلى حركية جديدة.
كما ترتبط بلادنا بعلاقات عريقة مع دول القارتين الأمريكية والآسياوية. وهي تعمل على الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة معتمدة في ذلك على السمعة الطيبة التي تتمتع بها بلادنا لدى تلك البلدان وعلى رصد الفرص المتاحة للتعاون والشراكة.
أما على الصعيد الأممي، فقد عملت تونس دائما على تكريس قيم الحق والعدل واحترام الشرعية الدولية وعلى دعم أواصر التعاون والتضامن بين الأمم والشعوب، وكذلك على تفعيل الحوار بين الثقافات والحضارات والأديان. وقد طرحت في هذا السياق عديد المبادرات التي كانت موضع تقدير وتأييد من المجموعة الدولية، في مقدمتها عقد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات والدعوة إلى اعتماد مدونة سلوك لمكافحة الإرهاب تلتزم بها كل الأطراف. وقد جاء انتخاب تونس لعضوية مجلس حقوق الإنسان وانتخابها للمرة الثالثة لعضوية لجنة حقوق الإنسان ولرئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي لسنة 2006، بمثابة إقرار دولي متجدد لمكانة حقوق الإنسان في بلادنا ولما حققته من أشواط هامة في هذا المجال.
إن هذه الصورة المشرقة التي توفقت بلادنا في ترسيخها في شتى الساحات الدولية هي مبعث فخر واعتزاز لشعبنا. وإن تونس لتهيب بأبنائها في الخارج، لمزيد البذل والعمل من أجل المحافظة على تلك الصورة المشرقة والدفاع عنها في جميع الأوساط كما تحثهم على تكثيف إسهامهم في دفع مسيرة التنمية بوطنهم. ونجدد دعوتنا إلى الهياكل والمؤسسات المعنية بالتونسيين في الخارج لدعم العناية بجاليتنا والإحاطة بها ومتابعة أوضاعها لتجسيم الرعاية الخاصة التي نوليها لهم.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن العالم يتطوّر ويتقدم باستمرار وبسرعة مذهلة في كل الميادين. وليس لنا من سبيل لمواكبة مستجداته والاستفادة من متغيراته سوى حسن استغلال الوقت والعمل بصيغ أفضل وجهود أكبر، حتى نؤمن لأنفسنا القدرة على مواصلة التفاني في خدمة تونس والرفع من شأنها، ودعم مسيرتها وتكريس إشعاعها، ونبوئها بصفة مشرفة ودائمة، المنزلة التي هي بها جديرة في السباق العالمي نحو المناعة والرقي، وما ذلك بعزيز على التونسيين والتونسيات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اخبار تونس-7-11-06
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.