رفض الافراج عن نور الدين البحيري    سبيطلة: حجر البرد يتسبب في أضرار لمختلف الزراعات في منطقة الشرايع    حصة تونس السنوية من صيد التن الاحمر تقدّر ب3 آلاف طن    عاجل/ مصر: إنهيار مبنى من 5 طوابق على رؤوس ساكنيه    العدوان الصهيوني على غزة/ أكثر من 15 ألف طفل استشهدوا وغالبيتهم من طلبة المدارس ورياض الأطفال..    مصر تكشف سبب إغلاق معبر رفح    بلغت 46 مليار دولار.. مدخرات مصر من العملة الأجنبية في مستوى قياسي    خلال جلسة عمل: هذا ما أمر به والي بن عروس..#خبر_عاجل    باحث في علم الاجتماع: جمهور الافريقي لم يتجاوز جُرح عمر العبيدي.. وهذا ما استفزّه    جريمة بشعة: الأم والأبناء يقتلون الأب ويدفنونه في جدار منذ 6 سنوات!!    أكثر من 140 ألف مترشح يتقدمون لاجتياز اختبارات البكالوريا غدا    هذا موعد رصد هلال شهر ذو الحجة    عاجل: الزيّ الرسمي للمنتخب الوطني في مباراته ضدّ غينيا    برلمان سويسرا يصوت ضد مشروع قانون للاعتراف بدولة فلسطين    4 نصائح لمحبي اللحوم    الكاف: يوم اعلامي حول تثمين مادة التين الشوكي في التغذية الحيوانية    شاطئ المرسى: منحرفان يفتكّان هاتف جوّال شخص باستعمال العنف.. والأمن يتدخّل    كرة اليد: طارق بن علي مديرا فنيّا مؤقّتا للجامعة    عاجل/ هذا موعد رصد هلال ذو الحجة..    وزارة الفلاحة: الأضاحي متوفّرة بأعداد تفوق معدل الاستهلاك    مركز التربية المختصّة لإعانة الأشخاص القاصرين ذهنيا بالزهراء: حفل فني وثقافي في اختتام السنة المدرسية    مؤذن بجامع يتعرض للنهش والعض من كلاب اثر عودته من صلاة الصبح    وزارة التعليم العالي تخصص منحا جامعية للدراسة بفرنسا وألمانيا والمعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بتونس    درّة زرّوق تطلق علامة أزياء مستوحاة من جدّتها    الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف: مشاركة 4 أفلام تونسية 2 منها في المسابقة الرسمية    مُشاركة 4 أفلام تونسية في الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف    فظيع/ كلاب سائبة تنهش مترجل حتى الموت أثناء عودته إلى منزله بعد صلاة الفجر..#خبر_عاجل    ليبيا: العثور على جثّة الشاب محمد الشنطة في قلب الصحراء    سليانة: تنفيذ 2234 عملية رقابة خلال شهر ماي    من مخلفات أحداث الدربي: خسائر قدرت بحوالي 100 ألف دينار    عاجل/ ينشط في هذا القطاع: الاحتفاظ برجل أعمال من أجل شبهات فساد مالي وغسيل أموال    إصدار سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية حول النظم الغذائية المبتكرة    إصابة 3 ركاب في انزلاق سيارة أجنبي بزغوان    رئيس الحكومة يلقي كلمة تونس في افتتاح أشغال القمة الأولى الكورية الافريقية    عاجل : اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور    الرئيس المدير العام لشركة اللحوم يفجرها ويكشف ما فعله "القشارة" بأضاحي العيد..    مجلس النواب: انطلاق أشغال الجلسة العامة للنظر في مقترح القانون عدد 30 لسنة 2023    ربع نهائي بطولة رولان غاروس : من هي منافسة أنس جابر ؟    اليوم..انطلاق الدورة الثالثة من الأيام التونسية للملكية الأدبية والفنية    سفير إندونيسيا بتونس : ''بلادنا وسعت مجال تعاونها مع تونس في السنوات الأخيرة    عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي في هذه الفترة    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا    منها مخزون المياه بالسدود: هذه محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    قيس سعيد يسدي تعليماته بتذليل كل العقبات أمام باعثي الشركات الأهلية    رئيس الدولة يطالب بالقطع نهائيا مع النظام الحالي للتعامل بالشيكات..    صواريخ حزب الله تحرق "كريات شمونة"    رسميا.. جوائز "الأفضل" في دوري أبطال أوروبا    الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية بالمهدية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيخ الإسلام: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر ابن عاشور التونسي، رئيس المفتين بتونس، وشيخ جامع الزيتونة وفروعه
نشر في الوسط التونسية يوم 12 - 04 - 2006

أصل هذه الشجرة الزكية الأول هو محمد ابن عاشور، وُلد بمدينة سلا من المغرب الأقصى بعد خروج والده من الأندلس فارًّا بدينه من القهر والتنصير، توفي سنة (1110ه) وقد سطع نجم آخر وهو الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور وهو جد مترجمنا، والذي وُلد سنة (1230ه) وقد تقلد مناصب هامة كالقضاء والإفتاء والتدريس، والإشراف على الأوقاف الخيرية، والنظارة على بيت المال، والعضوية بمجلس الشورى.
