البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    حريق بوحدة تصدير التمور يُخلّف خسائر مادية بدوز الشمالية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    صادم في المنستير: مناوشات في مطعم تتطوّر الى اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه!!    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    الداخلية تشرع في استغلال مقر متطور للأرشيف لمزيد إحكام التصرف في الوثائق    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    Titre    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأثير السياسي للقنوات الفضائية العربية على المشاهد العربي ..

انطلاقا من أرضية اعتبار حيادية الاعلام أمرا خرافيا ,أو بعبارة مختصرة أورد فيها الأستاذ محمد حسنين هيكل قولته الشهيرة " ليس ثمة اعلام لوجه الله " ,فاننا ارتأينا من خلال بحثنا هذا تسليط الضوء على واحد من اوجه تأثيرات الفضائيات العربية على المشاهد العربي ,ألا وهو الوجه السياسي لهذا التأثير ,حيث شهدت المنطقة منذ بداية التسعينات من القرن الماضي بروز ظاهرة القنوات الفضائية العربية , ليشهد بذلك العالم العربي ثورة غير معهودة في الخطاب الفكري والثقافي والسياسي عبر أقوى وسيلة خطاب مؤثر وهي التلفزيون العابر للأمصار والقارات والمخترق لحجب السماء كما حجب الرصد والرقابة والتشويش.
تجاوز التلفزيون العربي عبر تقنية البث الفضائي حدود التأثير المحلي والقطري لينطلق باتجاه مخاطبة جمهور عربي ودولي اوسع ,وهو ماأتاح لكثير من الدول العربية والحكومات والمعارضات والمثقفين والفاعلين الحقوقيين والسياسيين مخاطبة جمهور خرج عن الدوائر التقليدية للتأثير.
في السابق ,أي قبل مرحلة ظهور الفضائيات في الساحة العربية ,كانت الدول والحكومات تحتكر البث التلفزي ,وتجعل منه أداتها الطيعة لسحر الجماهير وتخديرهم واقناعهم بجدوى البضاعة الرسمية مهما كانت أوضاعها الحقيقية ,أما مع التطور التقني الحاصل عالميا فلم يعد الاعلام التلفزي في بلدان المنطقة اعلاما صنميا مكتفيا بتسبيح وحمد قداسة الزعيم أو حزبه الحاكم , بل شهدت القنوات التلفزية العربية والتي انتقلت كرها وطوعا الى عالم السماوات المفتوحة تطورا ملموسا أدخل بعض جرعات الحوار والنقد والرأي الاخر الى قاموس الخطاب التلفزي الفضائي ,وخاصة أمام دخول المنطقة لمرحلة الفضائيات الخاصة التي تمردت على الخطاب الرسمي المعهود وباتت تؤذن الكثير من المسلمات العربية الرسمية بالاسقاط والتقويض.
كانت بداية الغيث قطر كما يقول المثل العربي , حيث انه مع انطلاق قناة MBC سنة 1991 في بثها عبر الأقمار الصناعية , بدأت الظاهرة الاخبارية التلفزية العربية تخرج من دائرة القطرية الضيقة الى دائرة عربية فسيحة شملت بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا والوجود العربي المقيم بأوروبا وبلاد الغرب عموما , وهو ماأتاح وللمرة الأولى في تاريخ التلفزيونات العربية الفرصة أمام ظهور فضائية بروح عربية من عاصمة أوروبية وهي العاصمة لندن, وبمحتوى خرج وبشكل واضح عن المألوفات التلفزية العربية والتي تتنزل ضمن اطر مايعرف عالميا بالاعلام الموجه أو الاعلام التنموي .
كانت البداية الأولى كما اتضح لنا من سياق البحث مع الام بي سي ,غير ان دائرة القرار المركزي في بعض القضايا الاخبارية العربية الرئيسية ظلت في واحدة من ابرز عواصم الشرق الأوسط وهي العاصمة السعودية الرياض ,وهو مايعني أن الأداء التلفزيوني العربي لم يخرج في كل الحالات عن دائرة السيطرة والرقابة والتوجيه ضمن مصالح الدولة الرئيسة الممولة.
التحقت بركب الفضائيات العربية الرسمية مجموعة اخرى من القنوات المشاكسة كما يصطلح البعض على تسميتها , من أجل تعديل الكفة جزئيا لفائدة رأي اخر طالما وقع تغييبه وراء القضبان أو في شتى أصقاع الأرض بين ثلوج بلدان المهاجر وصقيعها البارد أو حرارة بلدان أخرى لم توصل الى العالم العربي صوت الحقيقة ,ولذلك فانه مع تعزيز قناة الام بي سي بقنوات ART وأساسا قناتها العامة وقناة اقرا ,ثم مع ظهور قنوات دبي الفضائية وANN والمستقلة
وقناة أبو ظبي والشارقة ومع اطلالة قناة الجزيرة على المشهد الاعلامي العربي والدولي سنة 199 ,أصبحت المنطقة العربية والمشاهد العربي حيثما كان أمام واقع ورؤية اعلامية عربية صميمة وجديدة كان لها لامحالة دور واضح في تحريك المياه الاسنة عربيا وكسر جدار حقبة الاعلام البرافدوي الناطق رسميا باسم اللجنة المركزية لحكومات عربية عودت شعوبها على سياسة التطمين والتزيين والتلميع ,الم نقل الغش والخداع في كثير من الأحيان...
