بعث حساب حطاب بصفته "أميرا للجماعة السلفية للدعوة والقتال" برسالة تأييد للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه موقعة بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي يهنئه فيها بعيد الأضحى المبارك ويدعوه إلى تجسيد المزيد من إجراءات المصالحة، في الوقت الذي تعود الرأي العام على أن عبد المالك دردقال المكنى بأبو مصعب عبد الودود هو الأمير الحالي للجماعة السلفية، الأمر الذي يعزز فرضية تجدد الصراع على زعامة هذا "التنظيم الإرهابي" الذي سبق له في شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم إعلان ولائه لتنظيم القاعدة. و في الرسالة التي حصلت "العربية نت" على نسخة منها، سجل حطاب أنه "مر الكثير من الوقت على تزكية الشعب الجزائري لميثاق السلم والمصالحة الوطنية كوسيلة لتحقيق الصلح و ليس كغاية في حد ذاته"، قبل أن يردف قائلا "و الصلح خير و هو ما يثمر التآخي بين أبناء البلد الواحد ولا يرتبهم لا طبقات تختلف في الحقوق والواجبات"، في إشارة منه إلى بعض بنود ميثاق السلم التي تم اعتبارها "تمييزية" من طرف عناصر الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة وعلى رأسهم مدني مزراق أمير ما كان يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ. وينظر المتتبعون لرسالة حطاب الذي قدم نفسه كأمير للجماعة السلفية وحملت توقيع الجماعة السلفية المعروف، على أنه تجديد من حطاب لحسن نيته في تطليق العمل المسلح ورغبته في الاستفادة من تدابير ميثاق السلم حيث جاء في الرسالة قول حطاب "وبالمناسبة السعيدة – مناسبة العيد- نذكر بموقفنا من جديد من مسعى المصالحة المنصفة والتي نتوخى من سيدي رئيس الجمهورية أن يمضي قدما في تحقيقها وإقرانها ببنود تضمن الأمن والأمان للجميع"، أمام إصرار أبو مصعب عبد الودود على تبني خطاب ثوري ضد السلطة وضد حلولها السياسية التي كان آخرها ميثاق السلم والمصالحة، في الوقت الذي سارع هذا الأخير إلى مبايعة تنظيم القاعدة بمناسبة الذكرى الخامسة لتفجيرات 11 سبتمبر . الجماعة السلفية ب"رأسين" و برأي المتتبعين، فإن الصراع عاد إلى العلن بين أجنحة تنظيم الجماعة السلفية بسبب عدم حسم الأمور على مستوى التنظيم ذاته اتجاه العرض الذي تقدمت به السلطات لأفراد التنظيم في إطار ميثاق السلم والمصالحة، في وقت سرت أنباء عن وقوع تصفيات في صفوف التنظيم لعناصر أبدوا رغبتهم في الاستفادة من العفو بينما تم تكثيف إجراءات الحراسة في معاقل الجماعة في الجبال خوفا من هروب العناصر الراغبة في التوبة. وكان أبو مصعب عبد الودود قد أصدر بيانا في شهر أكتوبر الماضي، قال فيه: "أبا حمزة -وهي كنية حطاب- قد عاد إلى الجماعة بعد سنة من تطليق العمل المسلح وأنه جرى بينهما اتصال هاتفي حول موضوع المصالحة"، الأمر الذي كذبه حطاب في حينه لتأتي هذه الرسالة في سياق التأكيد على عدم وجود أي توافق بين حطاب ودردقال رغم انضمامهما إلى تنظيم واحد، بل أصبح واضحا أن الجماعة السلفية أصبحت برأسين أحدهما يدعو إلى المصالحة والآخر يدعو إلى مواصلة الحرب ضد السلطة القائمة في الجزائر. تجدر الإشارة إلى أن السلطات الأمنية الجزائرية قد باشرت منذ سنوات تعود إلى عام 2000 سلسلة اتصالات سرية جدا مع حسان حطاب أمير الجماعة السلفية للدعوة و القتال الذي كان آنذاك متصلبا في آرائه من مسألة ترك العمل المسلح، ويبدو أن تلك الاتصالات أثمرت في وقت لاحق تغيرا في مواقف حطاب، تزامن مع طرح الرئيس بوتفليقة لمشروعه الثاني ميثاق السلم والمصالحة في عام 2005 بعد مشروعه الأول قانون الوئام المدني الذي أطلقه عام 1999.