ومن أشهر تلاميذه الشيخ محمد العزيز بوعتور، والشيخ يوسف جعيط، والشيخ أحمد ابن الخوجة، والشيخ سالم بوحاجب، والشيخ محمود ابن الخوجة، والشيخ محمد بيرم، ومن سلالة آل عاشور والد شيخنا الشيخ محمد ابن عاشور، وقد تولى رئاسة مجلس إدارة جمعية الأوقاف، ثم خلفه عليها أبو النخبة المثقفة محمد البشير صفر حيث عينته الدولة نائبًا عنها في تلك المؤسسة، وقد تدعمت الصلة وتمتنت بين الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور الجد وتلميذه محمد العزيز بوعتور الوزير، نتج عنها زيجة شرعية لابنة الثاني -محمد العزيز بوعتور- على ابن الأول -الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور الجد- وهكذا تمت أواصر هذه العائلة بالعائلات التونسية( )، وأخذت مكانها وارتبطت صلاتها فكانت شجرة طيبة زيتونة لا شرقية ولا غربية أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
بشّرت هذه العائلة الشريفة بولادة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور بالمرسي ضاحية من ضواحي العاصمة التونسية في جمادى الأولى سنة (1296ه) الموافق لشهر سبتمبر (1879م)
نشأ الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في بيئة علمية لجده للأب قاضي قضاة الحاضرة التونسية، وجده للأم الشيخ محمد العزيز بوعتور، ففي مثل هذا الوسط العلمي والسياسي والإصلاحي شبّ مترجمنا فحفظ القرآن الكريم حفظًا متقنًا منذ صغر سنه، وحفظ المتون العلمية كسائر أبناء عصره من التلاميذ، ثم تعلم ما تيسر له من اللغة الفرنسية( )
ارتحل إلى المشرق العربي وأوروبا، وشارك في عدة ملتقيات إسلامية، كان عضوًا مراسلًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1956م)، وبالمجمع العلمي العربي بدمشق سنة (1955م)
اشتهر بالصبر والاعتزاز بالنفس والصمود أمام الكوارث، والترفع عن الدنيا، حاول أقصى جهده إنقاذ التعليم الزيتوني وتصدى له بمعارفه ويقينه، ولكن أيدي الأعادي تسلطت على هذه المنارة العلمية فألغتها سنة (1961م)، فتولى العلم بتونس وانزوى حتى توفي عام (1973م) ودفن بمقبرة الزلاج بمدينة تونس فرحمه الله تعالى( )
التحق الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور بجامع الزيتونة في سنة (1303ه-1886م) وثابر على تعليمه به حتى أحرز شهادة التطويع سنة (1317ه-1899م) وسمي عدلًا مبرزًا، وابتداءً من سنة (1900م) إلى سنة (1932م) أقبل على التدريس بجامع الزيتونة والمدرسة الصادقية كمدرس من الدرجة الثانية، فمدرسًا من الدرجة الأولى سنة (1905م)، ثم عضوًا مؤسسًا للجنة إصلاح التعليم بجامع الزيتونة سنة (1910م)
التحق الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور بالقضاء سنة (1911م) فكان عضوًا بالمحكمة العقارية وقاضيًا مالكيًا، ثم مفتيًا مالكيًا سنة (1923م) فكبير المفتين سنة (1924م) فشيخ الإسلام للمذهب المالكي سنة (1932م)، وقد باشر رحمه الله كل هذه المهام بمهارة ودقة علمية نادرة، وبنزاهة وحسن نظر، فكان حجة ومرجعًا فيما يقضي به، سمي شيخ جامع الزيتونة وفروعه لأول مرة في سبتمبر (1932م) بعد أن اشترك في إدارة الكلية الزيتونية، ولكنه استقال من مشيخة جامع الزيتونة بعد (سبتمبر:1933م)