يحاول هذا البحث في عمل تأليفي تلمس حجم هذا التأثير من زاويته السياسية على الجمهور العربي ,وذلك من خلال الوقوف على نماذج لفضائيات وشخصيات توقفت عند هذا التأثير بالبحث في ندوة دراسية عقدتها وحدة الدراسات بدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر ,
عبر حلقات استماع قامت بها مع مشرفين بارزين على هذه القنوات أو بعض الأكاديميين المتخصصين في حقول الاتصال والاعلام ,كما يعرج على رؤية د.علي الجابري لهذا التأثير في اطار أفق فكري أوسع,لنخلص في نفس المبحث الى مقترحات عملية من أجل تجاوز سلبيات هذا التأثير وترقيته الى مراحل الرسالة الايجابية والمسؤولة في عملية الاصلاح الاعلامي المنشود.
- د. محمد عايش رئيس قسم الاتصال - جامعة الشارقة
-د. محمد قيراط جامعة الشارقة
-د. علي الشعيبي خبير ومفكر إعلامي
- د. عائشة عبدالله أستاذ مساعد – قسم الاتصال الجماهيري جامعة الإمارات
- محمد جاسم العلي المدير السابق لقناة الجزيرة الفضائية
(mbc) بيير غانم رئيس تحري الأخبار في قناة -
-علي الأحمد مدير قناة (أبوظبي) الفضائية
:
بحسب تقرير عن اشغال الندوة فقد ذكرت الأستاذة ليلى سعيد بأن محاور نقاش الندوة شملت محورين
رصد وتقييم للمشهد الإعلامي الفضائي العربي. كيف برزت وكيف تطورت الفضائيات العربية؟ ما هو الأثر الذي أحدثته في الحياة العربية؟ كيف تميز بعض من هذه القنوات الفضائية، وظلت أخرى بنفس أسلوبها القديم والتقليدي؟ ما مدى تأثير هذه الفضائيات على الإعلام الرسمي الحكومي؟ ما الذي يدفع المشاهد للإقبال على القنوات الفضائية وهجر الإعلام الرسمي؟ هل هذه القنوات حرة في عملها أم أنها خاضعة أيضا للتوجيهات الرسمية؟ ما هي الضغوط التي تتعرض لها هذه القنوات في أدائها لرسالتها الإعلامية؟ ما مدى صحة ما يتردد عن تعمدها الإساءة إلى دول بعينها؟ هل انتهى عصر "الإعلام الموجه"؟ هل تخضع هذه القنوات في عملها لاعتبارات مهنية بحتة أم أنها فضائيات ذات رسالة، وما هي هذه الرسالة؟
رصد وتقييم للدور السياسي للفضائيات العربية. ما هو الدور السياسي الذي تقوم به الفضائيات العربية؟ هل هو دور إيجابي أم سلبي في العموم؟
ما هو دور القنوات الفضائية العربية وآثارها تجاه القضايا القومية والمحلية وخاصة فيما يتعلق بقضية فلسطين والوحدة العربية والديمقراطية والحرية؟
كيف يمكن الاستفادة من أداء الفضائيات الناجحة من قبل تلك الأقل نجاحاً؟
وأخيراً، ما هو مستقبل ظاهرة القنوات الفضائية العربية وما هو مستقبل الإعلام الحكومي؟ هل يمكن التفاؤل بمستقبل الإعلام العربي في ضوء أداء الفضائيات العربية؟
ج- أهم الاراء الواردة في الندوة بخصوص التأثير السياسي للفضائيات العربية على المشاهد العربي - :
محمد جاسم العلي/قناة الجزيرة :
- في بدايات بث قناة الجزيرة لم نكن ننتظر صدى عملنا إلا بعد مرور أشهر تقريباً، ولكننا منذ اليوم الأول للبث وجدنا صدىً جيداً من المشاهد العربي الذي كان متعطشاً لفترة طويلة، ونحن كإعلاميين مكبلين صوته، ونتحدث باسمه ونزعم أنه يرغب فيما نقدم، دون استطلاع لرأيه، وظلت لفترة طويلة وسائل الإعلام الرسمية لا تلتقي إلا لصوت واحد، وقد قيل أن قناة الجزيرة أعطت الشرعية للرأي الآخر أو المعارض، فبدلاً من أن ينفذ الرأي المعارض من خلال وسائل إعلامية غير عربية، تكاد مصداقيتها تكون مهزوزة، الآن أصبحت هناك وسيلة عربية في وطن عربي ولها شرعية ووجود .
