حذر مخرجون وموزعون تونسيون من الاخطار التي يواجهها الانتاج السينمائي في بلدهم بسبب عمليات القرصنة والاغلاق المستمر لصالات العرض فيما تحتضن العاصمة التونسية منذ السبت ايام قرطاج السينمائية. وعدد منذر فرحات مدير اول شركة توزيع افلام فى تونس "ابولو للاستغلال والتوزيع السينمائي" لوكالة فرانس برس "الاخطار التى تحدق بالسينما التونسية وابرزها ظاهرة القرصنة التي اخذت فى الانتشار ومشكلة غلق صالات السينما وتحويل بعضها الى مطاعم او مراكز تجارية". واوضح ان "تونس التي تعد حاليا عشرة ملايين نسمة لم يعد لها الا 17 صالة عرض افلام بعد ان كانت تعد قرابة المئة عام 1984" وهو ما يتنافى في نظره مع ما توصي به اليونسكو بتخصيص 60 قاعة عرض لكل مليون نسمة. واشار فرحات الى ان الشركة كانت تجلب قرابة 200 فيلم في الثمانينات من القرن الماضي "لكن العدد فى تراجع (...) فخلال الموسم الحالي 2005/2006 لم نجلب الا 80 فيلما فقط خوفا من قلة الاقبال نتيجة رداءة التجهيزات في القاعات المتبقية وعزوف الجمهور عن الحضور لانه اصبح بامكانه اقتناء اخر الافلام العربية والاجنبية بأبخس الاثمان ومشاهدتها فى البيت". واوضح انه "اقام مؤخرا دعوة قضائية ضد اربعة نوادي فيديو نسخت افلاما جلبتها الشركة لعرضها حصريا فى الصالات التجارية". واستوردت شركته بمناسبة ايام قرطاج السينمائية اربعة افلام هي "انديجان" او "الاهالي" للجزائري رشيد ابو شارب الذي افتتح فعاليات المهرجان ومن المتوقع عرضه في الصالات لاحقا و"الانتظار" للفلسطيني رشيد مشهراوي و"باماكو" للموريتاني عبد الرحمان سيسيكو المشاركان فى المسابقة الرسمية للفوز بالتانيت الذهبي و"رايت بن بركة يقتل" لسيرج لبيرون وسعيد سميحي. من جهته نبه المخرج التونسي منصف ذويب الى ان "قراصنة الاعمال الفنية في تونس يشكلون بصراحة كارثة اقتصادية وازمة اخلاقية" على خلفية ترويج نسخ مقرصنة من فيلمه الاخير "التلفزة جاية" فى نوادي الفيديو ومحلات النسخ الرقمي. وفي رسالة وجهها الى "كل قراصنة الفيلم التونسي" حصلت فرانس برس على نسخة منها قال ذويب "لولا الخسارة التى تلحقونها بنا لنوهت بكم فانتم في الحقيقة خير مروج للعمل الفني و(الوسيلة) الاكثر سرعة فى الانتشار والارفق بجيب المواطن" ثم استدرك قائلا "لكن انتم بصراحة كارثة اقتصادية وازمة اخلاقية". من جهتها اشارت المنتجة سلمي بكار الى ان "تنامي ظاهرة القرصنة والغلق المستمر لصالات العرض يشكلان ثنائيا يهدد الفن السابع فى هذا البلد و يدفع به الى الانتحار". وشددت بكار "على ان سرقة حق ادبي هو اخطر من سرقة رغيف اكل لانه عرق مجموعة يخضع للحماية الادبية والفكرية". ولم تفلت بكار هي الاخرى من قبضة القراصنة حيث بيعت نسخا من فيلمها الاخير "الخشخاش" بطريقة غير شرعية وباسعار لا تقبل المنافسة اذ لم يتجاوز ثمن نسخة القرص المدمج دولارا واحدا. ودعت المخرجة التونسية الى ضرورة "ان تجابه السلطات المعنية هذا الخطر الذي يتربص بكل انتاج فني جديد" والى "تطوير القاعات المتبقية وانقاذ ما يمكن انقاذه حتى يتشجع التونسي على متابعة الافلام خارج بيته فيقطع الطريق امام اولئك الذين يبحثون عن الارتزاق السهل". وشدد الناقد السينمائي هادي خليل على "انها مشكلة رهيبة يجب التفكير فى حل جدي لها" وعلى ان "القرصنة لن تزول طالما نفتقر لارشيف نحفظ فيه موروثنا الثقافي وطالما حقوق المؤلف مهضومة وغير محمية وطالما ظلت الوضعية المزرية لقاعاتنا على ما هي". وعبرت الممثلة فاطمة بن سعيدان عن خشيتها من ان "تستفحل الظاهرة ويمد الاخطبوط اصابعه ليشمل كل الاشكال التعبيرية الاخرى" وتساءلت "لماذا لم يقع مثلا تشييد مسرح منذ استقلال تونس عام 1956". وبدا المخرج جلال بالسعد اكثر تفاؤلا وفي نظره "وان اغلقت القاعات هنالك بدائل لها تتمثل فى دور الشباب المنتشرة فى كامل المدن التونسية". وتشارك تونس في الدورة الحادية والعشرين لايام قرطاج السينمائية بثلاثة افلام طويلة هي "اخر فيلم" للنوري بوزيد و"بابا عزيز" لناصر خمير و"عرس الذيب" للجيلاني السعدي. ومن الافلام التونسية القصيرة المشاركة ضمن المسابقة الرسمية "نسمة وريح" للسعد الدخيل و"بهجة" لوليد الطايع و"العز" للطفي عاشور و"الرنديفو" لسارة عبيد. وتستمر ايام قرطاج السينمائية التى تحمل هذا العام شعار "التنوع الثقافي في سينما الجنوب" حتى الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي ويعرض خلالها اكثر من 228 فيلما.