ثم سمي من جديد شيخًا لجامع الزيتونة في سنة (1945م)، وفي سنة (1956م) شيخًا عميدًا للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين حتى سنة (1960م) حيث أحيل إلى الراحة بسبب موقفه تجاه الحملة التي شنها بور**************** يومئذ ضد فريضة الصيام في رمضان( )
كان مقبلًا على الكتابة والتحقيق والتأليف، فقد شارك في إنشاء مجلة السعادة العظمى سنة (1952م)، وهي أول مجلة تونسية مع صديقه العلامة الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله، ونشر بحوثًا عديدة خصوصًا في المجلة الزيتونية ومجلات شرقية مثل هدى الإسلام، والمنار، والهداية الإسلامية، ونور الإسلام، ومجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما نشرت له مجلة المجمع العلمي بدمشق.
شارك في الموسوعة الفقهية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت بمبحث قيم.
شيوخه
اكتسب الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ثقافة واسعة شملت التفسير، والحديث، والقراءات، ومصطلح الحديث، والبيان، واللغة، والتاريخ، والمنطق، وعلم العروض، وأعمل فكره فيما حصله وتوسع في ذلك وحلله، فقد تخرج على أيدي ثلّة من علماء عصره امتازوا بثقافة موسوعية في علوم الدين وقواعد اللغة العربية وبلاغتها وبيانها وبديعها، إلى جانب قدرة على التبليغ، ومعرفة بطرق التدريس، والتركيز على تربية الملكات في العلوم، ومن أشهرهم الشيخ محمد النجار، والشيخ سالم بوحاجب، والشيخ محمد النخلي، والشيخ محمد بن يوسف، والشيخ عمر ابن عاشور، والشيخ صالح الشريف رحمهم الله تعالى جميعًا
وإذا تصفحنا حياة هؤلاء الأعلام وجدناها حياة علمية زاخرة حافلة بجلائل الأعمال، قد أعطوا الحياة التونسية عطاء جزيلًا في الدين والاجتماع والأدب والسياسة، وهؤلاء النبغاء وإن لم يتركوا مؤلفات ضخمة إلا أنهم تركوا تلاميذ شهدوا لهم بطول الباع في نقد الآثار والمناهج وتتبع الهنات اللغوية، وقد كان الشيخ بوحاجب بارعًا ماهرًا في علوم اللغة والنحو والبلاغة والأدب، والأستاذ عمر بن الشيخ ماهرًا في الفقه والمنطق والكلام والفلسفة، والشيخ محمد النجار كان جامعًا لشتى العلوم التي تدرس بجامع الزيتونة.
وهؤلاء العلماء الذين تتلمذ عليهم الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور كانوا ثمرة لمصلحين أسهموا في الحياة التونسية إسهامًا جليلًا على شتى المستويات الأدبية والاجتماعية، أمثال الشيخ إبراهيم الرياحي، وإسماعيل التميمي، والوزير خير الدين باشا صاحب أقوم المسالك، والشيخ محمود قبادو، ولقد كان هؤلاء العلماء زعماء المدرسة الإصلاحية التونسية، وكانت فرعًا مهمًا للمدارس الإصلاحية التي نشرت في العالم الإسلامي؛ كالمدرسة الدهلوية، ومدرسة المصلح: محمد ابن عبدالوهاب النجدي، وهذه المدرسة إلى جانب المدرسة المغربية تتفق مع مدارس العالم الإسلامي في الأسس والمبادئ، وتختلف عنها في الأساليب والطرائق، بَيْدَ أنها تلتقي جميعًا حول هدف موحد؛ هو مقاومة التخلف المزري الذي تردى فيه المسلمون من بُعْدٍ عن التوحيد وانغماس في الشرك، بالرغم من أن دينهم دين الفكر والحضارة والعلم والمدنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.