- نجد المشاهد بعد أن كان قابعا في أحضان وسائل الإعلام الغربية والتي تؤثر فيه بدرجة كبيرة ,قد عاد إلى وسائل الإعلام العربية، وقد استطعنا التأثير عليه وجعله أكثر ثقة في وسائل الإعلام العربية، فيما ينقل ويقال، وذلك لأننا نؤكد على فكرة احترام عقل المشاهد بالدرجة الأولى، لأنه لم يعد ذلك المشاهد التقليدي، فقد أصبح لدى المشاهد كثير من مصادر المعلومات من "انترنت وفاكس ومحطات غربية ودش ..." ولذا إما أن نحترم المشاهد ونقدم كل ما يحترم تفكيره وعقله، وإما أن يقفز المشاهد من محطة إلى آخرى بضغطة .
- قناة الجزيرة بحكم تجربتها استطاعت أن تستعيد المشاهد العربي، وأن تستعيد ثقته في إعلامه العربي وهذا هو أهم إنجاز لهذه القناة، وعلينا استثمار هذه العودة وهذه الثقة بما يعود بالفائدة على الوطن العربي بشكل عام وكيفية تنميته بشكل خاص .
- استطاعت قناة الجزيرة البث والتغطية والتأثير على المشاهد العربي وحتى الأجنبي، وفي اعتقادي أن الشارع العربي بدأ في التحرك بفضل ما كان يشاهده على قناة الجزيرة، وبدا هذا واضحاً خلال حرب أفغانستان حيث أصبحت الجزيرة هي المصدر وصانع الخبر .
- لابد من وجود مركز تدريب ومؤسسات للأبحاث حتى نستطيع الخروج بأراء المشاهدين وما يطلبه الرأي العام، ففي الغرب يلجأون إلى مؤسسات بحثية لدراسة ماذا يريد المشاهد؟ وهل الوقت مناسب لما يقدم أو غير مناسب، وهل هذا الخبر يهم المشاهد أم لا يهمه..
- المشاهد لم يعد ذلك المشاهد العادي الذي يمكن أن تنطلي عليه الأحداث، أنه أكثر ذكاءاً ووعياً ويستطيع وهو في بيته أن يقوم بإعداد المادة الإعلامية ويصنع الخبر، كما نجده أحيانا أكثر موسوعية ومعلوماتية من الفضائيات نفسها، وذلك بفضل الانترنت وغيره من مصادر المعلومات .
- المشاهد في دول الطوق في الأردن وسوريا كان يسمع الأخبار المحلية من إسرائيل وذلك خلال الفترة من الستينات حتى التسعينات، وقد أجريت دراسة وأكدت هذا القول، ومعنى ذلك أن القيود الرقابية قد رفعت قليلاً فعاد المشاهد العربي إلى وسائل الإعلام العربية أي أن المشاهد واعٍ تماماً لما يحدث .
بيير غانم MBC-
-خلال فترة حرب الخليج بشكل خاص كان العالم العربي يحاول استقاء المعلومة عن الأحداث الجارية حوله من خلال إعلام لا يتكلم لغة العالم العربي، ولا يحكي بأسلوب وثقافة عربية، وكان على عدد كبير من المواطنين العرب استقاء المعلومة بلغة لا يعرفونها، فنجد ما نسبته واحد من الألف من العرب من يعرف الإنجليزية بشكل جيد، وعدد أخر يحاول فهم الإنجليزية بالقدر الذي يعرفه وبالتالي يفقد جزء كبير من المعلومة، وهذه الفئة الأخيرة هي التي تترجم للعدد الأكبر من المواطنين معلومات مبتورة . وقد وجدت mbc لتلبي حاجة المشاهدين في تلك الفترة. ولكن حدثت مفاجأة حيث تبين أن هذه الوسيلة الإعلامية استطاعت سد فراغ آخر أكثر عمقاً، وهو أن المواطنين في العالم العربي بما فيهم الصحافيين كانوا يعرفون مثلاً عن الحكومة الفرنسية وأعضاءها ونوابها وعن نائب الوزير والانتخابات وحتى النظام الانتخابي الموجود في أمريكا، ولكنهم لم يكونوا على علم بأسماء أعضاء الحكومة في دولة عربية ما! كنا نعرف ونشاهد أن هناك طفل سقط في حفرة في دولة أوروبية في عام 198، وكيف اجتمعت فرق الأطفاء لمحاولة إنقاذه، ولم نكن نستطيع مشاهدة صورة واحدة عن فيضان السودان الذي فقد فيه أكثر من 2000 إنسان .
- اليوم لم نعد نعطي للأحداث السياسية الجارية في أوروبا أو أمريكا أهمية كما كان يعطى الإعلام لهذه الأحداث أهمية خلال فترة الثمانينات، بقدر ما نقدم اليوم أحداثاً عربية وأحداثاً تخص قضايا المواطن العربي والمسلم .
- في العالم العربي وتبعاً لوسائل الإعلام التي كانت موجودة كان مطلوباً منا كمشاهدين أن نشاهد كل ما يهم الحكومة حسب تدرجها الهرمي والبروتوكولي وحسب قدرة تأثير الأجهزة الحكومية وسيطرتها على أجهزة التلفزيون وإن استطاع المشاهد أن يلتقط خبراً صغيراً يمرر له عن موت 2000 إنسان بالسودان مثلا فهذا انجاز .
- الميزة الرئيسية الموجودة حالياً في الفضائيات هي أن ترتيبنا للأخبار مختلف، حيث همنا هو المشاهد العربي، وهم الإعلام الرسمي هو المسؤول العربي، وهذا هو الفرق الجوهري وسيظل فارقاً إلى أن يطرأ حدث آخر في العالم العربي لا نعرفه .
- إذا كنا عملاء للأنظمة أو للخارج، وأستطيع أن أقول إذا كان هناك مؤامرة خارجية ويستفيد منها المشاهد وأنتم الأكاديميين أيضاً فلتكن مؤامرة طالما هناك استفادة .
علي الأحمد - قناة أبو ظبي
- ما تغير في الصورة الجذرية من خلال الفضائيات هو وجودنا في كل بيت، حيث تأتينا اتصالات يومية لمحاسبتنا عن أسباب تقدم خبر عن آخر، وبحكم خروجنا من حدود دولة الإمارات والرغبة في الوصول إلى كل عربي - وهذا تشارك فيه الفضائيات جميعها - نجد أن هناك بعض الأمور هي همّ مشترك لكل عربي. فمثلاً عندما نبث الأحداث الفرنسية في نشرة الساعة 12 ليلاً فهي تهم العرب المقيميين في شمال أفريقيا والذين يناسبهم هذا التوقيت، أي اصبحت تعنينا الهموم العربية كافة ونحرص على التواصل معها.
- الإثارة تجلب المشاهد والمصداقية تحافظ عليه، وليس من السهولة الفصل بينهما لأن الخبر والتفاعل معه لابد أن يكون في اللحظة نفسها، ونجد أن هناك الكثير المثير للجدل وليس هذا لإيجاد الأعذار، ولكن ضيق الوقت الذي يتطلبه التفاعل مع الخبر ونقله وتحليله عامل أساسي، فمثلا في اثناء البث نرى كم عدد المكالمات التي يتلقاها البرنامج والقطع والنقل والإعلانات المرافقة للبرنامج .. الخ وكل هذا محسوب. وسواء نحن أو غيرنا فلم يعد المشاهد العربي يتعامل مع التلفزيون على أنه آلة مشتراة فقط، بل اصبح أكثر إدراكاً ومحاسبة لنا وبالتالي أصبحنا أكثر تأثيراً .
- سابقاً كان المشاهد عندما يحين موعد الأخبار يترك التلفزيون ثم يأتي بعد انتهاء النشرة، وفي الوقت الحالي أصبح المشاهد ثابتاً أمام الشاشة خاصة اثناء النشرة الإخبارية وهذا في اعتقادي نجاح. ما وصلت إليه الفضائيات العربية ونتفق فيه جميعاً من أن آلة أثبتت نجاحها للوصول إلى الناس أسرع من أي شيء آخر كان موجوداً .
د. محمد عايش - قسم الاتصال بجامعة الشارقة :
- التسعينيات عقد مهم جداً في التحولات التي خاضتها المنطقة العربية ليس فقط في المجالات الإعلامية وإنما في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وما إلى ذلك .
- لابد من التأكيد على أن نشوء الفضائيات لم يأتي انطلاقاً من مبادرات محلية بقدر ما كان استجابة لاتجاهات عالمية فرضتها الظروف السياسية العالمية عقب انتهاء الحرب الباردة، والحملة التي كانت تقودها الدول الغربية في سبيل نشر القيم الديمقراطية والتعددية وما إلى ذلك .
- لأول مرة في التسعينيات أصبح المشاهد العربي قادراً على مشاهدة برامج تلفزيونية تبث من محطات غير حكومية باستثناء بعض الحالات الاستثنائية في لبنان حيث كانت المحطات الخاصة موجود منذ منتصف الثمانينات، ولكن وبشكل عام اصبح المشاهد العربي قادرا على التعرض لبرامج من محطات غير حكومية لأول مرة في التاريخ.
- استطاع المشاهد العربي أيضاً مشاهدة البرامج عبر الحدود حيث كان في السابق محصوراً بالحدود الجغرافية لأي دولة عربية، ولم يتح مجال للتعرض لبرامج من الخارج، وأصبح هناك نوع من القدرة على عبور الحدود الجغرافية وكسرها مما أدى إلى كسر الرقابة الحكومية التي كانت مفروضة على وصول البرامج التلفزيونية إلى المشاهد .
- ابتعدنا كثيراً عن النموذج الحكومي الإعلامي التلفزيوني الدعائي السياسي الذي يعكس وجهة نظر الحكومة بشكل أو بآخر، أصبحنا نجد في قناة الجزيرة مثلاً وإلى حد ما في سائر القنوات نوعاً من تبني المفاهيم الموضوعية والتعددية وهي المفاهيم التي تعتبر المحرك الرئيسي للصحافة التلفزيونية في المجتمعات الغربية .
- لا نريد أن نقول أننا موضوعيين دون التزام تجاه قضايا الأمة التي نحن جزء منها. لذا أعتقد أنه لابد من إعادة النظر بشكل أو بآخر في نقل الممارسات والمفاهيم الإعلامية من البيئة الصحافية التلفزيونية الغربية لبيئتنا العربية .
- حتى الآن ننظر إلى المحطات التلفزيونية الفضائية على أنها تخاطب الجماهير الخارجية أي الجماهير العربية في الخارج، ولكن نراها أيضاً تتضمن في منطلقاتها وبرامجها ومضامينها كثير من القضايا التي تحدث على الساحة العربية.
- عندما ننظر إلى الواقع الفعلي لبنية المجتمع الفعلي والتعددية السياسية نلاحظ أنها ليست بنفس الدرجة التي تتجلى في برامج الفضائيات. هناك بالفعل فجوة وفرق، وربما في المستقبل سيتبع تطور الفضائيات تطور المجتمع حتى نرى تطورا في تفاعل الفضائيات في الواقع السياسي .
د. عائشة عبدالله - :قسم الاتصال الجماهيري جامعة الإمارات
- التحول الأساسي في الإعلام العربي جاء متزامناً مع أحداث حرب الخليج في بداية التسعينات، وقد أصبحت هناك ضرورة لدى صانع القرار السياسي (الإعلامي) لتفعيل سيناريوهاته الإعلامية وإلا افتقد خطابه الإعلامي المصداقية ومن ثم فقد الجمهور، وإذا فقد الجمهور فسيفقد التأثير على الرأي العام والسيطرة عليه .
-الهم الأول للفضائيات العربية المشاهد والسباق عليه، فبأي معنى هذا الهم ووفق أي هدف؟ هل هو بهدف التغيير .. أم التأكيد على قيم سائدة في ذهنيات هذا المشاهد؟ وإذا كان التغيير ففي أي اتجاه .. هل باتجاه خلق مساحات جديدة في فعله اليومي وسلوكه ولحظته المعاشة سواء أكانت هذه اللحظة مرتبة بحركة سياسية أو انتماء فكري معين.. وما الذي نستهدفه من وراء خطابنا لهذا المشاهد العربي.
- الفضائيات العربية أصبحت تستقطب الفرد العربي كي ينفس عما بداخله شفاهياً من خلال هذا البرنامج الحواري, فلا يستطيع ممارسة فعل سياسي. كما تستقطب نخبنا المثقفة، فلم تترك هذه الفضائيات مثقف في الوطن العربي إلا وكان ذات يوم ضيف عليها، وعندما يحدث مثل هذا بشكل متراكم وكبير من دون حدوث تغيير في الفعل، تبدو شاشاتنا العربية وكأنها الملاذ الديمقراطي الوحيد والمتنفس الموجود لدينا.
- من يخلق المزاج الشعبي العام في الوطن العربي في ظل غياب الديمقراطية والأحزاب السياسية، اصبحت الفضائيات هي من يخلق هذا المزاج الشعبي العام .
- د. محمد قيراط :جامعة الشارقة :
- يجب أن نعترف دون مبالغة بأن هناك فضاء إعلامي جديد على المستوى العربي بالنسبة للفضائيات، فضاء أحدثه تغير جاء بخطاب جديد أعاد الثقة للشارع والرأي العام العربي واصبحت هناك بدائل ورؤى مختلفة .
- الإعلام العربي بدأ التفكير في أمر اهتمت به الصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر وهو الاستثمار في مجال الإعلام لتحقيق البعد الإيديولوجي والسياسي في أي مشروع في المجتمع.
- هل هذه الفضائيات مشروع سياسي أم إعلامي؟ وما هي رسالتها؟ فرضاً أن رسالتها تعليم الديمقراطية للشعب العربي، فلتعلم الديمقراطية داخل حدودها أولاً، على الأقل أنا في دولة الجزائر لدي أحزاب وانتخابات وممارسة ديمقراطية نسبية، ولكن هذه الفضائية التي تخرج من دولة بعينها لا يوجد بها شيء من هذا القبيل لا أحزاب ولا انتخابات ولا ديمقراطية , أين هي علاقة المصداقية؟ كيف لي أن أثق بشخص أوضاعه اسوأ كثيراً من أوضاعي وفي الوقت نفسه يحاول أن يصحح أوضاعي!! .
-لا أظن أن هناك فضائية عربية تستطيع أن تبني الديمقراطية والممارسة الديمقراطية في أي مجتمع، وهذه الفضائيات هي انعكاس لبنية تحتية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وتتفاعل معها. حقاً هناك مجهودات وعمل جاد، ولكن العمل السياسي يبدأ في المجتمع من خلال الاسرة والمدرسة والمسجد ..
- لا يجب أن نبيع الوهم، حقاً هناك حوارات وبرامج وما إلى ذلك ولكن يجب أن نؤمن بأن هناك مثلا فضائية تونسية يجب عليها أن تعلم الشعب التونسي الديمقراطية وتنشرها في مجتمعها ولا تحاول نشرها في زمبباوي مثلا أو في السعودية أو قطر أو أية دولة أخرى .
- د. علي الشعيبي :
- أتصور أننا نتعامل مع موضوع الفضائيات بنوع من الفرح وكأننا قد حققنا إنجازاً كبيراً، والإنجاز لا يزال تقنياً، فقط لدينا تقنية نقل الصورة والصوت إلى البعيد أو القريب، ولكن لا يزال الخطاب الإعلامي العربي حتى الآن أسير لغة نمطية جداً، فلا يزال مرتبط بالفكر السياسي العربي، فهل تطور الفكر السياسي العربي خلال الخمسين عاماً الماضية؟
- الفضائيات العربية تشبه الموبايل في يد طفل صغير هو فرح بها فقط !
- إذا أعدنا ذاكرتنا إلى عام 1990، بعد حرب الخليج الثانية عندما تمكن المشاهد في الوطن العربي لأول مرة في التاريخ أن يشاهد حرباً حقيقية على الشاشة، وكنا نرى انطلاق الصواريخ، وبعد ذلك ظهرت موجة أو غابة الفضائيات العربية، وكانت لدينا التبريرات أن هناك مشاهد في الغرب يجب أن ننقل له الصورة والتواصل بما يجري في وطننا العربي، فهل هذا المشاهد العربي الذي يعيش في الغرب كان بحاجة إلى ذلك التواصل من خلال الإعلام الفضائي العربي عبر تلك الفضائيات؟ سؤال بحثت فيه خلال ما يقارب سنوات ووجدت أن المشاهد العربي الموجود في الغرب يعيش حالة من الحرية والديمقراطية تمكنه من الوصول للخبر والحصول عليه بكل مصداقية .
- تحدثتم عن الجانب الإيجابي في الفضائيات العربية، ولم يذكر أحدكم الجانب السلبي، فهناك فضائيات عربية تؤدي أدواراً سلبية، نحن لا نحاكم الجزيرة وال mbc وأبوظبي، وإنما هناك فضائيات عربية أخرى تقوم بتدمير الذوق العام وتزييف الوعي لديه.
ثالثا - رؤية د.علي الجابري لهذا التأثير في اطار أفق أوسع
أ- ملخص هذه الرؤية * 3:
- بعض المحطات العربية استطاعت أن تؤكد وجودها من خلال حجم المشاهدة التي تحظى بها,فهي تحاول أن تعكس عبر برامجها تباين البنيات الثقافية للمجتمعات العربية في إطار المحيط الحضاري العام، من خلال إبراز المعايير والقيم التي تظهر التباينات المنعشة للذات والهوية العربيتين. وهو ما مكنها من جذب العديد من المشاهدين العرب القاطنين في الغرب (أوروبا والولايات المتحدة وكندا) .
- عززت الفضائيات العربية عبر برامجها انتماء المشاهدين لهويتهم العربية، وعرفتهم على الحضارة والثقافة والتراث العربي، وسحبتهم من مشاهدة القنوات الأجنبية .
- تزايد عدد القنوات الفضائية المتخصصة (كالإخبارية والاقتصادية والرياضية... الخ) زعزع مكانة القنوات الإعلامية التي تتسم بالطابع العام، وهذه التغييرات أسهمت في تغيير موقع الجمهور في المعادلة الإعلامية الحديثة التي تقيمها التكنولوجيات الجديدة، حيث أصبح طرفاً مشاركاً فيها، ولم يعد يطلق على الجمهور تسمية القارئ أو المشاهد، بل أصبح يسمى "المستخدم" "user" نتيجة منطلق التفاعلية (Interactivity) الذي فرضته التكنولوجيات الحديثة، أو التطورات التكنولوجية التي أدخلت على وسائل الاتصال القديمة *4
- استطاعت الفضائيات العربية أن تستثمر التقانه البصرية، وأن توظفها بشكل جيد، وبات المشاهد العربي يجد ذاته فيها بحكم تنوعها وتعدديتها.
- تعددية القنوات العربية واختلاف أهدافها وتوجهاتها وضعت المشاهد العربي في حالة من الحرية التي لم يعهدها قبل ذلك، وخولته عبر (الريمونت كونترول) الذي يحمله بيده أن ينتقل بين الفضائيات، ليقف عند الفضائية التي يقر ويؤمن بصدقيتها ومهنيتها وقدرتها على نقل الحقيقة والتعرض لمشاكله التي يرغب في أن يجد لها حلاً، حتى وإن كان عن طريق إثارتها إعلامياً، وقد أبدعت الكثير من الفضائيات في ملامسة الآلام وطموحات المشاهد العربي
سلطة الإذاعات الأجنبية كإذاعة لندن وصوت أمريكا، وصار يثق بالأخبار التي تبثها الفضائيات العربية التي غالباً ما كانت تتواجد في قلب الأحداث وتنقل ما يجري بالصوت والصورة بفضل انتشار مراسليها في العديد من الأقطار ومواقع الحدث .
- يرى الكثير من الإعلاميين العرب أن القنوات الفضائية العربية تمكنت في غير مرة من ملامسة نبض الأمة وهمومها وآمالها وتطلعاتها في الكثير من تغطياتها للأحداث، مع أن البعض يرى في ذلك سلبية، لأن الفضائيات بذلك تقدم الحدث كما تريده هي، وليس كما هو .
- الفضائيات العربية -كما يعتقد الكثير من أساتذة الفكر والإعلام- لها تأثير أساسي في تكوين وتشكيل تفكير العرب وسلوكهم، وفي تغيير طبيعة الوعي الشعبي وربما في تغيير الممارسات السياسية لدى القوى الشعبية في العالم العربي .
- أسهمت الفضائيات العربية في تحقيق نوع من الترابط الفكري والحضاري بين الشعوب العربية بعضها البعض، وتصحيح المفاهيم المرتبطة بالشعوب العربية والإسلامية التي ترددها فضائيات الدول الأجنبية وتوصيل رسالة إعلامية لكل أنحاء العالم من خلال الترجمة والصورة المصاحبة لها بلغات عالمية .
- من أخطر التهم التي تسجل على الفضائيات العربية إسستضافتها لشخصيات (إسرائيلية ) سياسية مما اعتبره العديد من السياسين والإعلاميين والمشاهدين اساءة إلى الأمن القومي العربي واستهانة بمشاعر المواطنين العرب الذين يعتبرون أنهم في صراع وجود مع الكيان الصهيوني ولايفترض أن يتم إستضافة المسؤولين (الإسرائيليين) وعرض وجهات نظرهم ، وأول القنوات العربية التي أظهرت شخصيات (إسرائيلية ) على شاشتها قناة الجزيرة التي اتهمت كثيراً بأنها (قناة إسرائيلية ) أو قناة تديرها في الخفاء السياسة الإسرائيلية .
- يؤاخذ على الكثير من القنوات الفضائية الحكومية انها لاتفرق بين بثها الفضائي الذي يصل إلى أغلب دول العالم وبين البث الذي يستهدف الجمهور المحلي . فالبرامج التي تعرض على المحطات الأرضية هي ذاتها التي تقدم على شاشة الفضائيات وذلك سببه قيام الحكومات العربية بتحويل تلفزيوناتها المحلية الى قنوات فضائية دون تخطيط أو إدراك للفرق بين الجمهور المستهدف محلياً أو دولياً .
ب- مقترحات عملية من أجل اعلام فضائي عربي بعيد عن التأثيرات السياسية السلبية على عموم المشاهدين :
من خلال التأمل في جملة من السلبيات والعوائق التي أحاطت ومازالت تحيط بتطور الاعلام الفضائي العربي وبمقارنة واقع فضائياتنا بواقع الفضائيات الغربية الناجحة في التاثير بعمق على وعي المشاهد في بلاد الغرب وفي كثير من بلاد العالم ,فانه يمكن استنباط مجموعة من المقترحات التي استنتجناها5* من سياق التأمل في مجموعة من الأفكار النقدية المقدمة في دراسة الدكتور على الجابري ,وهذه المقترحات يمكن عرضها ضمن السياق الاتي :
- التوازن في التعامل الاعلامي مع القضايا القطرية والقومية بالشكل الذي لانغفل فيه عن الرسالة الاعلامية الملتزمة بهدف خدمة هموم وقضايا الناس الحقيقية في بعد تام عما يسطره الاعلام الأجنبي من قضايا ذات خلفيات سياسية وفكرية لاتتماشى مع هوية ومتطلبات شعوب المنطقة .
- تجنب الانحياز ضد بعض البلاد العربية باعتماد تغطية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار ذكاء المشاهد وتعتمد مبدأ الشمول والعدل في تغطية الشؤون السياسية الداخلية - تغطية الشأن القطري سياسيا يصبح ضرورة حقيقية وملحة مع قناة الجزيرة مثلا , وهو مايعزز من مصداقية القناة ويبعدها عن دائرة النقد اللاذع الذي تتعرض له من كثير من الأنظمة العربية وكثير من النخب الرسمية وبعض النخب السياسية المعارضة.
- الالتزام بالمعايير المهنية والبحث عن كوادر جديدة وتدريبها بدل الاعتماد فقط على جيل الاعلاميين القدم الذين يحملون معهم رواسب الانقسامات السياسية العربية التي تنعكس سلبا على وعي المشاهد العربي.
- التوسيع من دائرة اللامركزية في أداء القنوات الاخبارية العربية ,ومحاولة التحرر من سيطرة الحكومات والمستثمرين القريبين منها عند التمويل وذلك قصد افراز خطاب اعلامي أكثر توازنا سياسيا وقربا الى المهنية والموضوعية ومن ثمة تجنب التلاعب بعواطف المشاهد العربي بحسب الارادة والمصالح السياسية للممولين.
- الالتزام بمواثيق الشرف المهني والاعلامي* بالشكل الذي ينهض بالرسالة الاعلامية الفضائية ويبعدها عن الاثارة والحشد وتغليب العواطف الجياشة على تعميق الرؤية المستقبلية الجادة في النهوض بواقع بلدان المنطقة وعموم المشاهدين العرب .
- الالتزام بمعايير أخلاقية وانسانية عالمية في موضوعات عرض الصور والتسجيلات المرئية الصوتية وذلك قصد تلافي ماتحدثه بعض الصور والتسجيلات الفلمية من تأثيرات غير محمودة على المشاهد ولاسيما مايكون منها دافعا لتعميق الحقد والكراهية بين الأمم والشعوب أو اصحاب العقائد والشرائع - مثال ذلك تلافي عرض شرائط الذبح والقتل الهمجي الذي تمارسه بعض الجماعات باسم الاسلام أو غيره من الملل والنحل الا فيما اقتضته عين الحقيقة والاعلام وهو مايخضع في الأخير لقيم لاتخلو من النسبية..
- الخضوع للمؤسسية في العمل الاعلامي وتجنب الأهواء الفردية والمصالح الشخصية المستحكمة لدى بعض النافذين في الفضائيات والتي تنعكس تأثيرا سلبيا على وعي المشاهد وفعاليته السياسية .
- تجنب الاعتداء على الشعور الجمعي للمشاهدين من خلال استضافة شخصيات في حالة عداء فاضح مع مصالح الأمة ووجودها القومي - وهو مايعتب على بعض القنوات العربية عبر لهفها وراء استضافة متورطين في دماء بعض شعوب بلدان المنطقة * 7.
- الدخول في طور الانتاج البرامجي الذاتي من باب الاقتراب الى مشكلات شعوب المنطقة وملامسة هموم المشاهد العربي بدل الاعتماد على الاستيراد الذي من شأنه أن يعمق أحيانا من الاغتراب النفسي والفكري والسياسي .
- الابتعاد عن الاثارة والتسطيح وغياب الحوار العلمي الهادف - تجنب حوارات مايسمى بصياح الديكة -.
- تجيير البرامج لمصلحة قضايا البلاد العربية والابتعاد بالفضائيات عن الدخول تحت سقف الأجندات الأجنبية بما يشوه الوعي السياسي العام للمشاهدين .
خاتمة :
يبقى ماقدمناه من حلول ومقترحات من أجل النهوض بواقع الفضائيات العربية في اطار علاقة التأثير السياسي بالمشاهد العربي ,مجرد عملية نسبية في التنزيل ,وهي من خلال مااستخلصناه من تأملات في مجموعة من البحوث والدراسات والتجارب الشخصية عملية انسانية لاتخلو من الانطباعية والتجريبية التي لايتجرد منها العنصر البشري مهما بلغ من ذكاء وخبرات ,غير أن صقل المزاج الانساني والميول الفكري والسياسي الشخصي أو الجماعي أو المؤسسي بالتدريب والمهارات العلمية والمعرفية المتوافقة مع متطلبات البئة وشروطها ,مع الأخذ بعالمية المكسب العلمي والمعرفي التراكمي في هذا المضمار والوفاء لقيم المجتمع وهموم رجل الشارع في بعدها الحياتي والانساني اليومي ,هو الضمان الأسلم والأقوى من أجل الوصول الى مراحل متقدمة من الاعلام الفضائي العربي الأعمق والأرشد تأثيرا في المحيط العربي والانساني العالمي .
المراجع :
- يراجع في ذلك ماأدلى به بيير غانم رئيس تحرير الأخبار بقناة MBC من تصريحات في ندوة وحدة الدراسات بدار الخليج - انعقدت الندوة سنة 2002- أعدتها للنشر ليلى سعيد.
- نفس المصدر السابق .
- يراجع في ذلك بحث للدكتور علي الجابري تحت عنوان التأثير السياسي للفضائيات العربية .
*4-الدكتورة هويدا صبري (كلية الإعلام- جامعة القاهرة) : دراسة للمعالجة الإخبارية لأحداث الحرب على العراق في الفضائيات العربية .
*5- وقع تعميق المقترحات بالاعتماد على خبرات ذاتية لمحرر هذا البحث وبالاستناد الى تأملات خاصة في أداء الفضائيات العربية .
*- يراجع في معاني ذلك كتاب التشريعات الاعلامية للد.ليلى عبد المجيد,أستاذ الصحافة ووكيل كلية الاعلام بجامعة القاهرة.
*7- راجع في ذلك دراسة الدكتور على الجابري - البند العاشر من الماخذات على الفضائيات العربية .
-تاريخ النشر على الوسط التونسية 18 مارس 2007
تاريخ التحرير - 1-17-18 مارس 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.